غلاف كتاب الحارة السريعة للثراء

مقدمة كتاب الحارة السريعة للثراء

الحارة السريعة للثراء هي كناية أطلقها مؤلف كتاب The Millionaire Fastlane لشرح فكرته التي تدور حول التالي:

المعتقد السائد بين الناس لتحقيق الثراء المالي يقوم على التالي: اذهب للمدرسة، احصل على درجات عالية، تخرج من الجامعة، ابحث عن وظيفة جيدة، ادخر 10% من إجمالي دخلك طوال حياتك، استثمر في بورصة الأسهم إذا كنت تعرف لذلك سبيلا، افعل ما يلزم ليكون معاشك بعد تقاعدك كبيرا، لا تستخدم البطاقات الائتمانية التي تجعلك تبذر وتنفق الكثير، ابحث عن كل الطرق المشروعة لتوفير المال… وبعد كل ذلك، لربما أصبحت ثريا حين تتقاعد وقد بلغت من العمر 65 عاما / عتيا.

هذا هو تعريف الطريق البطيء للثراء.

لكن ما هو مفهوم الثراء؟

لا خلاف على أن قطاع كبير من الناس ينظر للثراء على أنه مرادف الفسق والفجور والعصيان والاستبداد وعلى أنه أسرع طريق لدخول جهنم والخلود فيها. الكثير من أفلام السينما والمواعظ تؤكد على ذلك المفهوم.

دعك منهم.

الثراء المقصود هنا ببساطة هو ألا تحتاج للاقتراض من الناس. لو أردت شراء شيء لاستطعت، لو نزلت بك أو بمن تهتم لأمرهم مصيبة، لاستطعت تخفيف أثرها بالمال، دون أن يكون لذلك أثر شديد على ميزانيتك.

الثراء ليس فقط أن يكون لديك رصيد بالملايين في البنك.

الثراء هو أن يكون لديك دخل شهري متكرر يغنيك عن الناس وعن الاقتراض. هذا الدخل الشهري المتكرر يستمر بعد أن تموت، وبذلك تترك ورثتك وقد أغنيتهم عن سؤال الناس.

الثراء هو ألا يكون لديك مدير تكرهه، يعاملك معاملة أسوأ من معاملة العبيد. ألا تحتاج لأن تعمل وتترك عزيزا عليك على سرير المرض لأنك تخاف خسران وظيفتك. ألا تذهب للعمل يوما فتجد رسالة صرفك من العمل تنتظرك دون أي خطأ منك أو تقصير.

لو حققت ذلك المفهوم بدرهم واحد وحيد فأنت ثري.

وكيف نصل لتحقيق ذلك؟

هذا ما يشرحه لنا المؤلف في كتابه، معتمدا على ما يسميه: الحارة السريعة للثراء – أي أن تصل لتحقيق الثراء بمعدل سريع… (السرعة هنا نسبية والمقصود بها ألا تنتظر نهاية العمر والشيخوخة لتحقيق الثراء)

في التدوينة السابقة عرضت لك قصة ثراء المؤلف م ج ديماركو حتى حقق مفهوم الثراء كما شرحناه، وهي قصة طويلة بدأت من الصفر، بداية صعبة غبر مبشرة، ولولا الثبات والصبر ما أدرك هذا الثراء.

على الجهة الأخرى، المؤلف ليس من أثرى أثرياء العالم. كل ما في الأمر أنه جمع حفنة من الملايين من الدولارات كفلت له دخلا شهريا كريما، فتقاعد عن العمل وعمره 37.

المؤلف حقق مليونه الأول وعمره 31 عاما، وألف كتابه هذا في عام 2011 وأتبعه بتحديث في 2015 ثم بكتاب ثاني سنأتي على تلخيصه إذا وفقنا الله لذلك.

المؤلف كذلك لا ينفق ماله مثل هؤلاء الأثرياء من بني جلدتنا التي تنقل أخبارهم وغرائبهم الصحف غير العربية.

الثراء ليس مردافا للغباء المالي. هذه فكرة عامة حتما بدأها شخص يأس من تحقيق الثراء فأردا تسفيه الفكرة عوضا عن بلوغها.

غلاف كتاب الحارة السريعة للثراء

الثراء هو الحرية المالية

هذا وينصح المؤلف من يسير في الحارة البطيئة للثراء بأن يتركها من أجل الحارة السريعة للثراء. هذا لا يعني أن تترك وظيفتك. بل يبدأ الكتاب بتغيير طريقة التفكير المتعلقة بالثراء وبجمع المال ثم يتبعها بخطة استراتيجية تلهمك أفكارا لم تكن منتبها لها من قبل. إحدى هذه الأفكار التي ستأتيك ستأخذك من البطيئة إلى الحارة السريعة للثراء .

كما ويؤكد المؤلف على أن الحارة السريعة للثراء ليست قاصرة على صغار السن، بل هي لكل الأعمار.

لو قرأت هذا الكتاب في أي فترة عمرية وطبقت ما فيه ففرص نجاحك تبقى كما هي دون أن يؤثر العمر عليها.

الأمر ذاته مع الخبرة المهنية والعرق والجنس والجنسية والطبقة وغيرها من تصنيفات الحياة.

الكتاب مليء بأفكار تناقض ما يحاول غيره التأكيد عليها. من ضمنها فكرة العمل لمدة 4 ساعات فقط في الأسبوع للشهير تيم فيريس والتي يرفضها المؤلف ويؤكد على أنها لن تنجح معك.

(على الجانب، كنت يوما أقرأ في موقع Reddit ووجدت تعليقا من مشترك يبدو عليه أن يعمل أو عمل بالقرب من تيم فيريس. وهو أكد للقراء أن تيم ذات نفسه يعمل لفترات أطول من ذلك في الأسبوع!)

ثم يختم المؤلف مقدمته التي تحفزنا لقراءة الكتاب بحقائق مؤلمة.

ليس هناك حل سحري للثراء.

لا توجد طريقة إن اتبعتها هبطت عليك الملايين فجأة وأنت مرتاح في بيتك. هذا الكتاب لن يعطيك خطوات محددة تتبعها فتحقق الثراء بشكل أتوماتيكي آلي.

ليس هذا وحسب، بل يؤكد الكاتب على أن الحارة السريعة للثراء طريق صعب وعر موحش، مليء بالعمل الشاق، قلما وجدت عليه علامات إرشادية تدلك على الطريق الصحيح.

وهو حتما لن يتحقق بالعمل 4 ساعات في الأسبوع (معذرة لك يا تيموثي فيريس ولكل محبيك)

المليونير نتاج استراتيجية مالية لا صدفة

من يجمع الملايين إنما يفعل ذلك بعد اكتشافه لمعادلته التجارية الخاصة لربح المال – وفقا لمؤلف كتاب الحارة السريعة للثراء.

ليس هناك خطوات محددة وواضحة من يتبعها بحذافيرها سيحصد الملايين، فأنت تتعامل مع كل موقف ومشكلة وفق الخبرات السابقة التي اكتسبتها وطريقة التفكير التي دربت نفسك عليها.

كولونيل ساندرز نجح في تأسيس سلسلة مطاعم كنتاكي فرايد تشيكن معتمدا على الخبرات التي تعلمها خلال حياته حتى بلغ 65 عاما – السن الذي حقق عنده النجاح.

كولونيل ساندرز نجح كذلك لأنه كان يفكر بطريقة لا تعرف اليأس، وإلا ما الذي دفعه ليحاول بعدما تخطى الستين من عمره وفشل المرة تلو المرة. (لمن فاته قراءة تدوينتي التي روت قصة نجاح العجوز الأبيض، هذا هو الرابط)

هذا لا يعني أنه ليس هناك أغبياء أصبحوا مليونيرات بالحظ والصدف، لكن كم عدد هؤلاء؟ وكيف يمكن لك أن تصبح مثلهم ذات يوم؟ هؤلاء شواذ القاعدة والذين ستجدهم في كل نواحي الحياة، ولا يمكن بناء القاعدة عليهم.

وعليه، ولتقريب الفكرة للقارئ، وضع المؤلف 3 أمثلة للطرق الممكنة التي يسير عليها من يطلب الثراء، وهذه الطرق / الحارات / المسارات هي:

1 – حارة المشاة

2 – الحارة البطيئة للثراء

3 – الحارة السريعة للثراء

لتسير على أي طريق منها، أنت بحاجة لسيارة / مركبة، أنت هذه المركبة، وعليك أن تعرف أن طريق الثراء وعر وكله مصاعب، وسيكون عليك الاجتهاد في العمل وتحمل الخسائر والعقبات وخيبة الأمل، وفوق كل ذلك، سيكون عليك أن تراود نفسك كي تقوم من بعد كل عثرة وأن تعيد المحاولة رغم كل شيء.

لتسير على أي طريق، أنت بحاجة أيضا لبوصلة تدلك على الطريق الصحيح.

بوصلة الثراء هي طريقة التفكير التي تدرب عقلك عليها.

الطريق الذي تسير فيه سيحدد حالتك المالية – سواء اخترت السير فيه أم وجدت نفسك تسير عليه.

إذا أردت تغييرك حالتك المالية عليك تغيير اختياراتك. لتغير اختياراتك عليك تغيير طريقة تفكيرك.

القناعة تسبق الاختيار، بمعنى، إذا كنت مقتنعا بشيء، فعندما يجب عليك أن تختار، تسبقك قناعاتك إلى ذلك، قبل عقلك.

لو كنت مقتنعا أنك مجبر على شيء، وخيروك بين ما أنت مقتنع به وغيره، ستختار فورا ما أنت مقتنع به، لأن اختيار غير ذلك يعني الخروج على قناعتك وهذا الأمر يسبب الألم داخل العقل وبالتالي فهو خيار مرفوض – رغم أنك تتمناه.

لو أنت مقتنع بأن طريق الثراء الوحيد هو المذاكرة والتفوق ثم التخرج ثم الوظيفة ثم الادخار ثم التقاعد وأنت في موقف مالي جيد، وحدث ذات يوم أن عرض عليك أحدهم مشاركته في مشروع استثماري واعد، سترفض ذلك بكل قوة وعنف، لأنك مقتنع بالطريق الذي تسير فيه وأي خروج عليه فهو مرفوض ولو كان طريق سيصل بك إلى هدفك في وقت أقل.

مرة أخرى، لتغير اختياراتك عليك تغيير طريقة تفكيرك وتغيير قناعاتك.

حين تفعل ذلك، فأنت تضبط بوصلتك لتدلك أثناء سيرك في طريق الثراء.

دعنا نعود مرة أخرى إلى الطرق / الحارات / المسارات الثلاثة التي ذكرها المؤلف:

1 – حارة المشاة – وهذه نهايتها الفقر

2 – الحارة البطيئة للثراء – وهذه نهايتها أن تكون من الطبقة المتوسطة المتآكلة المهددة بالانقراض

3 – الحارة السريعة للثراء – وهذه نهايتها الثراء كما سبق وشرحنا مفهوم الثراء في هذا السياق.

خلف كل حارة من هذه الثلاث تقف سيكولوجية نفسية وطريقة تفكير تدل من يتبعها إلى نهاية الطريق.

كيف تعرف إذا كنت تسير في حارة المشاة؟

لعل الاسم الأدق لمن يسير في هذه الحارة هم المساكين، والتعريف البسيط للمسكين (المختلف عن الفقير) هو أن المسكين يكسب المال، ربما الوفير منه، لكنه ينفقه كله حتى لا يعد لديه شيء منه (سواء باختياره أم لا).

من يسير في هذه الحارة هو من سيخسر كل شيء إذا فقد وظيفته، إذا لم يحصل على صفقة عمل، إذا بارت بضاعته ولم تحقق مبيعات، …

السائر في هذه الحارة ليس لديه خطة عمل ليصل إلى مرحلة الثراء. خطة العمل هي ألا يكون لديه خطة.

هنا يجب أن نقف لتوضيح الفرق بين التوكل على الله وبين التواكل. سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تشرح لنا الفرق. قبل كل غزوة كان الرسول يأخذ حيطته ويرسل العسس والجواسيس الذين يعودون إليه بأخبار الطريق أمامه وبتحركات العدو، وكان يجهز المأكل والمشرب وما سيحمل عليه الجيش، وكان يحدد من يحمل اللواء، قبل أن يخرج الجيش وغير ذلك من أمور الاستعداد. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يضع خطة عمل محكمة ثم يتوكل على الله. لا تجد في السيرة خطوات عشوائية على غير هدى. التوكل الحقيقي لا ينافي الأخذ بالأسباب. أرجو أن أكون وفقت في شرح هذه النقطة ذات الأهمية الكبرى. نكمل ملخص الكتاب.

أي مال فائض يذهب في أوجه غير الادخار أو الاستثمار، مثل شراء سيارة فارهة ذات مواصفات كثيرة ليس المرء بحاجة فعلية لها، أو بيت كبير لن يعيش فيه كله أو جهاز غالي الثمن لن يستفيد منه بشكل يبرر ثمنه، وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة.

الاقتراض دون القدرة على السداد، لشراء أشياء ليست ضرورية أمر عادي للسائرين في هذه الحارة.

الوقت عندهم ليس له قيمة وتجدهم يضيعونه في غير المفيد.

التعليم لديهم وسيلة للحصول على شهادة جامعية لزوم الوجاهة الاجتماعية، وليس وسيلة لتحسين معيشتهم وحياتهم ومستقبلهم وتجارتهم وأعمالهم ولدخول مشاريع وتأسيس شركات.

الادخار عندهم مذموم، قرار يحرمهم من متع الدنيا ولذا لا يعملون به وينفقون كل ما وقعت عليه أيديهم وربما أكثر منه.

أي وسيلة مشروعة للحصول على المال سيقبلونها، دون أن تكون لديهم استراتيجية وخطة عمل وأهداف بعيدة المدى.

هؤلاء يعيشون من أجل اليوم، أما الغد فإن عاشوا له فحتما سيجدون مخرجا ما، لا تشغل بالك بما لم يأت بعد…

هؤلاء عادة يلومون حالهم وظروفهم على فقرهم، فلو كان له أب غني أو عاش في بلد غني أو حصل على تعليم جامعي فاخر أو حصل على ترقية أو زيادة راتب أو…. لكان حالهم أفضل.

كم مرة قرأت عن فنان أو لاعب كرة أو مغني كان له حظا وافرا من الشهرة والمال، ثم مضت السنون ونال الفقر منه وخسر ماله كله وعزفت عنه الشهرة وأصبح من أفقر الفقراء؟ هذا كان من السائرين في هذه الحارة.

وفق الإحصائيات الرسمية، القطاع العريض من الشعب الأمريكي (60% في عام 2007) يسير في هذه الحارة، سواء بوعي منهم أو بدون وعي. هؤلاء يعانون بشدة حين تحل بهم أزمة اقتصادية عالمية أو وباء عالمي. هؤلاء عادة تجدهم وقد خسروا بيوتهم وعاشوا في سياراتهم أو في الملاجئ بسبب انكماش السوق والأزمات الاقتصادية والكساد وغيرها.

يوضح لنا الكاتب هنا أن الأزمة الاقتصادية هي مجرد مطب على الطريق، يجب أن تكون مستعدا له ويجب ألا يوقفك عن بلوغ هدفك.

السير في حارة المشاة ليس له نهاية سعيدة…

الخطوة الأولى لكي تتوقف عن السير في حارة المشاة هو أن تدرك إذا ما كنت تسير فيها، ثم توقن أن طريقة تفكيرك وأن قناعاتك هي ما جعلك تسير فيها، وأن عليك تغيير ذلك…

قد يلعب عامل الحظ دورا في ثراء أحدهم، لكنه يبقى دورا صغيرا. لماذا؟ دعنا نعرض مثالين ذكرهم المؤلف:

هل نجاح مارك كوبان Mark Cuban جاء نتيجة الحظ ؟

أرجع الكثيرون سبب نجاح وثراء مارك كوبان – الملياردير الأمريكي الذي بنى نفسه بنفسه، ابن المهاجرين الروس الذي قدموا للولايات المتحدة بلا شيء سوى الأحلام الكبيرة – إلى الحظ والصدف.

يجيب مارك نفسه على زعم إنه كان محظوظا عند بيع شركاته، قائلا أين كان الحظ حين كان يقضي ليالي طويلة في قراءة كتيبات استخدام أجهزة سيسكو لتشبيك الحواسيب، وحين كان يعمل لساعات متأخرة لتجربة الحواسيب وفهم البرامج الجديدة ومحاولة حل مشاكلها، وحين كان يقضي العطلات والإجازات في حل مشاكل العملاء والشركة وغير ذلك.

المثال الثاني هو الأمريكي صاحب النصيب الأكبر من الإعجاب والشتائم…

هل نجاح بيل جيتس Bill Gates جاء نتيجة الحظ ؟

بنسبة صغيرة نعم، لكنه اجتهد للغاية، وواجه مشاكل كثيرة. نعم، انتفع بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت من نشأته في عائلة غنية سهلت له الوصول للحواسيب وهو شاب صغير، لكنه لم يكن الوحيد المتمتع بهذه الصفات، تمتع بها غيره لكننا لم نسمع عنهم.

بيل جيتس لم ينم ليلته ليستيقظ فيجد نظام التشغيل دوس DOS يعمل من ذات نفسه. بيل جيتس لم يهبط عليه نظام التشغيل ويندوز Windows فجأة من السماء. لقد عمل الرجل واجتهد كثيرا وحل مشاكل كثيرة جدا ليحقق هذه الثروة الكبيرة التي يتنعم بها حاليا.

نعم، ساعده الحظ قليلا، كما ساعد ويساعد غيره من البشر، ولذا السؤال هو: كم منهم استغل كل ذلك ليشتهر مثله أو أكثر منه؟ هل الحظ وحده هو سبب كافي للثراء؟ بالطبع لا.

(على الجانب ولأننا ذكرنا بيل جيتس، في عام 1997 عاد ستيف جوبز ليدير شركته السابقة أبل والتي كانت على بعد شهور قليلة من إعلان إفلاسها، لولا أن مايكروسوفت بقيادة بيل جيتس قررت وضع كل الخلافات ورائها واستثمرت 150 مليون دولار في شركة أبل وقتها مقابل استخدام أوفيس واكسبلورر (استثمار في صورة أسهم رأسمال). هذا الاستثمار فعليا أنقذ أبل من الإفلاس، وهذه يد بيضاء يجب ذكرها للرجل!)

الآن، حين تجد من يقول فلان نجح وأصاب الثراء بسبب الحظ فقط، فاعلم أن القائل فعليا يئس من أن ينجح هو الآخر، ولذا لجأ لهذا التبرير لكي يعطي نفسه مبررا لعدم النجاح، فمن يستطيع أن يطوع الحظ والنصيب لصالحه؟

في لفتة طريفة، وصف المؤلف أصحاب حارة المشاة بأنهم أفضل عملاء بائعي كورسات تعليم الثراء مقابل ساعة واحدة في الأسبوع أو المشتركين في دوائر التسويق متعدد الطبقات الوهمي أو أي مادة تباع مقابل وعد بالثراء السريع بأقل مجهود.

المال لا يجلب السعادة… حسنا، وكذلك الفقر

يجيب المؤلف على هذه المقولة الشهيرة بأن المال ليس كل شيء وأنه لا يجلب السعادة وحده، بأن يوضح أن هذه المقولة ناقصة، فالفقر كذلك لا يجلب وحده السعادة.

يرى المؤلف أن السعادة تكمن في 3 أشياء:

  1. حرية الإنسان في فعل ما يشاء وقتما يشاء،
  2. أن يحافظ على صحته البدنية والنفسية وعافيته،
  3. العلاقات الإنسانية الناجحة (مع العائلة والأصدقاء والجيران ومع الله عزوجل).

يروي المؤلف كيف أن أكثر لحظة سعادة مرت عليه كانت وسط أهله وأصدقائه، حين غير حياتهم للأفضل. كذلك يروي كيف أن تقاعده المبكر ساعده على الحفاظ على لياقته البدنية إذ أصبح للرياضة موعد ثابت كل يوم من حياته. وأما حريته في فعل ما يشاء وتجربة الجديد من الأفكار دون خوف من الافتقار، فهذا بدوره سبب قوي لشعوره بالسعادة والراحة النفسية…

يعود المؤلف ليؤكد على أن الثراء ثمنه الجهد والتعب والعمل، ويضيف عليه شيئا سيجلب لي و له وجع الراس والهجوم والكثير من ربما الشتائم:

الثراء ثمنه ألا تقبل بالوظيفة !

الحارة الثانية التي ذكرها المؤلف هي الحارة البطيئة للثراء وتقوم على معالجة بعض العيوب التي يقع فيها السائرون في حارة المشاة الذين ذكرناهم سابقا.

أصحاب هذه الحارة هم من اختاروا خطة عمل تقوم على إتمام الدراسة ثم الوظيفة ثم الادخار ثم بعض الاستثمار ثم انتظار التقاعد بعد تحقيق الثراء (أو لتقريب الفكرة جمع مليون دولار من المال)

خطة 5 مقابل 2

يصف المؤلف الوظيفة بأنها خطة استثمار 5 مقابل 2 أو أن الموظف يبيع 5 أيام عمل من حياته مقابل يومين إجازة أسبوعية يكون فيها حرا، ملك نفسه، يفعل ما يشاء…

(طوبى للمضطرين للعمل في الإجازة الأسبوعية وبعد ساعات الدوام. بإذن الله الفرج قريب يا شباب!)

بالطبع، هذه خطة ذات عائد سلبي. أنت تعطي من عمرك 5 أيام، مقابل أن يسمحوا لك بيومين تعيشهم لنفسك. هذا عائد استثمار قدره: سالب 60%.

قضيت 5 سنوات في الجامعة من أجل… دليل تليفونات؟

قبل تخرج المؤلف من الجامعة بفترة قصيرة، توفرت له وظيفة في شركة تأمين. ذهب وكله تفاؤل فقابله الموظف المسؤول عن تشغيله وقال له التالي: بداية أي موظف معنا تكون صعبة، إذ نعطيك 3 أشياء: مكتب صغير، هاتف، دليل أرقام التليفونات.

ما عليك عمله هو أن تتصل بهذه الأرقام في الدليل وتقيم علاقة بينك وبين عملائك المحتملين. ستفعل ذلك كل يوم لمدة 10 ساعات. وأما حين يكون لديك قائمة عملاء جيدة، تحين ترقيتك.

بعد دراسة امتدت 5 سنوات، يكون نصيبه وظيفة مملة يستطيع طالب في الصف السابع القيام بها؟

في حين سعد غيره بهذه الوظيفة التي تدفع راتبا شهريا ثابتا وتسدد أقساط المعاش وتوفر التأمين الصحي الذي يحلم به كثيرون…

رفض المؤلف هذا العرض، فلو كان له يوما أن يتصل بغرباء ليحولهم عملاء، سيفعل ذلك لحسابه الخاص في شركته الخاصة…

لعشرات السنين من الآن، سيقول له أصحاب الشركات الأثرياء أن الوظيفة ليست عيبا وأن الموظفين ناجحين وسعداء وأن الله لم يخلقنا لنكون جميعا أصحاب شركات ومشاريع… وسيؤكدون على مخاطر الاستماع للمشجعين على بدء مشاريع خاصة، أمثال مدونة شبايك ومن يدندنون على أنغامها.

تخلص من الوظيفة

لإبراء الذمة، هذه مقولة المؤلف لا المدون…

يؤكد المؤلف على أن الهروب من الحارة البطيئة للثراء (وكذلك حارة المشاة) يبدأ بالتخلص من الوظيفة.

لماذا؟

يرى المؤلف أن الوظيفة تعطيك قدرًا ضئيلا من القدرة على التحكم في مجريات حياتك، وتحد من قدرتك على ترقية مهاراتك ورفع مستواك.

نعم، قد يكون لديك وظيفة عظيمة وتكون المدير الإداري التنفيذي الأعلى الأقدم وأي صفة جديدة اخترعوها ليعطوك الإيحاء بالأهمية…

هذا المنصب العظيم يجب أن تدفع مقابله من وقتك ومن حياتك الخاصة.

حين تخطئ سيفصلوك. حين يزيد عبء راتبك سيتخلصون منك ويضعون مكانك الأقل أجرا.

يذكر المؤلف كيف أنه في شهرين من حياة العصامية تعلم ما كان سيتعلمه في 10 سنوات من التنقل بين الوظائف. الوظيفة تطلب منك مهارات محدودة في مجال محدد. العصامية تطلب عكس ذلك.

رغم الهالة الكبيرة للمنصب الكبير، لكن مصير صاحبه مربوط بمصير الشركة. إذا حدث وخسرت الشركة، سيخسر وظيفته الكبيرة وإذا لم يقفز من المركب التي تغرق، سيغرق معها.

إذا نجا صاحب المنصب من كل هذا، لن ينجو من عقارب الساعة، ومن تراجع الصحة / الشيب، وأضيف من جانبي لن ينجو من الجائحة والإغلاق التام والأزمات الاقتصادية الدورية وغيرها…

يرى المؤلف أن العصامي حين تخسر شركته، سيكون قد تعلم الكثير الذي يساعده عند تأسيس الشركة التالية. العصامية ليست صك غفران تشتريه فيضمن لك النجاح من أول أو ثاني أو ثالث مرة.

قبل أن أقول التالي، لا تتسرع وتنفذ طلب المؤلف بترك الوظيفة قبل أن تقرأ كتابه كله وكتابه التالي وقصة نجاحه، حتى تفهم مقصده بوضوح وبدقة…

3 ردود
  1. Marzouk Elghannamy
    Marzouk Elghannamy says:

    اعتدت قراءة ما تكتب بانتظام ولم تعد تصلني من فترة طويلة أي تحديثات فتصورت أنك انشغلت بالمدونة الأجنبية أو بغيرها من الأمور وأسفت كثيرا لذلك، ولك أن تتوقع سعادتي باكتشاف أن المدونة لا تزال بخير ومستمرة. أسأل الله لك النجاح والتوفيق دائما

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *