مكونات الخبر الصحفي

, , ,

عودة لنكمل حديثنا عن العلاقات العامة، وكيف يمكن لمؤسس شركة ناشئة الاستفادة من هذا النشاط التسويقي للحصول على بعض الدعاية المجانية لشركته ولمنتجه ولخدمته. مرة أخرى أوضح للقارئ أني لا أشرح أسس علم العلاقات العامة، ولا أنوي الحديث عن كل مكون منها، فقط سأعرج على ما فيه الفائدة والربح للشركة الناشئة.

لعل أول نقطة نبدأ بها هي كيف نترجم مصطلح Press Release؟ إذا بحثت لوجدت عدة ترجمات، مثل البيان الصحفي، والنشرة الصحفية، والخبر الصحفي. لماذا أحكي لكم هنا عن نشاط العلاقات العامة؟ لزيادة شهرة شركتك وإلمام الناس بها، على أمل زيادة المبيعات والأرباح. من هذا المنظور الربحي، فإن صاحب الشركة الناشئة ومديرها ليس في مجال الجدل البيزنطي عن أدق معنى لغوي يفي الكلمة حقها، فنحن نريد كتابة خبر، لتنشره وتذيعه كل وسائل الإعلام ونشر الأخبار. وفق هذا المنظور، سنختار الخبر الصحفي، لأن هذا ما نريده فعليا وبوضوح – نشر خبر عنا ضمن الأخبار المنشورة دوريا في وسائل الإعلام. (هذا لا يقلل من احترامنا وتقديرنا لمن اختاروا ترجمات أخرى).



وما الخبر الصحفي؟ سبق وذكرت لكم كيف أن الصحف والجرائد والمجلات، ومواقع انترنت الإخبارية وما في حكمها، كل هؤلاء يعانون من ظمأ معرفي وإخباري عميق. كيف نروي هذا الظمأ – بشكل يعود علينا بالنفع؟ أنت في شركتك تقدم خدمة وتبيع منتجا، ولذا عليك أن تصنع الخبر الذي ستتناقله عنك وسائل الإعلام. صنع الخبر لا يعني الكذب أو الاحتيال أو التزوير. يمكن لصادق أن يصنع خبرا صادقا ويكون ذا فائدة. الكذب هو وسيلة من لا يريد أن يستعمل عقله وتفكيره وخياله.

دعنا نفترض أنك تقدم خدمة جديدة تماما، ستفيد شريحة كبيرة من الناس، وتريد للعالم أن يعرف بها. كيف ستجعل العالم يعرف بك؟ لعل أول ما ستجيب به إعلان في تليفزيون أو جريدة أو مجلة. هذا الخيار صحيح بدون شك، لكنه مكلف للغاية. هل هذه هي الإجابة الوحيدة؟ بالطبع لا وإلا ما كنت سببت لقارئي كل هذا الصداع.

تدخل العلاقات العامة، ومن أحد حلولها الخبر الصحفي، وهو مقالة تشرح الخبر الذي عندك، تصوغه بطريقة محددة، ثم ترسله لمن تعرف من الصحفيين، وإذا قدمت الخبر الصحفي الذي يستحق النشر فعلا، فستجد من وسائل الإعلام من سينشر الخبر، ومنهم من سيتصل بك لمعرفة المزيد. لا – ليست الدنيا وردية، فالعلاقات العامة تتعامل مع البشر، والبشر أكثر عشوائية من عشواء ذاتها، ولذا ستمر عليك مرات وقد وزعت خبرا شديد الأهمية، مثل عثورك على مصدر طاقة أرخص من البترول وأسهل وأوفر، ولن يقترب منك أحد. مرة أخرى ستوزع خبرا سخيفا مثل كيف أنك عثرت على ناقة بثمانية أرجل، وستجد العالم كله يطاردك لمعرفة اسم هذه الناقة!

لكن العـُرف جرى على أن لصياغة الخبر الصحفي شروط بسيطة، يجب الالتزام بها، ولعل أهمها هو ألا يفترض الكاتب أي شيء، فمن تخاطبه بالخبر لا يعرف كل ما تعرفه أنت، وكلما نزعت إلى البساطة كلما كنت في مأمن من سوء التفاهم واللبس والخلط وكل هذه المشاكل. دعونا نبدأ:

1 – العنوان الرئيسي:
احرص على استعمال كلمات بسيطة ومعبرة ومفهومة وقليلة، وابتعد عن النفاق والمبالغة.

2 – العنوان الفرعي: (اختياري ويمكن إسقاطه)
وظيفته تقديم شرح مبسط لما هو شديد الأهمية ولم تستطع كتابته في العنوان الرئيسي.

3 – مقدمة عامة:
بكلمات معدودة ومفهومة وبسيطة، تشرح فيها ملخص الخبر الصحفي، وتحاول فيها كسب اهتمام القارئ ودفعه لإكمال القراءة حتى النهاية. يجب أن تذكر ما الخبر، ومن صاحبه، وما أهميته، ومكانه وتوقيته. العيب القاتل هو رغبة صاحب الخبر في الإسهاب ولذا تجده يطيل الكلام، لكن تذكر، الصحفي ليس مضطرا لقراءة ما ستقوله، ولذا تعامل مع كل كلمة تكتبها كما لو كانت تنتقص من أرباحك.

4 – لب الخبر:
وهنا حيث تشرح بإسهاب نسبي تفاصيل الخبر والتي يمكن لأي صحفي أن يبني عليها تغطيته لهذا الخبر والحدث. تذكر كذلك أن الصحفي – في العادة – سيحذف كل كلمات المديح والإطراء، لذا لا تضيع وقتا طويلا في مديح نفسك وشركتك. ادخل في صلب الخبر وتفاصيله ثم اشرح أهميته ومن المستفيد منه.

5 – الحقائق والإحصائيات والأرقام:
بدون دليل، فليس للخبر أي قيمة، وسيكون مصيره مكب النفايات. الأرقام المدققة الرسمية هي ما تجعل الصحافة والإعلام تصول وتجول، وهي تساعد أي صحفي على أن يبني مقالة عريضة ذات عناوين كبيرة. هذه الجزئية هي أكثر العوائق والصعاب التي تواجه صناعة العلاقات العامة العربية، بسبب النقص النسبي للإحصائيات والدراسات والاستقصاءات وما في حكمها على المستوى العربي.

6 – بيانات ومعلومات عن الشركات الواردة في الخبر:
من يتابع التعليقات في مدونتي، سيجد قراء يأتون من تنزانيا ونيجيريا وموريتانيا والصومال وحتى جيبوتي. حين تنشر الخبر الصحفي، لا يستطيع أحد معرفة أين سينتهي به السفر، ولذا عليك ألا تفترض مثلا أن الكل يعرف أين تقع دبي أو الإسكندرية. في نهاية الخبر ضع ملخصا وجيزا عن البلد الذي وقع فيه الخبر (في حال لم يكن خبرك على المستوى المحلي فقط)، ثم ملخص عن الشركة صاحبة الخبر، ثم معلومات للتواصل مع شخص مسؤول في هذه الشركة، على دراية بهذا الخبر وبهذه الشركة ويمكنه أن يجيب على الفور عن أي أسئلة محتملة من الصحفيين.

لا تقلق، الأمر يحتاج لتدريب وتجريب، ويمكنك أن تكسر بعض أو كل هذه القواعد – على أن تحافظ على جوهر الخبر الشيق. بعدها يأخذنا الحديث إلى ذكر وسائل توزيع ونشر الخبر، ولهذه الجزئية تدوينة أخرى.

[الصورة التوضيحية المستعملة من ويكيبيديا]

18 ردود
  1. محمد عاطف
    محمد عاطف says:

    الموضوع مهم جدا جدا

    ارغب واآآمل ان تستفيد اخي رؤوف انت والشركة التى اعمل بها

    فانا اعمل بشركة جديدة تصنع مواد غذائية كالاجبان والزبدة

    تكتفي الشركة بالسوق المحلى حاليا لكن اصحابها يرغبون في التوسع والتصدير على الاقل في افريقيا واسيا لكنهم لم يبدأوا بعد أو يخططوا للتصدير بشكل جدي حتى الان مالذي يمكنك تقديمه من خدمات لهذه الشركة وما المقابل المادي لتلك الخدمات حتى اعرضها عليهم كاقتراح ان يتعاونوا مع شركتك .

    اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه يا أكرم الأكرمين

    رد
    • جلال الدين
      جلال الدين says:

      اذا كانت المدونة تسمح ( بعد اذن استاذنا رؤف) هل يمكنني الحصول على انواع الاجبان التي تنتجوها وترغبون بتصديرها

      رد
  2. د.سمين
    د.سمين says:

    أستاذنا العزيز رؤوف ,, هل ما تقصده هو الخبر المدفوع؟ أي مسبق الدفع؟
    حيث أنني أرى أحيانا أن بعض الشركات تكتب مثل هذه الأخبـار ولكن لا أتوقع بأنها مجانيـة أو بسبب علاقات و إنما هو خبر بمقابل ..!
    ألا توافقني بأن رؤساء التحرير لن تغيب عنهم فكرة استثمار أخبار كهذه؟

    تمنيـاتي لك بالتوفيق

    رد
      • ماجد الكمالي
        ماجد الكمالي says:

        الخبر المدفوع غالبا مايكون مميزا بكلمة (مادة اعلانية او ريبورتاج اعلاني ) في الصحف لذا ففي الغالب لايتم قراته وان تم قرأته فغالبا يتم قراءة المدخل والافضل ان كان مدفوعا الاستعانة بالصور لانها اكثر وصولا الى القارى من الكلام المكتوب,, معظم النشر يتم مجانا في وسائل الاعلام المختلفة عبر شركات علاقات عامة ,, رحلة البحث عن مادة اخبارية اقتصادية شاقة وعن سبب النشر المجاني فيرجع الى تحسين العلاقات بين المؤسسة الاخبارية و الشركات الخاصة كالحصول على عقود اعلانات او صفقات اخرى ثم ان المعلومة القيمة التى تبعث ينبغي نشرها للفائدة ,, افضل التعامل مع صيغة الاخبار غير المباشرة التى تجعل القارى يستمتع بقراءة الخبر دون احساسه بانه يقرأ اعلان ,, اؤيد كلامك استاذ شبايك بخصوص البعد كل البعد عن كتابة الاطراء في البيان الصحفي لانه سيلغى عند النشر وستبقى المعلومات المهمة فقط !

        رد
  3. لعروسي
    لعروسي says:

    السلام عليكم
    ما شاء الله، موضوع شيق ومعلومات مكثفة، أنت في الطريق إلى إقناعنا بأهمية العلاقات العامة في مسيرة الشركات.
    بالتوفيق

    رد
  4. profesor x
    profesor x says:

    نسيت ان اسالك
    كيف ممكن ان تصيغ خبر جديد
    لشركة لا تقدم خدمات جديده
    بل خدماتها متوفرة وعادية لا تجذب

    رد
  5. مرشد
    مرشد says:

    العلاقات العامة موضوع مهم جداً و مفيد للشركات الصغيرة .. و هو بشكل عام يصب في مصلحة ابراز العلامة التجارية و نشر اسم المنتج او الشركة بين شريحة كبيرة من الناس و قد لا يؤدي الى زيادة مباشرة في المبيعات بشكل مباشر الا اذا كان الخبر نفسه موجهاً لهذا الغرض و الجمهور متعطش لهذا المنتج و رغم هذا لن يستطيع صاحب الخبر وضع رقم الهاتف او احياناً عنوان الموقع في الخبر و سيضطر الناس الى البحث بوسائل اخرى عن كيفية الاتصال بالشركة لشراء المنتج … لما لا اذا كان النشر مجاني؟:) و لكن كتابةً الخبر الصحفي بشكل جيد يأخذ وقتاً و جهداً من صاحب الشركة و اعطاءه لأهل الاختصاص افضل، الا اذا اراد صاحب الشركة التعلم و التجربة.

    رد
  6. هيثم عبد الحفيظ
    هيثم عبد الحفيظ says:

    اولا جزاكم الله خيرا
    ثانيا اود ان اسال سيادتكم عن الاسلوب الذى يفترض استخدامه فى نشر السلبيات المحيطة ولا اقصد التشويه او الهجوم على شخص او جهة لكن اقصد الاضرار الناتجة عن تلك السلبيات

    رد
  7. المحلاوي
    المحلاوي says:

    لفت نظري قولك: “البشر أكثر عشوائية من عشواء ذاتها” .. فقلت لنفسي ماهي “عشواء ” وبعد بحث قصير وجدت الآتي:

    الناقة التي في بصرها ضعف تخبط إذا مشت لا تتوقى شيئا
    الناقة التي لا تبصر في الليل ..

    ويقال : فلان يخبط خبط عشواء أي يتصرف في الأمور على غير بصيرة أو لا يعرف كيف يصيب ولا كيف يخطئ كالناقة الضعيفة البصر

    والمذكر “أعشى” كاسم الشاعر الشهير ..

    رزقنا الله – جميعاً – البصيرة وهدى خطانا إلى مافيه الرشاد

    ورزقك الله يا أخ رؤوف دوام العافية والتوفيق في رؤاك ومشاريعك الهادفة النافعة …

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *