لا تكن مملا، لا تقل لهم كل شيء
حين تبدأ شركتك الخاصة، يجب عليك فعل كل شيء بنفسك، ومنها التفكير في طريقة تصميم إعلاناتك المصورة والمنشورة، ولأن هذه الإعلانات تذهب بعزيز مالك، فأنت تريد أن تضع فيها كل صغير وكبير عن شركتك، فلا تكترث بمن ينصحك بألا تفعل، كيف ذلك وأنت صاحب المال والأمر. حدث ويحدث وسيحدث ذلك كثيرا، ولهذا تجد إعلانات مزدحمة للغاية تشعرك بالصداع ما أن تراها، وتنساها في أقل من ثانية، وتتركها تضيع في زحام ضوضاء الهوس الإعلاني الذي قل من يفر منه.
قال فولتير يوما: ‘أفضل طريقة لكي تكون مملا هو أن ألا تترك شيئا لمخيلة المستمع / القارئ’، أو أن تذكر التفاصيل والحقائق كلها بشكل لا يترك هناك مساحة يعمل فيها عقل المستمع / القارئ ومخيلته، ولهذا تجد الإعلان المذهل الذي لا تنساه، لأنه جعل خيالك يفور ويثور، تاركا حدود الواقع إلى رحاب خيالك، ولهذا السبب أيضا ستجد الإعلان الذي يساعدك على التثاؤب والتساؤل: ألم يكن أمام هؤلاء الحمقى شيئا أفضل ليفعلوه لا أن يهدروا مالهم؟
في مدرسة التقليدية والالتزام بالمضمون، ستجد الكثيرين من المسوقين الذين لا يتركون شاردة في الإعلان، فهو واضح شديد الوضوح، له رسالة قاطعة: منتجنا رائع – اشتره فورا. على أن الإعلان المؤثر هو الذي يبدأ الكلام ويترك للمشاهد الفرصة لكي يكمله وفق رؤيته وخياله. حين يصل المشاهد إلى نتيجة، فهو أقرب من أن يقتنع بها لأنه هو من توصل إليها، ولأن الإعلان جعل الخيال والتفكير يعملان معا، فهو أفضل حظا في أن يبقى في ذاكرة المتلقي، والأقرب لتحقيق نتيجة إيجابية – ألا وهو شراء المعلن عنه.
حين تحدوا الكاتب الشهير إرنست هيمجنوي في تأليف قصة كاملة من 6 كلمات فقط قال: ‘للبيع: أحذية طفل، لم تستعمل قط.’ الآن تخيل معي لماذا قد تقرأ عنوانا مثل هذا، وأين يمكن أن تعثر عليه، وما الذي حدث للطفل ومن اشترى له هذه الأحذية، وهل هي قصة حزينة أم ذات نهاية سعيدة… كم لا ينتهي من الأسئلة… ويغلب على ظني أنك لن تنسى هذا المثال بسرعة، على عكس سرعة نسيانك لتدوينتي المملة هذه؟
لا تجد قارئين يتفقان على طريقة واحدة لإكمال قصة ذكرت بدايتها وتركت أحداثها مفتوحة الاحتمالات، وهذا ما يجعل كل تكملة لهذه القصة ملكية شخصية لصاحبها، ولأنه مالكها، سيصعب عليه نسيانها بالسرعة المعتادة. هل تذكر تلك الألغاز المصورة، التي تطلب منك وصل النقاط معا، حتى تحصل على الشكل العام الذي تمثله تلك النقاط؟ حين تنتهي من وصل النقاط، وتتعرف على الشكل، ألم تشعر بالسعادة لأنك حللت اللغز وعرفت السر؟ ألم تجعلك تكتشف فجأة أنك تستطيع الرسم، ولربما دفعك حسن وصل النقاط للاحتفاظ بالصورة النهائية لما بعد؟
منذ 25 سنة، جاء إعلان صوتي أمريكي في الراديو ليقول: ‘سنترك النور مضاءً من أجلك حتى ترجع’ – “We’ll leave the light on for you” ، في سياق إعلان عن سلسلة فنادق اقتصادية السعر اسمها Motel 6. ظلت هذه الكلمات تشجع المستمعين على النزول بهذه الفنادق كلما كانوا على الطريق ويشعرون بالتعب، فالرسالة أخبرتهم أن هذه الفنادق ستظل ساهرة تنتظرهم لترحب بهم. ربما كانت كل الفنادق كذلك، لكنها لم تقل ذلك. هذا الإعلان الصوتي حصل على 150 جائزة واستمر في العمل لعقدين من الزمن (= 20 سنة).
ليس الأمر بالسهل الهين، لا جدل هنا، فأنت تريد للمشاهد ألا يشرد بعيدا عن هدف الإعلان، وكذلك لا تريد أن تقتله غما وكمدا، فهي مثل شعرة معاوية أو أدق. إذا كنت لا تملك الجيوب العميقة لشركات الاتصالات أو الموبايلات، فأنت تملك خيالا واسعا إن أنت تركت له العنان، وفي الإعلان، …. ….
هذه التدوينة مستوحاة بتصرف من هذه المقالة في مجلة بيزنس ويك.
“سنترك النور مضاءً من أجلك حتى ترجع”
هذه الجملة بالتحديد , هي التي تصنع الفرق , وبالتحديد أكثر كلمة “من أجلك” , كلمة تقول باننا نهتم بك نقدرك ونحترمك , هكذا يجب أن يكون التسويق ولا شيء آخر .
نعم انا كعميلة استمتع بقدرتي على التخيل وافرح اذا انصدمت من ان النتيجة مغايرة لما تصورته لذلك ساعمل على ان اجعل اعلاني مشوقة وبكلمات مبطنة تدفع الزبون لمعرفة المقصود بنفسه… انا لا اريد ان أنفره لكن أشوقه بالمعقول بكلمات بسيطة قد يصعب ايجادي لتلك الكلمات لكن بالمشورة ساستفيد
طرح رااااااائع ونقل ممتاز لشخصية مثلك
صحيح، الرسالة القصيرة الواضحة أكثر تعبيرا من غيرها، تلك التي تمس الصميم وتجعله يرتبط ارتباطا وثيقا بها. على الرغم من أنه من الابداع الوصو الى تلك الرسالة الا انني ساحاول ان افعل ذلك.. شكرا جزيلا لك. 🙂
ومن قال ان مدونتك هذه مملة :)؟
تحياتى رؤوف ومشكور لمجهوداتك
كنت أريد التأكد لا أكثر 🙂
يبدو ان رءوف قد ملّ منا ولكنا لن نملّ منه
ليس بعد يا طيب، إنما هو الجذب والشد، لمعرفة هل القارئ يتابعني أم ينام مني 🙂
الاعلان عملية ابداعية يجب حياكتها بـ خيال واسع ..
,,
لابد ان يخصص لها الجزء الاكبر الإعلان والتسويق
أفضل طريقة لكي تكون مملا هو أن ألا تترك شيئا لمخيلة المستمع / القارئ’،
هذا مايجب التركيز عليه اثناء الالقاء .. ولجلسات .. والاجوبة على الاسئلة
نجاح اخر وليس اخير في في هذه المدونه .. سوف تصبح ماركة مسجلة في الشرق الاوسط يااستاذ شبايك
الصور رائعه جدا ..
كل الاماني بلموفقية والنجاح لك .. ودائما ننتظر المزيد
تــحياتي لك
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرحمن
لك خالص احترامي
أتمنــــى لك من القلب .. إبداعـــاً يصل بكـ إلى النجـــوم ..
ذكرتني باعلانات المنظفات كديتول و لايف بوي حيث العائلة السعيدة والام الحنونة التي تعرف الافضل و …. الخ من هراء مثالي بينما لديك حملة اعلانات مهضومة و حماسية كاعلانات ريد بول بيعطيك جوانح التي انتشرت في كل مكان بسبب ظرافتها احيانا و كونها ملية بالمغامرات و الحيوية أحيانا أخرى
كما اني احب اعلانات مايبيلين لمستحضرات التجميل فلها نمط معين ولكنه متجدد حسب كل منتج
باختصار التسويق في العالم العربي سواء لمسحوق غسيل او شوربة او حتى بنك عائلة سعيدة ومترابطة بابتسامة مملة واستفزازية او اعلانات غبية تخاطب الجمهور و كأنهم قطيع من الخرفان لا يفهمون شيئا
اين الابتكار و الابداع .. اين الحيوية و الشغف ؟؟؟؟
وفى الإعلان ..
خيال إنسان ..
إبداع فنان جَسَّمه بإتقان ..
فكان لقلوب الناس كسبان ..
فصار تميزه ونجاحه حليفان.
اننا في الحقيقة لا نمل شيئا وانما نمل انفسنا فنحن نحيط انفسنا
بما يعجبنا فقط وبما يرضي اذواقنا فيصبح كل ما حولنا مرايا لنا وصورا لنا معرضا مستمر للوحات حياتنا
الذي يشعر بالملل يشعر انه ليس على صلة بالواقع وانه منعزل
وانه معزول او منقطع وانه لاتوجد لديه وسيلة اتصال بالعالم الخارجي
شكراً على كل تلك التدوينات الجميلة. ممتعة رغم ان لاعلاقة لي بالتسويق.
شخصيا طورت اسلوبي في الكتابة استنادا على مجموعة قواعد أحدها هو أن لا تخبر كل شي للقارئ ، لأنك لو فعلت لما تركت له دورا وتحول إلى مجرد متلقي للرسالة وهذه الطريقة القديمة في التواصل ، اليوم اصبح الاعتماد اكثر على تفاعل المتلقي وتقديم جزء من المحتوى المراد ايصاله
ظنت أن مواضيع وأفكار التسويق قد انتهت ولكنك يا شبايك تأتي كل مرة بفكرة جديدة وقوية , شكرا لك
شكرا لك جزاك الله خيرا …..
المسوقين في الوطن العربي يستغبوننا يقولون منتجنا رائع إشتروه و رغبتهم المرضية في كسب المال تنسيهم أننا بشر لدينا عقل و روح و عليهم إقناعنا بطريقة منطقية بأهمية منتجهم أو مداعبة أرواحنا بما في الإعلان من جمال وطرافة
ليس في العالم العربي فقط، بل في العالم الذي لا يحترم الفرد فيه من يتعامل معه…
لكن ما يهمنا هنا في هذه المدونة هو أن نكون نحن التغير الذي نحلم به لهذا العالم الذي نعيش فيه، أنا وأنت والقارئ، معا يمكننا عمل تغيير بسيط، يكون ذا أثر كبير… هكذا تتغير الدنيا 🙂
بارك الله فيك استفدت جدا من موضوعك ويا ريت تعطيني صوره مشوقه عن اعلان لشقة مفروشة
ليتنا ننفذ هذا الكلام
استفدت جدا من المقاله دي