أفكار صغيرة ذات نتائج تسويقية كبيرة

,

منذ سنوات طوال، أرادت الحكومة البريطانية تشجيع مواطنيها على الاستثمار في عزل حراري لمساكنهم وبيوتهم، خاصة العلية أو Attic.

فوق الخفض السنوي المتوقع له أن يتراوح ما بين ألف إلى ثلاثة آلاف جنيه إسترليني في فاتورة الكهرباء والغاز والتدفئة لكل بيت، عرضت الحكومة تقديم حوافز مالية إضافية لمن يستجيب من المواطنين.

الغريب في الأمر، أن هذه المبادرة لم تلق القبول المتوقع من المواطنين الذين مضوا في حياتهم كأن شيئا لم يحدث متجاهلين هذه المبادرة التي ستجلب لهم بعض المال وخفض النفقات.

عهدت الحكومة إلى خبراء لفهم سبب عزوف الناس، (أو ما نطلق عليه أبحاث السوق ) والذين تحدثوا مع أصحاب البيوت ووجدوا السبب غريبا لكن مفهوما.

مشقة عمل العزل الحراري تعادل مشقة دهان منزل وسكانه يقيمون فيه. لكي تعزل الحوائط والأرضيات، ستحتاج إلى جمع كل الأغراض المخزنة في هذا المكان المهجور عادة في أغلب البيوت وتكديسها في مكان أو أماكن حتى تنتهي التصليحات والدهانات.

تجربة مزعجة ومرهقة نفسيا وبدنيا قبل أي شيء.

نصح الخبراء الحكومة بتقديم حل لهذا الهاجس المخيف الذي يمنع الناس من الاستفادة بعرضها.

تعاونت الحكومة مع شركات متخصصة في تنظيف وترتيب عليات المنازل. وقدمت عرضا خاصا بالتعاون مع هذه الشركات يشمل خدمة العزل الحراري.

هذه المرة، كانت الاستجابة جيدة من سكان المنازل ونجحت الحكومة في مسعاها.

كذلك وجدت الحكومة البريطانية أن إرسال رسائل مكتوبة بخط اليد إلى كل من تخلف عن دفع الضرائب المفروضة عليه تعطي نتائج أفضل بكثير من إرسال رسائل مطبوعة على الطابعات.

خط اليد ربما أعطى الانطباع بأن إنسان ما يتابع عن كثب حالة المتخلف عن دفع الضريبة.

انظر ماذا ستشتري

في سوق تجاري أمريكي، تزينت عربات التسويق بخط أصفر يقسمها نصفين، مع لوحة واضحة تطلب من المتسوقين وضع الفاكهة والخضروات في النصف الأمامي، وبقية المشتريات في النصف الآخر البعيد عن العين. حين لاحظ المشترون قلة ما اشتروه من الفاكهة والخضروات الطازجة في النصف الأمامي من عربة التسوق، قاموا بشراء المزيد!

البقشيش الأمثل

اشتهر عن مطاعم ومقاهي نيويورك أنها حاولت إجابة التساؤل: ما هي نسبة البقشيش المثلى من أي فاتورة، وذلك بأن وفرت هذه المحلات خيار دفع بقشيش مكون من 3 مستويات، الأساسي بنسبة 15% من الفاتورة، الأحسن ونسبته 18%، الأفضل ونسبته 20% من الفاتورة الكلية.

بذلك شعر الزبائن بأن هناك مستوى عاما مقبولا من البقشيش دون إفراط أو تفريط، وأن هناك خيارات لهم تعكس مدى رضائهم، وكانت النتيجة زيادة عامة فيما يحصل عليه العاملون في هذه المحلات والمطاعم.

أيهما أكثر كرما: الرجال أم النساء

لحل هذه المعضلة قام مقهى بوضع كوبين للبقشيش، الأول كتب عليه الرجال – والآخر النساء وفوقهما لوحة سألت: من أكثر كرما، الرجال أم النساء؟ النتيجة النهائية كانت زيادة دخل العاملين لكن الأكثر كرما كان سجالا بدون فائز.

صورتك في المرآة

سوق تجاري آخر في أمريكا وضع مرآة كبيرة في عربة التسوق بغرض تكبير وجه من يدفع العربة بحيث يراه بشكل واضح. كانت الفكرة جعل المتسوق يرى وجهه بعد كل سلعة يضعها في عربة التسوق، بهدف تشجيع الناس على شراء الصحي والمفيد. النتيجة كانت زيادة كبيرة في شراء كل ما هو صحي ومفيد.

أفكار صغيرة مثل مرآة و خط أصفر جعلت المتسوقين يشترون منتجات صحية ومفيدة لهم
أفكار صغيرة مثل مرآة و خط أصفر جعلت المتسوقين يشترون منتجات صحية ومفيدة لهم

التعليم الجامعي أفضل

عانت مدرسة في ولاية تكساس الأمريكية من انخفاض عدد طلاب الثانوية الذين يكملون تعليمهم ويسجلون في الجامعات. لتغيير ذلك الحال، اعتمدت المدرسة على خطوتين: الأولى بدأ المدرسون في مناقشة الطلاب عن الفرق ما بين خريج المدرسة الثانوية وخريج الجامعة في السيارات الذين يستطيعون قيادتها (وهو موضوع محبب لهم)، وكيف أنه من واقع المشاهدات، فإن اقصى حلم خريج الثانوية هو سيارة كيا مسكينة، في حين أن خريج الجامعة لديه فرصة أكبر في امتلاك المرسيدس.

الخطوة الثانية كانت إجبار المتخرجين من المدرسة على التسجيل لاختبار القبول في جامعة قريبة من المدرسة. أصبح الآن التقدم للجامعة إجباريا وليس اختياريا. بدورهم، ساعد المدرسون الطلاب على الاستعداد لاختبار القبول في تلك الجامعة وفي النهاية كانت النتائج زيادة عدد المتقدمين للتعليم الجامعي من طلاب المدرسة من 11% إلى 45% في العام الدراسي 2004-2005. هذه زيادة كبيرة بمعايير الحال في هذه المدرسة في ذاك الوقت.

أفكار صغيرة

في عالم التسويق يسمون كل هذه خطوات أو أفكار صغيرة ذات نتائج كبيرة أو Nudge. رسالة التحذير التي تأتي مع شرح هذه الطريقة تقول أن استخدام أكثر من خطوة صغيرة معا في ذات الوقت تؤدي إلى نتائج عكسية.

يجب أن يشعر الناس أنهم هم الأبطال في القصة. إذا شعروا أنك تستغلهم بهندسة نفسية عكسية أو تدفعهم دفعا لاتخاذ قرار، سيتركون الجمل بما حمل، أو المتجر وما فيه.

راوي هذه القصص هو الكاتب الكندي وخبير التسويق تيري او’رايلي في كتابه الممتاز هذا ما أعرفه This I know وسبق لي الكتابة عن مواضيع شيقة أخرى وهي: الدجاج الأرجواني اللون و إنه زمن القطار.

رجاء، من سينقل هذه القصص ليذكرها في قنواته أو حساباته، رجاء ادعم المدونة ماليا عبر باي بال لتستمر في العمل وتقدم لك محتوى تقدمه لجمهورك.

أشكرك على القراءة و عيدكم مبارك.

3 ردود
  1. محمد
    محمد says:

    الأصل في نشوء الفكره هو الخيال والمعرفة تغذي الخيال أما الحصول على الفكرة فقد يكون سببها الحاجه أو المنح أو التجارب الحياتية
    ولكن اذا أردت قدر وافر من الأفكار فسيكون من قربك للمشكله وفهم مكامنها
    فالمشكله تشبه إلى حد كبير الشكل الهندسي في عقل الشخص الابتكاري ومن المعروف أن الشكل الهندسي له العديد من الزوايا والنظر إلى المشكله من زاوية واحدة فقط يقلل الحصول على أفكار عديدة فبإمكانك أن تخرج من المشكله بعدة أفكار وفرص كما أن أفضل طريقة لاستجلاب الأفكار هو من الأفكار نفسها .
    ومن أفضل الكتب في الأفكار التي تثريك عمليا هو كتاب (( صناعة الأفكار المبتكره )) لمؤلفه أحمد الضبع .

    ولا مانع أن تستمتع بالعمل (كصانع أفكار )ولو فتره من الزمن
    أما الطريق السريع في الحصول على الفكره فهو بقاعدة الأشباه والنظائر فزيارتك للجهات المشابهه لنفس نشاطك أو نظيره لنشاطك بمعنى فيها قدر بسيط من التشابه سيثريك بالمعلومات  والنقاشات المثمره والنتائج المشاهده والأفكار المعمول بها وسيتفتح ذهنك لاستجلاب الجديد منها  .

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *