قصة أسوأ فندق في العالم – ولماذا خسر هذا اللقب
أسوأ فندق في العالم لهو لقب لا يمكن الحصول عليه بسهولة… وإن حصلت عليه، سيصعب عليك الحفاظ عليه.
ولكن السؤال هنا، هل لقب أسوأ فندق في العالم مفيد للمبيعات والتسويق؟ على المدى القصير أم البعيد؟
بداية القصة
ضمن هوجاتها الكثيرة، شغلت وسائل الإعلان العالمية سكان الكوكب بأهمية النظافة الشخصية.
النظافة أمر جميل ومطلوب، لكن دون إفراط أو تفريط.
ضمن هذه الحملة، نشرت جريدة نيو يورك تايمز تقريرا مفاده أن أجهزة المناعة لدى البشر حول العالم أخذه في الضعف بسب الهوس بتنظيف البيئة التي نعيش فيها بشكل مبالغ فيه.
فندق هانز برنكر أو Hans Brinker
تفتق ذهن فريق عمل في وكالة إعلانية لاستغلال هذا الهوس وشهرة هذا التقرير المنشور لعمل حملة إعلانية لزبونهم فندق هانز برنكر أو Hans Brinker
هذا الفريق عمل في وكالة إعلانية هولندية اسمها كيسلس كرامر KesselsKramer والتي تولت الحملات الإعلانية والتسويقية للفندق.
كتب هذا الفريق الإعلان التالي – والذي صاغ الرسالة الإعلانية والتسويقية للفندق لعقدين من الزمان:
إلى كل المهوسين بالنظافة! النظافة الزايدة مش حلوة خالص! جهاز المناعة في جسمكم في خطر. عشان تقوية دفاعات الجسم ضد البكتيريا المتـوحشة، لازم الجسم يتعرض للأتربة شويتين زيادة. علشان كده، فندق هانس برينكر الاقتصادي فخور بقذارة غرفه الـمميزة والبكتيريا المتوحشة والمتنوعة اللي عنده. ليلة واحدة عندنا بس هتدي جهاز المناعة عندك دفعة قوية يحتاجها عشان يفضل قوي. انزل عندنا قبل ما يفوت الأوان!
(استخدمت اللهجة المصرية في الترجمة لتوصيل فكرة الإعلان الهزلية!)
و بالإنجليزية:
“Attention Clean Freaks! You are making the world too clean. Your immune system is in danger. We need contact with dirt to build up natural resistance to harmful bacteria. For this reason, the Hans Brinker Budget Hotel is proud to be dirty and carry a wide variety of bacteria. Just one night’s stay will give your immune system the boost it needs to remain effective. Visit before it’s too late.”
في البداية، كان الإعلان مطبوعا ومعلقا على حوائط الفندق، ثم تحول مرئيا على شاشات التلفزة.
هل ستنزل الناس في أسوأ فندق في العالم ؟؟؟ نعم
مثلك تماما، انبهر العالم من ردة فعل الناس على الإعلان. حجوزات لا تتوقف، وآلاف الناس تتدافع لتحجز غرفة في الفندق وتأخذ الصور التذكارية وتشاركها على الشبكات الاجتماعية – أو ما كان في حكمها في هذا الوقت.
هل كان الفندق سيئا فعلا؟
إلى حد ما. مراجعات النزلاء اشتكت من قرصات الناموس والحشرات نتيجة النوم على الأسرة.
نظافة الحمامات كانت متدنية للغاية. سلوك عمال النظافة كان سيئا.
المناطق المجاورة للفندق انبعث منها ضوضاء طوال الليل.
ولكن، مهما كانت شكاوى الناس، فهي تثبت مزاعم الحملة الإعلانية ولا تنفيها.
كان الفندق متوسط المستوى، تميز بصفات لا تجدها بسهولة في غيره، فهو يقع في وسط العاصمة أمستردام. تتسع بعض غرفه لثمانية نزلاء في غرفة واحدة. ما جعل ذلك ممكنا هو السرير الدورين.
سمح الفندق للغرباء بأن يحجزوا سريرا في الغرف التي تتسع حتى ثمانية أشخاص مقابل سعر حجز متدني… ذلك أدى لظهور شكاوى من التدخين في الغرف وسرقة الممتلكات الثمينة… بدون أي تدخل من إدارة الفندق.
كان الفطور الصباحي متواضعا محدود الخيارات مع الاعتماد على الخدمة الذاتية.
وأما سعر الليلة في غرفة / على سرير فبدأ من 20 دولار…
كل هذه المزايا – والإعلان غير المتوقع، ساهم في شهرة الفندق والإقبال عليه، لقرابة عشرين عاما أو يزيد…
كان الأمر غريبا غير مفهوم أو مبررا… كيف ينجح فندق سيء لمجرد أنه يروج لخدماته على أنها الأسوأ في العالم؟
نهاية التجربة
في صيف عام 2023 قرر مالكو الفندق التوقف تماما عن هذه السياسة الإعلانية.
كانت البداية باختيار وكالة إعلانية شهيرة جديدة. تلاها التوقف تماما عن إعلانات تروج للفندق على أنه الأسوأ في العالم.
زاد الفندق من الخدمات المقدمة للنزلاء وبنظافة الفندق كله.
ما الذي حدث؟
ليس هناك بيان رسمي، لكن من الواضح أن خدعة أسوأ فندق في العالم لم تعد تجدي.
مضاد الإعلان Anti-ads
هذا النوع من الإعلانات يسمونه Anti-adsأو مضاد الإعلان.
ببساطة، الإعلان التقليدي يهدف لذكر مزايا وفوائد المنتج / الخدمة المعلن عنها.
مضاد الإعلان سيقول لك لا تشتري هذا المنتج ويعرض لك أسباب جيدة لذلك.
أول من بدأ هذا النوع من الإعلانات كان إعلان فولكس فاجن الشهير فكر بالحجم الصغير.
رد فعل الناس لمضاد الإعلان سيكون – بدوره – مضاد العقل والمنطق.
فولكس فاجن قالت سيارتنا صغيرة الحجم، حين تتعطل يمكنك دفعها لجانب الطريق بسهولة. منافسوها وقتها كانوا يعلنون عن مزايا سياراتهم الفارهة المدججة بوسائل الرفاهية. كان رد الفعل المتوقع هو أن ينصرف الناس عن الصغيرة ويشتروا الكبيرة. عكس ذلك هو ما حدث بعدها.
مضاد الإعلان دوره إصابة المتلقي بالدهشة والحيرة – ما يجعله غير قادر على تحليل الموقف فيلجأ لفعل عكس المطلوب في الإعلان.
اليوم، لا تتبع فولكس فاجن هذا النوع من الإعلانات، رغم أنها هي من ابتدعته.
بدوره – أسوأ فندق في العالم توقف عن استخدام مضاد الإعلان.
لن نعرف السبب الحقيقي وراء هذا التوقف، ويبقى لنا المشاهدات لنحلل على أساسها.
في النهاية، لا يصح إلا الصحيح.
تقول الحكمة: يمكنك أن تخدع كل الناس بعض الوقت، أو بعض الناس كل الوقت، لكنك أبدا لن تخدع كل الناس كل الوقت.
مضاد الإعلان مثل الدواء الملين. تستخدمه لفترة قصيرة حتى تحصل على نتيجة. بعدها توقفه. إذا أكثرت منه، فقد فعاليته فلم يعد يجدي.
حتى هنا والأمر عادي – لكن اسمح لي ببعض التوسع.
ستجد المؤثرة على يوتيوب تفضح نفسها واسرتها على الملأ من أجل النقرات والزيارات وأموال الإعلانات. ستنجح في مسعاها لبعض الوقت، حتى يدرك الناس الخدعة فلا تنطلي عليهم بعدها.
ستجد الشركة تعارض المنطق والصحيح في إدارة أمورها وتكسب المال وتستمر… لفترة ثم تجدها مضطرة لتصحيح أوضاعها. قد يتطلب ذلك أكثر من 20 سنة مثلما حدث مع هذا الفندق هنا.
ستجد الظالم منتصرا يتباهى بالغنائم، لفترة ثم ينقلب الوضع عليه.
ستجد الجماهير تسعى وراء المغنيات والراقصات والمؤثرات، لفترة ثم تبدأ الجماهير تنضج وتطلب ما فيه النفع. يكون ذلك بعد فترة طويلة، لكن في النهاية، لا يصح إلا الصحيح.
في النهاية، لا يصح إلا الصحيح – هذا هو الدرس الذي تعلمه فندق هانز برنكر.
يغلب على ظني أن شهرة هذا الفندق في العالم العربي ستجلب له المزيد من الزوار!
أعلم أنك توافقني الرأي ولهذا لن تعلق بما يخالف ذلك.
هذا الإعلان استخدم أسلوب (خالف تُعرف) بشكل واضح.
المصيبة التي تواجهها الشركات ليس النجاح (الوصول إلى القمة)، وإنما البقاء في القمة(البقاء ناجحاً).
كلمة الأسوأ على الإطلاق هي مرادفة لكمة الأرخص على الإطلاق .. وهناك شريحة واسعة يهمها أن تحظى بالمبيت بين أربعة جدران بأقل سعر ممكن ..
ربما خاطب هذا الإعلان شريحته المستهدفة من العملاء بأبسط صورة ممكنة بعيدًا عن المواربة أو التجميل .. مما جعل الرسالة الإعلانية واضحة ومؤثرة بشكل كامل.
انا ضحكت لما لقيت حضرتك كاتب بالعاميه المصريه،
يمكن الطريقه دي جابت نتجيه عشان المصداقيه الشديده حد الوقاحه
وعموما الناس بتحب تجرب المختلف، يعني لو فندق سمعته أن فيه جن وعفاريت أعتقد أن فيه ناس كتير هتروح وتبقي تخوض التجربه