السعر أساسه الفائدة، لا التعب

, ,

لا زلنا مع السعر و التسعير، وكيفية الوصول إلى أفضل سعر بيع لخدمات / منتجات عصامي / شركة ناشئة ما، واليوم أعرض ٣ مبادئ أساسية للتركيز على صنع الأرباح، والتي تحدث عنها مؤلف كتاب The $100 Startup.

المبادئ الثلاثة هي:

  1. اختر سعرا لمنتجك / خدمتك بناء على المنفعة / الفائدة التي يقدمها لا على تكلفة إنتاجه / تقديمه
  2. قدم لعملائك أكثر من سعر للحصول على الخدمة / المنتج
  3. احصل على سعر البيع أكثر من مرة لذات الخدمة

نبدأ بالمبدأ الأول: اختر سعرا لمنتجك أو خدمتك بناء على المنفعة والفائدة التي يقدمها – وليس على تكلفة إنتاجه أو تقديمها.

باختصار شديد، إذا لم يحقق المنتج / الخدمة الذي تقدمه وتبيعه أي منفعة وفائدة لمن يشتريه، فأنت في مأزق عميق. سنفترض هنا أن المنتج / الخدمة مفيدة للمستخدم، فائدة ملموسة يمكن قياسها.

النهج الطبيعي – والغريزي – هو أن نقيس كم تكلفنا نحن في إنتاج المنتج أو تقديم الخدمة، وعلى أساس ذلك نحدد سعرنا.

لا تفعل ذلك!

الأساس الصحيح لوضع السعر هو قياس المنفعة المقدمة للعميل، المشتري، المستفيد.

الطبيب يقضي معك من ٥ إلى ١٠ دقائق، ثم يضع قائمة أدوية، ثم تخرج مرتاحا وتنقده ما يطلبه من مقابل مالي لخدماته.

هل هذه الدقائق القليلة تبرر الفاتورة المكلفة للطبيب؟ بالطبع لا، فما ندفعه نحن هو نتائج خبرة هذا الطبيب، والعلم الذي اكتسبه بالسهر والتعب، وليس هذه الدقائق.

الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون يتقاضى من ربع إلى مليون دولار مقابل المحاضرة التي يلقيها، ورغم السعر الباهظ لكنه يلقي خطبا كثيرة ويسعى كثيرون لحضور محاضراته والجلوس معه.

هل حديث ساعة أو ساعات يكلف مليون دولار؟ لا، لكن فرصة لقاء رئيس أمريكي سابق، وربما التقاط صورة تزين بها مكتبك ربما تبرر دفع ثمن تذكرة الجلوس لسماع خطبته.

المشكلة التي تواجه من يستخدم هذا الأساس لتسعير خدماته ومنتجاته، هو أنه سيواجه مقاومة من المشترين المحتملين تطالبه بخفض أسعاره، فالبلاء والغلاء والأزمة العالمية نالت من الجميع. يشدد مؤلف الكتاب على عدم التراجع أو الاستسلام، والثبات على المبدأ.

طالما أنت مقتنع أن ما تبيعه يحقق الربح والفائدة للمشتري، وأن ثمنك يمكن تعويضه عبر حسن استخدام الخدمة / المنتج فلا تتراجع عن سعرك الذي وضعته.

على الجهة الأخرى، لا يستطيع العصامي تكرار تجارب الأسواق التجارية التي تبيع بسعر رخيص، مثل كارفور و بانده و وول مارت وأمازون وغيرها.

القليل جدا من الشركات والعصاميين من يستطيع الاستمرار في المنافسة داخل سوق قائم على خفض الأسعار لمستويات متدنية.

وعلى هذا الأساس، يمضي المؤلف ليؤكد على حقيقة شديدة الأهمية، إذ ينصح العصامي بأن يقضي وقته مفكرا في كيفية تحسين استفادة المستخدم / المشتري / العميل من المنتج / الخدمة التي اشتراها. كيف يساعده ليحقق فائدة أكبر وأرباح أكثر، وليوفر وقته ومجهوده، ويساعده ليركز على ما هو أهم في حياته؟ حين يفعل ذلك، تزداد أهمية منتجه وخدمته، ويكون ثمن الشراء مبررا.

 اجعل لمنتجك / خدمتك أكثر من سعر

المبدأ الثاني يقول قدم لعملائك أكثر من سعر للحصول على الخدمة / المنتج.

يقول المؤلف، إن حسن اختيار السعر المناسب لبيع خدماتك / منتجاتك بناء على النفع الذي يحصل عليه المشتري منها، هو الخطوة الأولى لضمان تحقيقك للربح وبالتالي القدرة على الاستمرار في العمل وتطوير خدماتك وتكبير شركتك. على أن هناك خطوة تالية، وهي تعظيم هذا الربح، عن طريق تقديم أكثر من سعر للحصول على خدمتك ومنتجك.

(أنصح هنا بقراءة تدوينتي السابقة بعنوان ماذا تعلمت من زيادة أسعاري )

لفهم المقصود من هذا المبدأ، يضرب المؤلف المثل بشركة ابل، فهي مشهورة بقلة المنتجات التي تتعامل فيها، لكن رغم ذلك تقدم أكثر من مستوى أسعار، فمثلا الحواسيب النقالة (لابتوب) تجد فيها ماك بوك و ماك بوك برو، وتجد ذا الشاشة مقاس ١١ و ١٣ و ١٥ بوصة، وتجد الصغير والمتوسط والكبير، والخفيف والعادي والاحترافي.

كذلك، تحديد سعر مرتفع يجعل المشتري يشعر بأن السعر المنخفض أفضل وأكثر مناسبة له، الأمر الذي يجعله يشعر بأن اختيار المنتج الأقل سعرا لهو الصفقة الرابحة.

لشرح الفكرة أفضل، يضرب المؤلف مثالا على موقع يبيع خدمة بسعر ٨٧ دولار. خيار وحيد لا يوجد غيره،

بينما موقع آخر يقدم خدمة مماثلة لكن مع ٣ مستويات تسعير: الخدمة الاقتصادية بسعر ٨٧ دولار، والخدمة الأفضل بسعر ١٢٩ دولار، والخدمة المتميزة بسعر ١٩٩ دولار. (زيادة السعر يقابلها المزيد من الخدمات والمزايا والإضافات) – (أفضل عدد للمنتجات المختلفة هو ٣ أو ٤، أكثر من ذلك ينقلب للضد فلا تفرط ولا تجعل الأمور معقدة على الزائر أو العميل).

الخدمة الاقتصادية بسعر ٨٧ دولار

الخدمة الأفضل بسعر ١٢٩ دولار

الخدمة المتميزة بسعر ١٩٩ دولار

لنفترض أن ٢٠ مشتريا اشتروا بالفعل من الموقع الأول، بينما الموقع الثاني حصل أيضا على ٢٠ مشتر، لكن اختار ١٤ منهم الخيار الاقتصادي، و٣ اختاروا الثاني، و٣ اختاروا الثالث الغالي.

في الحالة الأولى كان إجمالي الربح ٢٠ x ٨٧ = ١٧٤٠ دولار، بينما في الحالة الثانية كان الإجمالي ٢٦٦٤ دولار.

حتى لو قل عدد العملاء المشترين، أرباح الباقات الأعلى ستعوض الفارق وسيكون الحال أفضل من تقديم خيار شراء وحيد.

هذه السياسة في التنويع معروفة ولا جديد فيها، لكن السر في عدم جدواها في بعض الأحيان هو عدم تقديم مزايا وإضافات منطقية وسهلة الفهم تبرر اختلاف الأسعار.

إذا شعر العميل أن البائع يستغله من أجل الربح السهل، فسيرحل وسيخبر الجميع وستكون الخسارة كبيرة.

لا توجد طرق مختصرة في التسويق أو حلول سحرية، إنما هي ملاحظات واقتراحات، ويبقى المبدأ الأول دائما: قدم خدمة أو منتجا ذا فائدة فعلية ملموسة ومحسوسة للعميل.

3 – احصل على سعر البيع أكثر من مرة لذات الخدمة أو اجعل الربح متكررا لا مرة واحدة

أهم استراتيجية يتبعها أي نشاط تجاري هو ألا يكون له موعد وحيد يربح فيه، بل يجب أن يكون الدخل متكررا – من نفس العملاء.

إن برامج مثل الاشتراك الشهري وعضوية الموقع وبرامج الاستمرارية، كلها تندرج تحت هذا المسمى.

أنت تدفع اشتراكا شهريا لتصلك الجريدة حتى أعتاب بابك، وتشترك مع شركة الاتصالات ليستمر هاتفك في العمل، وتدفع فاتورة الكهرباء شهريا حتى لا تخسرها، وهكذا الكثير من الأمثلة.

أنت أيضا عليك فعل المثل، لا تقدم خدمة يمكن شرائها مرة وحيدة، بل يمكن شرائها لمرات ومرات.

على سبيل المثال، لو قدمت خدمة سعرها 20 دولار في الشهر، وجاء 100 مشترك فهذه ألفين دولار شهريا، تزيد إلى عشرين ألفا لو جاءك ألف مشترك.

إذا زاد عدد المشتركين بمقدار 50 مشتركا فهذه ألف دولار شهريا إضافية.

إذا زدت سعر خدمتك إلى 25 دولار، فهذه 5 آلاف دولار إضافية شهريا (في حال كان عدد المشتركين ألفا).

حتما ستخسر بعض العملاء نتيجة زيادة أسعارك، لكن إذا حرصت على زيادة ما تقدمه من خدمات ومزايا إضافية، فستعوض رحيل هؤلاء بعملاء جديد.

نعم، هناك بعض العملاء الذين يرفضون فكرة الاشتراك الشهري، وهؤلاء تكسب ثقتهم في خطوتين، الأولى توفير سياسة ضمان استرداد المال المدفوع لمدة شهر أو شهرين من استخدام الخدمة وبدون السؤال عن السبب.

الخطوة الثانية توفر طريقة سهلة وفورية لإلغاء الاشتراك والتوقف عن تحصيل المال من العميل.

وهنا حيث ينتهي كلام المؤلف، وأما نصيحته فهي أن علي كل صاحب نشاط تجاري التفكير في أكثر من وسيلة لكسب وربح المال من المنتج / الخدمة.

انظر إلى منتجك واصنع منه 3 باقات مختلفة، بأسعار مختلفة.

اجعل ثمن الحصول على الخدمة شهريا وليس مرة وحيدة، من خلال مزايا إضافية تحقق الفائدة للمشتري وتبرر في عقله مقابل الاشتراك الشهري.

هناك دائما أفكار ووسائل إضافية لتعظيم الربح، ابحث عنها وطبقها.

15 ردود
  1. اكرم العديني
    اكرم العديني says:

    اتفق تماما بان السعر المبني على المنفعة / الفائدة يلعب دور كبير في ارضاء الزبائن واقتناعهم بالمنتج الذى يقتنونه ,, على سبيل المثال في احد الندوات التى حضرتها في الرياض قال مدير بلاك بري في الشرق الاوسط بان شركة بلاك بري تركز على الخدمة المقدمة بجانب تركيزها على تطوير وتحسين الجهاز ولكن الشركة لاحظت من خلال ابحاثها بان مستخدم بلاك بري يجد الفائدة والمنفعه التى يبحث عنها من خلال استخدامه الخدمات التى يوفرها جهاز بلاك بري , وعليه فالجهاز يمثل وسيله ولكن الخدمة ( المنفعة / الفائدة ) هي التى تلعب الدور الرئيسي في عملية اقناع الزبون بان السعر الذى يدفعه له مقابل قد لا يكون ملموسا ولكن تكون له الاهمية الاكبر في اتخاذ القرار النهائي بالشراء من عدمة

    رد
  2. سارا
    سارا says:

    معليش سؤالي في غير محلة بس حابة اسئلك
    دائما تكتب قصص نجاح ومؤمن بقصص النجاح
    طيب سؤال بسيط ياريت تجاوبني عليه وجزاك الله خير
    اذا في وحدة قالتلك عمرها 33 وماتلعب رياضة وكسلانة ومافي شي تكملة ابدا بس قررت انها تكون ماهرة بوحدة من الرياضات بس لما قرأت عليها الوصل للاحترافيه واللعب مع المحترفين تكون لازم بدات من عمر صغير جدا بس وقتها ماكان عندها الفرصة بس الان هي قررت في دي الحاله ايش تنصحها ؟ تبداء الي قررت عليه وتدخل المسابقات وتتدرب الخ ولا تشوفلها شي اسهل او واقعي على الاقل ؟

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      بالتأكيد، هناك من يلعب دور البطولة، وهناك من يجهز غيره ليلعبوا أدوار البطولة. إذا لم تدركي أنت النجاح، يمكنك مساعدة الغير على النجاح من السن الصغيرة

      هناك دائما وسيلة وطريقة، المهم أن نبحث عنها بعيون متفتحة.

      رد
  3. محمد صلاح
    محمد صلاح says:

    جزاك الله خيرا
    هذه مشكلة عندنا في مجال التدريب الناس لا تقدر الجهد المبذول في الشرح والتوضيح وتوصيل المعلومة
    هم يفضلون جوالا فاخرا بالاف الجنيهات علي حضور دورة تدريبية قد تكون دفعه كبيرة في حياتهم المهنية او حتي الحياة العادية

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      قد تراها مشكلة، أو فرصة لتوفر على هؤلاء الوقت بتقديم خدمات بمقابل مالي تعطيهم المزيد من الوقت للعب بجوالاتهم…

      الزاوية التي تنظر من خلالها هي المعيار والأساس.

      رد
  4. abuziyad
    abuziyad says:

    التسعير أحد أركان العملية التسويقية .. فعلاً كثير يحسب السعر على أساس التكلفة ، مقالة رائعة ..
    على فكرة .. مبروك الماك بوك برو يا أخ رؤوف .. 🙂

    رد
  5. محمد حبش
    محمد حبش says:

    هناك اكثر من 7 استراتيجيات للتسعير، الامر يعتمد على طبيعة المنتج أو الخدمة المباعة، مثلاً المنتجات الموجهة لاصحاب الدخل المرتفع تسعر بناءا على المنافع الاضافية المقدمة كالجودة واسم الماركة والشعور بالرضا والتميز عن الاخرين
    بينما المنتجات الروتينية فتسعر بناءا على التكلفة + هامش الربح

    اما الخدمات بحسب صعوبتها وندرتها واهميتها، فخدمة المحامي في قضية زواج تختلف كليا عن تسعير خدمة نفس المحامي في قضية قتل

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      أشكرك يا طيب لكن كما سبق وذكرت أنا من قبل، اهتمامي هنا هو بالعصامي الصغير، المبتدئ، الناشيء، وبالتالي كل هذه الاستراتيجيات قد لا تفيده في بدايته، على أنها تبقى معلومات قيمة يجب الالمام بها بلا شك.

      رد
  6. زائر
    زائر says:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إذاً علينا بيع زجاجة الماء الصغيرة بـ 1000 دولار, للمنفعة الكبيرة
    التي سنحصل عليها من الماء, لا على أساس تكلفتها البسيطة!؟

    رد
      • زائر
        زائر says:

        اسمي كما هو في بريدي الإلكتروني الذي يمكنك مشاهدته,
        والتواصل معي عليه, أما من أي بلاد فأنا من البحرين, وللأسف
        لا أملك أي موقع أو مدونة.

        رد
        • شبايك
          شبايك says:

          إذا كنت تسير في الصحراء، وانقطع ما بك من مؤونة، وعرض عليك أحدهم في اليوم الثالث من العطش زجاجة ماء مقابل مليون دولار، وكنت تملك هذه المليون، هل تدفعها مقابل حياتك أم تفضل الموت ثريا؟
          الأب الذي يعاني ابنه من مرض علاجه نقل بضعة مليمترات من سائل النخاع الشوكي (وهو أيضا ماء) مستعد لدفع ملايين مقابل الحصول على سائل يوافق جسد ابنه لينقذه من الموت
          الأمهات اللائي ولدن ولم يجدن اللبن في صدورهن، ينفقن الآلاف لشراء حليب الأطفال الرضع، وهو أيضا ماء

          الأمثلة كثيرة، وعليه، إجابة سؤالك هي نعم، يمكن للماء أن يساوي آلاف الدولارات، لأن الشرط كما ذكرت هو تقديم شيء له منفعة وقيمة حقيقية لدى المشتري، وليس شرطا على إطلاقه، فماء البحار مجاني لمن يتحمل الملح فيه.

          وأختم بأنه إذا أمد الله في عمرك وعشت خمسين عاما مقبلة أو يزيد، فستعيش لتجد الماء وقد غلى ثمنه وقامت من أجله الحروب، وساعتها أرجو أن تذكرني بدعاء صالح 🙂

        • زائر
          زائر says:

          نعم جوابك صحيح,
          لكن الأمثلة التي ذكرتها لحالات استثنائية, قد تكون نادرة كالمثال الأول,
          والقاعدة كما تعرف نأخذها من الحالات العامة, لا من المسثنيات أو النادرة.

          هذا في الوقت الحالي, وفي المستقبل قد يتغير الوضع, ويكون
          كما قلت, أبعد الله الشر عنا وعنكم.

          الماء مثال من أمثلة كثيرة, فهناك الكتاب والسيارة, والمكيف … إلخ.

          وعلى العموم مسئلة التسعيرة كما فهمتها لا يمكن تحديدها على أمر واحد
          كالمنفعة فقط, بل هناك أمور أخرى, وعلم التسويق وحده غير قادر على تحديد السعر
          بدون علم الإقتصاد.

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *