أشهر أخطاء الأسواق الالكترونية

, ,

لعل سهولة إنشاء الأسواق الالكترونية بسبب وفرة التطبيقات المجانية التي تسمح بذلك دفعت الكثيرين لدخول هذا المعترك دون استعداد كافي، الأمر الذي دفعهم للوقوع في أشهر أخطاء الأسواق الالكترونية والتي بدأت في التكرار في أكثر من سوق إلكترونية، الأمر الذي يجعل من الضروري الحديث عنها وتوضيح أثرها السلبي لمعالجتها. في السطور التالية سأعرض أشهر أخطاء الأسواق الالكترونية وأوضح أثرها وطريقة معالجتها، وهي أخطاء ربما مواقع كثيرة تقع فيها. [أعود للتذكير بأني هنا أوجه كلامي للعصاميين الذين سيطلقون متاجرهم الأولى.]

من أخطاء الأسواق الالكترونية : 1 – عدم كتابة تفاصيل مفيدة كافية عن المنتج

دعونا نفترض أن عنترة توصل لدهان خاص للخيول، والذي من شأنه أن يجعلها أكثر سرعة في الجري، وقرر بيعه على الخيمة الإلكترونية، فماذا كان ليكتب في وصف هذا الدهان الخاص؟ بداية يجب عليه كتابة وصف تفصيلي للدهان، لكن من وجهة نظر المشتري. هنا يجب معرفة خلفية الراغب في شراء مثل هذا الدهان، هل هو صاحب مزرعة خيول يريد بيع خيوله أم مدرب خيول يدخل بخيوله في سباقات للفوز بالكؤوس؟ بعد تحديد العميل الصحيح للمنتج، سيبدأ في كتابة مواصفات المنتج من منظور العميل، فلو افترضنا أن المشتري المحتمل يدخل بخيوله السباقات، حتما سيريد معرفة هل هذا الدهان مسموح به أم يعتبر من المنشطات الممنوعة، وإذا كان مسموحا به فوفقا لأي معمل تحليل شهير، إلخ. إذا كان المشتري يريد تقوية خيوله لبيعها، فحتما سيريد معرفة عن أي آثار جانبية لهذا الدهان ولكم من الوقت سيدوم. أخيرا، سيريد المشتري معرفة من سبق له شراء هذا الدهان وكيف استفاد منه.

1.1 – نسخ بيانات المنتج من موقع المورد / المصنع

هذه النقطة مكملة للنقطة السابقة. هب أن عنترة بدأ يبيع منتجات إمرؤ القيس، وبدلا من أن يكتب عنترة شرحا لمواصفات المنتج، نسخها من موقع إمرؤ القيس. من المعلوم أن نسخ أي محتوى من انترنت وإعادة نشره في موقع آخر (أو حتى على الموقع ذاته في صفحة أخرى) يجلب معاقبة مواقع البحث التي تكره المحتوى المكرر المنسوخ وتنزل لعناتها على من يفعل ذلك. المشكلة الثانية هي أنك إذا فعلت ذلك، فأنت تقلد منافسين رخيصين فعلوا الأمر ذاته، وبالتالي لن تملك أي ميزة تنافسية لتتميز عنهم. يجب أن يكون محتوى أي موقع فريدًا من نوعه، غير منقول من أي موقع آخر. نعم، سينقل الآخرون عنك، لكن يجب أن تكون أنت أول من نشر هذا المحتوى على انترنت وأن تكون أول من يخبر مواقع البحث بنشر هذا المحتوى.

1.2 عدم تحديث بيانات ومعلومات منتجاتك

موقع جوجل على سبيل المثال يكافئ من يعود لصفحة قديمة من موقعه ويعمل على تحديثها ببيانات ومعلومات جديدة، وكذلك على أثره ستسير بقية مواقع البحث. اهتمامك بكل صفحات موقع متجرك – خاصة القديمة سيعطي الايحاء بأنك رجل الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة ولو كانت قديمة، وهو أمر يوحي بأنك أهل للثقة وجدير بتلقي مالي وأنك ستقدم لي خدمة جيدة وأني لن أندم على التعامل معك.

1.3 عدم نشر روابط لمحتوى قريب من الحالي

حين تشتري سلعة ما من متجر امازون، ستجده يعرض عليك 4-8 منتجات قريبة من أو ذات صلة بالمنتج الذي اشتريته. حين تتصفح صفحة بيانات منتج ما، سيعرض لك امازون في نهايتها روابط لمنتجات زارها مشترون آخرون تصفحوا هذه الصفحة قبلك. مثل هذا الذكاء في انتقاء الروابط المعروضة يجعل المشتري يشعر بأنه يتعامل مع متجر محترف، لا موقع يعرض محتويات آلية لا روح فيها ولا ذكاء. يجب أن تساعد الزائر لشراء ما يحتاجه هو، لا ما تريد أنت أن تتخلص منه أو ما تريد بيعه لأنه يجلب لك نسبة ربح مرتفعة. يجب أن تساعد المشتري أولا، وأن تربح أثناء فعل ذلك.

1.4 نشر محتوى لا يمكن قرائته بسهولة على شاشات الهواتف النقالة واللوحيات

فوق أن قرابة نصف من يتصفحون مواقع الأسواق الالكترونية من على منصات نقالة ينتهون بالشراء من خلالها، تشير الإحصائيات أن مستقبل المتاجر الإلكترونية لمن يوفر محتوى يسهل قرائته وتصفحه من المنصات النقالة، وأن الشراء من الكمبيوتر المكتبي يتراجع وهو أصلا قليل. دون إعادة كلام سبق وقلته، المستقبل للموبايل أو المنصات النقالة، وقريبا سنجد كل متجر إلكتروني يوفر تطبيقا خاصا به على الجوالات والهواتف الذكية لتصفح محتوياته والشراء منه بسهولة.

2 – عدم نشر صور احترافية كافية للمنتج

في المثال السابق، يجب على عنترة التقاط أكثر من صورة لهذا الدهان، ثم صور لهذا الدهان وهو يضعه على رقبة الحصان، ثم فيلم فيديو للحصان وهو يجري بعد الدهان، إلخ. عنترة لأنه عربي حريص، سيقوم بتصوير المنتج بنفسه، أو سيعهد لابن أخيه الصغير بذلك، لتوفير التكلفة، أو لعله سيبحث على مواقع الصحراء الالكترونية عن صور سابقة للمنتج ليستخدمها ويوفر بذلك وقته وماله. من يبحث عن الطرق المختصرة في التجارة الإلكترونية لن يذهب بعيدا. في ظل المنافسة المستعرة حاليا بين متاجر انترنت، من سيفوز هو من يهتم بأدق التفاصيل ويقدم تجربة شراء تجعل المشتري منبهرا وسعيدا بالاهتمام به. تصوير المنتجات باحترافية لا يعني أن تستخدم هاتفا حديثا، بل أن تصور منتجك في ستوديو تصوير مع إضاءة كافية غير مباشرة وكاميرا تلتقط الألوان كما هي دون تغيير أو خفوت لون.

2.1 – عدم توفير إمكانية تكبير الصور

في معرض الحديث عن الصور هناك خطأ آخر شهير، ألا وهو عدم توفير إمكانية تكبير الصور المعروضة في صفحة بيانات كل منتج. نعم، أنت شاب صغير السن، وقوة بصرك تبلغ المريخ، لكن ليت كل الناس مثلك. نعم، أنت تملك كمبيوتر ماك بوك برو ولديك شاشة ملونة عالية الدقة يغبطك عليها القاصي والداني، لكن ليتنا جميعا مثلك. مهاويس التقنية هم أسوأ العملاء عند الشراء، بينما المساكين الذين لا يملكون شاشات كبيرة أو عالية الدقة هم من يشترون بشكل متكرر، لذا حين تدلل هؤلاء وتعرض لهم صورا ذات مقاس كبير يملأ شاشتهم، فيجدوا إجابات أسئلتهم، ساعتها ستكسبهم كعملاء لبقية العمر. طبعا تحقيق ذلك يتطلب توفير آلية سهلة على صفحات المتجر ليعرف المستخدم بسهولة تامة كيفية تكبير الصور عند طلب ذلك، لا أن تعرضها كبيرة من أول زيارة، فضمان سرعة عمل متجرك الالكتروني أمر حيوي للغاية.

2.2 – عدم نشر صور لأصناف أخرى من ذات المنتج

هب أنك تعرض صورا لقميص أو جاكيت، وأنك تبيع أكثر من لون لذات القطعة من الملابس، هل ستنتظر زائر موقعك حتى يسأل عن مدى توفر ألوان أخرى من ذات القطعة؟ نعم، عرض معلومات كثيرة عن منتج ما قد يخيف المشتري المحتمل، لكن على الجهة الأخرى، الشراء عملية نفسية معقدة، فمن الصعب على النفس البشرية إنفاق المال، ولذا يطرح العقل أسئلة كثيرة قبل الشراء، مثل هل هذا اللون أكثر ما يناسبني؟ لحل هذه المعضلة، ستجد أسواق إلكترونية تعرض المنتج الحالي بمقاس كبير، وأسفل منه عدة صور لذات المنتج في ألوان أخرى.

3 – إجبار العميل على التسجيل قبل الشراء

إذا كان موقعك مبهرا، يقدم خدمات ذكية، سيقوم المستخدم بالتسجيل من تلقاء نفسه، لكن إذا أجبرته على التسجيل قبل أن يشتري منك، فأنت بذلك تقدم سببا وجيها للعميل لكي يترك موقعك ويرحل. نعم، في السابق كانت مواقع شهيرة تفعل ذلك، لكن الحال تغير اليوم وأصبح هناك مئات الآلاف من المتاجر والأسواق الالكترونية التي تنافس بشدة ومن سيفوز منها هو من يقدم خدمة سريعة سهلة. ضع هذه القاعدة نصب عينيك: عملية الشراء من موقعك يجب أن تكون سهلة جدا، سريعة جدا، تأخذ أقل عدد ممكن من الخطوات. إضافة خطوة لازمة للشراء تعني خسارة نسبة كبيرة من المشترين المحتملين وتراجع المبيعات. تسجيل العملاء أمر حيوي لكل سوق إلكترونية، لا جدال في ذلك، لكن دون إجبار، ويمكنك تقديم عروض خاصة وتخفيضات فعلية لمن يسجل معك.

4 – عدم توفير سياسة واضحة لإعادة ولإرجاع البضاعة المباعة

يسود في بعض البلاد شعار بغيض: البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل. في المقابل، تجد محلات مثل كارفور تقدم خدمة استرداد المباع بدون ذكر أسباب خلال مدة قصيرة من تاريخ الشراء. الآن أنت كمشتري، من أي محل ستميل لأن تشتري مشترياتك المقبلة؟ حتما من يقدم لك ضمانة أنك إذا اشتريت سلعة لا تلبي توقعاتك يمكنك ردها واستعادة مالك. إن لم تقدم أنت هذه الخدمة، سيقدمها غيرك ويسحب عملائك. في الماضي، كانت الأسواق مغلقة والحكومات تفرض شروطا لا نهاية لها لمن يدخل جديدا على السوق، وهذا الحال تغير تماما مع مقدم انترنت، التي عالجت كل هذه العيوب بطبيعتها الحرة. [نعم، هناك من سيسيئون استغلال خدمة مثل هذه، وسبق وقلت مع هؤلاء ارفض البيع لهم مجددا والأمر يمكن تطبيقه ببعض الحكمة والفطنة والمراقبة.]

5 – خدمة عملاء وهمية / هيكلية / لا فائدة منها

سبق واتفقنا على أهمية توفير خدمة عملاء لأي سوق إلكترونية، للرد على التساؤلات والاستفسارات وطمأنة المخاوف والقضاء على الشكوك. رغم ذلك تجد مواقع تضع لك أيقونات وروابط لخدمة العملاء، لكن بالضغط عليها لا يحدث شيء أو تجد رسالة خطأ أو اعتذار بأن الخدمة غير متاحة حاليا. أي سوق إلكترونية تفعل ذلك لن تفتح أبوابها طويلا. على الضفة الثانية، توفير خدمة عملاء غبية، لا تعرف كيف تحل أي مشكلة، وتجهل إجابات الأسئلة، وفي كل مرة يتواصل معها العميل يتطلب الأمر إعادة شرح المشكلة، هذه كفيلة بأن تجلب الخسارة و توقف العمل والخروج من المنافسة. إذا كنت ستفتح متجرا إلكترونيا، اعلم أن خدمة العملاء ستشكل جزءا هاما من عملك، وأنها قد تكون مفتاح الأرباح أو الخسائر.

طبعا عزيزي القارئ أخطاء الأسواق الالكترونية أكثر من ذلك، لكنك إذا اجتنبت كل ما سبق ذكره هنا في متجرك الإلكتروني، فأنت في موقف ممتاز يؤهلك لأن تكتشف أنت بنفسك بقية الأخطاء.

على الجانب:
أعتذر لتوقفي الطويل نسبيا عن الكتابة، ويمكنني القول أن مجال المتاجر الإلكترونية ليس واسعا للكتابة عنه مثل التحفيز أو قصص النجاح، وأظن أني غطيت نسبة كبيرة منه وأرجو أن تكون مقالاتي عن هذا الموضوع ذات فائدة للقارئ، وسأكتفي بهذا القدر وأعود لمواضيعي السابقة.

13 ردود
  1. ayoubcocoo
    ayoubcocoo says:

    شكرا على الموضوع الرائع
    لقد اعجبني خصوصا مثال عنثرة وامرؤ القيس 🙂

    رد
  2. وسام يوسف
    وسام يوسف says:

    أشكرك شكراً جزيلاً . ارجو الأكثار من مواضيع التجارة الألكترونية . اريد ان اسمع اكثر فى هذا المجال . انت احد الأسباب الرئيسية التى شجعتنى لـ افتتاح متجرى الألكترونى وها هو يخطو خطواته الأولى نحو النجاح .

    رد
  3. محمد عبدالله
    محمد عبدالله says:

    للتو اشتريت الدومين لمتجري
    وفتحت مدونتك وتفاجأءت بالمقالة الرائعة وفقك الله
    نسأل الله التوفيق والنجاح للجميع

    رد
  4. أحمد الورداني
    أحمد الورداني says:

    – بالنسبة لتكبير صورة المنتج .. فهذه تستخدمها أمازون .. لا أعرف إسم الخاصية , لكن ذهبت إلي صفحة طائر تعمل برموت كنترول . وعندما وقفت بالماوس علي جزء من الطائرة .. عمل لي زوم عليها بجانب الصورة .. يمكنك أن تذهب لأمازون لتري ذلك .. موقع أمازون حقاً ملهم بشكل كبير لمن يريد أن يدخل ذلك المجال . . بالتوفيق للجميع .. وشكراً أخي شبايك علي مواضيعك المميزة ^_^

    رد
  5. حسن
    حسن says:

    تدوينة في القمة كالعادة … لكن نسيت أن تذكر دور عبلة في انشغال عنترة عن متجره الإلكتروني

    رد
  6. أبو فارس
    أبو فارس says:

    ملاحظات دقيقة وصحيحة ، ماشاء الله عليك أخي المبدع رؤوف ..

    إبداع متواصل 🙂

    رد
  7. فهد
    فهد says:

    شكرا استاذ رؤوف على المقالة الرائعة . وفعلاً بدأت تغيب كثيرا وكذلك نحن 🙂

    رد
  8. ابن الشمال
    ابن الشمال says:

    ولو أنني أوتيت كل بلاغة ****** وأفنيت بحر النطق في النظم والنثر
    لما كنت بعد القول إلا مقصرا ***** ومعترفا بالعجز عن واجب الشكر

    رد
  9. أحمد نور
    أحمد نور says:

    مقالة رائعة ..
    سلمت أناملك يا رؤوف
    أنت تحلق بعيدا بعيدا بمقالاتك ، ومنافستك باتت صعبة .

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *