نظرية المفاعلة النفسية تفسر لك سبب فشل المنطق في الإقناع
يرى الكثيرون منا أن سرد قائمة طويلة من الأسباب المنطقية هي أفضل وسيلة لإقناع الآخرين بالقيام بشيء ما.
يبدو الأمر منطقيا وبديهيًا للغاية حتى أن الغالبية لا تفكر حتى في مناقشة هذه القناعة الذاتية وهل هي حقيقية أم لا.
تقديم حجة منطقية ليس أفضل طريقة لإقناع أي شخص بالقيام بأي شيء. في كثير من الأحيان، ببساطة لا تنجح هذه الطريقة.
كم مرة رأيت بنفسك أشخاص تتخذ قرارات غير منطقية على الإطلاق؟ جميعنا رأي ويرى وسيرى ذلك كثيرًا.
هل رفض أحدهم من قبل أن يفعل شيئًا طلبته منه، رغم تقديمك كل الأدلة المنطقية في العالم من بيانات واقعية وحالات حقيقية سابقة وآراء عملاء مجربين وشهادات زبائن راضيين – وكل ما في حكمها من أدلة وبراهين تثبت صواب ما تطلبه؟
بالطبع حدث ذلك. يقع هذا طوال الوقت.
في أغلب الحالات، يفشل المنطق فشلاً ذريعًا…
في هذه الحالات، يكون لرواية القصص الحظ الأفضل والفعالية الأكبر.
لماذا؟ لأن بناء حجة منطقية يبعد الناس عنا، بينما تجذبهم رواية القصص إلينا.
يحثنا المنطق على تقديم الحجة والدليل والبرهان لإقناع الآخرين، إلا أن هذا الأسلوب غالبًا ما يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يدفع المستمع إلى اتخاذ موقف دفاعي.
هناك عدة أسباب نفسية وراء ذلك…
أولها أن لكل شخص طريقته الخاصة في فهم الكلمات.
الكلمة التي تراها جديدة أو مبتكرة، قد يراها المستمع محفوفة بالمخاطر أو غير مجربة.
لتوضيح الأمر، تخيل أنك تحاول بيع منتج جديد لشخص ما. أنت مقتنع تمامًا بأن هذا المنتج سيحدث ثورة في أعماله، فهو مبتكر ومثير للاهتمام. تحاول جاهدًا شرح المزايا العديدة لهذا المنتج، بلهجة حماسية.
لكن تخيل أن هذا الشخص خرج للتو من اجتماع مع مديره الذي وبخه على الملأ وانتقده بسبب خطأ ما ارتكبه وفي الأغلب بسبب تجربته لأمر جديد ومثير ومبتكر…
في كل مرة تشرح له مميزات المنتج الجديد وتستخدم كلمات مثل “مبتكر”، “مثير”، “متقدم”، “يغير قواعد اللعبة”…
لن يسمع هو هذه الكلمات، بل سيترجمها عقله بناء على خبراته السابقة إلى: “غير مجرب”، “غير موثوق”، “محفوف بالمخاطر”، “خيار متهور”، “قد يهدد مسيرتي المهنية”.
باختصار، استعمال المنطق لا يفيد
الكلمات التي نستخدمها لإقناع الآخرين قد تثير ردود فعل غير متوقعة بسبب اختلاف طريقة فهم كل شخص لها.
إن فهم هذا الأمر يساعدنا على تجنب أسلوب الجدال المنطقي مقابل بناء علاقة ثقة وإيجاد أرضية مشتركة مع المستمع.
لاحظ عالم النفس الأمريكي جاك بريهم Jack Brehm هذه الظاهرة التي تقلل من قوة وتأثير أي حجة مهما كانت منطقية وأطلق عليهم اسم “المفاعلة النفسية” أو Psychological Reactance وكان ذلك في عام 1966… (قبل ميلاد 95% من قراء هذه المدونة وحتى صاحبها)
هنا يجدر بي الإشارة إلى عمل مدرس مادة علم النفس في كلية التربية جامعة الموصل، العراق – الباحث والاكاديمي الراحل شوقي يوسف بهنام، الذي أطلق اسم التمرد النفسي على هذه النظرية وصاغها – رحمة الله عليه – في جمل بسيطة، أسرد بعضها وأترك البقية في هذا الرابط لمن أراد قراءتها كلها.
ملخص نظرية “المفاعلة النفسية” أو Psychological Reactance أو التمرد النفسي
- الأنظمة والقوانين والقواعد توقد في الرغبة في المقاومة والرفض
- أتفاعل عكسا مع تحفيز الآخرين
- الممنوع مرغوب عندي وأشعر أني سأفعله
- فكرة الاعتماد على الآخرين تثير غضبي
- نصيحة الآخرين هي تدخل في شئوني
- أشعر بالإحباط عند شعوري بالعجز عن اتخاذ قرار أو العمل بحرية
- أشعر بالعضب عندما يعيق أي شيء حريتي
- النصائح والتوصيات تدفعني للعمل بعكسها
- أنا أقاوم محاولات الآخرين التأثير علي وعلى آرائي
- أشعر بالغضب عندما يضع لي أحدهم نموذجا لأقتدي به
- أشعر بالشك والارتياب عندما يمدحني أحدهم بقوة وبشدة
- تصدر مني ردود فعل سلبية عندما يقول لي أحدهم ما يجب علي فعله أو عدم فعله
عندما يحاول شخص آخر إقناعنا بفعل شيء ما، نرى في ذلك تهديدًا لحريتنا. نعتقد أن لدينا خيارات معينة، وعندما يحاول أحدهم توجيهنا نحو خيار واحد، نشعر بأنهم يسلبون حريتنا في اتخاذ الخيارات الأخرى، وهذا لا يرضينا، لذلك نسعى – دون إدراك منا أو مع إدراكنا لهذا الأمر – لمنع حدوثه.
بمعنى آخر، عندما يدفعنا أحدهم في اتجاه معين، فإننا نقاوم ذلك ونمشي في الاتجاه المضاد ونفعل العكس.
هذه المفاعلة النفسية قوية للغاية…
ومع تزايد قوة الرسائل الإقناعية ومحاولات السيطرة، تزداد قوة رد الفعل النفسي لدينا.
وهذا يعني أنه كلما كان الشخص أكثر يقينًا بحجته، وكلما اعتقد بأن أسبابه المنطقية أقوى، وكلما تواصل بحماس أكبر، كلما زادت قوة المفاعلة النفسية التي يخلقها وزاد من المقاومة التي يلقاها…
فعلى عكس المأمول والمتوقع، في كل مرة يطرح فيها الشخص نقطة قوية في عرضه المقنع، فإنه يعزز دفاعات المتلقي ويزيد من فرص عدم موافقته عليه.
كيف تعالج ذلك؟
ببساطة، اترك الجانب النفسي وانتقل للجانب العاطفي… استعن بالعاطفة التي تتحدى العقل وتعرف كيف تتخطاه هو كل مشاكله النفسية…
لكن لذلك الأمر حديث آخر في وقت آخر… إن لم تكن فعلت، لا تنس قراءة تدوينة من أقوى رجل في العالم؟ صاحب القصة الأقوى
توضيح:
هذه التدوينة ليست شرحا وافيا لهذه النظرية النفسية وهي لمست بعض الجوانب لغرض سنفصح عنه في تدوينات تالية ضمن نطاق التسويق وإتقان فن التجارة لا أكثر.
حتى ذلك الوقت، دعني أخبرك قصة مدونة لديها راع وحيد من اليمن، وهو ضج من الوحدة ويريد من يؤنس وحدته في قائمة الرعاة في أعلى العمود الأيسر المجاور، ونريد منك مساعدته في توفير شريك (أو شركاء) له في هذه القائمة…
القصص غالبًا ما تشكل اتصالًا عاطفيًا مع السامعين أو القراء و القصص يمكن أن تساعد في إنشاء صور ذهنية قوية والقصص غالبًا ما تحفز الإبداع والتخيل، مما يجعل الأشخاص يستمتعون بالقصة نفسها ويمكن للقصص أن تكون طريقة فعالة لتوضيح القضايا المعقدة أو الأخلاقية بشكل بسيط .
إذن ماذا لو تم دمج الحجة المنطقية مع القصة بشكل جيد، لا شك أنه سيحدث توازن بين الدقة الفكرية والجاذبية العاطفية، مما يجعل الحجة أكثر فعالية في إقناع الأشخاص وتحفيزهم على التفكير بشكل أعمق في الموضوع.
إليك بعض النقاط التي يمكن تنفيذها في حال الدمج :
استخدام القصص لتوضيح الحقائق : قم بتضمين الحقائق والبيانات المنطقية في سياق قصصي. على سبيل المثال، يمكنك أن تبدأ بتقديم حقائق وإحصائيات مهمة، ثم توضح كيف أثرت هذه الحقائق على حياة شخص ما بشكل ملموس من خلال قصة.
تعزيز الربط بين الحقائق والتجارب الشخصية : استخدم القصة لتوضيح كيفية تأثير الحقائق والأدلة المنطقية على تجارب الأفراد في الحياة اليومية. هذا يمكن أن يجعل الحقائق أكثر واقعية وأقرب إلى القلب للمستمعين.
توضيح الأسباب والنتائج بشكل شخصي : استخدم القصة لتوضيح سلسلة الأسباب والنتائج بشكل شخصي، مما يجعل المستمعين يرتبطون بشكل أفضل بالحجة المنطقية ويفهمون تأثيرها العميق.
الاستفادة من التأثير العاطفي للقصص : قدم الحقائق بشكل يثير العاطفة أو الاهتمام، وبعد ذلك استخدم القصة لتعزيز هذه العواطف أو للتركيز على الجوانب الإنسانية من الحجة المنطقية.
استخدام الأمثلة البسيطة والواقعية : استخدم الأمثلة الواقعية التي يمكن للمستمعين تصورها بسهولة، مما يجعل الحجة المنطقية أكثر قابلية للتفاهم والقبول.
وضعت هذا التعليق في العديد من تطبيقات اختبارات الذكاء الصناعي، وكلها جاءت تؤكد أن هذا التعليق من تأليف الماكينات…
أشكرك يا طيب لكن بضع كلمات منك تكفيني.
ليس كله من الذكاء الصناعي ولكن لماذا لا نستفيد منه في إفادة الدمج والتطبيقات بين الحجة المنطقية والقصه ونتفرغ بعدها للعمل لصنع قصصنا المطعمه بالحجج المنطقيه دون إهمال أي منهما وأقول إذا كانت الحاجه أم الإختراع فالدمج أبوها
معلومة مهمة وسأركز لاحقًا لأكتشف الأسلوب الذي أعتمد عليه في الإقناع لمعرفة ما إذا كان نفسي أم عاطفي ..
لأنه لم يسبق لي التطرق إلى محاولة تحليل هذا الأمر !