كتاب قوة العادات – ما هي العادة وكيف تنشأ
لهذه التدوينة جزء سابق تجده هنا.
ثم يسرد لنا المؤلف طبيعة أي عادة، وكيف أنها دورة تعتمد على 3 خطوات، وهي العلامة الرمزية أو Cue ثم روتين متكرر ثم المكافأة. لتبسيط الفكرة شرح المؤلف قصة تجربة معملية على القرود، موصول بأدمغتها إبر دقيقة لقياس النبضات الكهربية داخل دماغ كل قرد. التجربة قامت على جعل القرد يجلس على كرسي، ثم يضع يده على مفتاح للضغط عليه، وجعله يشاهد شاشة تعرض أشكالا هندسية ملونة مختلفة، ثم وصل أنبوب بلاستيكي بفم القرد لضخ قطرات من عصير حلو يحبه كل قرد.
التجربة قامت على مكافأة القرد عندما يضغط المفتاح تفاعلا مع ظهور أي شكل على الشاشة. في البداية كانت القرود تقاوم بشدة الجلوس ساكنة، لكن مع وصول العصير إلى فمها، بدأت شيئا فشيئا تهدئ وتجلس، ثم بدأت تسكن تماما في انتظار الشكل الهندسي الذي على أساسه تحصل على المكافأة. بمرور الوقت لاحظ العلماء زيادة مفاجئة في النشاط الكهربي لمخ القرد حين يحصل على قطرات العصير. بمرور الوقت أكثر، بدأت أدمغة القرود تظهر هذا النشاط الكهربي المفاجئ لمجرد رؤية الشكل الهندسي الذي كانت تكافئ بسببه، كما لو كانت القرود حصلت على المكافأة.
بعد انتظام هذه الحالة من ردود فعل القردة، بدأ العلماء تغيير هذه العادة، وذلك بأن تركوا القردة بدون مكافأة، أي يشاهد القرد الشكل فيضغط المفتاح ويتوقع العصير ثم لا يحصل على شيء. وجد العلماء أن القرود التي ترسخت لديها هذه العادة أظهرت علامات الغضب العارم لعدم حصولها على العصير. القردة التي لم تترسخ لديها هذه العادة بسبب عدم مرور وقت طويل على تكرار العادة، أظهرت بعض الغضب، ثم تحولت لأشياء أخرى تشغلها.
العلامة الرمزية كانت رؤية الشكل. الروتين كانت الضغط على المفتاح. المكافأة كانت العصير. لعل كلنا سمعنا أو قرأنا شيئا قريبا من هذا المعني، الجديد هنا هو انتقال النشاط الكهربي الدماغي، من وقت نيل المكافأة، إلى ما قبل نيل المكافأة، ثم إلى ما قبل ذلك أيضا، بما يشبه الادمان. دعونا نقف عند هذه النقطة لنعود إليها بعد فقرة تالية.
قبلها شرح المؤلف عنصر صغير في المخ اسمه بصل جانجليا أو العقد القاعدية. هذا الشيء الصغير في المخ له وظيفة بسيطة: أي شيء يفعله المخ بتكرار، ينقله المخ إلى هذا الشيء الصغير، لينوب هذا الشيء الصغير في المستقبل عن المخ في أداء الوظائف المتكررة، وهذا مثلا ما يسمح لك بأن تقود سيارتك بحرفية تامة في عز الزحام بينما أنت مشغول بآخر تدوينة كتبها شبايك وكيف أنها هراء كبير.
هذه طبعا لفتة جميلة من المخ وتفسيرها كما يقول العلماء هو أن المخ يريد أن يستمر في التفكير في الجديد، لكن هناك جزئية سلبية صغيرة. لكي يبدأ عمل وتحكم بصل جانجليا، لا يلزم الأمر سوى أن يلاحظ المخ العلامة الرمزية (التي ذكرناها من قبل)، ثم ينتقل التحكم لا إراديا ولا شعوريا إلى بصل جانجليا. أي بكلمات أبسط، إذا كانت لك عادة، فستجد نفسك تكررها دون أن تدري، فالمخ يأنف من التكرار والملل، ولذا يعهد إلى أجزاء أخرى داخله لتتولى هي تكرار الأوامر، في محاولة من المخ البشري للنجاة من براثن الملل.
لهذا حين تجلس مع أناس يأكلون، فستجد نفسك تأكل معهم دون أن تدري، وكذلك حين تشاهد التلفاز فتشعر برغبة شديدة في شطيرة شهية أو مشروب بارد. المصيبة هي أن المرء منا قد لا يشعر أو يدرك حين تبدأ بصل جانجليا في العمل، أو حين تنشأ العادة لدينا، فهذه الأمور تتطلب تركيزا عاليا جدا من المخ ليدرك أنه أسير عادة ما، فالعادات لا تكشف عن نفسها بكل وضوح لنا.
غني عن البيان أن غالبية صناعة الإعلانات تلعب على هذا الوتر الحساس، فحلم أي شركة هو بيع منتج يدمنه العملاء ويشترونه باستمرار، على أن تحقيق هذا الادمان له شروط كثيرة، ويضرب المؤلف المثل ببداية فترة التسعينات من القرن الماضي، حيث اشتهر معجون أسنان أمريكي اسمه Pepsodent شهرة ساحقة كاسحة جلبت للشركة المنتجة له ملايين عديدة من الأرباح. قامت فكرة الإعلان على أمر بسيط: رسالة مفادها عزيزي الانسان، هل تعلم أن هناك طبقة رقيقة تتكون على أسنانك، فتجعل لونها باهتا، وتحرمك من الابتسامة الساحرة؟ هيا حرك لسانك فوق أسنانك لتشعر بهذه الطبقة. اشتر هذا المعجون لتزيل هذه الطبقة وتعود لك ابتسامتك الساحرة.
لا جديد تحت الشمس، فهذه الرسالة الإعلانية وأفضل منها استعملتها معاجين أسنان أخرى أفضل من هذا المعجون، لكن هذا المعجون تحديدا حقق مبيعات كثيرة جدا ولسنوات طوال، ورغم أن المنافسة حللت مكونات هذا المعجون وأعادت استخدام بعض مكوناته، لكن بقي هذا المعجون على صدارته.
استمر الحال كذلك حتى جاء أحدهم وفكر في مكونات هذا المعجون، والتي كانت تشتمل على مادة تسبب ما يشبه اللسعة البسيطة في الفم. وفق رأي العلماء المحللين لهذه الحالة، فالاحساس ببعض الحرقان البسيط جدا في الفم عمل بمثابة المكافأة التي دلت المخ على أن روتين غسل الأسنان انتهى، وأن الأسنان تبدو أفضل الآن. حين بدأت بقية معاجين الأسنان تستخدم مواد تعطي الإحساس ذاته في الفم بعد غسيل الأسنان، بدأت مبيعات Pepsodent في التراجع والانحدار. قبلها، كان المرء يغسل أسنانه ولا يشعر بأي شيء، فكيف للمخ بأن يعرف – بصورة حسية ملموسة – بأنه نال المكافأة من هذه العادة؟ لا مكافأة = لا تكرار للعادة.
[هل تريدون معلومة صادمة؟ وفقا لدراسة طبية حديثة (مذكورة في منتصف صفحة 34 من الكتاب)، معاجين الأسنان لا تقدم فائدة ملموسة للأسنان. يبدو أننا نغسل أسناننا لأننا نريد أن نشعر بهذا الحرقان البسيط ليشعر مخنا أننا غسلنا أسناننا بالفعل وأننا الآن نكشف عن أسنان لامعة حين نبتسم.]
غدا بمشيئة الله أسرد عليكم قصة منتج مفيد جدا، فشل في البيع في بدايته، ثم كشفت دراسة العملاء والمستخدمين عن طريقة ذكية لجعله يدر ملايين كثيرة جدا من الأرباح. تابعوني.
يبدو بأن الدعاية والتسويق، وسلوك الزبائن لدينا يختلف عما هو لدى غيرنا!
المعجون الذي اعتدت استخدامه لا يعطي اللسعة المذكورة، المعجون الموجود حاليا يعطي هذه اللسعة، أقترحت على والدي أن نداوم على شرائه لأنه أجود من النوع الآقدم! رغم أن القديم أغلى!
التجربة المذكورة في بداية التدوينة سبق أن قرأت تجارب مشابهة لها، وقد ذكرتني بالحديث الشريف: “إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم”.
أخيرا.. أقترح أن يتم تعديل عنوان هذا الموضوع وجزئه الأول بحيث يكون اسم الكتاب تاليا للعنوان الأساسي..
شيء آخر، وأخير.. بالنسبة للدراسة عن عدم فائدة معجون الأسنان، يكفي أنه يغير رائحة الفم.. إلى رائحة حسنة! وإن كان في هذا أصبح شبيها بالسواك :))
في نظري ارى انه ان تحكمنا في عاداتنا اليومية فسنستطيع تحويلها لعادات مفيدة و ايجابية بالتالي نستطيع ان نجعل المجاح عادة لنا
Basal ganglia
تترجم العقده القاعديه وهى انويه عصبية معقدة توجد داخل المخ الأمامي مسئولة عن تنظيم الحركات وتنفيذها بالاشتراك مع المخيخ والمراكز العليا . ويعتقد ان فيها مراكز الحب والكراهية,وهي قليلة الاتصال بالدماغ عبر السيالات العصبيه لذلك يكون الدخول اليها صعيا والخروج كذلك بمعنى ان ما يرسخ بها يكون من الصعب تغييره
للتنويه فقط اخي رءوف
ودمتم سالمين
خلفيتي الطبية كانت بتنقح عليّ عشان أقولها 🙂
أنا أمتلك نسخة من الكتاب و بدأت في قراءته بعد ان انتهيت من قراءة كتاب فكر و اكبر غنيا طبعا النسختان الأصليتان بالانجليزية ، الكتاب رائع بمعنى الكلمة و اعتقد أن الكتاب خذا المرتبط بالعادات سيكون أيضا في المستوى و أشكرك على المجهود الذي تبدله لتبسيط الفكرة و اختزالها للقارء العربي
سبحان الله ,, بالظبط هذا ما نعملة بشكل يوم دون الاحساس بتكراره ,, و في هذا حكمة عظيمة وهي ان ارتباط عملية التكرار بجهد معين قد تثني الشخص على تكرار هذا الشى بمعني ان هناك تناغم رباني بين عملية التكرار والجهد بحيث ترى بان بعض الاعمال التى تقوم بها الى حد ما الجهد بها صفر الى حد ما
سبحان الله
شكرا اخي رؤوف كالعادة تدوينة جميلة ومفيدة
وقد لاحظت في الجزئية الخاصة بالقرد أن ردود فعل القرد لها علاقة بنظرية بافلوف
اتمنى لك التوفيق
لم أكمل المقال راح أكملوا في المساء
رد فعل القرد عندما لم يحصل على مكافأة كانت مثل رد فعل البشر , تعمل شهر كامل منتظر الراتب و في الأخير يقولك إنتظر كم يوم كمان
المهم هنا من وجه نظر المتواضعة هي الماكفأة وكيف يضع الانسان مكافأت لتحفيز العادات لديه، ومحاولة الانسان أن يبتعد عن المكافأت المادية قدر ما استطاع حتي تتم العملية داخليا في الدماغ بدون تدخل عوامل خارجية: مثلاً انك سوف تحاول ان تكون حسن الخلق في التعامل مع المحيطين بك، المكافأة :علي سبيل مثال صورة ذهنية لشخص تتمناه ان يكون قدوة لك. فدماغك سيجد المتعة بتذكر هذا الشخص او ربما مشهد وفي نفس الوقت الدماغ هو الذي سيقوم بهذه العملية بدون الاعتماد علي عوامل مادية خارجية .
المسائلة معقدة تقوم عادات ماتعرف هي عادات ولا لا
مثل لما تحب اكلة معينة طعمها حلو وشوية شوية تدمن عليها وماتعرف ليه زي الشوكولاتة او الدخان عشان كدة صعب نستغني
طيب مثلا زي الفيس بوك ايش المكافاءة الي حصلو عليها الدماغ بدون مايحس الانسان , او مثلا ليش فلم معين او قصص معينة مثل هاري بوتر نجح نجاح كبير ماشاءالله بس في غيرة قصص كويسة كمان بس مانجحت كيف نعرف الناس ممكن تدمن عل قصة معينة لو احد يحب يكتب رواية او كيف مثلا يحط بالفلم رموز معينة او بالرواية كلمات معينة للعقل الغير واعي للانسان عشان يدمن عليها او يحبها بحثت كثير عن اجوبتي بس للاسف مااقدر الاقي جواب صريح او كيف.. الماسئلة معقدة نوعا ما ياريت الي عندة خليفة يقلي
سأعلق على جزئية هاري بوتر تحديدا، قرأت رأيا وأراني مقتنعا به، وهو أن العالم بعد مأساة 11 سبتمبر كان يريد شيئا خياليا ينسيه الواقع، وكانت هذه القصة / الفيلم لها. نجاح قصة هاري بوتر مدين لتفجير البرجين ^_^
ممكن صحيح هو يا الشخص يدرسها كويس يعني يكون ذكي جدا او شركة كبيرة مثل معجون الاسنان يعملو بحوثات بس تكون صعبة على الفرد الواحد والتوفيق من الله
شكرا استاذ شبايك
اذا مايتكرر يتقرر
مميز مقالك كالعادة
و اقنعني اكتر بأهمية اني اعمل روايط مع نفسي ولنفسي مثلا للثقة للهدوء
وهكذااا
وبردوا فكرت بطريقة عملية لاستبدال عادات سلبية وهاخدهم واحده واحده
السلام عليكم
أشكرك أولا على طرح المواضيع المفيدة وعندي سؤال كيف يمكنني أن أستخدم
نظرية قوة العادات فى التدريب على الاستيقاظ لصلاة الفجر وشكرا لكم
العزيز رؤوف شبايك /
كنت فى أشد الشوق لمطالعة هذا الكتاب، خصوصا و أننى كنت كلما أدخل لموقع أمزون أجده من أكثر الكتب مبيعا، و ها أنت أيها السبَّاق إلى كل جديد تلبى لى هذا الشوق، فالشكر كل الشكر لك على هذا المجهود المعهود المحمود.
يبقى هناك شىء بسيط متعلق بترجمتك الصوتية لمصطلح basal ganglia – حيث أنى من بيت طبى و دارس للطب قبل أن أغير مسارى -، فحرف الـ S فى هذا المطلح ينطق Z و حرف الـ a الأول ينطق e، فيصير النطق الصحيح للكلمة هو بيزَل و ليس بصل.
عفوا على تدخلى، و لكن أرجو فقط التوضيح، لغيرتى على مقالك الرائع من أى نقص و لو بسيط جدا
مقال عميق جدا ودسم ، … من أروع ما قرأت …
ِشكرا على التدوينه الرائعه
وهذا مثلا ما يسمح لك بأن تقود سيارتك بحرفية تامة في عز الزحام بينما أنت مشغول بآخر تدوينة كتبها شبايك وكيف أنها هراء كبير.