هل أنت منحوس أم محظوظ؟ كتاب عامل الحظ يجيبك
في عام 2003، نشر الدكتور ريتشارد وايزمان كتابه: ” عامل الحظ The Luck Factor ” حيث لخص فيه نتائج أبحاثه وتجاربه التي أجراها لمعرفة سبب كون بعض الأشخاص محظوظين باستمرار بينما يعاني آخرون من سوء الحظ.
بدأ ريتشارد في نهاية التسعينيات بأن نشر إعلانا في الجرائد والمجلات يطلب فيه ممن يرون أنهم محظوظين – أو غير محظوظين بالتواصل معه.
على مر السنوات، تطوع 400 رجل وامرأة للمشاركة معه في أبحاثه والإجابة على أسئلته. كان أصغرهم طالب يبلغ 18 من العمر، وأكبرهم محاسب متقاعد يبلغ 48 من العمر.
ضمن هذه العينة من البشر كانت جيسيكا التي رأت أنها محظوظة بالعمل في وظيفة تحبها وتزوجها من حبيبها الذي رزقت منه بأفضل الأبناء.
على الجهة الأخرى… كانت هناك كارولين التي رأت أنها تعيسة الحظ فهي مغناطيس حوادث… إذ في أسبوع واحد لوت كاحلها وأصابت ظهرها بتمزق قبل أن تسير بالسيارة للوراء أثناء اختبار رخصة القيادة وتسببت في حادث قضى على آمالها في نيل الرخصة.
هؤلاء المتبرعون وافقوا على المشاركة في عدة تجارب بسيطة.
في إحدى هذه التجارب انقسم المشاركون لفريقين: الأول يرى نفسه محظوظا، والآخر مؤمن بأنه منحوس عديم الحظ…
أعطى د. وايزمان كل مشارك من الفريقين صحيفة مطبوعة وطلب منهم عد الصور المنشورة في هذه الصحيفة.
استغرق الفريق المنحوس دقيقتين لإكمال التجربة في المتوسط… بينما استغرقت المجموعة المحظوظة ثوانٍ معدودة!
ماذا حدث؟
في الصفحة الثانية من الصحيفة، كان هناك عنوان كبير بخط عريض يقول: “توقف عن العد، هناك 43 صورة في هذه الصحيفة.“
في صفحة تالية، كانت هناك رسالة أخرى نصها: “توقف عن العد، وأخبر المسئول عن التجربة أنك قرأت هذا العنوان واحصل منه على 250 دولارًا جائزة لك.“
شاهد الفريق الذي يرى نفسه محظوظا العنوان الأول وتوقفوا عن العد وأخبروا مسؤول التجربة بهذا العدد. كما حصل بعضهم على مبلغ الجائزة إذ استمروا في البحث عن الفرص السعيدة!
على الجهة الأخرى، تجاهل الفريق الذي يرى نفسه منحوسا سيئ الحظ هذه العناوين – أو لم يثقوا بها – واستغرقوا وقتًا أطول بكثير في عد الصور المنشورة في الصحيفة.
هذه النتيجة تكررت في تجارب أخرى مماثلة…
لاحظ الأشخاص المحظوظون الفرص والصدف “السعيدة“، في حين أضاعها الأشخاص الذين يرون أنفسهم غير محظوظين.
كان لدى الفريقين الفرصة ذاتها لاستغلال هذه المفاجآت السعيدة غير المتوقعة… لكن المجموعة المحظوظة لاحظتها واستغلتها…
بينما المجموعة غير المحظوظة أضاعت هذه الفرص إما لعدم الثقة أو تكذيب الواقع أو الخوف من السعادة.
المتفاءل لا يمنع نفسه من ملاحظة الأشياء في حياته التي لم يكن يتوقعها. المتشائم يقرأ الجريدة بحثا عن إعلانات وظائف محددة ويمنع نفسه من اكتشاف وظائف أخرى قد تناسبه. المتشائم قد يذهب إلى حفل لهدف محدد بعينه، ويمنع نفسه من تحقيق أهداف أخرى تعود عليه بالنفع.
هل أنت محظوظ ؟
“يرى الأشخاص المحظوظون ما هو موجود، بدلاً من محاولة العثور على ما يريدون رؤيته. ونتيجة لذلك، فهم أكثر تقبلاً لأية فرص تنشأ بشكل طبيعي.” – د. ريتشارد وايزمان، كتاب عامل الحظ.
هذه التجربة وغيرها دفعت د. وايزمان إلى الجزم بأن الطريقة التي ننظر بها إلى الأحداث اليومية التي تقع لنا والواقع المحيط بنا تؤثر كثيرا على ما يحدث لنا من حظ أو نحس.
بكلمات أخرى، إذا كنا نعتقد أننا سنلتقي بأشخاص مثيرين للاهتمام، فلدينا في الواقع فرص أكبر لرؤيتهم والعثور عليهم حين يمرون بنا في حياتنا.
عندما نعتقد أن العالم مليء باللصوص والنصابين والمحتالين وغير الشرفاء، فذلك سيمنعنا من رؤية الأشخاص الطيبين الصالحين حين تتقاطع مساراتنا في الحياة اليومية.
نحن نسير في الحياة باحثين عن أدلة تؤكد صحة الظن الذي ذهبنا له. إذا ظننت أن الناس كلهم أشرار، فكل ما ستراه منهم سيؤكد ظنك هذا فيهم، صحيحا كان أو لم يكن.
جنيهات إسترلينية لمن يراها
في تجربة أخرى، اختار د. وايزمان مقهى فيها 4 طاولات صغيرة، جلس على كل منها ممثل عادي للغاية، ثم اجلس ممثلا يرتدي زي رجل أعمال ناجح على صف المقاعد أمام النادل ليكون بالقرب من أي شخص يدخل المقهى ويطلب قهوته من النادل.
لزيادة الحبكة والإثارة، وضع د. وايزمان ورقة نقدية قيمنا 5 جنيهات إسترلينية على عتبة المقهى قبل باب الدخول.
مع الكاميرات معدة في المكان لتصوير الوجوه والأفعال، قسمت النتائج الناس إلى قسمين:
الأول ’المحظوظ‘ رأى الجنيهات الخمسة والتقطها. جلس بجوار رجل الأعمال الناجح. تبادل معه التحيات والكلمات وبطاقات الأعمال، على أمل التعاون مستقبلا في الأعمال والتجارة.
الآخر ’المنحوس‘ لم يلحظ الجنيهات. جلس بجوار رجل الأعمال ولم يتبادل معه كلمة، ثم انصرف حزينا على حظه العثر.
أعضاء القسم المحظوظ كان هم أنفسهم الذي قرروا قبل إجراء هذه التجربة وغيرها أنهم من المحظوظين في هذه الدنيا الفانية.
القسم الآخر لم يلحظ الجنيهات لأن ذلك يعتبر من الحظ السعيد، وهو شيء يرفضه عقله وظنه ومعتقده.
” لدى معظم الناس مستوى مذهل من الاتساق في رؤيتهم للحظ السعيد والسيئ. بعض الأشخاص قادرون على جذب الحظ السعيد باستمرار، بينما البعض الآخر بمثابة مغناطيس للحظ السيئ.” -د. ريتشارد وايزمان، كتاب عامل الحظ
وجد ريتشارد أن المتشائم (الذي يرى نفسه غير محظوظ) أكثر عصبية بشكل عام، هذه العصبية تمنعه من إدراك غير المتوقع أو رؤيته.
عامل الحظ
في دراسة الدكتور وايزمان، ذكر المحظوظون أنهم يتركون أنفسهم تتعرض للصدف، فهم غالبًا يسلكون طرقًا جديدة من وإلى العمل حتى يتمكنوا من مقابلة أشخاص جدد ورؤية أشياء جديدة والسير في طرقات لم يطرقوها من قبل.
كما عددوا طرقهم الفريدة للتعرف على أشخاص جدد في الحفلات والتجمعات التي يحضرونها، كما أصروا على نسيان أي تجارب سلبية قابلتهم في مقابل حفاظهم على نظرة إيجابية متفتحة للمستقبل وتتطلع لمفاجآته السعيدة.
هؤلاء قرروا أن ما صادفهم من أحداث ’سيئة‘ كان من الممكن أن تكون أكثر سوءا وأنهم محظوظون لأن الأمر توقف عند هذا الحد.
سواء كان حظنا جيدا أو سيئا يعتمد علينا بشكل كبير جدا (طبعا مع الأخذ في الاعتبار بعض الظروف الخارجية التي قد تحدد النقطة التي نبدأ منها لكنها لا تحدد النهاية التي سننتهي عندها).
سواء أصبحنا محظوظين أو منحوسين يعتمد على حالتنا العقلية (تفاؤل أو تشاؤم)، والطريقة التي نفكر بها (العالم كله ضدي أو هذه صعبة لكنها ستمر مثل سابقاتها) والأهم من ذلك، الطريقة التي نتصرف بها بناء على كل ما يقع لنا (اكتئاب أو روح رياضية تقبل الهزيمة وتحاول من جديد).
يذكر مؤلف كتاب عامل الحظ أننا كلنا ننال الفرص ذاتها بشكل متساو في حياتنا. رؤية هذه الفرص واستغلالها يتوقف علينا نحن.
نحن من نجلب الحظ السيء أو الجيد في حياتنا. طريقة تفكيرنا وحكمنا المسبق على الناس وعلى أحداث حياتنا تقرر ذلك.
كذلك، لا تظن أن أصحاب الحظ السعيد لا تمر عليهم أوقات صعبة ولا يواجهون تحديات عصيبة. كلنا ننال نصيبنا غير منقوص من المصائب والأمراض والعقبات. كيفية التعامل مع هذه التحديات هو ما يفرق المحظوظ عن التعيس.
يرى د. وايزمان أن المتشائم يرفض الاستماع إلى صوته الداخلي ولا يتبع حدسه.
المتشائم نمطي كلاسيكي يرفض تغيير أي روتين في حياته… يعمل بذات الوظيفة ويرافق نفس الناس ولا يدخل الجديد في حياته.
المتفائل يرى الجانب الإيجابي في كل ما يحدث له حتى المشاكل والحظ العاثر.
في نهاية كتابه عامل الحظ وجد الدكتور وايزمان أن تغيير حظ الواحد ممكن… بشرط تغيير طريقة التفكير والقناعة الداخلية. قد لا نملك القدرة على تغيير واقعنا، لكن قناعتنا بأن هناك فرص سعيدة تنتظر من يراها سيجعلها من نصيبنا عن قريب.
الخطوات الأربعة للحصول على حظ سعيد

إذا استطعت تغيير طريقة ترجمتك لأحداث حياتك بشكل إيجابي متفائل فحتما ستزيد حصتك من الحظ الجيد. هذا التغيير وضع له المؤلف مبادئ أربعة: اعمل على التعرض للفرص السعيدة. فكر وكأنك محظوظ واستمع لصوتك الداخلي المتفائل. اشعر بأنك محظوظ وأن حظك السعيد سيستمر لنهاية حياتك. اعمل على تحويل حظك العاثر إلى سعيد.
دعني أعطيك مثالا على هذا المبدأ الأخير. في بداية حياته تقدم وارين بافيت للدراسة في جامعة هارفرد لكنها رفضته. فورا توجه وارين إلى المكتبة وأخذ يبحث عن جامعات أخرى توفر دراسات الأعمال. وهو في المكتبة، لاحظ وارين أن اثنين من المؤلفين المفضلين لديه يعملون أساتذة في جامعة كولومبيا. في آخر لحظة قدم بافيت أوراقه لجامعة كولومبيا حيث قبلته. أحد هؤلاء الأساتذة أصبح فيما بعد ملهم ومعلم بافيت وشجعه على شق طريقه في مجال الأعمال ليصبح بعدها ضمن أنجح المستثمرين على الإطلاق. يجزم بافيت بأن كل هذا النجاح لم يكن ليتحقق لو دخل جامعة هارفرد.
طبعا عملية التغيير هذه ليست سهلة أو بالتي ستحدث بين عشية وضحاها…
لهذا يأتي دور الدين ليقول لك وما ربك بظلام للعبيد…
…ويقول وتلك الأيام نداولها بين الناس…
…ويقول ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه…
ناهيك عن كنور الأحاديث النبوية التي تأمرنا بحسن الظن بالله.
كذلك لا تنس القصص الثلاثة في سورة الكهف التي من السُنة قراءتها كل جمعة حتى لا ننسى أن رحمة الله قريب من المحسنين.
مدرسة الحظ
في نهاية أبحاثه وتجاربه، طلب وايزمان من العينة أن تلتزم بتنفيذ هذه المبادئ الأربعة لمدة شهر… في تجربة أسماها مدرسة الحظ.
بعد مرور الشهر، يعودون له ليخبروه عما حدث معهم.
عاد 80% من العينة وهم أكثر شعورا بالسعادة وبالرضا عن حياتهم، وبدؤوا يشعرون أنهم أكثر حظا.
هل تذكر كارولين من بداية التدوينة؟ بعدما التزمت بهذا الشهر، نجحت في اختبار القيادة وحصلت على الرخصة بعد 3 سنوات من المحاولات… كما توقفت الحوادث عن الوقوع لها، وباتت أكثر ثقة بنفسها.
من ضمن التعليقات اللطيفة على محتوى كتاب عامل الحظ قال أحدهم، نحن البشر لا نحب المفاجآت غير المتوقعة. عقلنا يريد كل شيء محسوب بحساب لا يخيب. نريد معرفة كل شيء في مستقبلنا القريب والبعيد. لا نريد أية مفاجآت سعيدة كانت أو حزينة.
حين لا نستطيع جعل دنيانا تسير بهذه الطريقة، فإننا نلوم الحظ على ذلك.
في دراسة على لاعبي الجولف جرت في 2010، زادت فرص إسقاط اللاعبين للكرة في الحفرة بعدما أخبرهم أحدهم قبل اللعب أن إحدى كرات الجولف تجلب الحظ للاعبين. طبعا لم يكن للكرة أي يد في ذلك، لكن الفرق هو التكييف العقلي والاستعداد الذهني لتقبل الفرص السعيدة.
“إذا كنت مرتاحًا وسعيدًا، تصبح رؤيتك للعالم أكبر فترى المزيد من الفرص السانحة. إذا كنت شخصًا مرنًا، فعندما تأتي تلك الفرص، ستستفيد منها إلى أقصى حد. الأشخاص المحظوظون يعرفون إلى أين يتجهون، لكنهم في كثير من الأحيان يغيرون المسار اعتمادًا على اتجاه الرياح.” – د. ريتشارد وايزمان، كتاب عامل الحظ.
عمل مؤلف الكتاب كساحر خلال فترة مراهقته، يقدم خدماته الترفيهية للمارة في شوارع المدينة. هذه الفترة علمته الكثير من أساسيات علم النفس بفضل عمله مع حشود الناس المختلفة. بعدها أكمل دراسته وحصل على درجة جامعية في علم النفس من جامعة هرتفوردشاير الإنجليزية، لشغفه الشديد بدراسة الناس…
حسب ما توفر لمحدثكم من معلومات، فإن كلمة حظ في اللغة العربية تعني النصيب المقدر، ومنها الآية: وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم (فصلت 35)
مقال مميز .. ما شاء الله
اكتشاف اكتشفته وهو عندما لايكون هناك تعليقات على تدوينه كتبت خصوصا في شبايك
حينها اعلم أن التدوينه لم تترك مجال للقارئ أن يعبر بشيء لأنها تدوينه واضحة المعالم مكتملة المعاني حتى لو كان المطلوب من القارئ كتابة مالذي أعجبه منها فالكثير قد لايستطيع لأنه يصعب عليهم أن يأخذوا جزء من كل مترابط بالحسن
لذلك كي تستطيع أن تكتب تعليق ينبغي منك أن تعمل بالتدوينه لتذكر بعدها الشيء الجديد الذي نتج لك من استفادتك من هذه التدوينه .
أشكرك يا طيب، أسعدتني بهذا التعليق وأرجو أن يكون الأمر كما ذكرت…
الذي أحتاجه بكثره وأظن يحتاجه غيري هو أقوى ماذكر في هذه التدوينه من وجهه نظري وهو
كيف أعمل على التعرض للفرص ؟
هذا السؤال يحتاج لتدوينه من أجل الإحاطه بالإجابه عليه.
هذا سؤال المليون أو قل المليار فالعرب أهل الكرم????