حين نشرت قصة سيم ونج مؤسس شركة كريتيف في سنغافورة، طلبت ممن تمكن من قرائي من زيارة سنغافورة أن يكتب لنا شارحا المزيد عن طبيعة هذا النمر الاقتصادي الناجح، وكان لها حسام زياد، الذي أرسل لي كاتبا التالي:
في عام 2004 بدأت عملي في شركة تسمى الأوائل ومقرها دمشق سوريا، وهي الوكيل الحصري لشركة كريتيف في سوريا، وفي العام 2007 ونتيجة لإصرارنا الشديد على إدخال اللغة العربية كلغة أساسية لواجهات الاستخدام ضمن مشغلات MP3 والكاميرات الرقمية، اضطرت شركة كريتيف لاستحداث منصب جديد وهو Arabic Consultant لإدارة أمور اللغة العربية، وكانت مهامه مقسمة بين تدقيق منشورات البروشورات التي كانت وقتها تصمم في دبي، بالإضافة للإشراف على الموقع الالكتروني الخاص بالشرق الأوسط، وأيضاً المساعدة في تعريب الأجهزة، ولحسن الحظ تم اختياري وقتها لشغل هذا المنصب لمدة عامين، وعلى الرغم من كون العمل مجاني، إلا أنني كنت أعتبره خدمة للغتنا العربية التي أحبها.
في فبراير 2007 تلقيت اتصالاً من سنغافورة يؤكد موافقة الإدارة العليا لديهم على إدراج اللغة العربية في واجهات الاستخدام، والبدء بترتيبات المساعدة في هذا المجال، وبدأت العمل معهم عن بعد. بعدها وفي شهر أبريل، طُـلب مني تجهيز أوراقي للسفر إليهم، وكان لدي أربعة أيام أقضيها هناك للاجتماع مع عدة أقسام في الشركة وشرح مزايا اللغة العربية لهم، ولكن التأشيرة / الفيزا الخاصة بي رفضت وقتها، بسبب إجراءات خاصة بدولة سنغافورة، وعندها تدخل السيد سيم شخصياً ليتحدث مع الرئيس السنغافوري على أنني سأكون على ضمانته الخاصة، لأحصل بعدها على الفيزا في زمن قياسي لدولة سنغافورة لا يكاد يتعدى 7 أيام.

جانب من الحديقة المحيطة بالشركة.
قبلها، كانت لي تجربة خاصة بتعليم اللغة العربية للأجانب، حيث اخترعت طريقة خاصة بي، خاصة وأنه كان من المفترض بي أن أشرح مزايا الحروف العربية في فترة لا تتجاوز أربع ساعات لكل فريق من فرق العمل، وبفضل الله تمكنت من جعلهم يكتبون ويقرؤون الكلمات العربية خلال ساعتين فقط.
السيد سيم شخص محترم جداً جداً، يلتقي بموظفيه بشكل طبيعي جداً دون تكبر أو عنجهية المدير، بالرغم من أن الشركة كانت تحوي في مقرها الرئيسي في سنغافورة 1800 موظف، منهم حوالي 600 موظف في الطابق الخامس الذي يحوي قسم التطوير والتجارب. التقيته شخصياً في إحدى غرف الاجتماعات الثلاثين في الطابق الأول وتدعى غرفة اللؤلؤة، حيث جاء من مكتبه فقط ليلقي التحية على ضيفه من سوريا، من الملفت أنه حتى تاريخ لقائي به كان لا يزال يرتدي ساعته القديمة من ماركة كاسيو، كالتي تظهر في هذا الرابط، حيث أعجبته فكرة أنني أرتدي نفس الساعة، حتى أنه لشدة شهرة هذا الرجل في سنغافورة فإن الناس في الطريق كانوا يقولون لي أنت تلبس ساعة مشابهة لساعة المحترم سيم.

كون الشركة تعتبر أن نجاحها كله سببه كرت الصوت، فإنها صنعت لوحة تذكارية لجميع كروت الصوت القديمة منذ أن كانت ورشة صغيرة وحتى صدور الكرت ذو الرقم التسلسلي 0000 (الصور لكل كرت صوت موجودة أيضاً بالترتيب الزمني حسب اللوحة)
مبنى الشركة مكوّن من ثمان طوابق كبيرة جداً على شكل دائرة مفرغة من الوسط (إذا نظرت من الأعلى) ولشدة كبر الشركة فإن الدائرة الوسطى وحدها تحتوي مسرحاً خارجياً يتسع لحوالي 2500 شخص تعقد فيه حفلات الشركة واجتماعاتها. الدخول للشركة يتم وفق بطاقة أمن (Security) حيث يتم تصوير الزائر وطباعة بطاقة له ليستطيع دخول المبنى. السطح المبنى يحوي عدة مطاعم تقدم شتى صنوف الطعام للموظفين. بالإضافة إلى غرف الاجتماعات الثلاثين الكبرى، فهنالك غرفة اجتماعات لكل فريق عمل ضمن الأقسام. الموظفون نشيطون جداً ومن الملفت ارتفاع نسبة ذكائهم.

المسرح الخارجي الذي أخبرتك عنه، يمكنك ملاحظة وجود سيدة تقف في المنتصف تقريباً لتكتشف حجم المسرح.
دولة سنغافورة دولة نظيفة للغية وفوق الوصف، صدقني لا أستطيع وصف النظافة والأناقة التي تتمتع بها هذه البلد. ناسها طيبون جداً، ودودون للغاية وخصوصاً مع الأجنبي، وفعلاً هي دولة من الدول التي تستطيع القول عليها أنها دولة تعايش وتسامح بين الأديان والأعراق، بالرغم من طغيان العرق الأصفر فيها.
وجود 15% من الشعب مسلماً يؤدي إلى ظهور المعالم الإسلامية على الدولة، مثل المساجد، الفتيات المحجبات، والمطاعم التي تضع شارة كتبت بالعربية “حلال”، وتركيز الحكومة بشكل كبير على التأكد من منتجات الحلال في البلد بصرامة، الطهارة في المرافق العامة تظهر بشكل كبير.

صورة من على سطح الشركة لمنطقة الشركة واسمها Business Park.
كونها البلد ذات المرتبة رقم 17 على تصنيف أثرى دول العالم لم يأت من فراغ، بل نتيجة جهود كبيرة وتشجيع كبير من الحكومة. الشركات الكبيرة كلها تملك مكاتب ومختبرات في سنغافورة، فأينما التفت وجدت بناءاً ضخماً للشركات الشهيرة مثل Dell – Microsoft وغيرها. من الملفت الأمان الذي تحيا به الدولة نتيجة انخفاض (انعدام) مستوى الجريمة، فالناس تتمشى في الشوارع حتى الصباح والمحال التجارية (حتى بائعو المجوهرات) لا تملك سوى واجهات من الزجاج فقط.

هذا الشعار يبلغ كل حرف منه ارتفاع 4 أمتار يقابل سكة المترو ويتم تحته على جدار الشركة عرض فيديو مساءاً وليلاً على شكل إعلانات للشركة.
سنغافورة بلد منتظم جداً كل شيء يسير وفقاً لقانون صارم جداً، ومن الأمور الممتعة بالبلد ما يلي:
– العلكة / اللبان ممنوعة كما لو أنها مخدرات في البلد، فقواعد النظافة صارمة.
– التدخين ممنوع في أي مكان من البلد حتى ولو كنت تسير في الطريق، وهنالك أماكن مخصصة للمدخنين في المولات وحتى في الشوارع بعيدة عن تواجد باقي الناس.
– إذا حملت قارورة مياه في الباص أو المترو مخالفتها 50 دولار، لأنها ربما تنسكب على الأرض أو على الناس.
– يمنع حمل الطعام مكشوفاً في الباص أو المترو ومخالفتها 100 دولار.
– الـ Durian فاكهة سنغافورة المفضلة لها رائحة قوية جداً وواخزة، وعلى الرغم من أنها محبوبة بشكل كبير لجميع أهل سنغافورة، إلا أنها ممنوعة الحمل في الباص بسبب الرائحة ومخالفتها 500 دولار.
– سكب الماء في الشارع على الأرض مخالفته 500 دولار.
وغيرها الكثير من القوانين الصارمة التي تحافظ على نظافة البلد كلها.

تذكار مضحك على شكل مغناطيس للبراد فيه بعض القوانين التي أخبرتك عنها أعلاه.
الصور المرفقة حسب ترتيبها العددي:
- جانب من جوانب بناء الشركة.
- جانب من الحديقة المحيطة بالشركة.
- كون الشركة تعتبر أن نجاحها كله سببه كرت الصوت، فإنها صنعت لوحة تذكارية لجميع كروت الصوت القديمة منذ أن كانت ورشة صغيرة وحتى صدور الكرت ذو الرقم التسلسلي 0000 (الصور لكل كرت صوت موجودة أيضاً بالترتيب الزمني حسب اللوحة)
- المسرح الخارجي الذي أخبرتك عنه، يمكنك ملاحظة وجود سيدة تقف في المنتصف تقريباً لتكتشف حجم المسرح.
- هذا الشعار يبلغ كل حرف منه ارتفاع 4 أمتار يقابل سكة المترو ويتم تحته على جدار الشركة عرض فيديو مساءاً وليلاً على شكل إعلانات للشركة.
- صورة من على سطح الشركة لمنطقة الشركة واسمها Business Park.
- فاكهة الدوريان اللعينة (أنا آسف لكنني أكرهها لأنني تذوقت طعمتها البشعة)
- تذكار مضحك على شكل مغناطيس للبراد فيه بعض القوانين التي أخبرتك عنها أعلاه.
شكرا حسام على هذه الرحلة الجميلة إلى سنغافورة، لعل الله يرزقنا زيارتها يوما، وأدعو الله أن يأتي سريعا اليوم على بلاد المسلمين حيث يعدد الغير مناقبها ومحاسنها ونظافتها.
ابراهيم عبد الوهاب
مشكور يا حسام على الجولة الرائعة…مع اني لا اخفي خيبة املي…كنت اريد المزيد عن اساليب العمل والشركات …عن التسويق……لكن اشكرك…
ahmed
شركة………جميلة
علا
شكرا للسيد حسام وأستاذ شبايك وأول مره أعرف أن سنغافوره بلد رائع كده
عارف فكري
عرض جميل وشيق يا أستاذ رءوف.. ألف شكر لك وللأستاذ حسام زياد.
أحمد أحمد
على الرغم من أنها ٤ أيام إلا أن السيد حسام استطاع الاستفادة بشكل كبير.
لاحظت ذكر السيد حسام لموضوع القوانين الصارمة كما لاحظتم وأن الحكومة ترعى وتضبط الأمور، إذن حتى ننهض كسنغافورة لا بد من وجود قوانين وحكومة ترعى وتضبط التنفيذ بالإضافة لأمة عندها رغبة بالنهوض وإرادة قوية تتكاتف مع رؤية الحكومة الوطنية والنهضوية.
الأمر ليس من طرف واحد، أو من جانب واحد، وليس “فوضى”!
تحياتي للجميع
محمد طه
نشكر طبعا اخينا شبايك الذى كان محركا ليأتى لنا أخ اخر و هو الاخ حسام الذى نشكر له امتاعنا بطريقته فى السرد و الصور الجميله
و نتمنى منه الاستطراد فى المعرفه به
فهل له مدونة يكتب فيها
فمثل تلك الشخصيات اكيد لها الكثير من الخبرات التى بالضروره ستفيد الكثيرين من اخوانه العرب
شبايك
أشكرك على تنبيهي لهذا التقصير، نعم له مدونة وهذا عنوانها : http://www.housamz.com
د محسن النادي
شكرا للاخ حسام مشاركتنا بعضا من انطباعاته
اكثر ما لفت نظري قصة النظافه
فهي بحق مفخرة البلد
قوانينهم صارمه جدا
ويتعاملون بانسانيه مع بعضهم
هذا ما ينقصنا
لنكون اغنى امة على الارض
ودمتم سالمين
فواز العبسي
رااااااااائع .. بل جميل ……..
شكرا لكل الجهود الرائعه في هذه المدونه المتميزه
تحياتي..
adnan alsouri
شكرا لمدونة شبايك لمشاركة هذه الرحلة الرائعة
و بصراحة كنت أعتقد أن اليابان البلد الاسيوي الوحيد اللذي يتمتع بهذه المواصفات
baha
سنغافورة و ماليزياء من البلادان الرائعة واتمني زيارتهما بما فيهما من احترام وتقدير للانسان, وهما من الدول التي تتقدم بسرعة فى الكثير من المجالات مثال لذلك فى ماليزياء فى السنوات الاخيرة تقدم الالف من الطلاب للدراسة فى الجامعات الماليزية الكثير من الطلاب لم يجدوا مقاعد دراسية بسبب امتلا الجامعات بالطلاب للدراسة من مختلف بلادان العالم
يوسف محمود
قوانين منع حمل أطعمة أو مشروبات في الحافلة تجعلني أستشعر الأسف على حالنا!
بشكل عام سنغافورة بدت لي أروع مما كنت أظن، وأتمنى أن ياتي اليوم الذي لا ننبهر بمثل ما هو في سنغافورة! لأننا أفضل منهم. 🙂
سعود مرضي
أعتقد أن هذه التدوينة الأولى الأكثر صورا بين كل التدوينات السابقة
عشنا فيها لحظات جميلة وكأنني بجانب الأخ حسام
تخيلوا لو أستبدلت سنغافورة شعبها بشعب عربي ماذا يحدث يا ترى
أعتقد أنه سيكون من مصادر الدخل القوية في الدولة مخالفات هذا الشعب العربي 🙂
هدانا الله لما أهتدو إليه وهدى الله حكامنا
Nasser
على الرغم من جمال هذه المقالة و روعتها إلا أنها بشكل ما تبعث على الإحباط حينما نبدأ بالمقارنة بين ما نرى في الصور و بينما نعيشه و نشاهده من حولنا في حياتنا اليومية ..
شكراً استاذ شبايك .. و الشكر موصول لأخينا حسام
بلال
عايزين تجارب اكثر عن كيفية الإقامة وتحصيل العمل في سنغافورة