تغيير العادات بالإيمان والثقة ولزوم جماعة المتفائلين

, ,

هذه التدوينة مكملة لسلسلة تدوينات سبقتها تجدها هنا.

ثم ينتقل بنا المؤلف بعد تعريفه للعادات بالحديث عن كيفية تغييرها، وكيف أن العادة لا يمكن تغييرها، بل يمكن فقط تغيير مكون الروتين المصاحب لها، فالمدخن مثلا إذا واجهته مشكلة أثرت على أعصابه فزع إلى الدخان لكي يهدئ نفسه، والموظف العامل في وظيفة مملة حين يهجهم عليه الملل يسارع للبحث عن وجبة شهية تنسيه الشعور بالملل وتترك له الوزن الزائد، وكذلك معاقر الخمر، حين تواجهه مصيبة يسارع إلى الزجاجة لتنسيه ما حل به لكن مع آثار مدمرة على صحته.

عرض المؤلف لحالات تمكن أصحابها من تحويل اتجاه العادات، فمثلا مدخن السجائر يمكن تدريبه على القيام بنشاطات أخرى حين يشتد به الحنين للدخان، هذه النشاطات ستصل به إلى ذات النتيجة التي كان يصل إليها عبر التدخين، ثم سرد المؤلف عدة حالات لمدمني خمر تمكنوا من تغيير عادة الإدمان لأشياء أخرى لا تتضمن الاقتراب من الخمر، لولا أنه على مر سنوات، كانت تأتي لحظات صعبة للغاية على العديد ممن غيروا من عادة الإدمان بشيء آخر، هذه اللحظات تكون من القوة بحيث تعود بالمدمن إلى الخمر.

على أن الأمر ليس في الخمر فقط، إذ ضرب لنا المؤلف المثل بفريق قرة قدم أمريكية، كان في قمة الفشل والخسارة لسنوات طوال، حتى جائهم مدرب بفكرة جديدة، قامت على جعل اللاعبين يتعودون على عادات جديدة، عادات مراقبة تحركات لاعبي الخصم والتصرف بتلقائية وبدون تفكير بناء على مشاهدات محددة، فعندما يرجع لاعب الهجوم بشكل معين فهذا يعني أنه سيرمي الكرة لزميل آخر في جهة معينة ،فما يكون من لاعب الفريق إلا أن يراقب هذا الزميل الآخر وعند بدء اللاعب الخصم في الاستعداد لرمي الكرة يكون لاعب الفريق قد بدأ الجري ليعترض الكرة في الهواء ويجري بها نحو مرمى الخصم.

لم يكن الأمر سهلا ولا سريعا، فالعادات لا تأتي في يوم وليلة ولا أسابيع، بل شهور من التكرار المستمر. على أنه بعدما استقر في أذهان اللاعبين هذه العادات الجديدة، وبدأوا يطبقونها بدون تفكير، بدأت عادة جديدة تظهر، ألا وهي التردد والشك بالنفس وفقدان الثقة ومن ثم العودة للخسارة المريعة في مباريات البطولة.

مثلما يعود المدمن للخمر، يعود فاقد الثقة لعدم الثقة بنفسه والتردد والتفكير الطويل حتى تضيع الفرصة. احتار العلماء في تبرير ذلك، وبدأوا البحث عن مدمنين تعرضوا لمواقف عصيبة لكنهم ثبتوا ولم يعودوا لسابق عهدهم مع الادمان. ذكر المؤلف حالات فعلية لجمعية أمريكية لمساعدة مدمني الخمر على الشفاء منها، وبدأ العلماء في الغوص في الخطوات التي يتبعها مثل هذه الجمعيات والجهات مع مدمني الخمر للحفاظ على بقائهم بعيدا عن الخمر.

في حالة فريق كرة القدم هذا، تدخلت السماء في صورة لا تفهمها عقولنا، إذ انتحر ابن المدرب في جامعته بدون سابق إنذار أو سوء سلوك. نزل الخبر كالصاعقة على المدرب الذي حزن حزنا شديدا، وللخروج من هذا الحزن، قرر أن يدفن آلامه في تدريب الفريق. حين اجتمع مع اللاعبين، الذين بدورهم حزنوا لحزن مدربهم، وجدهم عازمين على تعويضه عن الابن الذي ذهب بحسن اللعب والفوز، وتصادف أن هذا الانتحار جاء قبل فترة قصيرة من المباراة النهائية، المباراة التي اعتاد الفريق الوصول إليها ثم الخسارة بطريقة مريعة، هذه المرة، دخل الفريق بقوة وفاز بالبطولة النهائية.

بالبحث والتدقيق، وجد العلماء عنصرا أساسيا لازما بشدة لضمان تغيير العادة، أي عادة، ألا وهو الإيمان القوي والثقة بقدرة النفس البشرية على التغير. يجب على مدمن الخمر أن يؤمن أنه قادر على تغيير هذه العادة القبيحة، وأن يثق في نفسه، مهما تآمرت عليه الظروف والمصائب والنكبات. استلزم فريق كرة القدم أن يثقوا بأنفسهم وبقدراتهم لرغبتهم الشديدة في تخفيف أحزان المدرب، وأن يثقوا بالعادات التي اكتسبوها وأن يتركوا أنفسهم (أو بالأدق عقولهم) تعمل بتلقائية وفقا لهذه العادات المكتسبة.

بالبحث أكثر، وجد العلماء أن هذا الإيمان بالنفس وهذه الثقة تحتاج لمن يتولاها بالرعاية والتذكير كل يوم، ولهذا كانت جماعات مساعدة مدمني الخمر تعهد بكل مدمن إلى شخص آخر يعمل بمثابة المعلم له، شخص أقدم منه في الجمعية يتصل به كل يوم، ويتعهد المدمن بأن يتصل به في أي ساعة في حال حدث له أي طارئ يجعله يفكر في العودة للخمر، وأن يحضر لقاءات أسبوعية ببقية أعضاء فريقه وأن يستمع لهم ويقدم يد المساعد للجديد منهم.

أي أن شخص قادر على تغيير أي عادة، شريطة تغيير الروتين الذي يصل به إلى المكافأة أو النتيجة من ممارسة العادة، ثم الإيمان بالقدرة الذاتية على التغيير، ثم لزوم جماعة تبث فيه الأمل والتفاؤل وتقوي فيه هذه الثقة بالنفس وتثبت وترسخ هذا الايمان الداخلي… وهنا حيث ينتهي الجزء الأول من الكتاب.

إذا نظرنا إلى حالنا، أكاد أزعم أن بعضنا مدمن فشل وإحباط وتثبيط. لا أريد هنا مناقشة الأسباب التي أدت إلى ذلك فلا شك عندي في وجاهتها وقوتها وشدتها وصعوبتها. لكننا كذلك ملزمين بتغيير مثل هذه العادة إذا أردنا التغيير وجلب المستقبل الأفضل.

إذا حللنا الموقف لوجدنا أن الاحباط مكافأته واضحة، فحين تحدث مشكلة ما، يكون المخ مطالبا بالتفكير في حل للخروج منها. هب أن المشكلة عميقة ويصعب – إن لم يكن مستحيل – حلها، فما أفضل حل ساعتها؟ اللجوء إلى الحل السريع: الاحباط واليأس، فهذا يوقف عملية التفكير الطويل والتي ترهق المخ وتزيده شعورا بالقنوط والبؤس.

حين تقول أن الوضع مزري والحل يحتاج مليارات وسنوات وحيوات، فأنت فعليا تعطي عقلك المخرج المنطقي للمشكلة التي يبحث لها عن حل. حين تقول أن السبب في المشكلة هو الحكومة والظروف والأهل والتعليم وغيرها، فأنت بذلك تصنع المخرج الآمن لعقلك وذهنك. طيب، كل هذا جميل، عرفنا المشكلة، فكيف نحلها؟

أول شيء تقسيم المشكلة إلى أجزاء صغيرة، والعمل على حل كل جزء على حدة،

ثم الثقة بالنفس والإيمان بالله الذي لا ييأس من روحه إلا الكافرون،

ثم ملازمة المتفائلين فقط – ومفارقة غيرهم.

هذا ما نخرج به من دراسات تحليل وتغيير العادات.

[مصدر الصورة – فليكر]

18 ردود
  1. حسين زيدان
    حسين زيدان says:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك اخ رؤوف
    الهمتني جملة ملازمة المتفائلين فقط.
    لكني لا زلت محتاراً ، لأن الاشخاص الذين اعمل معهم بظهرون التفاؤل احياناً، والاحباط احيانا اخرى
    وفي الاونة الاخيرة اكتشفت لديهم رغبة كبيرة في التسلط ومحاولة السيطرة على حياة الشخص الموظف لديهم
    لقد وعدوا بزيادة كبيرة في المرتب في شهر ١٢ القريب ،لكن تجربة غيري مع وعودهم لا تبشر بخير.
    المشكلة ان هؤلاء الشباب هم من الشباب الملتزم وهم من المصلين ومن خريجي الجامعات.
    لقد وجدت فرص عمل اخرى لكنها ليست مع شباب ملتزمين وانا لا اعلم اذا كان ذلك جيدا او لا.
    وتوجد لدي امكانية اخرى(وهي التي ارغب بها بشدة) وهي ان اترك الوظيفة لاتفرغ لمشروعي الخاص

    فبماذا تنصحني؟

    ارجو ان لا اكون اثقلت عليك
    اخوك حسين

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      وعليكم السلام ورحمة الله
      تخيل لو صحابة رسول الله لزموا المدينة ولم يخرجوا إلى العالم الخارجي الكافر الملحد إلى آخر قائمة الاتهامات التي نقرأها كل يوم… تخيل لو الصالحين لزموا ديارهم ولم ينشروا رسالة الله في الأرض… تخيل لو التجار العرب لم يسافروا في رحلاتهم التجارية لتدخل بلاد بأكملها في الاسلام دون فتح أو حرب؟
      .
      دعك من لزوم الشباب الملتزم فقط. طبعا الصحبة الصالحة ذات أهمية قصوى، لكن ليس شرطا أن تكون فقط في العمل، كذلك ستجد شبابا غير ملتزم لكنه بذرة صالحة ليكون أفضل من الملتزم لكنه فقط بحاجة لمن يأخذ بيده.
      .
      على الجهة الأخرى، لا تنس أنه حتى في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم التزم أناس بالكفر ولم يدخلوا في الاسلام، ونزلت الآية الكريمة إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين (القصص آية 56) للدلالة أنه على المرء أن يسعى لهداية الناس بشرط ألا يحزن لعدم هداية بعضهم…
      .
      وأخيرا، أنا دائما وأبدا مع الانطلاق في المشاريع الخاصة، لكن على مهل، يعني استمر في الوظيفة وابدء عملك الخاص، حتى إذا بدأت بشائر الخير تظهر، استقل فورا وركز على زراعة أرضك الخاصة بك.
      بالتوفيق والنجاح ونشر الاصلاح في الأرض ^_^

      رد
      • أبوصالح
        أبوصالح says:

        شكرا لك وأشاطرك الرأي فليس المتدينون دائماً ناجحون فهم كغيرهم إن أخذوا بعوامل النجاح واستخدموا أدواته مع التوكل على الله نجحوا وإن لا فلا..

        رد
  2. Namikaze
    Namikaze says:

    السلام عليكم..
    سبحان الله هذه المقالة فعلا فعلا جائت في علبة الوارد في الوقت المناسب! كنت قد بدأت أعتاد اليأس فعلاً، لكن إن شاء الله لن أيأس أبداً فلدي من الدوافع مع يدعمني بعد الله سبحانه وتعالى.
    بالنسبة للصورة هذه المرة الاولى التي أرى صورة كل الوجوه بها مبتسمة، فدائماً يكون واحد مبتسم وسط مجموعة مكتئبين!! وشكراً جزيلاً لك أخ شبايك على هذه المقالة المفيدة. بانتظار مقالاتك القادمة إن شاء الله.

    رد
  3. عمرو مصر
    عمرو مصر says:

    السلام عليكم
    هل يمكن التحدث عن كتاب قوة الإنضباط الذاتي لبراين ترايسي ؟
    No Excuses–The Power of Self-Discipline
    يوجد منه نسخة صوتيه سبع ساعات و لكن مقرصنة طبعا أنت لا تقرأ كتب مقرصنة .
    و لكن حالما يعجبك من الممكن إقتنائه
    شكرا

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      وكيف عرفت أني لا أقرأ كتبا مقرصنة (وهذا ما أفعله بالفعل)… هل أصبحت مشهورا لهذه الدرجة ^_^
      أشكرك على هذه المعلومة، وسأجتهد لأبحث عن هذا الكتاب وأقرأ التعليقات عليه والله المستعان…

      رد
      • عمرو مصر
        عمرو مصر says:

        من أحد القصص التي في الكتاب أنه يتحدث عن موظف يقبض راتب 2000 دولار فقط فقير يعني…و لكنه قرر أن يغير من نفسه و بدأ بالقراءة في مجاله و حضور كل المؤتمرات العالمية و هكذا حتي أصبح يحقق ملايين الدولارات سنويا من عمله..

        شئ أخر في كتاب قوة الإنضباط الذاتي يقول براين أنك لو قرأت عشرين دقيقة كل يوم لكتاب 200 صفحة بحجم المعيار الدولي لكلمة كتاب فإنك ستنهيه في أسبوع أي خمسون كتابا في مجالك خلال السنة حينها ستكون من أقوي الأفراد في مجال عملك
        براين ترايسي ينصح به الدكتور ابراهيم الفقي و له كتب أخري مهمة مثل سلسلة 21 طريقة منها 21 طريقة لتجعل الناس تحبك..
        لغته الإنجليزية واضحة و جميلة..
        أتمني لك الإستمرار للعطاء …
        شكرا جزيلا

        رد
  4. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    ((((عرفنا المشكلة، فكيف نحلها؟

    أول شيء تقسيم المشكلة إلى أجزاء صغيرة، والعمل على حل كل جزء على حدة،

    ثم الثقة بالنفس والإيمان بالله الذي لا ييأس من روحه إلا الكافرون،

    ثم ملازمة المتفائلين فقط – ومفارقة غيرهم.))))))
    اعطيت بذلك الشيء الكثير لنفكر به
    هذا فراق بيني وبين كل يأس من ربه
    شكرا اخي رءوف
    ودمت سالما

    رد
  5. يوسف
    يوسف says:

    رغم الاعتقاد السائد بأن مجتمعاتنا محبطة.. إلا أنني أقولها وبكل ثقة، أن مجتمعنا مشجع! خاصة لمن ينجح!
    المشكلة في طريق النجاح، حيث لا تجد من يشجعك.. فور نجاحك ستجد تشجيعا واهتماما لتزيد منه..
    المشكلة في الخطوات الأولى..

    رد
  6. عاطف عبدالفتاح
    عاطف عبدالفتاح says:

    أشكرك استاذنا شبايك على ترجمة هذا الكتاب الرائع
    لا تتصور التأثير الإيجابي لهذه المقالات عليّ

    أصبحت اتفقد عاداتي السيئة وأحاول أغيرها
    واصنع عادات جيدة مفيدة لحياتي

    رد
  7. عكرو الشاعر
    عكرو الشاعر says:

    بجد اكثر من رائع و ادعوك لكتابة مقالات اكثر تغوص فى النفس البشرية و قررت اعمل بنصيحتك و الازم المتفائلين و انت اولهم

    رد
  8. Lebanon cat
    Lebanon cat says:

    هلا شبايك
    مقالتك هذه بثرت الملح على جروح مفتوحة
    فأنا قد إعتدت الحزن و اليأس حتى أصبح عقلي مبرمج على رد فل لا أستطيع لا أقدر و أصبحت كتاباتي مملة و بليدة مثل عزيمتي
    إرادتي = طارت من الشباك
    ثقتي = نسيت أمرها من زمان
    ذهني = صدأ وترب حتى عشعش فيه خيوط العنكبوت
    بدني = لم يعد فه عضلات تقوى على الحركة
    للأسف لقد إمتصت الحيوية مني حتى أضحيت جثة بلا روح
    الحاصل
    لعلي أحتاج لمبرمج يفهم في البرمجة العصبية فأنا أظن أن كيمياء مخي تحتاج لتغير

    شكرا شبايك
    سأحاول التوصل لروتين كهذا
    وكم أتمنى لو توافرت فرق دعم مثل التي تذكر المدمنين بالتفاؤل و الصبر

    رد
  9. فهد
    فهد says:

    – التخلص من العادات السيئة التي تعود عليها الدماغ الى عادات جيدة بالتدريج وتدريب العقل والنفس (التحول من روتين سيء الى روتين جيد).

    – نظرية المكافأة بعد كل انجاز او نجاح في التعويد والتدريب على روتين جيد.

    – الثقة بالنفس والابتعاد عن الشك وعدم الاهتمام كثيرا بالنتيجة وكماليتها قدر الاهتمام باستمرارية التغيير.

    تحياتي ….

    رد
  10. مروان نزال
    مروان نزال says:

    لم اكن افكر بهذه الطريقة ابدا بان العقل يلجأ للاحباط والكآبة فقط من اجل التهرب من ايجاد حلول للمشاكل!!
    من الآن فصاعدا لن اسمح للاحباط بالسيطرة علي 🙂

    رد
  11. مروان نزال
    مروان نزال says:

    هذه الفقرة قوية جدا ولربما تغير حياة الكثيرين
    : إذا حللنا الموقف لوجدنا أن الاحباط مكافأته واضحة، فحين تحدث مشكلة ما، يكون المخ مطالبا بالتفكير في حل للخروج منها. هب أن المشكلة عميقة ويصعب – إن لم يكن مستحيل – حلها، فما أفضل حل ساعتها؟ اللجوء إلى الحل السريع: الاحباط واليأس، فهذا يوقف عملية التفكير الطويل والتي ترهق المخ وتزيده شعورا بالقنوط والبؤس.

    حين تقول أن الوضع مزري والحل يحتاج مليارات وسنوات وحيوات، فأنت فعليا تعطي عقلك المخرج المنطقي للمشكلة التي يبحث لها عن حل. حين تقول أن السبب في المشكلة هو الحكومة والظروف والأهل والتعليم وغيرها، فأنت بذلك تصنع المخرج الآمن لعقلك وذهنك. طيب، كل هذا جميل، عرفنا المشكلة، فكيف نحلها!

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *