تحريم العملات الرقمية تمهيد لانتشارها وذيوعها لهذه الأسباب
بدأت دولة السلفادور اعتماد عملة بتكوين كعملة رسمية في 8 سبتمبر 2021 لتكون أول دولة في العالم تبدأ اعتماد بتكوين كعملة بشكل رسمي معلن (رابط الخبر).
وفقا لرئيس دولة السلفادور، نجيب أبو كيلة، ستتراجع العوائد السنوية لشركات تحويل الأموال (مثل ويسترن يونيون وأخواتها) بمقدار 400 مليون دولار جراء استخدام عملة بتكوين لتحويل الأموال في دولة السفادور فقط بدلا من استخدام خدمات هذه الشركات (الرابط).
الأمر ذاته سيحدث مع البنوك حول العالم.
هناك دول أخرى تراقب تجربة دولة السلفادور، وإذا نجحت، ستفعل مثلها أو أكثر.
تخيل أرقام خسائر البنوك وشركات تحويل الأموال والصرافة حول العالم.
كان المتوقع النظر بإيجابية إلى تقنية مالية جديدة ستكبد المقرضين بالربا خسائر جبارة كفيلة بجعلهم يقللون من أو يتوقفون عن العمل الربوي.
لكن الطبيعة البشرية والخوف من المجهول منعت ذلك.
في رأيك الشخصي، وأريد منك أن تختار فعلا، ما الأهون عليك إذا أجبرتك على الاختيار:
1 – تحريم شيء يتضح فيما بعد أنه حلال.
2 – تحليل شيء يتضح فيما بعد أنه حرام.
حتما سيميل قلبك للاختيار الأول، لأنه في نظرك أهون في حال أخطأت، لماذا؟
لأننا كلنا اخترنا أشياء في حياتنا السابقة وكنا واثقين أنها عين الصواب، ثم مر الزمان واتضح أنها عين الخطأ وأننا أخطأنا في حساباتنا واعتمدنا على توقعات خيبت ظننا فيها…
وعليه، تحريم العملات الرقمية الجديدة أهون على النفس…
وكذلك تحريم استخدام الدش ومشاهدة الفيديو ودخول السينما وقيادة المرأة للسيارة…
ومن قبلها تحريم شرب القهوة واستخدام الصنبور والطباعة…
لكن إذا تركتك من الجدل والمعلومات الكثيرة التي تريد أن تكتبها في التعليقات عن كذب الادعاءات بأن الفقهاء حرموا هذه أو تلك…
… على مر التاريخ، ستجد أن أغلب الاختراعات الجديدة قوبلت بالرفض.
في بلادنا العربية تولى بعض رجال الدين رفضها. في غير بلادنا أيضا تولى بعض رجال الدين ذلك.
ماذا حدث بعدها، سواء بسنوات قليلة أو كثيرة؟ انتشر استخدام الجديد المحرم، وعاد رجال الدين لقبول الجديد.
تحريم العملات الرقمية أمر جيد
صدور فتاوى تحريم العملات الرقمية يعني أن الدورة الزمنية “من التحريم إلى القبول” قد بدأت، وما هي إلا أيام وسيرجع أصحاب فتاوى تحريم العملات الرقمية عن آرائهم لتغير الظروف والقبول والاعتماد الحكومي.
إذا لاحظت في سياق كلمات بعض فتاوى تحريم العملات الرقمية ستجد صاحب الفتوى يقول: بلغنا أن العملات الرقمية كذا وكذا وكذا، وعليه فإننا نرى كذا وكذا وكذا.
لو قال مثلا: اشتريت منها وتاجرت فيها لسنوات، وأصدرت عملة رقمية خاصة بي وبرمجت تطبيقات لها وحدث معي كذا وكذا، وهذا ما أجده بناء على ما حدث وهذه تجربتي كاملة ولكم حرية الحكم…
لو فعل ذلك لكان الوضع أكثر اختلافا.
اللطيف في الأمر أن بعض فقهاء دول المهجر كانوا أكثر تفتحا، فحين تقرأ بعض فتاوى فقهاء دول أمريكا أو أوروبا في العملات الرقمية ستجد منهم من غاص أكثر في تفاصيل هذه العملات المشفرة، ومنهم من استعملها واستمر يستعملها، وتجدهم يشرحون الحديث النبوي ويحاولون فهم مقصد كلماته ولماذا قاله الرسول عليه الصلاة والسلام وفي أي موقف قاله وعليها يبنون الرأي الفقهي. (لا تفهم من كلامي أن كلهم قد وافق).
[لن أعطيك المصدر بسهولة، ولكن سأعطيك رابطا منه تبدأ، فالكسل الفكري أمر خطير]
خلاصة القول، أصحاب فتاوى تحريم العملات الرقمية اجتهدوا (وكنا نود لو أنهم اجتهدوا أكثر) وتوصلوا لآراء نختلف معهم في بعضها، لكن مع بقاء كامل الاحترام والود والتقدير، فهم يدافعون عن هذا الدين ولهذا وحده نكن لهم وافر التقدير، ونرجو أن يتسع صدرهم لاجتهاداتنا نحن أيضا بدورنا.
الحرب على العملات الرقمية – دينية أم مالية
لن ندخل في نفوس الناس، لكن كذلك لن نوقف عمل العقل.
انتشار العملات الرقمية سيجعل عددا خياليا من البنوك والمؤسسات المصرفية تخسر الكثير من دخلها.
هذه البنوك والمؤسسات المصرفية العالمية معروف عنها خرقها للقوانين ودفعهم تعويضات خيالية لكي يستمروا في عملهم…
هذه القطاعات لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تقنية جديدة ستدمرهم وتقتطع نصيبا كبيرا جدا من الأموال والأرباح التي يحققوها، ونتوقع منهم حربا ضروس قبل أن تحين نهايتهم…
تذكر هذه المعلومة كلما سمعت أحدهم يقول لك العملات الرقمية حرام ومقامرة وخسارتها رهيبة ومصيبتها كبيرة.
دعني اضرب لك مثالا واقعيا بسيطا…
تحويل مبلغ 120 دولار لي عن طريق خدمات موقع باي بال PayPal يجعلني احصل على صافي 114.5 دولار، بينما تحصل باي بال على 5.5 دولار تحت بند عمولة تحويل أو مقابل تقديم خدمة تحويل المال.
(هذه النسبة متواضعة إذا قارنتها بما تحصل عليه البنوك الربوية عند تحويل الأموال)
هل انتهت أرباح باي بال على ذلك؟ بالطبع لا.
حين أحول هذه الدولارات إلى أي عملة أخرى، ستحولها لي باي بال بسعر أقل من السوق وتربح هي الفرق.
لسان الحال هو: إذا لم تعجبك خدماتنا اذهب إلى غيرنا – لكن إن فعلت سنحاربك بكل قوتنا.
يمكنني تحويل مثل هذا المبلغ بالعملات الرقمية المشفرة بمقابل أرخص.
نعم، تحويل عملات بتكوين أو إيثريوم يقتطع أكثر من ذلك عند زيادة الطلب على الشبكة لكن كل ذلك سيتغير مع التطويرات الجديدة على شبكات تشغيل هذه العملات، وسيقل المقابل كثيرا في الأيام المقبلة.
وقت كتابة هذه السطور، إذا قمت بتحويل أي مبلغ / رصيد عبر استخدام بتكوين، سيكلفني ذلك 2 دولار تقريبا. التحويل قد يكون فوريا أو يستغرق بضع ساعات حسب الضغط على الشبكة.
إذا حولت مبالغ صغيرة سيكون ذلك رقما كبيرا، لكن تخيل تحويل ملايين العملات مقابل 2 دولار فقط – وخلال دقائق.
إذا حولت باستخدام عملات أخرى، قد تنخفض تكلفة التحويل أكثر.
طبعا ينطوي الأمر على مخاطرة، قد ينخفض سعر العملة الرقمية التي تحول بها بعد قيامك بالتحويل.
صحيح، لكنه سيعود للارتفاع بعد فترة زمنية طالت أو قصرت، ساعتها سيربح المتلقي إذا زاد السعر فوق ما حولت به.
هذا ما يفعله البعض الآن ممن يريدون تحويل المال لأقاربهم في بلاد أخرى بشكل دوري…
…ينتظرون انخفاض سعر العملة الرقمية ثم يحولون مبالغ كبيرة، وحين تمر الشهور، يحصل الأقارب على المال وفوقه زيادة بسبب زيادة سعر العملة الرقمية.
هات لي بنك / مصرف واحد يوفر خدمة مثل هذه.
ولهذا السبب، ستصبح البنوك أثرا بعد عين، وبعد 10 أو عشرين عاما، سيتندر علينا أبناؤنا حين نقول لهم كنا نذهب إلى البنوك لنفعل كذا أو كذا…
مثلما نفعل حين يقول لنا آباؤنا: حين كنا نريد أن نهاتف من يسكن في دولة أخرى، كنا نسجل الرقم وننتظر بالساعات حتى يحين دورنا وتتحقق المكالمة الهاتفية…
الآن نخاطب من نريد بالصوت والصورة وقتما نشاء… لكن ذلك كان صعب المنال في الماضي…
وعليه أرى أن الأمر يحتاج لبعض الوقت حتى تبدأ الحكومات قبول العملات الرقمية ثم تستخدمها ثم تقننها ثم أتوقع صدور فتاوى تحليل للعملات الرقمية بعدها.
وقت كتابة هذه السطور، أعلنت دولة الإمارات العربية (وهي الرائدة في تطبيق كل جديد) عن تنظيم طرح وإصدار وإدراج وتداول العملات الرقمية والأصول المشفرة ومزاولة الأنشطة المالية المتعلقة بها في المنطقة الحرة التابعة لسلطة مركز دبي التجاري العالمي. يأتي ذلك رغم وجود هذه الفتوى الرسمية هنا.
خبر مثل هذا يعني أن المزيد والمزيد من الحكومات العربية ستعتمد هذه العملات الرقمية – وهذه النقطة اعتمد عليها عدد لا بأس به من فتاوى تحريم العملات الرقمية قائلين إن هذه العملات لا توجد حكومات تقبلها أو تقف ورائها.
وعليه أرى أن فتاوى تحريم العملات الرقمية علامة قرب انتشارها وقبولها واعتمادها، مثلها مثل سابقتها من فتاوى تحريم الجديد الغريب…
التاريخ يقول ذلك وليس أنا ولذا وجب التوضيح.
(تعمدت هنا ألا أدخل في مناقشة أسباب تحريم العملات الرقمية حتى لا يطول الحديث)
لحوم العلماء مسمومة
حين أناقش فتوى ما وأتحدث عن خبرات صاحب الفتوى في علوم الدنيا، يقول لي بعضهم هذه الجملة ويريد مني أن أنفذ الفتوى دون نقاش.
أنا أرفض هذه الجملة بكل قوة، ذلك لأن لحوم كل الناس مسمومة، وليس العلماء وحدهم.
أنا أقابل المعلومة بمعلومة مثلها، وأناقش الافتراض الذي بنى عليه أحدهم نظريته، ليس بهدف الذم أو القدح، بل الوصول للحقيقة المطلقة – عملا بمقولة الإمام مالك الشهيرة: ’كل يُؤخذ من كلامه ويُرد إلا صاحب هذا القبر‘ إشارة إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحشرنا جميعا في زمرته.
هل العملات الرقمية حلال مطلق أو حرام مطلق؟
العملة الرقمية مثلها مثل القلم، يمكنك أن تكتب به خيرا – أو تكتب به كفرا وكذبا.
القلم واحد في الحالتين.
نية من مسك القلم اختلفت وهي الفيصل في الحكم وليس القلم…
هناك عملات قائمة على الإقراض والفوائد الربوية المترتبة على ذلك، مثل عملة AAVE وعملة WIN ولا خلاف على تحريم التعامل فيها لأنها ربا متطور.
وقت كتابة هذه السطور، وفقا لمعلومة جاءت في فيلم وثائقي، يبلغ إجمالي عدد العملات الرقمية منذ بدايتها لليوم قرابة نصف المليون وهي آخذة في الزيادة، ويصعب تحديد الهدف من إصدار كل عملة. [العدد النشط المتداول من هذه العملات في 2021 يبلغ أقل من 5840 عملة وفقا لهذا المصدر.]
لكن عليك أن تقوم بواجبك في قراءة كل ما يمكنك عن أي عملة تنوي شراءها.
مثلها مثل أي سوق، ستجد اللصوص والنصابين يرتعون في أسواق العملات الرقمية – وستجد كذلك عملات هدفها نبيل وراءها أناس تحتاج للتشجيع.
مرة أخرى، لا تشتر ولا تستثمر قبل أن تقرأ الكثير والكثير عما تريد الاستثمار فيه.
ما تعلمته أنا من سابق كتاباتي عن التسويق وعن قصص النجاح في هذه المدونة المتواضعة – يجعلني أتوقع أن نقرأ عن عملات رقمية عربية عن قريب، وأن يكون لنا نحن العرب جولة في هذا المعترك التقني…
لكن حتما بدون فتاوى تحريم العملات الرقمية بشكل مطلق كما هو الحال الآن.
(إذا أردت الاستزادة، سبق لي أن كتبت منذ 10 سنوات أو يزيد عن معارضتي لآراء وفتاوى تحليل قرصنة البرمجيات وبرامج الكمبيوتر ونسخها، ويا حبذا لو قرأت التعليقات على هذه التدوينة!!)
سالم العنزي أيضا نشر رأيا جميلا في جريدة مكة أنصح بقراءته يوافق ما قلته هنا.
العملات الرقمية ليس هدفها المضاربة… فقط
ما يحدث الآن من تحقيق البعض لأرباح خيالية من شراء العملات الرقمية بسعر متدني ثم بيعها حين يرتفع سعرها، ثم النواح حين تنخفض أسعار هذه العملات، هو ضوضاء سرعان ما ستتوقف بمرور الوقت.
العملات الرقمية هدفها تقديم خدمات مالية لكل أهل الأرض بتكاليف متدنية وبطريقة تقنية متقدمة سهلة للغاية.
تقول لنا صفحات التاريخ أن كل جديد يسبقه فترة من عدم الانتظام والهرج والمرج، ثم يهدأ الغبار وتتضح الأمور وتنتظم وتستقر. نحن نمر بهذه الفترة حاليا.
كيف ستحول المال إلى القمر والمريخ؟
اسخر كما شئت، لكن ذات يوم قريب سيسكن الناس القمر، تمهيدا لاستعمار المريخ وما ورائه.
(أحب دائما أن أشاغب أصحاب نظرية المؤامرة وأن السفر إلى الفضاء كذب وخداع بصري مثل الأفلام وأن الانسان لن يترك الأرض ما أحياه الله، فأقول لهم إن القمر فعليا كان ذات يوم جزءا من الأرض قبل أن يقع اصطدام كبير اقتطع شقا كبيرا من الأرض وذهب به في مدار حول الأرض، لنسميه بعد ذلك القمر)
حين نسكن القمر، ستكون هناك تجارة ما بين أهل الأرض والقمر، ولن استغرب إذا وجدنا ذات يوم نطاق انترنت اسمه أمازون.قمر ونشتري منتجات مصنوعة على القمر. لكن تفكيري يذهب إلى السؤال: كيف سندفع لأهل القمر ساعتها؟ ماذا لو رفضوا قبول الدولار وأرادوا عملة خاصة بهم؟
لكن هذا الكلام قد يكون له تدوينة أخرى في المستقبل بإذن الله.
السلام عليكم
مقال تبارك الله ثري بالتفاصيل والمعلومات
لا يخفى على أي قارئ للمقال أنك مؤيد ومناصر للعملات الرقمية.. وأنا مثلك بالمناسبة.
لكنك ذكرت معلومة بالمقال أجدها مخيفة، واسمح لي أن نتوقف عندها للتفكير قليلا. ذكرت بالمقال أن هناك ما يقارب من نصف مليون عملة حتى الآن قابلة للزيادة. ما هي المعايير التنظيمية التي بمقتضاها يتم إصدار عملات رقمية جديدة؟ .. صراحة أجد الأمر وكأن العديد من الأشخاص صاروا يمتلكون آلة لطبع النقود يجعلونها تدور كي تنتج لهم نقودا متى شاءوا (صحح لي هذه الجزئية إذا كنت مخطئا)، ألن يؤدي أمر كهذا إلى حدوث تضخم مثلا؟
تحياتي وتقديري لشخصكم الكريم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نصف مليون هذه رقم تقديري لعدد العملات الرقمية التي صدرت حتى الآن، وإذا لم تخني الذاكرة، هذا الرقم جاء ذكره في فيلم وثائقي عن العملات الرقمية.
الجميل في العملات الرقمية أن برامجها مفتوحة المصدر، يمكنك نسخها وتغيير اسمها ثم إعادة إصدارها أنت الآخر – كما هي أو مع تعديلات وإضافات وهكذا.
الأمر ذاته مثلا متحقق مع برنامج التشغيل لينوكس مفتوح المصدر، وهناك بالفعل إصدارات كثيرة منه، تتميز بعضها وتختلف في جوانب، والمستخدم يختار منها ما يناسب احتياجاته.
عودة إلى العملات الرقمية، نعم، يمكنني أنا وأنت أن نصدر عملاتنا، لكن من سيستخدمها ويجعل لها قيمة؟ من سيتركها تعمل على جهاز الكمبيوتر الخاص به أو من سيشتريها وهكذا، ما القيمة التي ستضيفها هذه العملة؟
هذا هو التحدي، وهذا ما يمنع حدوث ما تفضلت بذكره وهو التضخم.
أشكرك على أسئلتك الجميلة.
فلننتظر حتى يهدأ الغبار وتتضح الأمور ..
ولنستغل هذه الفترة في تعلم العملات الرقمية وبحث إمكانية قبولها في أعمالنا وبيعنا وشرائنا، حتى إذا أصبحت واقعا، كنا مستعدين لها …
هي كما قلت
ناس رايحه تخسر ،وتخسر الكثير لذلك تحارب وبشراسه كل شيء جديد
ننتظر ولكن نكون جزء من اللعبه افضل من ان نكون خارجها
ودمتم سالمين