كريس باول

قصة نجاح كريس باول مدرب اللياقة وخبير التخسيس من الديون للشهرة

ذات يوم طلبت من موقع يوتيوب أن يعرض لي تمرينات لياقة بدنية خفيفة، فاختار لي 3 أفلام صورها كريس باول ولما أخذت بنصيحة يوتيوب وجدتني معجبا بشخصية الشاب الأمريكي الرشيق كريس باول وبدأت أتابع برامجه التليفزيونية حيث يختار شخصيات عشوائية من المشاهدين، ثم يتابعهم بشكل شخصي على مر عام أو يزيد، يدربهم على تمرينات رياضية من شأنها خفض وزنهم ورفع لياقتهم، كما يعرفهم على خبراء تغذية من أجل مساعدتهم على إتباع حمية غذائية صحية لا تكسب الجسم شحوما أو أوزانا إضافية.

كل حلقة تعرض قصة نجاح كل راغب في تخسيس وزنه، وتختصر عاما من عمره قضاه مع المدرب الشهير كريس باول الأمر الذي جعلني متشوقا لمعرفة المزيد عن قصة هذا الرجل الهادئ الذي ربما لم ينل شهرة في عالمنا العربي… بعد!

بداية قصة كريس باول

في عام 2006 كان كريس باول مدرب لياقة بدنية لديه من الشهرة ما يكفيه للعيش بأريحية وسعادة، حيث كان يظهر في برامج تليفزيونية ولديه قائمة من العملاء ثقيلي الوزن، فعليا ومجازيا، إلا أنه واتته فكرة تجارية جديدة أراد تنفيذها بنفسه…

منتج كريس باول الذي لم ينجح

منتج كريس باول الذي لم ينجح

كانت الفكرة صنع حاوية تبريد طعام (أسماها Stax)، يمكن حملها باليد، تحوي وجبات طعام ذات أحجام وأوزان معدة مسبقا، مع عداد تنازلي، والغرض من كل ذلك هو مساعدة أولئك المتبعين لحمية غذائية وبرنامج لياقة بدنية على الالتزام بتفاصيل جدولهم وبرنامجهم الغذائي.

متحمسا لتنفيذ فكرته، أنفق كريس باول 75 ألف دولار من مدخراته مقابل تصنيع وشحن هذه الصناديق المبردة (في الأغلب في الصين)، ثم أضاف إليها 100 ألف دولار اقترضها من معارف وأصدقاء بغرض استثمارها في هذا المشروع الذي حتما سينجح… أليس كذلك؟

تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن

ثم حل ميعاد وصول الشحنة الأولى من منتجه، وخرج منها أول صندوق كرتوني يغلف المنتج، ليفتحه كريس ويجد المفاجأة التي غاصت بقلبه وجعلت الدنيا تسود في وجهه…

كانت جودة التصنيع والمكونات سيئة للغاية، شابتها أخطاء كثيرة في التصنيع… المكونات تتحطم عند أبسط استخدام، والمقاسات كانت خاطئة…

لا يأس… بعد!

قرر كريس استئجار عمال محليين لمعالجة عيوب المنتج الذي وصله، يعملون في جراج صديق له، وبدأ يشتري مكونات محلية لاستبدال تلك الرديئة، واعتمد على بطاقات الائتمان الخاصة به لتمويل كل ذلك، كما اقترض المزيد من المال من دائرة معارفه.

حتى وصل كريس إلى نقطة بلغت فيها تكلفة المنتج أكثر من سعر بيعه…

قبلها، اضطر لترك التدريب وعمله الخاص للتركيز على حل مشاكل التصنيع، ما جعل دخله الشهري صفرا…

رغم كل ذلك، استمرت عيوب التصنيع تكشف عن وجهها القبيح على الرغم من كل جهود الترقيع وعلاج العيوب…

بعد مرور عامين، وبحلول مايو 2008 لم يعد كريس باول قادرا على دفع إيجار بيته أو فواتيره الشهرية…

خسر كريس كل شيء، وبلغت ديونه 200 ألف دولار، حتى أنه اضطر للعيش والنوم في سيارته بعدما ضاقت به بيوت أصدقائه، وبات يتجنب الدائنين ولا يرد على اتصالاتهم.

للخروج من هذه الأزمة، قرر كريس الرحيل إلى مدينة جديدة، ليبدأ بداية جديدة…

بداية جديدة في كاليفورنيا

ركب كريس سيارته وقادها خارجا من مدينته حتى ولاية كاليفورنيا، وهناك حيث عاد للتدريب من جديد، وبدأ يحقق دخلا صغيرا سمح له باستئجار بيت صغير.

ثم كان أن حضر كريس دورة تدريبية لتطوير الذات، ليقابل فيها هايدي، فتاة تحب مساعدة الناس، وبسبب خبرتها في إدارة أعمال أسرتها و الحِس التجاري لديها، وضعت خطة عمل لكي يتمكن كريس من سداد كل ديون بطاقات الائتمان التي كانت عليه، وعلمته كيف يجب عليه الرد على اتصالات الدائنين وكيف يطلب منهم وضع خطة سداد بأقساط عادلة، وأن يبدأ بسداد الديون ذات معدل الربا الأعلى، وهو ما كان.

بعدها، أصبحت هذه الفتاة زوجته وأم أبنائه، وشريكته في برامج التدريب التي يؤديها.

كريس باول

كريس باول

المفاجآت السعيدة

ذات يوم نشر ديفيد سميث صورة له وهو سمين يزن قرابة 300 كيلوجرام، وصورة له بعدما خسر أكثر من 200 كيلوجرام من وزنه، على حسابه في موقع ماي سبيس.

تناقل الناس الصورة بشكل كثيف، الأمر الذي جلب له شهرة كبيرة، خاصة مدرب اللياقة البدنية الذي وضع له نظاما غذائيا صحيا، وبرنامج تدريب لياقة بدنية يناسب حالة ديفيد، وبعد مرور قرابة عامين، تحول السمين إلى شاب وسيم يتناقل الناس قصته وأصبح مثلا أعلى ينظر له الطامح في خسارة وزنه…

ديفيد سميث الذي خسر 200 كيلوجرام بمساعدة كريس باول

ديفيد سميث الذي خسر 200 كيلوجرام بمساعدة كريس باول

هذه الشهرة جعلت محطات التليفزيون والجرائد والمجلات تبحث عنه لعرض المزيد من تفاصيل قصته التي تحولت لفيلم قصير بعنوان “The 650 Pound Virgin” أذيع في عام 2009.

بالطبع، هذه التقارير سلطت الضوء على المدرب العبقري الذي استطاع فعل ذلك، كريس باول والذي واتته الفكرة عندها: لماذا لا يعمل على إعداد أفلام وثائقية تؤرخ المراحل الزمنية التي يمر بها كل سمين ينخرط في برامج كريس باول لخسارة الوزن…

كان من ضمن أصدقاء كريس مخرجة تعمل في شركة إنتاج، عرض عليها الفكرة ومعا وضعا تفاصيلها على الورق وعرضاها على القناة التليفزيونية ABC الشهيرة.

كانت الفكرة الأولية أن يقوم أحد المشاهير بتدريب البطل السمين، لكن شركة ABC أرادت أن يقوم كريس باول بنفسه بتقديم هذا البرنامج (والذي أصبح اسمه فيما بعد Extreme Weight Loss)

النهاية السعيدة

استغرق الأمر مرور 5 سنوات على قدومه إلى كاليفورنيا ليسدد كريس باول آخر سنت من ديونه، لكنه مقابل ذلك تعلم دروسا ثمينة جدا، ساعدته على اتخاذ قرارات سديدة بعدها، منها أن يكون متواضعا، وأن يعرف أن الغرور نهايته الخسارة، وأن يفهم مخاطر الديون، وضرورة تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على أي دخل سيتحقق في المستقبل، إلا بعد أن يدخل حسابه البنكي!

كذلك جعلت سنوات الديون هذه أي نجاح يحققه كريس ذا أثر إيجابي كبير على نفسه ونفسيته، وهو ما انعكس على طريقة تفكيره وعلى برامجه التدريبية والتشجيعية لخسارة الوزن…

الدروس المستفادة من القصة

حين تنجح، لا تجعل هذا الدفع يدفعك للظن أنك لن تفشل بعدها. الزم التواضع.

اعمل بجهد وتعب مع العملاء، حتى تأتيك المفاجآت السعيدة غير المتوقعة منهم. كريس عمل لمدة عامين متصلين مع ديفيد سميث.

هذه الملحوظة وجدتها في أكثر من قصة نجاح: في بعض الأحيان يكون الخروج من مدينتك التي فشلت فيها سببا للنجاح في غيرها. لا أقول إن ذلكَ قانونُ ينطبق في كل الحالات، لكن في بعض الحالات يكون اقتراحا وجيها جديرا بالتجربة.

على الجانب

من الواجب هنا سرد نهاية قصة السمين الوسيم ديفيد سميث، والذي كسب وزنه قرابة 150 كيلوجرام مرة أخرى، وذلك لأنه كان يعاني من مشاكل نفسية عميقة كان يهرب منها بتناول الطعام، فلما تركه كريس باول ليدرب غيره من الناس، انهار وعاد إلى عاداته السيئة القديمة وخسر وظيفته، إلا أنه بعدها وبمساعدة الأصدقاء، قرر العودة إلى صالة التدريب وإتباع حمية صحية.

يمكنك متابعة أخبار ديفيد على صفحته في فيسبوك (الرابط) وربما كنت من الكرم بحيث تركت له تعليقات إيجابية تشجيعية.

الآن، إذا بدأ اسم كريس باول يشتهر في العالم العربي… حتما سيكون لهذه المدونة بعض الفضل ? أو لا!

في الختام، أنصحك بقراءة تدوينة سابقة بعنوان: كوتش كارتر يسأل: ما أكبر مخاوفك؟

30 ردود
  1. يحيى الحربي
    يحيى الحربي says:

    اسعدني كتابتك للمقالات من جديد واطلب منك عدم الغياب لمدة طويلة اذا سمحت

    طبيعة الحياة أن تنجح أحيان وتخسر احيان أخرى وتكمن قوة الشخص بتحويل كل خسارة الى نصر وكل عثرة الى فرصة والرضا بالقضاء خيره وشره من الأمور المعينة للتغلب على خيبات الامل وانكسار الطموح وانهزام النفس

    دائم تذكر نجاحاتك السابقه وكيف بعد السعي استطعت أن تنجح في شيء تحبه هذا سيعطيك شعلة من الهمه تستطيع أن تواصلك لنجاحات متتالية

    رد
  2. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    أن يكون متواضعا،
    وأن يعرف أن الغرور نهايته الخسارة،
    وأن يفهم مخاطر الديون، وضرورة تنويع مصادر الدخل،
    وعدم الاعتماد على أي دخل سيتحقق في المستقبل، إلا بعد أن يدخل حسابه البنكي
    ……………………………….
    زبده الكلام واهم ما يجب تعلمه من القصه
    واضيف
    مثابره رءوف لمعرفه بقيه قصه ديفيد
    ودمتم سالمين

    رد
  3. م.طارق الموصللي
    م.طارق الموصللي says:

    الحمد لله على السلامة، انتظرناك طويلًا يا أ.رؤوف.

    اتسائل بيني وبين نفسي: ماذا لو أمتنع كريس عن الاعتناء بـ (ديفيد سميث)؟ ماذا لو حدّث نفسه قائلًا: “هذه حالة ميؤوس منها، كيف ليّ أن أهتم بشخص يكاد يحطم الرقم القياسي في زيادة الوزن؟”، كم من فرصة كانت ستفوت كريس آنذاك؟

    تقابلني العديد من مثل هذه المواقف، لأشخاص تشعر باليأس من حالتهم قبل الانخراط فيها. لكنني أحبّ التحدي!
    أحب أن أُثبت للآخر -ولنفسي- أن الإنسان قادر على شطر الجبال نصفين إن أمتلك العزيمة لذلك.

    شكرًا لك أخي العزيز لمشاركتنا هذه القصة المُلهمة جدًا.

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      دعواتك ألا أطيل انتظار القراء مرة أخرى بإذن الله.

      هي فعلا كانت حالة غير مسبوقة، لقد كان وزنه يقارب 300 كيلوجرام والنجاح في مثل هذه الحالات يتطلب عزيمة أقوى من الفولاذ المقوى!

      رد
  4. عمرو النواوي
    عمرو النواوي says:

    طال غيابك يا رؤوف .. حاول الانتظام هنا، لأن ده أصبح أفضل مكان على الإنترنت بالنسبة لناس كتير قوي اتخنقت من السوشال ميديا .. زيي 🙂

    رد
  5. محى محمد
    محى محمد says:

    شبايك فى مؤلف اسمه مالكولم جلادويل هل سبق وسمعت عنه أو قرأت له أعجبنى كتابا له بعنوان نقطه تحول وأدعو الله لك بكل خير والله وأن يحفظك ربى

    رد
  6. أسامة حمدي
    أسامة حمدي says:

    سمعت مثلاً يقول (الدَّين”اقتراض المال” هم ُّ بالليل ومذلَّة بالنهار). التفكير في حلول أخرى للحصول على المال أفضل من اقتراضه أي أن الاقتراض يكون في الضرورة القصوى فقط.

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      الموضوع يطول الكلام فيه،

      لو تلاحظ الاسلام لم يحرم الاقتراض في حد ذاته، بل الربا، ولذا الاقتراض بشروط وضوابط محددة يمكن أن يكون ذا أثر إيجابي…

      والأمر له أهله يتحدثون فيه.

      رد
  7. محى محمد
    محى محمد says:

    عموما كنت أود منك الاطلاع على كتاب نقطه تحول للمؤلف مالكولم جلادويل ان كان لديك وقت

    لاحرمنا الله منك

    وجزاك الله عنا خير الجزاء

    رد
  8. بكر
    بكر says:

    اشتقنا لتدويناتك يا طيب ?

    ارجع إلينا فقد مللننا من وسائل الانفصال الاجتماعي واشاعاتها المكرره

    رد
  9. رضوان
    رضوان says:

    بوركت
    التصنيع في الصين يحتاج ان يكون معك محامي وخبره وان تكون هناك في المصنع عند التصنيع .
    أكثر من شخص اكل خوازيق عبر التصنيع عن بعد.

    رد
  10. عزيز
    عزيز says:

    التواضع والغرور عنوانا النجاح أو الفشل.
    ما أعجبني في شخصية هذه التدوينة كريس باول أنه يتابع متدربيه طيلة السنة، يعني أنه كان لديه صبر أيوب في طريق نجاحه.

    رد
  11. osama elmahdy
    osama elmahdy says:

    بكون في منتهي السعاده لما بدخل المدونه وبلاقي مقال جديد،
    حضرتك بالنسبه لنا -متابعين المدونه القدامي- كريس باول تخصص شحن الامل 🙂

    رد
  12. بلال موسى شنك
    بلال موسى شنك says:

    جميل المقال استاذ رؤوف وانا دائماً ما انتظر جديدك.
    وخاصة تسلط الضوء دائماً على قصص جديدة تلفت الانتباه وتشد الاعناق.
    واتمنى ان اسمع عن مشروعات لك جديدة على الانترنت.
    مع محبتي واشواقي

    رد
  13. مروان صعب
    مروان صعب says:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الله يعطيك العافية يارب والله ياأستاذ أنت العراب في مجال التحفيز لك مني ومن السوريين جميعاً أحلى تحية

    رد
  14. Sara
    Sara says:

    نلاحظ من خلال هذه القصة أن الصبر هو مفتاح من مفاتيح النجاح
    شكرا لك , مزيدا من النجاحات إن شاء الله

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *