بعدما نجحت في تجارتك ، كيف ترى أيامك الأولى وبما تنصحنا؟

,

من المقالات الجميلة التي قرأتها مؤخرا واحدة ذهبت إلى أصحاب شركات ناجحة وسألت كل واحد منهم: الآن أنت ناجح في تجارتك ولكن ماذا عن الأيام الأولى لتأسيس شركتك، كيف كانت البدايات، وما النصائح التي تعلمتها في تجارتك خلال شقك لطريقك وعملك على نجاح شركتك. فيما يلي أعرض لك قصص ثلاثة من أصحاب شركات أمريكية، لنبدأ:

1 – جيف و رايان و نيت، ملابس سيرينجتي Serengetee

أثناء دراستهم الجامعية في 2011، سافر الشباب الثلاثة في رحلة بحرية حول العالم شملت دول افريقيا وآسيا و أمريكا الوسطي، وعادوا من رحلتهم بعينات قماش من كل البلاد التي مروا عليها، وعلى الرغم من اختيارهم لهذه الأقمشة فقط لأنها – من وجهة نظرهم – تحفة فنية ولونية، لكنهم اشتروها ولم يكن في نيتهم ما حدث بعدها. من فرط إعجابهم بما اشتروه، قرر الثلاثي تأسيس شركة لهدفين، الأول ربح بعض المال للاستمرار في الترحال حول العالم، والثاني خلق وسيلة تمكنهم من مساعدة كل بلد اشتروا منها ملابس.

Serengetee-3-founders

كان رأس المال المعد لهذه الشركة 3 آلاف دولار والتي انطلقت في بداية 2012، وكانت شريحة العملاء المستهدفة هي كل زملاء الجامعة المشهورين بحبهم للبس كل ما هو جديد وفريد، وكان عليهم كذلك النجاح في دراستهم الجامعية، مع تسييرهم لأمور شركتهم دون خسائر أو مشاكل. قامت الشركة من أول يوم على هدف واضح: كل عملية بيع ناجحة، تذهب نسبة من ريعها لواحدة من 50 مؤسسة خيرية حول العالم، ولكل مؤسسة نوعية محددة من القماش مخصصة لها، وكانت كل فانلة / قميص تتزين بجيب قماشي أمامي يرمز لهذه المؤسسة، وكان العملاء يختارون الجيب القماشي الذي يريدون، كناية عن دعمهم للمؤسسة الخيرية المرتبطة به. على سبيل الدعاية للشركة الجديدة، طلب المؤسسون من أصدقائهم وزملائهم أن يجعلوا شعارهم على حساباتهم في الشبكات الاجتماعية هو شعار الشركة الناشئة لفترة من الوقت لنشر الفكرة وتحقيق بعض الشهرة.

كان سعر البيع المبدئي 24 دولار لكل فانلة، وكان مصنع الملابس هو غرفة نوم الشريك المؤسس جيف في الجامعة، لكن الإقبال الذي شهدته الفكرة والمبيعات المتزايدة كانت تعني ضرورة الانتقال لمصنع أكبر وأسرع. على الجهة الأخرى، في أول إجازة صيفية لهم، فاجئهم زميل جامعي له شهرة عريضة على موقع يوتيوب بأن مدح منتجاتهم من الملابس، الأمر الذي ترتب عليه شهرة مفاجئة ومبيعات متزايدة في وقت قصير، وحققوا مبيعات كثيرة ساعدتهم على النجاح والاستمرار. رغم ذلك، كانت التحديات لا تنتهي، فحجم المبيعات الكبير بحاجة لجهود أكبر لضمان جودة التصنيع والتسليم في الموعد وخدمة العملاء بشكل سلس. هذا الأمر نتج عنه وقوعهم في أخطاء إدارية بسبب قلة خبرتهم النسبية. في العام الأول، بلغ إجمالي المبيعات 140 ألف دولار.

كان منفذ البيع في بداية الشركة عبر موقعها على انترنت، وبفضل التجارة الإلكترونية والتي كانت تعني تلقي المال أولا ثم كسب بعض الوقت لصنع المنتج المباع بسرعة وتسليمه، وهو نموذج عمل ناسبهم كثيرا في البداية. بالطبع كانت هناك مرات تأخر فيها التسليم للعملاء، لكنهم كانوا من الشجاعة بحيث كانوا يتصلون بالعميل المتأخرة بضاعته ويشرحون له الموقف وكيف أنهم ليسوا شركة كبيرة ولذا بعض التأخر لا مهرب منه، ورغم أن بعض العملاء لم يرضوا عن التأخير ورحلوا بطلباتهم، لكن قطاعا كبيرا تفهم الأمر وأصبحوا من أفضل العملاء المتكررين.

اليوم يعمل لدى الشركة أكثر من 25 موظفا، مع أكثر من 2500 نقطة تسويق لها في ربوع أمريكا، والخطة المستقبلية لهم هي دخول عالم تصنيع الحقائب الجلدية وملابس الأطفال والإكسسوارات، وفور التخرج من الجامعة، سينتقلون جميعا إلى مقر كبير مخصص للشركة وللتوسع. وأما النصيحة التي يبذلها فريق العمل لك في تجارتك فهي بسيطة قصيرة: هناك الكثير الذي يمكنك عمله بميزانية صغيرة أو حتى بدون ميزانية!

2 – مات بولدوين، أزياء دينيم

بعدما نال شهادة جامعية في تصنيع الملابس، وبعدما عمل لدى أكثر من شركة أزياء شهيرة، قرر مات بولدوين Matt Baldwin في 2003 أن يفتتح محله الخاص لبيع الملابس في كانساس سيتي بمشاركة زوجته وباستثمار مالي من صديق للعائلة. السنوات الأولى من عمر المحل قضاها مات في بناء علاقات وطيدة مع الزبائن، مستمعا لهم محققا لما يطلبوه، حتى اشتهر بأنه أفضل من يوفرون ملابس ليست واسعة ولا ضيقة جدا، ولكن تناسب الجسم بشكل مريح. في عام 2009 وجد مات أن سوق الملابس الأمريكي خال من أزياء رجالية معتمدة على قماش الدنيم أو الجينز، بشكل راق وفاخر وفريد، أزياء يود هو نفسه أن يرتديها طوال الوقت. لهذا الغرض أسس مات شركته الجديدة تحت اسم بولدوين دينيم Baldwin Denim والتي كانت تبيع أزياء رجالية من تصميم مات نفسه، واشتهرت بأنها مصنوعة بالكامل داخل الولايات المتحدة، وهي نغمة وطنية تجدي في بعض الأحيان.

مات بولدوين، أزياء دينيم

مات بولدوين، أزياء دينيم

الجدير بالذكر أن هذه الشركة الجديدة جاء ميلادها في أوج الأزمة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي اضطر مات لخفض عدد موظفيه من 56 إلى 21 مع عمله الجاد لبث روح الأمل في المستقبل لدى من تبقى لديه من موظفيه. في بداية الشركة الجديدة، صمم مات 3 تصميمات رجالية، صنع من كل تصميم 70 قطعة للبيع، بإجمالي 210 قطعة فقط وبسعر بيع 200 دولار للقطعة في المتوسط، لخفض التكاليف والمخاطر أيضا. لكي يضمن تفرده، يتعامل مات مع مصنع قماش جينز دينيم في اليابان، يصنع له قماشا فاخرا يندر أن تجد مثله في العالم. هذا التفرد في المكونات جلب له الجوائز واحترام العاملين في هذه الصناعة، والمشترين كذلك. هذا الاحترام يساعد منتجات مات على احتلال رفوف كبار سلاسل محلات البيع الشهيرة، على أن إعجاب مشاهير الفن بأزياء مات وارتداؤهم لها يقدم دعما لا ينقطع للمبيعات بدون شك. هذا التفرد يفسر لك سعر البيع المرتفع، لكن حين تعرف أن ملابس مات تقاوم الزمن والتقادم والاستهلاك، وتستمر رغم الاستخدام ورغم مرور الوقت في حالة جيدة وأنيقة، ساعتها تدرك أن سعرها مناسب، خاصة وأن قلة متميزة ترتديها.

أما النصيحة التي يبذلها مات لك في تجارتك فهي أن يحيط كل صاحب عمل نفسه بالمبدعين المجددين، وأن يعمل على مجالسة الخبراء الناصحين المعلمين، وأن تكون لك علامة تجارية خاصة بك (براند) بدون تقليد أو نسخ، وأن تكون لك فلسفتك الخاصة في العمل والتي لا تغفل عنها. اليوم لا تقتصر أزياء مات على الرجال، إذ بدأ يصمم للنساء أيضا، الأمر الذي يلاقي نجاحا وإقبالا.

3 – مات سيلر، تجارة المياه الغازية والمشروبات

بعد تخرجه من الجامعة، جاءت أول وظيفة رسمية له في ترميم قارب بحري، وأثناء عمله على الشاطئ في الترميم، وجد مات زميلا جامعيا له يفتتح مطعم معجنات بيتزا على ذات الشاطئ حيث يعمل، وحدث أن طلب زميله منه أن يبني له موقدا (فرن) لخبز البيتزا، واستغل مات الفرصة ليعمل في المطعم كنادل في المساء، وسرعان ما لاحظ مات أن ما ينقص المطعم هو المشروبات، ذلك أن المطعم كان يتميز باستخدام المكونات العضوية الطبيعية فقط. فكر مات في أن يقوم هو بعمل مشروب كولا عضوي طبيعي غير ضار وبيعه في المطعم وهو ما كان له.

بعدما لاحظ إقبال رواد المطعم على مشروبه، قرر مات التركيز على صنع هذا المشروب وبيعه بشكل احترافي في عام 2001 في صورة شركة من تأسيسه، ولما كانت الماديات شحيحة كان عليه أن يفعل كل شيء بنفسه، ولذا كان يشتري المكونات ويمزجها في مطبخه لصنع المشروب، ثم يجرب ويمزج حتى يصل لأفضل مذاق ممكن، ثم يشتري الزجاجات ثم يعبئها بالسوائل ثم يغلقها ثم يلصق عليها الملصقات ثم يضعها في صناديق ثم يأخذها في سيارته لبيعها. بسبب فقره لم يتمكن مات من شراء وقود البنزين لسيارته القديمة ولذا استعاض عنه بزيت الطهي، وكان عليه وضع زجاجات الزيت في السيارة لتكون وقودا احتياطيا، وبجانبها صناديق المشروبات لبيعها، وكانت السيارة تئن تحت هذا الحمل الثقيل، وكانت تنخفض حتى تقارب الأرض، حتى أن مات كان يضطر للتفكير في مساره حتى لا توقفه مطبات أو طرق لا تتحمل سيارته المسكينة السير عليها. استمر حال مات كذلك لمدة عام أو يزيد، حتى استعان بأخيه ليشاركه تجارته الناشئة.

خلال هذه السنة أيضا، كان مات يعمل في وظيفتين ليوفر كل فلس وقرش ومليم يقع تحت يديه، وكان يبني علاقات تجارية جيدة مع الموردين ومع المشترين, فكان المشتري يدفع له بعد 10 أيام، في حين وافق الموردون على أن يدفع مات لهم بعد مرور 30 يوما على شرائه منهم، الأمر الذي كفل له دورة نقدية موجبة، دون أن يجد نفسه يوما بلا مال يكفي لشراء المكونات، كما لم يتأخر يوما على سداد دين مستحق على شركته. الجدير بالذكر أيضا أن مات يتعامل فقط مع المكونات العضوية التي لم يستعمل أي مبيد أو سماد غير عضوي في زراعتها وصنعها.

النصيحة التي يبذلها مات لك في تجارتك فهي أن شركته في البداية كانت تعمل وفق مبدأ اصنع كل شيء بنفسك. طبعا هذا ليس بالرأي الرشيد، لكن عند شح المال يكون هذا الخيار استراتيجيا بما يكفل للشركة الاستمرار حتى تتمكن من شراء الخبز من خبازه. كذلك لم يقترض مات لتمويل توسع الشركة واستغل كل دخل يتحقق في التوسع وتكبير أعمال الشركة، الأمر الذي ساعده على رفض أي صفقة مجحفة غير رابحة، وهو ما ساعده كثيرا على تحقيق النجاح. اليوم يعمل لدى شركة مات أكثر من 34 موظفا.

أما أول وظيفة عمل فيها مات فكانت بيع المشروبات الباردة على الشاطئ مقابل نصف دولار لكل زجاجة مشروب!

12 ردود
  1. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    ثلاث قصص بقاسم مشترك
    وهو الايمان بالفكره
    السعي لتحقيقها
    رغم الالم
    ورغم صعوبه الامر
    لكن سيكون النجاح حيلف من يحاول
    ودمتم سالمين بنجاح

    رد
  2. أحمد سعد
    أحمد سعد says:

    قد يظهر للبعض أن أيام البداية تكون صعبة للغاية ،

    و لكنني أظن أن كل هؤلاء كانو يحققون متعة لأنفسهم ،

    و لم يروا كل هذه الصعوبات نظراً لتركيزهم الشديد على تحقيق الهدف .

    رد
  3. حذيفة ماضي
    حذيفة ماضي says:

    أنا مشترك في القائمة البريدية لموقعك، عندما أتصفح بريدي مسرعاً باحثاً عن رسالة معينة أنتظرها وتكون مهمة بالنسبة لي، وأكون حينها متخذاً قراراً صارماً بأن لا يشتتني شيء آخر غير الرسالة التي أريدها ودائماً ينجح معي ذلك. ولكن عندما أرى رسالتك وعنوانها ( مدونة شبايك ) أحتار في أن أكسر قراري بأن لا أفتح غير الرسالة التي أريدها وبين رسالتك .. وأحاول ان أخرج من بريدي الإلكتروني مسرعاً كي لا أضيع الوقت، إلا أن سحر كتاباتك يجبرني على العودة، إما أن أضيف تدوينتك الجديدة لمفضلتي لقراءتها لاحقاً أو أن أفتحها في نافذة جديدة وأبقيها مفتوحة بجانب عملي على الإنترنت حتى أتعثر فيها كلما تنقلت بين النوافذ أو أن لا أطفئ جهازي ليلاً، بل أقوم بعمل ما يعرف ب Sleep له لأقرأ تدوينتك في اليوم التالي .. بكل صراحة وصدق هذا ما يحدث معي ،،

    سؤالي لك .. ما الخلطة السحرية التي تفعلها في عقلك لتأسر بها عقولنا بكتاباتك ؟!

    شكراً أستاذي رؤوف ،
    صديقك المحب الذي لم يلتقِ بك بعد ..

    رد
  4. مريم احمد
    مريم احمد says:

    بالنسبة للمشروع الخاص بالاقشمة هو بالضبط الفكرة اللي بفكر فيها من سنين و يوما في القريب العاجل باذن الله حانفذها بس فكرتي في الجميعة الخيرية انها تكون لدعم النساء المنتجين للمنسوجات او الاشياء الحرفية.لانه عندما تدعم امراة انت بتدعم امة .

    رد
  5. Abdullah
    Abdullah says:

    مقالة رائعة جدا كما عودتنا أخي شبايك 🙂

    أريد أن أسأل عن “مات سيلر” ما اسم شركته؟ لأني مهتم بموضوع المشروبات العضوية

    رد
  6. حميد الأحمد
    حميد الأحمد says:

    هذه المرة الثانية التي أقرأ فيها في شبابيك بالصدفة طبعاً..وقد شدتني في هذه المرة أكثر من المرة السابقة..أنا شاعر وكاتب صدر لي كتاب وديوان شعري إلى الآن..
    لم أجد من يكتب بلغتك فيها تحفيز، فيها صدق، فيها واقع
    لا أمتدح أسلوبك غير أني لم أجد ما أعيبه عليك على الأقل
    مودتي

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *