Tag Archive for: حرب

الأرقام الخفية / انحياز البقاء

الأرقام الخفية هي ظاهرة تفسر لماذا نتخذ أحيانا قرارات بناء على إحصائيات، ثم نجد بعدها أن هذه القرارات كانت غير صائبة، فما الذي جرى؟ في بعض الأحيان لا تكون كل الأرقام حاضرة عند الإحصاء، لسبب أو لآخر.

انحياز البقاء

حين يكون السبب قيامنا بالتركيز على أشخاص نجوا أو أشياء حدثت بالفعل، ثم نتغاضى عن إحصاء أشخاص هلكوا أو أشياء لم تحدث، ساعتها يسمونها انحياز البقاء أو Survivorship Bias وأما أنا فأسميه: الأرقام الخفية من أجل تسهيل فهم الفكرة والتوسع أكثر في  تنفيذ المبدأ.

أحد أشهر الأمثلة على ظاهرة انحياز البقاء / الأرقام الخفية هي إحصائيات الجيش الأمريكي لإصابات طائراته الحربية في الصورة المرفقة..

خلال الحرب العالمية الثانية، كان هناك جيش موازي من العلماء يحلل كل البيانات المتوفرة من ساحة المعركة، للوصول إلى أفضل وقت / طريقة ترمي فيه / بها قاذفات القنابل قنابلها لأفضل طرق إطلاق نيران أسلحة المشاة وفقا لكل حالة وصولا لاختراع القنبلة الذرية.

من ضمن تلك البيانات جاءت إحصاءات أكثر المناطق التي تعرضت لرصاصات أسلحة الأعداء في أجسام الطائرات الحربية الأمريكية خلال قتالها في سماء أوروبا – كما في الصورة المرفقة.

كان رد الفعل البديهي الأولي لخبراء التحليل والرياضيات والإحصاء هو زيادة تحصين وتدريع الأماكن التي شهدت أكبر تجمع لطلقات الرصاص.

معضلة حسابية صغيرة

قبلها دعني أوضح أن الطائرات المقاتلة تمثل معضلة حسابية صغيرة: فأنت تريد زيادة الدروع فيها، لكن هذه مشكلتها ثقل الوزن. زيادة الوزن تعني زيادة استهلاك الوقود والبطء وقلة المدى الفعال وكل ذلك من العيوب.

قلة الدروع تعني عكس كل ذلك، في مقابلة جعل الطائرة المقاتلة سهلة القضاء عليها بأقل قدر من الحظ والتصويب.

الحل الأمثل هو تحري أكثر الأماكن ضعفا في بدن الطائرة وتدريعها بما يكفي، وترك البقية التي لن تقضي على الطيار والطائرة عارية في مقابل الحصول على خفة في الوزن وسرعة في الطيران وبعدا في المدى الفعال.

نرجع لمثالنا والذي أصبح مضرب المثل في ضرورة فهم طبيعة الأرقام في الإحصائيات وعدم التسرع في الافتراض.

كما ذكرت لك من قبل، كان الرأي الأولي زيادة تحصين أكثر الأماكن التي تعرض لطلقات الرصاص كما في الصورة الشهيرة المرفقة.

وهنا يدخل إبراهام والد Abraham Wald إلى التدوينة!

إلا أن عبقري حساب أمريكي، خبير رياضيات يهودي من أصل مجري ودرس في النمسا، كان له رأي مخالف. رأى إبراهام والد أن الطائرات التي سقطت ولم تعد لأخذها في الحسبان تعرضت لإصابات قاتلة في أماكن جعلتها تسقط، أمر لم يحدث مع الطائرات التي عادت.

الأرقام الخفية – لاحظ خلو مناطق المجركات من أي نقاط

هذه الأماكن سلمت من طلقات في الرصاص ولهذا تمكنت الطائرات من العودة لتخضع للفحص والإحصاء.

هذه الأماكن كانت المحركات!

ابحث عن الأرقام الخفية

حين سارع بقية الخبراء لتحليل الأرقام والبيانات، كان إبراهام يفكر هل هذا كل شيء؟ هل هذه صورة كاملة؟ أم هناك أرقام ناقصة لم تؤخذ في الحسبان… أو ما أسميه أنا العبد الفقير: الأرقام الخفية

الطريف في القصة أن المخابرات الحربية الأمريكية كانت تنظر بعين الشك إلى إبراهام، فكما هو معروف، في وقت ليس ببعيد كانت ألمانيا والنمسا إمبراطورية واحدة، ولأن إبراهام هاجر إلى أمريكا قبل وصول الحرب العالمية الثانية لأبواب بلده المجر التي عاش فيها لفترة بعد إنهاءه دراسته الجامعية في النمسا، كان محلا للشك في ولاءه وميوله…

إلا أن تبريره في هذه الحالة بالتحديد كان منطقيا، ولهذا نفذ الجيش الأمريكي توصية إبراهام، تحصين الأماكن التي لم تتعرض لطلقات الرصاص، على أساس أن تلك التي تعرضت لهذه الطلقات فشلت في العودة لقواعدها سالمة.

لم نعرف كم طائرة نجت بسبب هذه الطريقة في التفكير، كل ما نعرفه أن الجيش الأمريكي استمر ينفذ هذه النصيحة خلال حروبه التالية في فيتنام وكوريا. كل ما نعرفه أن هذه الصورة اشتهرت وجاء نشرها في كثير من الكتب، حتى إن مدونة شبايك تحدثت عنها!

في الختام، الأرقام الخفية ذات أهمية كبيرة فهي تغير النتيجة النهائية ولها تطبيقات وأمثلة لا حصر لها. (إقرأ إن شئت تدوينة يمكن للأرقام أن تخدع وكثيرا ما تفعل)

حين تقرأ إحصاء / تقرير / أرباح / خسائر / عدد متابعين / مبيعات / مستخدمين / أرصدة بنكية ما، ابحث في طبيعة الأرقام التي اعتمد عليها وفكر: هل هناك أرقام خفية كان يجب أن تدخل في الحسبان ولم تفعل لسبب أو لآخر؟

إن فهم تفاصيل القصة وراء كل رقم ربما كان أكثر أهمية من الرقم النهائي ذاته.

الأمر ليس سهلا، لكنه لو تدري عظيم الأثر.

نوتيلا ناتيلا نتيلا

نوتيلا أو نتيلا أو ناتيلا هي علامة تجارية إيطالية مشهورة للشيكولاتة. ببساطة تشتري العلبة، تأخذ منها كمية قليلة، تفردها على قطعة خبز دافئ ثم تقاوم الشعور بالذنب من تناول وجبة مليئة بالسكريات والذكريات مثل هذه.

اقرأ المزيد

عربة التسوق (أو الترولي أو الكارت أو Shopping cart) لا غنى عنها اليوم لمن يتسوق في كبريات متاجر التجزئة، لكن كيف كانت بداية عربات التسوق وهل كانت بداية سهلة؟ حسنا، لو كانت سهلة ما كنا لنتحدث عنها في مدونة شبايك، لكن قبلها دعونا نتعرف على مخترع عربة التسوق وأقصد الأمريكي سيلفان جولدمان Sylvan Goldman. قبل ذلك، يجب أن أذكر لكم أن الكيس الورقي الطويل (بدون يدين أو بيدين) الذي اعتدنا على أن نعبأ فيه مشترياتنا هو من اختراع الأمريكي والتر دوبنر Walter_Deubener في عام 1912، تلاه اختراع سلة التسوق المعدنية.
اقرأ المزيد

لعله من أصعب المواقف التي تمر على الواحد منا هي حين يملك فكرة جديدة، تساعد فعلا على تقليل النفقات وزيادة الإنتاج ومن ثم تأتي بالربح الكثير، لكن رغم ذلك يرفض الناس الاقتراب من الفكرة أو شراء المنتج الذي يجعل كل هذا يتحقق. لكن الأصعب منها حين تسيطر هذه الفكرة على عقل الفرد منا، فلا يجد الأدوات والتقنيات التي تساعده على تحويلها من مجرد فكرة إلى منتج فعلي ناجح. آل ماكورميك في الولايات المتحدة خير مثال على هذه الحالة.

اقرأ المزيد