نوتيلا ناتيلا نتيلا

نوتيلا – أزمات صنعت علامات تجارية ناجحة

نوتيلا أو نتيلا أو ناتيلا هي علامة تجارية إيطالية مشهورة للشيكولاتة. ببساطة تشتري العلبة، تأخذ منها كمية قليلة، تفردها على قطعة خبز دافئ ثم تقاوم الشعور بالذنب من تناول وجبة مليئة بالسكريات والذكريات مثل هذه.

قصة نوتيلا

حتى لا أطيل عليك، ناتيلا (كما طريقة نطقها) أو نوتيلا (كما تكتبها النسخة العربية من الموقع الرسمي للعلامة التجارية) لها قصة طريفة، إذ جاءت لهذه الدنيا نتيجة المشاكل والصعوبات التي واجهت سكان إيطاليا في مرحلة ما بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية.

البداية

في عشرينات القرن الماضي، لاحظ خباز إيطالي أن عمال المصانع يذهبون لنوبات عملهم حاملين قطع الخبز والجبن والطماطم، وفي استراحة تناول الطعام خلال عملهم، كانوا يمزجون كل ما لديهم في شطيرة شهية.

أراد بطلنا بيترو فيرورو  Pietro Ferrero توفير خيار مماثل لهؤلاء العمال: قطعة شيكولاتة حلوة المذاق واقتصادية الثمن يمكن مسحها على قطع الخبز لتكون بمثابة التحلية بعد وجبات العمال التقليدية.

وأما المكونات فاعتمدت على حبوب الكاكاو، مضافا إليها البندق أو Hazelnut والذي كان ’ساعتها‘ متوفرا بكثرة، محصولا بلا ثمن يريد الزراع التخلص منه. في عام 1925 خرج علينا الجد الأكبر للعلامة التجارية الشهيرة نوتيلا والذي حمل اسم فيرورو.

بداية فيرورو
بداية فيرورو

للعمال… لا، للأطفال

إلا أن السوق لها رأي، قد يخالف توقعات الصانع والتاجر والمستثمر. كانت الفئة المستهدفة بمعجون الشيكولاتة العمال، لكن فئة أخرى أقبلت عليه بشدة، الأطفال!

عندها تحول بيترو للتركيز على الأطفال في الإنتاج والتسويق والإعلان، واستمرت الحال على أفضل ما يرام حتى قرر أحدهم احتلال دول مجاورة ليجر العالم كله إلى الحرب العالمية الثانية، حيث شاركت فيها إيطاليا وخسرت الكثير.

كذلك خسر العالم كله، حيث تراجع – خلال وبعد الحرب – المحصول العالمي من حبوب الكاكاو وهي العنصر الأساس في صنع الشيكولاته وأصبحت نادرة وغالية الثمن. بسبب الحرب اضطر فيرورو إلى غلق مخبزه والانتقال إلى قرية أكثر أمانا، وبدأ يبحث عن طرق ممكنة لإنتاج منتجه بما توفر له من مكونات.

أخذ بيترو يجرب تقليل مكون الكاكاو الغالي مقابل زيادة البندق الرخيص، لكن المنتج النهائي لم يكن صلبا بما يكفي بل كان في حالة لينة قريبة من السائلة.

يوريكا… زبدة الكاكاو

ذات يوم جرب إدخال زبدة الكاكاو رخيصة الثمن على المكونات والتي ساعدت على زيادة صلابة القوام للمنتج النهائي – والأهم: تقليل تكلفة صنعه بكثير.

هنا قرر إطلاق اسم جديد على المنتج بعد التحسين فكان: جيانديوت أو Giandujot (تبدو الترجمة العربية لهذا الاسم في النسخة العربية من الموقع الرسمي غير صحيحة وهذا من فوائد متابعتك لمدونة شبايك :))

جيانديوت أو Giandujot
جيانديوت أو Giandujot

كانت آلية استخدام المنتج قائمة على تقطيع المشتري للشيكولاتة إلى قطع صغيرة ثم مسحها على قطع الخبز. استمر الحال كذلك حتى جاء عام 1949 والذي مات فيه الأب بيترو.

تقول الأسطورة أن حرارة صيف إيطاليا في هذا العام أيضا جعلت قطع جيانديوت تذوب وتسيح على رفوف المتاجر، فاضطرت بعض المحلات لوضعها في برطمانات / مرطبانات زجاجية وبيعها على أنها معجون شيكولاتة!

ساير السوق ولا تعانده

عندها اضطر الابن الذي تولى المسؤولية بعدو وفاة والده إلى أن يساير السوق ويتوقف عن محاولة جعل العجينة صلبة، وتقبل الأمر الواقع وبدأ يجعلها أكثر قابلية للمسح على أسطح المخبوزات. تماشيا مع هذا التغيير، قرر إطلاق اسم سوبر كربمة Supercrema على هذا المنتج.

لا تسير الدنيا على هوى أحد…

في عام 1962 قررت إيطاليا منع كل المنتجات التي تحتوي على مبالغات في اسمها مثل سوبر وألترا وشبايك وما في حكمها.

سبب تسمية نوتيلا

مرة أخرى أبدع الابن حيث قرر اشتقاق علامة تجارية جديدة من كلمة بندق Nut وأضاف إليها حروف التأنيث والتصغير في اللغة الإيطالية Ella وكانت النتيجة النهائية نتيلا أو Nutella.

لماذا يأتي حرف N في نوتيلا دائما باللون الأسود؟

أول برطمان نوتيلا في 1964
أول برطمان نوتيلا في 1964

لا، لم تنتهي العقبات عند هذا الحد، إذ كانت هناك علامة تجارية أخرى تحمل الاسم ذاته، ولكي يكون مختلفا عنها قرر الابن جعل أول حرف (نون أو N) باللون الأسود، وبقية الكلمة باللون الأحمر – تقليد مستمر لليوم الحالي.

تماشيا مع الاسم الجديد، بدأ استخدام الأوعية الزجاجية لصب معجون / كريمة ناتيلا / نوتيلا. خرج البطرمان الزجاجي الأول الذي حمل اسم نوتيلا من المصانع في أبريل 1964.

الأطفال – مرة أخرى!

الطريف أن هجرة الإيطاليين من إيطاليا أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية إلى شتى بقاع الأرض ساعدت على انتشار ونجاح نوتيلا إذ أن أطفالهم طلبوا وبحثوا عن نوتيلا وساعدوا العالم للتعرف على متعة تناول المخبوزات بشيكولاتة ناتيلا.

على الجانب الآخر، نوتيلا مشهورة بأنها مليئة بالسكر والزيوت وكل ما هو منهي عنه في عالم الأكل الصحي المفيد، لكنها تبقى متعة شبه محرمة لدى كثيرين.

وأما أكبر سوق لشيكولاتة نوتيلا فهي فرنسا، حيث تستهلك أكثر من 100 ألف طن سنويا.

بمباركة المتابعين على الشبكات الاجتماعية، اتخذ العالم من يوم 5 فبراير كل عام ليكون يوم نوتيلا العالمي!

اليوم عائلة فيرورو من أغنى العائلات في إيطاليا ولديها منتجات عديدة من الحلويات والشيكولاتة.

الشاهد من القصة

أراد البيع للعمال لكن الأطفال أرادوها.

أرادها شيكولاتة صلبة لكن الظروف المحيطة عاكسته فتحول لمعجون الشيكولاتة.

أرادها مغلفة على الرفوف لكن أصحاب المحلات أرادوها في أوعية زجاجية.

المصاعب تطلب منك المرونة والتفكير في حل وسط جديد وقد تفاجئك / تكافئك.

السوق دائما لها الكلمة العليا، قلما تجد من نجح في مقاومتها.

3 ردود
  1. أمجد
    أمجد says:

    “نوتيلا مشهورة بأنها مليئة بالسكر والزيوت وكل ما هو منهي عنه في عالم الأكل الصحي المفيد، لكنها تبقى متعة شبه محرمة لدى كثيرين.”

    وهي محرمة صحياً عندي إلى إشعار آخر :).. شكراً على هذه التدوينة الجميلة.

    بالمناسبة بحثت عن كلمة ليقو و ليغو في مدونتك ولم أجد موضوع عنها، هل سنرى موضوع عن ذلك في مدونتنا المحبوبة؟

    رد
  2. سلام
    سلام says:

    شكرا على المعلومات القيمة، قصة ممتعة وواقع سوق يجب أن يؤخذ فى الحسبان.

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *