الدجاج الأرجواني اللون PURPLE CHICKENS

في عام 2012 اشتهر أصحاب مزارع دواجن في كينيا، تمكنوا من حل مشكلة عويصة جدا بطريقة ذكية جدا، استخدموا فيها اللون الأرجواني.

عانى المربون من افتراس الطيور الكواسر لأفراخ الدجاج التي خرجت لتوها من البيض، وكان المزارع الواحد يخسر أكثر من 80% من الكتاكيت التي يربيها، حيث تفترسها الصقور والنسور الجائعة.

كان الحل السائد هو حبس الكتاكيت في عشش ضيقة لحمايتها من أي حيوان مفترس جائع، وهو أمر مكلف نسبيا وله مخاطره بدوره.

ذات يوم قرر مزارع كيني أن يصبغ صغار الدجاج باللون الأرجواني، على أمل أن تخطئها أعين الطيور المفترسة، وهو ما حدث فعلا.

لم تعد الصقور والنسور تفترس صغار الدجاج، ويرى البعض أن اللون الأرجواني يخدع أعين الصقور والنسور فيظنوا أن هذه الدواجن الملونة ما هي إلا نباتات أو زهور.

يروي المزارعون كيف أنهم اعتادوا رؤية الصقر يهبط بجانب دجاجة ذات لون أرجواني، ويمر بجانبها ولا يمسها بسوء، ثم يطير بحثا عن فريسة أخرى بلونها الطبيعي.

ذاع خبر نجاح خدعة اللون الأرجواني للطيور المفترسة، وأصبحت صناعة راسخة، إذ ظهر بعدها جيش من المتخصصين في دهان الدجاج بهذه الصبغة التي تخدع أعين المفترسين، وأصبح هناك سعر متعارف عليه لدهان كل كتكوت ودجاجة.

الدجاج الأرجواني - PHOTO | MORAA OBIRIA | NATION MEDIA GROUP
الدجاج الأرجواني – PHOTO | MORAA OBIRIA | NATION MEDIA GROUP

ماذا عن الصبغة اللونية؟ هل ستكون مؤذية مثل كل شيء صناعي في هذه الدنيا؟

لحل هذه المشكلة، اعتمد المزارعون الكينيون على مكونات طبيعية مشتقة من النباتات لصنع الصبغة ذات اللون الأرجواني، وهي تكفي 10 أسابيع من عمر الدجاجة ثم تختفي، بعدها تكون الدجاجة من الذكاء والسرعة بحيث تجري بحثا عن مخبأ حين ترى ظل طير كاسر يريد أن يفترسها، أو تكتسي باللون الأرجواني من جديد.

هذا الحل أقنع المزارعين بجدوى تحصين قطعانهم من الدجاج ضد الأمراض، فانخفضت نسبة النافق من 80% إلى 15% فقط من أجمالي الدجاج.

ولكن، ما أن تحل مشكلة حتى تكتشف أخرى!

بعدما أصبح الدجاج الأرجواني خارج قائمة طعام الطيور الكواسر، كشفت مشكلة أخرى عن وجهها: كيف ومن أين يمكن لمزارع الدواجن أن تأتي بطعام لكل هذه الفراخ النهمة؟ كاد الدجاج يموت جوعا لا افتراسا، لولا تدخل منظمة غير حكومية.

لحل هذه المشكلة، درست هذه المنظمة تفاصيل هذه المشكلة ووجدت أن الطعام المفضل للدجاج عموما هو حشرات الأرض.

بالبحث وجدوا أن باطن الأرض في كينيا يعج بالنمل الأبيض (دابة الأرض / الأرضة) – الآن كيف تجعل هذا النمل يخرج من مكمنه؟

بالمزيد من البحث، وجدوا جماعة من الناس / قبيلة في كينيا تأكل النمل الأبيض! كيف؟

بسؤالهم، أفاد هؤلاء الناس أنهم يأخذون حزم من سيقان نباتات يابسة، ينقعوها في الماء، ثم يتركونها على ظهر الأرض، عندها يخرج النمل الأبيض ليأكل هذه السيقان المبللة، ساعتها يكون وجبة شهية لهؤلاء الناس.

كان هذا الحل عبقريا، فأراضي كينيا عامرة بالنباتات اليابسة، وكذلك مزارع الدواجن، والتي طبقت هذه الفكرة بنجاح، حيث خرج النمل الأبيض ليسكن أمعاء الدواجن والتي وجدت ما يشبع جوعها ويزيد وزنها ويسعد أصحابها!

لماذا أروي لك هذه القصة؟

تصلني رسائل كثيرة من قراء يعانون من مشاكل أو مشكلة عويصة، وفي كثير من الأحيان لا يجدي ما أقترحه عليهم من أفكار لحل هذه المشاكل.

يقول المثل أهل مكة أدرى بشعابها، وعليه ومثل المزارعون الكينيون، لا يوجد من هو أفضل منك لحل مشاكلك، وليس بالضرورة أن يكون الحل آلة متطورة أو تقنية حديثة أو غيرها.

في بعض الأحيان يكون تغيير مكون بسيط في المعادلة كافيا لحل المشكلة، مثل اللون الأرجواني!

هل تعرف من حل مشكلة عويصة بطريقة بسيطة؟ شاركني تجربتك.

وردت هذه القصة في الكتاب الممتاز This I know لمؤلفه تيري اورايلي كمثال على التفكير الإبداعي. ابحث عنه واشتريه.

إقرأ أيضا: ادفع حدود المعقول من تفكيرك

12 ردود
  1. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    دائما اقول ان التفكير خارج الصندوق والقوالب الجاهزه هو سرّ النجاح
    اذكر اني شاهدت برنامج عن الصقور وكيف ترى الاشياء من السماء
    فهي مثلا تتبع بول الفار وهو يضعه علاكه كي يرجع الى جحره والذي يظهر لها بلون ازرق للصقر ليصبح الدليل على وجوده وبالتالي وجبه للمفترس وخساره روح للفريسه
    تطويع العلم والمعرفه والتي تاتي في معلومه عابره قد تفيد في بزنس كبير
    نفس المثال بالبحث يمكن ان يطبق على كثير من الحيوانات الاليفه لتفادي امراض او مفترسات اخرى
    فكر خارج الصندوق تصل لما تريد
    ودمتم سالمين

    رد
  2. أحمد سعد
    أحمد سعد says:

    رأيت في هذه القصة بعدا آخر ..

    وهو أن الصقر قد تعود أن يرى الفرصة وقد أكتست بلون معين .. ولا يستطيع التعرف عليها إن إكتست بلون آخر.

    أي أن إكتشاف الفرص يحتاج للمزيد من التدقيق ..

    الفرصة تأتي متخفية أحيانا ..

    شكرا لك أستاذ رءوف ،،

    رد
  3. محمد الغازين
    محمد الغازين says:

    الأفكار الابداعية، هي من مصادر القوة لدى الانسان. وهي كذلك من مصادر الثراء. فالسير عبر الطريق المهجور، بامكانه ان يوصل الشخص.إلى الكنز الذي يبحث عنه. بينما السير في الطرق المزدحمة قد يؤدي إلى لا شيء. شكرا لك أخي شبايك.

    رد
  4. محمد عبد الله
    محمد عبد الله says:

    السلام عليكم ورحمة الله
    فعلا فإنه كما قيل [ اعجب الأمور تحدث بأبسط الطرق ]
    وابسط الطرق ما أخذ من الطبيعه بالتأمل فيها فإن أكثر الصناعات والأفكار أخذت من الحيوانات والحشرات وماشابهها فهي أمم امثالنا
    ولعل فكرة الدجاج الأرجواني أخذت من أسلوب التخفي لدى بعض الحيوانات مثل الحرباء والأخطبوط وكثير من يتوصل لهذه الأفكار هم البعيدين عن حياة التقنية القريبين من حياة الطبيعه فالحاجة أم الاختراع
    والقصص المماثلة شيقه للغاية فتجد في نهايتها بساطة في الحل أخذ من الطبيعه .

    اشكرك ملك الكتاب رؤوف شبايك على التدوينات القصيرة المفيده التي اثبتت جدواها من اول تدوينه

    واشكرك على اعظم فائدة في هذه التدوينية وهي خلاصة ماتوصلت إليه مع تجاربك لحل مشاكل الآخرين بان توضح لهم طريقة التفكير وطريق الحل وعليهم إيجاده فهذه تربيه عميقه هادفه .

    رد
  5. محمد عبدالله
    محمد عبدالله says:

    السلام عليكم ورحمة الله
    فعلا فإنه كما قيل ( أعجب الأمور تحدث بأبسط الطرق )
    ولعل أبسط الطرق تكون من الطبيعه التي خلقها الله والتأمل فيها فكثير من الصناعات والأفكار أخذت من حياة الحيوانات والحشرات فلعل فكرة الدجاج الإرجواني أخذت من أسلوب التخفي لدى بعض الحيوانات كالحرباء والأحطبوط مثلا
    والكثير من يتوصل لمثل هذه الحلول هم من يعيشون بعيدبن عن التقنية قريبين للطبيعه إذ الحاجة أم الإختراع والموفق من لم يحجر واسعا ، والقصص في مثل هذا الموضوع شيقه وممتعه للغاية .

    أشكرك ملك الكتاب رؤوف شبايك على هذه التدوينات القصيرة الممتعه المفيده و التي أثبتت نجاحها من أول تدوينه

    وأشكرك مرة أخرى على أعظم فائدة في هذه التدوينه وهي خلاصة تجاربك مع الناس بأن توضح لهم طريقة التفكير وطريق الحل وعليهم إيجاد الحل بعد ذلك بأنفسهم فهذه تربية عميقة.

    رد
  6. محى محمد عبد الهادى
    محى محمد عبد الهادى says:

    تدمير خط بارليف كان بفكره غايه فى البساطه جاءت من جندى مجهول وهى فتح خراطيم الماء بعد ان كان يعتقد الخبراء الروس انه يحتاج لقنبله نوويه

    رد
  7. علا إسماعيل
    علا إسماعيل says:

    دائماً على الإنسان أن يدرك ويؤمن إيماناً يقينياً أن سلاحه بذاته وهو متعدد الألوان، وعند العقبات تظهر قوة التفكير اللون المناسب.. المهم أن توقن سلاحك بذاتك ولا تستهلك نفسك بانتظار مساعدة الغير أو البحث بعيداً..
    شكراً أستاذ رؤوف.. تبقى مدونة شبايك عنوان للرواد والطامحين لغد أفضل.

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *