روري ساذرلاند

روري ساذرلاند – من أعلام التسويق

روري ساذرلاند Rory Sutherland من مواليد العام 1965، أكمل تعليمه الجامعي في كامبريدج ليكون مدرسا لكنه فور تخرجه في 1988 التحق بالعمل لدى وكالة أوجيلفي للإعلانات في انجلترا في إدارة التخطيط حيث حصل على لقب أسوأ متخرج وظفته الوكالة.

بعدها شغل روري ساذرلاند منصب كاتب تسويقي (مثل محدثكم رءوف شبايك) ومنه حيث ترقى وبلغ أرفع المناصب ذات العلاقة بكتابة المحتوى الإعلاني والتسويقي، وفي هذا المجال حيث برع وأصبح اسما له ثقله في تحديد مستقبل الإعلان والتسويق اليوم.

روري له عامود يحمل اسم رجل الويكي أو The Wiki Man يكتب فيه كل أسبوعين عن خواطره عن التقنية والانترنت، وله كتاب يحمل الاسم ذاته منشور عام 2011 وضع فيه خلاصة كتاباته في هذا العامود.

لمع اسم روري في عالم التسويق أكثر مع محاضراته التي استخدم فيها وقائع من التاريخ والواقع ليوضح بها نظرته في محاولته لفهم السلوك البشري وخاصة سلوك المستهلك أو Consumer behaviour، خاصة في مجال التسويق، وهو يقول أنه يجب على العاملين في التسويق فهم طريقة عمل المخ البشري ليبرعوا في ويتقنوا وظائفهم.

هنا سأعرفك على أهم وأشهر الأمثلة التي ضربها روري والتي ستساعدك على فهم الكثير من القواعد الثابتة في مجال التسويق، لكن قبلها أنصحك أن تشاهد هذه المحاضرة القصيرة التي ألقاها روري ساذرلاند ضمن فعاليات محاضرات تيد / TED وهي مترجمة للعربية.

لماذا تريد المرأة من الرجل أن يهاديها بالزهور والألماس؟ روري ساذرلاند يعرف السبب

ببساطة، الهدية هي تضحية، وكلما كانت الهدية لا تمثل أي نفع أو فائدة لمن يهادي بها، كان ذلك تأكيدا على أنها خالصة بالكامل لوجه متلقي الهدية. المرأة تعلم بكل دقة أن الرجل لا يكترث للزهور والورود، ولن يحصل منها على أي نفع. الأمر كذلك مع أحجار الألماس.

ولذا حين يقوم رجل ما بشراء الزهور والألماس من أجل امرأة، فلا يوجد أي نفع سيعود عليه من هذه الهدية، وعندها تشعر المرأة أنها إنما حصلت على هدية خالصة لها.

الآن حين يقدم رجل ما هدية مثل شاشة تليفزيون 90 بوصة أو سيارة مرسيدس حديثة إلى امرأة، ساعتها ستراودها الشكوك هل هذه الهدية لها فعلا أم أن هذا الرجل سيستفيد من هذه الهدية هو الآخر وبالتالي فالهدية ليست خالصة بالكامل لها ولا تضحية فيها ولا إخلاص.

لماذا أشعر أن سيارتي تسير بشكل أفضل بعد غسلها وتنظيفها؟

لأن المخ البشري يهتم كثيرا بطريقة تغليف كل شيء، وكيف يبدو كل شيء من الخارج، ولأن المخ يعطي تقييما أعلى للنظافة وللأناقة وللجمال الذي يتمتع به أي وكل شيء، لهذا نشعر بشكل تلقائي أن السيارة أصبحت تسير بشكل أفضل وأصبح أداؤها أحسن من ذي قبل، فقط بسبب غسلها وزيادة أناقتها من الخارج.

هذا السبب تحديدا يفسر لك رواج صناعة الكماليات والإكسسوارات…

لهذا السبب أيضا نشعر أن أدوية علاج الصداع المشهورة تعطي تأثيرا أفضل وأسرع مقارنة بالأدوية المماثلة ذات الأسماء المجهولة غير المشهورة. لأنها علامة تجارية مشهورة فهذا يعني أنها حتما فعالة وناجحة.

في السياق ذاته، بالتجربة لاحظ أصحاب متجر أنه عند تشغيل موسيقى فرنسية في المتجر يقبل الزبائن على شراء منتجات فرنسية بنسبة أكبر. هذه التجربة تكررت في مطعم حيث طلب الزبائن أطعمة فرنسية بنسبة أكبر عند تشغيل موسيقى وأغاني فرنسية.

روري ساذرلاند – الناس تشكو من الانتظار فقط حين لا تجد ما تفعله

اشتهر روري ساذرلاند بأنه صاحب أفضل اقتراح لحكومة بلاده، والتي أنفقت 6 مليار جنيه استرليني (منذ أكثر من 20 سنة) لتطوير وتحسين أداء قطار يوروستار بهدف تقليل زمن الرحلة من لندن إلى باريس بمقدار 40 دقيقة، حيث يرى روري أن المسافرين بالقطار لا يشتكون من طول الوقت الذي تقتضيه الرحلة من انجلترا إلى فرنسا، بل يشتكون من الملل وعدم وجود ما يشغلهم خلال هذه الرحلة.

ولذا اقترح روري ساذرلاند على الحكومة أن توفر لهم خدمة واي فاي مجانا، وأن يقوم فريق من أفضل عارضي وعارضات الأزياء المثيرين والمثيرات بتوزيع مشروبات مجانا على المسافرين، وبهذا ستوفر الحكومة أكثر من نصف هذه المليارات الستة وسيتحول المسافرون ليشتكون من قصر زمن الرحلة بالقطار.

(غرض روري ساذرلاند من هذا الاقتراح توضيح أنه يفكر بطريقة رجل الإعلانات لا المهندسين، وكيف يمكن الترفيه عن الناس).

منتج مقصور على الملك وعائلته فقط؟ أريده أنا أيضا

حين جلب فريدريك الثاني خضروات جديدة من أمريكا الجنوبية اسمها البطاطا(س) ليقاوم المجاعة التي كادت تجتاح ألمانيا، رفضها الناس لأنها شيء جديد وجعلوها طعام لماشيتهم، حتى يقال أنه أعدم بعض أفراد شعبه لرفضهم زراعة البطاطاس.

لتغيير هذا الرفض، قرر فريدريك زراعة حقل كامل بالبطاطس، وفرض حوله حراسة على مدار الساعة وأمر الجنود بمنع أي شخص من الاقتراب من هذا الحقل أو الأكل من هذه الخضروات الجديدة (لكنه أمرهم سرا ألا ينفذوا هذا الأمر بحذافيره وأن يتجاوزا عمن يسرق أو يتذوق هذا الخضار الجديد،) وبرر هذا المنع بأن البطاطس مقصورة على أفراد العائلة الملكية فقط.

بمرور الوقت نجح الفلاحون في سرقة هذه الخضروات الملكية وزراعتها وتناولها، وبسرعة انتشرت البطاطاس في ألمانيا ومنها إلى أوروبا كلها.

الحافز العكسي – دعم الحكومة لقتل السناجب جاء بنتيجة عكسية

في القرن الثامن عشر، لجأت الحكومة الفرنسية لتشجيع مواطنيها على قتل السناجب التي تكاثرت بشدة حتى أصبحت خطرا على السكان. على الورق ومن الجانب النظري، هذه خطة عبقرية، كل مواطن يقتل سناجب ويجلب ذيولها للحكومة كدليل على صيده، سيحصل على مقابل مالي. بعد مرور سنة، لم تزد المشكلة إلا سوءا. ما حدث فعليا على أرض الواقع هو أن الناس بدأت تربي السناجب بنفسها لتحصل على المكافأة من الحكومة.

قد تظن أن الحافز الذي تقدمه للناس سيكون له أفضل النتائج، لكن البشر قد تفاجئك بعكس ما توقعته، ولذا عليك أن تجرب وتراقب وتختبر ولا تثق كثيرا في ظنك.

كمال أتاتورك: اجعلوا الحجاب رداء النساء سيئة السمعة

خلال سعي كمال أتاتورك لتحويل تركيا وأهلها من الاسلام إلى العلمانية وإنكار الدين، عمد إلى جعل الأتراك يكرهون الحجاب وينفرون منه، ولذا أصدر أمرا بفرض لبس الحجاب على بائعات الهوى في تركيا، وأصبح الحجاب علامة النساء سيئات السمعة.

الخاتم الحديدي أكثر قيمة من الذهبي أو الفضي

في زمن مملكة بروسيا (ألمانيا حاليا)، وبسبب حروبها طالبت مواطنيها بالتبرع للمجهود الحربي، وكان الناس يتبرعون بما لديهم من خواتم ذهبية وفضية، وكانوا يحصلون مقابل على خاتم مماثل مصبوب من الحديد، وشيئا فشيئا بدأ هذا الخاتم الحديدي يكون أكثر قيمة وشهرة من مثيله الذهبي والفضي، لأنه كان يعني التبرع للدولة والشرف والنبل وغير ذلك، وهو شيء لا يمكن شراؤه بسهولة.

الوجه العبوس أفضل من بريق الرادار في التأثير

لجأت شرطة المرور في اسكوتلاندا إلى عرض رقم سرعة السيارات المارة في الطريق، وفي حال كانت السيارة وفق حدود السرعة المحددة لهذا الطريق، ظهر لك وجه ضاحك، وفي حال العكس ظهر لها وجه عبوس.

هذه الوجوه حققت نتيجة أفضل من كاميرات السرعة في جعل المزيد من الناس تلتزم بالسرعة المحددة.

المزيد من قصص التسويق تجدها في باقة فن التسويق

7 ردود
  1. أحمد سعد
    أحمد سعد says:

    أفكار روي ساذرلاند بسيطة و منطقية لكنها غير أعتيادية ..

    أعجبني المقال و بخاصة الجزء المتعلق بحب المرأة للهدية الخالصة لها ..

    اختبار التضحية !! ?

    رد
    • Hassan
      Hassan says:

      يبدو أننا كرجال أعجبتنا هذه النقطة بشدة، على أي حال الزهور لن تكلفنا الكثير … فلنفعلها يا رجال!

      نشكر الأخ شبايك على هذه المعلومات القيمة، بالفعل التأكيد على مبدأ ال benefit الذي يعود على العميل أهم من سرد ال features الخاص بالمنتج، وهذا من أساسيات الكتابة التسويقية

      رد
      • أسامة حمدي
        أسامة حمدي says:

        أتفق مع حضرتك أستاذ حسن بشأن الفوائد التي ستعود على العميل بعد أن يشتري منتجًا مثلاً . قرأت عن أهمية هذه النقطة فطبقتها تطبيقًا عمليًا بالفعل فيما يخص عملي .

        رد
  2. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    الاهتمام بتفاصيل المنتج النهائي مهمه جدا
    هاي نقطه سوف اركز عليها مستقبلا
    شكرا رءوف على ما تقدمه من افكار روعه
    ودمتم سالمين

    رد
  3. أحمد أحمد
    أحمد أحمد says:

    فعلا ينقصنا التفكير في التسويق بهذه الطريقة في عالمنا العربي، ليس فقط لزيادة البيع ومن ثم الربح، بل أيضا لحل جميع مشكلاتنا السياسية والاجتماعية.
    شكرا رؤوف.

    رد
  4. محى محمد
    محى محمد says:

    ممكن اسم كتاب روى ساذرلاند استاذ شبايك وجزاك الله عنا خير الجزاء

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *