الكتالوج المطبوع يعود

نشرت مجلة هارفرد بيزنس ريفيو مقالة مؤخرا بعنوان ’ الكتالوج المطبوع يعود‘ تعليقا على خبر مفاده أن محلات جيه سي بيني J. C. Penney عادت لطباعة كتالوجات منتجاتها ورقيا بعدما كانت قد توقفت قبلها عن ذلك واعتمدت على البريد الإلكتروني لإرسال هذه الكتالوجات إلى العملاء المحتملين. هذه العودة للمطبوعات الورقية ليست فردية، بل جماعية، يشترك فيها قطاع كبير من محلات التجزئة الأمريكية.

ما الذي حدث؟

حسنا، هل تذكر الأزمة الاقتصادية العالمية التي أصابت العالم في 2008 بسبب جشعه؟ هذه الأزمة صادفت وقتها قناعة تسويقية بأن المستقبل إلكتروني، وأن كل ما هو ورقي إلى اندثار، وأنه في المستقبل، ستعتمد البشر على الإلكتروني وتتندر على الورقي. حقق عام 2007 أعلى نسبة استخدام الشركات الأمريكية للمطبوعات التسويقية المرسلة بالبريد التقليدي، لكن عام 2012 شهد أقل نسبة استخدام للمطبوعات الورقية والاعتماد بدلا منها على النسخ الإلكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية – ربما لخفض التكاليف وتخطي الأزمة. هذا التراجع صاحبه أيضا صحوة في المبيعات عبر انترنت والتي زكت الاعتقاد بأن التسويق الإلكتروني سيتفوق على كل ما عداه.

ثم ماذا؟

في عام 2013 بدأت المطبوعات الورقية في الولايات المتحدة الأمريكية تشهد زيادة غير متوقعة، ذلك أنه حتى مواقع انترنت التي تبيع عبر انترنت وحسب، هذه المتاجر الإلكترونية بدأت تطبع كتالوجات ورقية وترسلها بالبريد التقليدي للزبائن المحتملين. هذه العودة للمطبوع تشهد إقبالا مماثلا من العديد من كبار سلاسل المحلات لمختلف المنتجات. قد يظن الواحد منا أنها النزع الأخير وأنها بشائر النهاية، لكن كاتبة المقالة ترى عكس ذلك مع أدلة.

العملاء: الكتالوج يعطينا أفكارا تساعدنا للحصول على ما نريده

وفقا لاستطلاع رأي مشترين عبر انترنت (الرابط)، أعرب 58% منهم أنهم يريدون تصفح الكتالوج الورقي لكي يُلهمهم للوصول إلى الشيء التالي الذين يريدون شرائه. 31% من هؤلاء المشترين عبر انترنت أكدوا أنهم يمسكون الكتالوج المطبوع في أيديهم أثناء شرائهم عبر انترنت. 86% منهم صرحوا بأنهم اشتروا منتجا بعد أن رأوه أولا في الكتالوج المطبوع، بينما 45% حددوا أن سبب اهتمامهم بالشراء من متجر ما هو الكتالوج المطبوع الذي يوزعه. وجدت دراسة أخرى أن النساء من سن 18 إلى 30 يتفاعلن بدرجة أكبر مع الكتالوجات المطبوعة وأن هذه الكتالوجات تحدد الانطباع الذي يرسمنه عن المتجر ناشر الكتالوج. ختاما، في معرض إجابتهم على سؤال قابلهم أثناء إنهاء إجراءات شرائهم عبر انترنت يقول: هل تصفحت الكتالوج الورقي قبل شرائك من متجرنا الإلكتروني، أجاب 75% من المشترين بالإيجاب.

العميل هو السبب، لا يحب قناة تسويقية واحدة

يقوم التسويق اليوم على فتح عدة قنوات تسويقية مع العميل، إذ أثبت الوضع الحالي أن القناة الواحدة لا تكفي ولا تؤثر كما ينبغي على قرارات الشراء لدى الزبائن. تزيدنا من الشعر بيتا الدراسات التسويقية، والتي وجدت أن العميل الذي يتأثر بأكثر من قناة تسويقية لذات المعلن / البائع هو العميل السخي الذي تربح منه أكثر، وأن العميل المرتبط بأكثر من وسيلة تسويقية مع المعلن ينفق 4 مرات أكثر من غيره، وأن 20% من المشترين عبر انترنت من متجر إلكتروني لأول مرة، إنما اشتروا بعد أن تلقوا في البريد كتالوج لمنتجات المتجر الإلكتروني.

الكتالوج سلاح تسويقي قوي

تشير الإحصائيات التسويقية إلى حقيقة ذات أهمية بيعية عظيمة: المشتري القادم عبر الكتالوج يميل لأن ينفق أكثر، ولأن يبقى عميلا متكررا لمرات أطول. على الضفة الأخرى، الكتالوج نشاط تسويقي يساعد قسم التسويق على بلوغ أهدافه السنوية. بفضل البرامج الإحصائية المتقدمة، من الممكن الآن مراقبة أداء الكتالوج ومعرفة مدى تأثيره على المبيعات الفعلية. على الجانب الآخر، أدى الفزع من تقلص دور المطابع ودور النشر إلى خفض تكاليف الطباعة بشكل عام، ناهيك عن أثر التقدم التقني في طباعة كتالوجات تناسب نوعيات مختلفة من الناس، فهذا للنساء وهذا للشباب وهذا لمحبي المنتجات الفاخرة الغالية. دراسات أخرى وجدت أن إرفاق قصص ومواضيع مناسبة تستحق القراءة بجانب صور الكتالوجات تزيد من نسب القراءة والتفاعل ومن ثم المبيعات.

أنت بحاجة للتفاعل مع العملاء

الكتالوجات لن تذهب إلى مقبرة النسيان، ليس في حياتنا تلك على الأقل. أي صاحب عمل / مدير / مسؤول مبيعات وتسويق، بحاجة للكتالوجات الورقية التي تروق للعملاء المحتملين. انترنت؟ لا تقلق منها، فهي لها نصيب، لكنها لن تطغى على غيرها من الوسائل التقليدية، ورغم أن التسويق الحديث كان يقول لك اترك التقليدي واذهب في أثر الإلكتروني، حسنا، إنه يغير رسالته اليوم ويقول لك لا تغلق الباب أمام التسويق الورقي، فالأمر لم يحسم بعد، ولا زال هناك فوائد ملموسة منه. التسويق هو انعكاس لما يحبه العملاء، والدراسات والاستقصاءات تشير إلى أن العملاء لا تزال تحب الورق المطبوع، وحسبما أراد العميل، وكما يريدك أن تتفاعل معه، ستجد التسويق يرشدك لذلك.

إحصائيات تسويقية

لا زال البيع عبر الهاتف يحقق نتائج إيجابية للمبيعات، وتشير الاحصائيات إلى أن عميل الهاتف وعميل الكتالوج يشتري بنسبة 6% أكثر من عميل انترنت، وأما العميل الذي جرب الاثنين معا فيشتري أكثر من ذلك. معدلات الحفاظ على ولاء عميل انترنت أقل بنسبة 13 إلى 32% من معدلات الحفاظ على ولاء عميل الكتالوج، بينما عميل الاثنين أسهل في الحفاظ عليه وفيا. في فئة النساء من سن 18 إلى 30 سنة، اختار 64% منهن الذهاب إلى المتجر الفعلي للشراء، مقابل 32% اخترن الشراء عبر المتجر الإلكتروني لذات المحل.

الخلاصة

التواصل مع العميل الواحد بأكثر من وسيلة تسويقية له مردود أفضل. الكتالوجات المطبوعة لا زالت مفيدة للمبيعات. المستقبل للتسويق متعدد القنوات. ربما كان عليك التفكير جديا في تصميم كتالوج لمنتجاتك وإرساله بالبريد للعملاء المحتملين.

9 ردود
  1. أحمد سعد
    أحمد سعد says:

    جاءت المعلومات الواردة بهذا المقال مخالفة لما كنت أعتقده ، و لكن من المؤكد أن الإستعانة بأكثر من وسيلة تسويقية يأتي بفائدة أكبر من لو تم التركيز على وسيلة واحدة بعينها .

    و هناك أمر أريد أن أشير إليه و هو أن ليس شرطا أن تتشابه نتائج الإحصائيات المشار إليها مع ما يحدث في أسواقنا العربية ، إلا أنني سعدت بقراءة هذا المقال حيث أنه قد لفت نظري إلى ضرورة إعادة النظر و التقييم لكل ما نعتقد أنه صحيح في خططنا التسويقية .

    رد
  2. yaser
    yaser says:

    اوافق هذا الراي…. الاعتماد علي اكثر من بديل تسويقي معتمدا علي طبيعة السوق يحقق كفاءة اعلي

    رد
  3. مليكة السلامي
    مليكة السلامي says:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك أخي شبايك على المجهود والمعلومات القيمة التي تفيد الجميع بها
    سعدت بقراءة هذا المقال خاصة وأنه أتي في الوقت الذي نقوم فيه الآن بمركز الطفل القائد بمراجعة خططنا التسويقية.

    أشارككم بما اكتسبت من هذا المقال:

    1… فعالية الكاتالوج المطبوع في التسويق.
    2… أهمية التواصل مع الحريف والجمهور بأكثر من وسيلة تسويقية.
    3… أهمية المرونة والانفتاح في إعادة النظر في المعتقدات التسويقية فمايفيد اليوم في زمننا هذا ممكن لا يفيد غدا وما لا يفيد اليوم ممكن يفيد غدا.
    وفقنا الله جميعا لكل خير يرضاه سبحانه وبارك لك في مسعاك.

    رد
  4. عبدالله المهيري
    عبدالله المهيري says:

    أشعر بأن هناك أناس ينظرون بدونية إلى الورق والقلم وأي أداة غير رقمية، كأنها من مخلفات الماضي، كأنها شيء يعود بنا إلى الرجعية والتخلف، في حين أنهما أدوات تستخدم منذ آلاف السنين وبأشكال مختلفة وهي جزء أساسي من حضارة العالم.

    نقطة ثانية وهي أن الورق وتحريكه باليد وتقليب الصفحات شيء يفقده الناس في العالم الرقمي، ولا شك لدي أن هناك تأثير ما على الإنسان عندما يشاهد الورق يجعله أكثر تفاعلاً مع محتويات الورق، وقد أثبت أن الكتابة بالقلم على الورق يجعل الناس أكثر قابلية لتذكر ما كتبوه مقارنة مع لوحات المفاتيح.

    مثال واقعي: شركة الأثاث إيكيا لديها كاتلوج سنوي، ومع أن لديهم موقعاً إلا أنني أفضل تصفح هذا الكاتلوج قبل الذهاب إلى المحل، لن أنكر أنني أستمتع بذلك ولا أجد نفس المتعة في تصفح موقعهم.

    رد
  5. أسعد حمزة
    أسعد حمزة says:

    أولا ً أشكرك على موضوعك المميز
    أعتقد أن كل شيء في عالم التسويق يجب أن يخضع للدراسة والإستقصاء قبل إصدار الأحكام عليه وهدا درس جيد في أن الكتلوجات لا زالت تعطي نتائج ..
    لدي معلومات جيدة حول التسويق الكلاسيكي وكدا الإلكتروني ، التسويق المتعدد – Mix Marketing -يعطي نتائج جيدة خصوصا في تقوية “تدكر” الناس للمنتج الخاص بنا ، بالتالي مبيعات أكثر ..

    رد
  6. يحيى
    يحيى says:

    أنا عن نفسي أرتاح كثيرا ً للكاتلوج أشعر بأن المقارنة فيه أسهل وأسرع ,,

    اتمنى منك أستاذ/ عبدالرؤوف أن تكتب لنا المزيد من مقالاتك الجميلة

    تمنياتي لك بالتوفيق

    رد
  7. براء الفرخ
    براء الفرخ says:

    تحية طيبة وبعد
    عند تجربتي في الكتلوج المطبوع والالكتروني وجدة ان الكتلوج المطبوع يدوم لمدة اطول من الالكترون فبعد مرور اشهر زبائن تقوم بالاتصال وطلب منتجات قمنا بتسويق لها منذ فترة طويلة واتح لنا الفرصة لمعرفة متتطلبات السوق وتكرار المنتج اما التسويق الالكتروني بعد 3 ايام من نشرة يبداء بالتراجع
    شكراً اخ رؤوف

    رد
  8. عزوز الحسني
    عزوز الحسني says:

    السلام عليكم
    يسهل لأي شخص عمل إعلان عبر الإنترنت وكثرت الإعلانات الغث منها والسمين حتى تعود المتصفح على تجاهلها أو التقليل من جديتها والبعض يقوم بحجبها. وعادة من يقوم بعمل كتالوج مطبوع تكون فيها جدية أكثر بالإضافة إلى تأثير التصفح الورقي.

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *