مقابلة عبر البريد مع ياسمين مصطفى

ياسمين مصطفى شابة كويتية نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية وحصلت على جنسيتها، وهي صغيرة ذات 8 سنوات فوجئت بالعداون العراقي على بلدها الكويت التي تحولت فجأة من بلد حرة إلى محتلة، الأمر الذي اضطر معه أهلها لقبول العرض الأمريكي باللجوء إلى الولايات المتحدة، وهناك حيث نشأت وتعلمت وعملت ونجحت وباعت شركتها الأولى ثم ذهبت في جولة سياحية تستكشف فيها العالم من حولها بينما تستعد لتأسيس شركتها الرابعة.

لا، ليست ياسمين بالمليونيرة – حاليا، لكني لم أجد ما يدعو للظن بأنها لن تصبح كذلك عن قريب، فهي اكتشفت الطريق الصحيح وتسير عليه. نقطة أحببت أن أوضحها قبل البدء، ياسمين لا تتقن العربية مثلنا، ولذا الإجابات التالية هي من ترجمة محدثكم مع إضافات. نقطة أخرى يجب ذكرها، أجابت ياسمين – مشكورة – على الأسئلة التي أرسلتها إليها عبر البريد، في ساعات الليل الأخيرة، بعدما انتهت من عملها، وهو أمر قلما تجده لدى المشغولين من العصاميين فلها الشكر موصول. لنبدأ:

س: أخبرينا عن طفولتك

ياسمين مصطفى : كان عمري 8 سنوات حين تركنا الكويت، ولأن أخي الصغير كان مولودا قبلها بأسابيع في الولايات المتحدة الأمريكية، ما أكسبه تلقائيا الجنسية الأمريكية، لذا وجدنا سفيرين أمريكيين يدقان باب بيتنا ويسألان عن أخينا أمريكي الجنسية، وكانا يريدان العودة به إلى بر الأمان بسبب حرب الخليج التي اشتعلت فجأة. كان الاتفاق أن تسافر العائلة كلها مع أخي الرضيع، وهذا ما حدث بالفعل، وكانت فيلادلفيا على موعد معنا حيث اختارها أبي لأن عمي كان يعيش بالقرب منها في نيو جيرسي، كما كان أبي معتادا عليها بسبب رحلات عمل سابقة له إليها.

عشنا لبعض الوقت في المدينة ذاتها، ثم خرجنا بعدها إلى أطراف المدينة، حيث كان الأمر كله بمثابة الصدمة الحضارية بالنسبة لي، فلم أتحدث اللغة الانجليزية وقتها، وكانت الثقافة مختلفة تماما عن الكويت، ناهيك عن قلة أو انعدام الأقارب الذين يعيشون بالقرب منا. ما أذكره عن هذه الفترة هو أن السكان كانوا من أعراق كثيرة، وكانت محلات الأطعمة السريعة في كل مكان، لكن النظافة العامة كانت أقل مما اعتدنا عليه في الكويت وأنا طفلة.

س: أخبرينا عن أول وظيفة لك في حياتك.

ياسمين مصطفى : حين انتقلنا لأطراف المدينة، اشترى والدي محلا ضمن سلسلة محلات 7-11 الشهيرة، وكان عمري وقتها 9 أعوام، وكنت وإخوتي نساعد في كل شيء في هذا المحل منذ الفجر، بداية من تنظيف المحل، ترتيب البضاعة، تنظيم الرفوف وضمان عدم فراغها، وبعد قليل من الوقت كنا نقف على خزينة الدفع. خارج نطاق العائلة، كانت أول وظيفة لي نادلة في مطعم صغير (بأجر 5 دولار في الساعة).

س: مما قرأته من قصتك، واجهتك مصاعب جمة في صباك، لا جدال في ذلك، فهل هذه الصعاب هت التي مهدت لك الطريق لنجاحك اليوم؟

ياسمين مصطفى : أنا أرى أن الحياة ما هي إلا القرارات التي تتخذها بما توفر لك. نعم لم تكن حياتي سهلة قط، لكن هذه الصعوبات هي التي مهدت لي الطريق لأصل إلى ما أنا عليه اليوم. كل ما أعرفه هو أني أردت الحصول على المزيد من حياتي، ولم أرد قبول الأمر الواقع وقطعا لم أرد أن أكون ضحية ظروفي. لقد أردت أن أشق طريقي بنفسي، ومع كل عقبة تقابلني، كنت أطور من نفسي وأتحسن. تقريبا في حياتي كلها، لم يتم لي أمر على الوجه الذي أردته له أو كما خططت له، ولا أرى أن هذا الأمر سيتغير عن قريب. قدرتي على التكيف مع كل موقف وعدم ارتباطي بالنتيجة التي أريدها هو ما ساعدني على أن أكمل الطريق رغم عدم ظهور أي بادرة لقرب النجاح أمامي.

س: لماذا احتجت إلى 7 سنوات حتى انتهيت من تعليمك الجامعي؟

ياسمين مصطفى : والدي كان مهندس ميكانيكا، وحين سافرنا إلى أمريكا لم يتمكن من العمل حسب وظيفته لأن درجته الجامعية تعذر معادلتها هناك، ولذا كان حلمه بأن يتتبع أكبر أبنائه خطاه ويتخرج في ذات المجال الهندسي. ما حدث هو أني كنت صاحبة أعلى الدرجات في دراستي الثانوية وسط إخوتي الخمسة، ولذا تحول حلم أبي إلي لأسير على خطاه وأحقق له حلمه. دون أن يشاورني أبي في الأمر، سجل أوراقي الجامعية في تخصص هندسة ميكانيكا دون موافقتي.

لم تكن هذه رغبتي ولم يكن هذا ما أصبو لدراسته، ولذا وبعد انتهاء الفصل الدراسي الأول، حولت أوراقي لأدرس ما أريد، فما كان من أبي إلا وتوقف عن دفع مصاريف دراستي، الأمر الذي جعلني أتحول إلى كلية مدنية Community College ذات مصاريف أقل، ومن هناك حيث حصلت على شهادة التخرج، وكنت أعمل في وظيفتين لأسدد مصاريف دراستي، ولأنها كلية مدنية، كان هناك حدود على عدد الساعات الدراسية التي أستطيع تحصيلها في كل فصل، الأمر الذي زاد من الوقت الإجمالي لدراستي.

فوق كل ذلك، في هذا الوقت اكتشفت أن والدي لم يتقدما للحصول على الجنسية الأمريكية، وكان موقفنا الحالي هو أننا لاجئين إلى أمريكا لا مواطنين وهو أمر يحد من الأشياء التي يمكننا فعلها في أمريكا، مثل الدراسة والعمل. باختصار، اكتشفنا فجأة أننا مقيمين غير شرعيين بحاجة لتعديل موقفنا حتى تصبح إقامتنا قانونية في أمريكا. رغم أننا بدأنا خطوات تعديل حالنا، إلا أن هذا الأمر لم يكفي ساعتها لنكمل دراستنا، لولا أن إدارة مدرستنا رأفت بحالنا وتركتنا نكمل تعليمنا على أساس جزئي لا كلي، خاصة وأننا قضينا 10 سنوات متواصلة في هذا البلد.

ليس هناك وصفة سحرية للنجاح. حتى النجاحات التي حدثت بين عشية وضحاها لم تقع بين عشية وضحاها. - ياسمين مصطفى

ليس هناك وصفة سحرية للنجاح. حتى النجاحات التي حدثت بين عشية وضحاها لم تقع بين عشية وضحاها. – ياسمين مصطفى

بعدما جربت هندسة الميكانيكا لمدة فصل دراسي، قررت بعدها تجربة دراسة تصميم الجرافيكس، خاصة بعدما وقعت في حب تطبيق فوتوشوب والذي كنت أعمل عليه لساعات طويلة في الليل، وكنت لا أهدئ حتى اجعل كل نقطة بيكسل تبدو كما أريد لها. هذا السهر لوقت متأخر تكرر كثيرا، خاصة وأني كنت أبحث عن الكمال ولا أترك الصورة إلا كما أريد لها وهو أمر كان يستغرق مني وقتا طويلا جدا، وكانت النتيجة أن استيقظ متأخرة في اليوم التالي ولا أصل إلى عملي في الوقت المحدد، ولأني كنت أعمل بشكل غير قانوني، لم يكن هناك أي تعاطف معي وكان الفصل من العمل الجزاء الفوري لأي تأخر في الحضور، ناهيك عن العمل براتب أقل من نصف ما يأخذه المقيم بشكل قانوني، وعن العمل دون إجازات أو عطلات أو زيادة راتب. هذا السهر وخسارة الوظائف جعلني أدرك أن دراسة الجرافيكس ليست المسار الأكاديمي الأفضل لي.

بعدها قررت دراسة علم النفس لأني كنت أحب تقصي خلفيات الناس والغوص في خلفيات تفسير لماذا يفعل كل انسان ما يفعله، واستمتعت بدراستي أيما استمتاع، إلا أني أدركت كذلك أن هذه الدراسة لن تذهب بي بعيدا في مجال العمل ولن تجلب لي وظيفة حقيقية ما لم احصل على دكتوراه فيها وهو شيء لم أكن لأستطيعه بسبب حالتي المالية المتأزمة.

كل ذلك دفعني للتحول إلى دراسة العصامية أو Entrepreneurship لأني أدركت أن بإمكاني فعل أي شيء أريده مع هذا المسار الدراسي، وهذا ما كان لي فعلا، إلا أن ساعات دراسية كثيرة لم يمكن تحويلها لهذا المسار ولذا توجب علي أن أبدأ الدراسة من جديد ولوقت أطول، حتى تخرجت في هذا المجال في نهاية الأمر. قد تكون فترة دراسية طويلة، لكني عرفت أني أريد أن أكون مديرة نفسي وأن أعمل لصالحي، وهذا المجال الدراسي يسمح لي بتنفيذ ذلك.

كل هذا يفسر لك السبع سنوات، ونعم، هذا التنقل ما بين دراسة لأخرى (وكذلك من وظيفة لأخرى) كل هذا أعطاني خبرة وفيرة في عدة مجالات، الأمر الذي ساعدني كثيرا فيما بعد في التحديات التي واجهتها.

س: الآن أخبرينا كيف حصلت على أول وظيفة لك بعد تخرجك أخيرا!

ياسمين مصطفى : أثناء دراستي الجامعية حصلت على وظيفة كمتدربة في شركة تسويق على انترنت، ولأني أبليت البلاء الحسن معهم، ما أن تخرجت حتى عرضوا علي وظيفة بدوام كامل، وهناك حيث عملت بكل جهد وكد، وكنت أعمل أكثر من 80 ساعة في الأسبوع (العادي هو 8 ساعات في 5 أيام أو 40 ساعة عمل كل أسبوع) وكنت أشارك مؤسس الشركة بكثير من الأفكار، وكنت أقبل أي مهمة يطلبوها مني، والأهم من كل ذلك: كنت مستعدة لأن أتعلم كل شيء. بعد 3 سنوات من هذا العمل الدؤوب ترقيت حتى أصبحت شريكة في هذه الشركة.

 س: أخبرينا عن السنوات الأولى من عملك والتي وصفتيها في مدونتك بأنها الأيام الصعبة التي كنت تزاحمين وتدفعين فيها لتشقي طريقك.

ياسمين مصطفى : كما أخبرتك، بدأت العمل وعمري 9 سنوات، وكان العمل في متجر والدي متواصلا طوال الأسبوع لمدة 24 ساعة كل يوم، وكنت أعمل فيه إما لكل الوقت أو لبعض الوقت حتى تم بيع المتجر وعمري 19 سنة. بيع المتجر تزامن مع رحيل أبي عنا وأخذه كل الأموال التي ادخرناها، حيث ركب في طائرة ومعه أخي الصغير وأختي الصغيرة وسافر إلى الأردن وتركنا نحن الأربعة وأمنا بلا مال أو معيل. هذا الرحيل المفاجئ أجبرني على العمل بشكل غير قانوني – لأن إقامتنا لم تكن قانونية كما سبق وذكرت لك. (وكأن كل هذا لا يكفي، إذ فجأة وقعت أحداث 11 سبتمبر بعدها، وانقلب الشعب الأمريكي ضد العرب، حتى أني أذكر حضوري اليوم التالي لوظيفتي لأجد مديري يسألني إذا كنت أعرف كيف أقود طائرات، كما توقف بعض العملاء تماما عن الحديث معي بعدها!)

الوظائف غير القانونية لا تعرف الرحمة أو التعاطف، فأنت مطالب بأن تبذل ضعف المجهود، بينما ترضى بنصف راتب المثل، وإذا ظهرت منك بادرة اعتراض، تقدم غيرك ليقتنص وظيفتك فورا. نتيجة لذلك، وبينما كان زملائي في الدراسة يرتاحون ويلهون في عطلة نهاية الأسبوع والإجازات، كنت أنا أجاهد لأحصل على مال لي ولأسرتي. هذا الأمر جعلني حريصة جدا فيما يتعلق بإنفاق المال، وكنت أحرص على ألا تزيد نفقاتي الأسبوعية عن أجري الأسبوعي، ولذا كان مصروفي واضحا ومحددا لي، وكنت أنفق على الضروريات فقط.

وقبل أن تسألني أجيبك، فور أن حصلت على قيمة بيع شركتي، أخذت المال وقررت الحصول على إجازة طويلة، إجازة تعوضني عن كل الاجازات والعطلات التي عملت فيها، واخترت أمريكا الجنوبية لأهيم فيها على وجهي، وهناك حيث كتب عني موقع BuzzFeed وحيث قرأت أنت وعرفت عني. لقد تحدثت عن هذه الخطوة في حياتي في مدونتي الانجليزية.

 س: كيف خطرت لك فكرة شركتك الأولى، وكيف حصلت على التمويل؟

ياسمين مصطفى : حين عملت في وظيفتي الأولى التي سبق وذكرتها لك، أطلقت مع شريك لي مدونة مخصصة للعصامية والتسويق (الرابط) وكان هدفي منها هو تأسيس موقع رائد يجلب المهتمين بهذين المجالين، ومن ثم نعلن عن خدماتنا من باب التسويق وبهدف الحصول على عملاء جدد. كنا نكتب عن أشياء كثيرة وكانت النتيجة أن مدونتنا حصلت وقتها على ترتيب متقدم في قائمة أشهر المواقع على انترنت.

وقتها، لم نكن نضع أي إعلان ولم نكن قد جربنا التسويق لغيرنا بالعمولة، حتى نصحني صديق ذات يوم بأن أجرب التدوين من أجل ربح المال، خاصة وأني كنت ماهرة في مجال الكتابة. قررت تجربة الأمر واشتركت في عدة شبكات إعلانية على انترنت، وبدأت أضيف الروابط الممولة هنا وهناك، وبدأت بأن كتبت تدوينة سريعة (في 2007، لم تستغرق كتابتها سوى ساعتين واحتوت على 9 روابط خارجية فقط – الرابط) جمعت فيها أشهر 20 من المقولات العصامية، ونشرتها، لأجدها بعدها تشتهر بشدة وتحصل على عدد كبير جدا من الزوار استمر لفترة طويلة، حتى أن هذه التدوينة فقط جلبت لي عوائد إعلانية وتسويقية زادت عن 17 ألف دولار أمريكي ولا زالت تجلب!

هذا العائد غير المتوقع جعلني أنتبه لهذه الطريقة من التسويق والتي لم تكن معروفة بما يكفي رغم أن عوائدها وفيرة وسريعة، ولذا أردت دراستها أكثر والاستمرار فيها. عندها وجدت أن الأمر ليس بهذه السهولة، فعلى المدون الاشتراك في عدد كبير من الشبكات الإعلانية والتسويقية، وبعدها يضيف الأكواد في ثنايا موقعه ومقالاته، وكل هذا كان يعني إضاعة الوقت في البحث وفي البرمجة. هنا أدركت وجود مشكلة تبحث عمن يحلها ويستفيد منها!

أردت أن أقدم تطبيقا واحدا يحل كل هذه المشاكل دفعة واحدة، تطبيق يوفر لك الشبكات الإعلانية داخل مدونتك، ويضيف الروابط بسهولة وبسرعة. عندما اختمرت هذه الفكرة في رأسي، قدمت استقالتي إلى الشركة، وانطلقت بدون النظر للوراء اعمل لكي تنجح شركتي الناشئة الصغيرة (كان اسم التطبيق 123LinkIt).

احرص على أن يكون لك رؤية لنفسك ولشركتك. - ياسمين مصطفى

احرص على أن يكون لك رؤية لنفسك ولشركتك. – ياسمين مصطفى

شرعت في تصميم هذا التطبيق بنفسي، وكنت أموله بما تيسر لي إدخاره، وكنت أجتهد لأوفر المزيد من المال لأستثمره في مشروعي الناشئ. كنت ألبس ملابسي كما هي دون شراء الجديد، وكنت أبحث عن واحضر تجمعات العصاميين التي تقدم البيتزا المجانية لأوفر ثمن عشائي، كما عدت لأسكن مع أمي لأوفر أكثر. كذلك لا تنس أني كنت أؤسس شركة تقنية معلومات، رغم أني أنا نفسي لست بمبرمجة!

في البداية عثرت على أهل النصيحة والإرشاد داخل الشركة التي كنت أعمل فيها، وفي الملتقيات والتجمعات والمسابقات العصامية، وكنت أتعرف عليهم وأتابعهم وألتقي معهم حول كوب قهوة أو وجبة طعام لأتعلم المزيد منهم وليساعدوني على حل المشاكل التي تواجهني في مشروعي.

رغم أني كنت أبرمج موقع تطبيقي بلغة بايثون، لكني كنت بحاجة لمدير تقني يتولى الجانب البرمجي لمشروعي بشكل احترافي أفضل مني، حتى عثرت على شخص مناسب عبر صديق لي لكنه لم يستمر معي طويلا ورحل فجأة في وقت حرج. بعدها عثرت على مدير تقني ثاني بعدما تعرفت على الكثير من الأشخاص المتحمسين لتقنيات انترنت والذين يحبون التحديات الصعبة.

بمساعدة المدير التقني الثاني، توصلنا إلى إصدارة أولية من التطبيق، إصدارة سمحت لنا بإطلاق التطبيق ولذا بدأنا بقائمة بريدية لأشخاص سبق وأبدوا رغبتهم في تجربة هذا التطبيق الذي تحدثت عنه قبلها في عدة مناسبات وتجمعات. هذه القائمة جلبت لنا مستخدمين للتطبيق فور إطلاقه.

لأختصر لك القصة الطويلة، بعد فترة من المجاهدة وحل المشاكل وجمعي لتمويل ثاني لمشروعي من العائلة والأصدقاء، وبعد مشاورات مع مستشارين لي، قررت بيع تطبيق 123LinkIt إلى شركة تسويق واعدة، وقررت الانتقال بعد البيع للعمل في هذه الشركة من أجل تطوير تطبيقي أكثر وأكثر. كذلك من أسباب اختياري البيع هو أني أدركت حاجتي الماسة للعمل مع فريق وليس وحدي حتى أحقق ما أريده.

 س: دعينا الآن نرجع إلى الكويت، قطاع كبير من شباب العرب يظن أن النجاح في أمريكا أمر سهل للغاية، وأن من يتمكن من دخول الأراضي الأمريكية يصبح النجاح على بعد مرمى حجر منه، فهل هذا الكلام صحيح؟

ياسمين مصطفى : ليس هناك وصفة سحرية للنجاح. حتى النجاحات التي حدثت بين عشية وضحاها لم تقع بين عشية وضحاها. لعبة الطيور الغاضبة (انجري بيردز) كانت اللعبة رقم 52 التي تصممها شركة روفيو. المغني جاستن بيبر استمر لفترة طويلة قبل شهرته في تسجيل أغانيه ونشرها على قنوات يوتيوب. موقع AirBnB لتأجير الغرف للمسافرين كان على وشك الإفلاس قبل أن يحقق النجاح الطاغي الحالي. نصيحتي لمن يريدها هي ألا تبحث عن طرق سريعة للثراء السريع، بل يجب عليك أن تكون لك رؤية واضحة فريدة، وأن تضع خطوات لتنفيذ هذه الرؤية، ثم تعمل بكل قوتك لتنفيذها.

 س: الآن سؤال المليون: لو كانت ياسمين مصطفى عاشت حياتها في الكويت، هل كانت لتحقق النجاح الذي حققته اليوم؟

ياسمين مصطفى : هذا فعلا سؤال المليون، لكني لن أعرف الإجابة على وجه التحديد، لكني أشك في ذلك. النساء في الشرق الأوسط عادة ما ينتظر منها الزواج وتأسيس عائلة. لا أعرف طريقة أخرى غير سفري للولايات المتحدة لأحقق كل ما حققته ولأتعلم كل ما تعلمته ولأكون ما أنا عليه الآن.

 س: هل من نصيحة أخيرة للعصاميين العرب – خاصة العصاميات – الذين يريدون تتبع خطواتك وتأسيس شركاتهم / شركاتهن الخاصة؟

ياسمين مصطفى : احرص على أن يكون لك رؤية لنفسك ولشركتك. لماذا تفعل ما تفعله الآن؟ هذه الرؤية وهذه المعرفة هي سندك حين تسوء الأمور وتواجه الصعاب الجسام والتي ستعينك على اجتيازها. احرص على أن تجمع حولك فريقا من المستشارين والمعلمين الذين سيسدون لك النصيحة ويجيبون أسئلتك. ستحتاج لهؤلاء كي تسد الفراغات التي ستعترض طريقك. كن واقعيا واذهب في أثر ما تريده. كن مؤمنا بنفسك وبقدراتها الكبيرة.

شكرا ياسمين مصطفى .

 لعل السؤال الآن والذي يبحث عن إجابة هو، لماذا اخترت ياسمين لأحكي لكم عنها؟

حسنا، الأسباب كثيرة، فهي شابة عربية، من بني جلدتنا، نشأت في أمريكا، الأمر الذي يجعل قصتها تطرح إجابات لأسئلة كثيرة تراود الكثيرون والكثيرات. هل النجاح في أمريكا سهل مثل مرور السكين الساخن في الزبدة؟ هل المرأة قادرة على النجاح في عالم أعمال انترنت؟ هل يمكنك تأسيس شركة ناشئة تقدم حلولا عبر الانترنت وأنت لا تحترف البرمجة؟

لعلي أجد قارئا يقول في نفسه، هذه لم تربح الملايين فكيف نعتبرها ناجحة؟ لقد تمكنت ياسمين من احتراف تأسيس الشركات الناجحة، ونجحت في تكوين فريق المستشارين الخاص بها، وكذلك فريق العمل، وتعرفت على كثير من المبرمجين والمطورين الواعدين، واكتسبت خبرة عريضة في التسويق عبر انترنت، حتى أن مدونة شبايك أجرت معها حوارا عبر البريد ونشرته!

وقت كتابة هذه السطور، ستجد ياسمين مصطفى مشغولة بتأسيس شركتها الرابعة (الرابط) شركة تصمم وتبيع معدات إلكترونية، مخصصة للنساء في البداية، حتى إذا وقعت أي امرأة في مأزق أو داهمها الخطر، استخدمت هذا الجهاز والذي سيقوم بإرسال رسائل استغاثة لكل أصدقائها القريبين من موقعها الحالي، وإلى الشرطة وأي جهة يمكنها إغاثتها، حتى يحضروا إلى موقعها وينقذونها مما ألم بها.

هذه الفكرة خطرت لياسمين بعدما قرأت عن تعرض فتاة في الهند لجريمة بشعة قضت نحبها على أثرها، وغيرها من نساء العالم، ولهذا قررت أن تحل بنفسها هذه المشكلة.

نعم، ياسمين ليست مليونيرة، ليس بعد، لكنها مسألة وقت لا أكثر، وحين تفعل، لا تنس أنك قرأت عن ياسمين لأول مرة لدى شبايك!

ياسمين حصلت في 2012 على الجنسية الأمريكية، بعدما عاشت 22 سنة في أمريكا، وتعلمت برمجة المواقع وأصبحت قادرة على برمجة موقع انترنت بالكامل من البداية للنهاية. ياسمين تقضي قدرا كبيرا من وقتها في مساعدة الآخرين في مجتمعها، خاصة الفتيات والنساء، وتلقي محاضرات كثيرة في العصامية والبرمجة والتمويل.

ياسمين اشترت أول شقة لها، ستوديو صغير في سنتر سيتي في فيلادلفيا، بعد 28 سنة قضتها في بيت العائلة وسكن الجامعة ومع شريكات السكن.

قبل أن تسألني، في هذا المقطع المصور تشرح ياسمين كيف حصلت على 17 ألف دولار من تدوينة واحدة، باللغة الانجليزية.

على هذا الرابط ستجد نص المقابلة بالانجليزية.

19 ردود
  1. Islam SE
    Islam SE says:

    الحماس زاد 😀 .. مقابلة رائعة و مجهود حضرتك واضح .. بارك الله فيك

    بس ليه اعطيت اهمية كونها تُصبح مليونيره ام لا كمقياس لنجاحها ؟
    ( لم تربح الملايين فكيف نعتبرها ناجحة؟ )

    شكراً لك.

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      ليس أنا يا طيب من يعطي لهذه النقطة أهمية.
      فقط تابع التعليقات – في هذه التدوينة وغيرها – على القصص العربية في مدونتي، وستفهم سر كلامي هذا.

      رد
  2. خالد المصري
    خالد المصري says:

    رائعة جداً جداً – فعلياً الكثير يظن بأن مجرد دخوله إلا الاراضي الامريكية سيصبح بيل جيتس خلال ايام 🙂
    لكن لا ننكر ان الفرصة في امريكا للنجاح اضعاف الفرصة في البلاد العربية .

    رد
  3. محمد عبدالله
    محمد عبدالله says:

    بداية شكرا لك ولها على هذا المجهود الكبير من اجل ايصال هذه القصة لنا
    هنالك نقاط كثيرة تجعل من هذه القصة بداية انطلاق للكثيرين
    الكثير يشكو ويتوقف عن العمل بسبب مشاكل المعيشة
    المعيشة بشكل غير قانوني في بلد مثل امريكا يعني حياة مرة وكلامي من خلال معايشتي لأشخاص يمرون بنفس المشكلة لا تستطيع ان تدرس او تعمل
    وان اردت ان تعمل يجب عليك ان تقبل بان يستغلك مدير العمل
    مثلا لو كانت الاجور التي تستحقها 15 دولار بالساعة فانك لن تأخذ اكثر من 6 دولار!!!!
    وهذا يعني عمل اكثر وضغط عالي

    هنيئا لها وادعو الله لها بالتوفيق والسير على الطريق الصحيح
    شكرا لك

    رد
  4. حازم سويلم
    حازم سويلم says:

    هى ناجحة بالطبع ولو لم تربح الملايين، يكفيها انها لم تستسلم قط وواجهت مصيرها بشجاعة ولم تركن للظروف.. قصة ملهمة لفتاة شجاعة.

    رد
  5. نسرين محمود
    نسرين محمود says:

    اعجبنى جدا حماسها واصرارها
    وهذا هو النجاح الحقيقى
    اما مظهر هذا النجاح وهو المال فهو ات بلا ريب.
    حقيقه اكثر ماشدنى فى تجربتها هو انها دخلت مجال البرمجه وهو ليس مجالها
    وهذا هو نفس ما اتمناه لكنى لم افعل شيئا سوى التمنى!!!!!
    حقيقه ماتكتبه دوما عن البرمجيات والانترنت يجعلنى اتساءل كيف يمكن ذلك
    والان حماسى لمعرفة الاجابه زاد.
    لان عملى 9 سنوات فى مشروعى الى ان اصبح له اسم وشهره
    يدفعنى لان ابحث عن طرق جديده .
    ارجو من شبايك ومن معه من الاصدقاء ان يشرح لى ماهى اول خطوة .لكى افعلها

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      لماذا تسألين شبايك؟ لماذا لا تسألين ياسمين؟

      خذيها مني، لو نجحت في كسب ياسمين كمستشارة لك وأول عضو في فريق المستشارين لك، فأنت كسبت الكثير. أنا لا أقصد ياسمين لأنها كذا أو كذا، بل لأنها تملك خبرة طاغية في المجال الذي تسألين عنه.

      هذا وكلنا شوق لمعرفة المزيد عن مشروعك الذي استغرق 9 سنوات 🙂

      رد
  6. نسرين محمود
    نسرين محمود says:

    اخى شبايك ..سياتى يوما وفى القريب اللذى احكى لكم عن مشروعى ..
    اللذى سميته باسمى ..
    وساخذها منك اجمل نصيحه واراسل ياسمين ..لعل وعسى ان اعرف كيف ابدأ..

    رد
  7. نسرين محمود
    نسرين محمود says:

    وبالمناسبه ياشبايك
    انا اعتز بصباح اليوم جدا ,,
    لان اول شيئ قمت به هذا الصباح هو قراتى لمدونتك هذه
    والتى اشارت على باننى ايضا ناحجه طالما مشروعى نجح فى هدفه
    وان كان لم امتلك الملايين بعد
    لانها لم تكن من اهدافى
    كل هدفى كان ان انشيء مدرسه بها نظام وطريقه جديده تجمع بين التحفيز والتدريب على الحرف الصغيرة ليبدا نساء بلدى فى الانتاج والكسب عبر مشاريع صغيرة
    ونجحت فى ذلك .
    تدوينتك قالت لى اننى ناجحه
    وان مشروعى ناحج جدا
    وان المال هو هدية نجاحى وان لم احصل عليه بعد ف المساله مساله وقت ..
    اننى اشكرك جدا جدا جدا
    لانك ساعدتنى فى تغيير نظرتى لنفسى ولمشروعى

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      تعليقك هذا هو وسام أعتز بحمله فوق صدري… أنت أيضا قلتِ لي أنا ماأقدمه هنا هادف ومفيد ويغير حياة الناس للأفضل…

      لو كانت الظروف أفضل، لما تأخرت في المساهمة معك في هذا المشروع المفيد.

      رد
  8. Ibrahim Elmaghraby
    Ibrahim Elmaghraby says:

    أعتقد أ رؤوف أن سبب أنها لم تستطع تحقيق النجاح الذى تصبو أليه حتى الان هى أنها لم تركز فى مجال واحد ووجهت كل طاقتها أليه ، وانما تنتقل من هذا المجال الى ذاك وبالتالى تشتت نفسها ، رغم أنها حققت نجاحات فى كل المجالات التى دخلتها ولكن لو ركزت فى مجال واحد لكن حققت نجاح باهر فى وقت قصير .. شكرا على مقالاتك الرائعة

    رد
  9. يحيى هاشم
    يحيى هاشم says:

    اعجبتني هذه النصيحة
    احرص على أن تجمع حولك فريقا من المستشارين والمعلمين الذين سيسدون لك النصيحة ويجيبون أسئلتك. ستحتاج لهؤلاء كي تسد الفراغات التي ستعترض طريقك.
    وراح أركز عليها في الفترة القادمة .
    شكرا لأختي ياسمين مشاركتنا قصتها.
    وشكرا أخي شبايك دائماً متألق .

    رد
  10. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    اكتب من الهند … نيودلهي
    وللرحلات قصة قد نرويها لكم مستقبلا

    ونعم انا ابحث عن امور معينه واتدرب على تقنيات جديده
    والامر المريح قناعتي ان النجاح لا يعني ان تصبح مليونير
    بل
    بتاسيس الفريق المناسب لنجاحك
    واتذكر الحكمه التي تقول
    لكي تصبح مليونير عليك باختيار مساعدين اكفاء
    ودمتم سالمين

    رد
  11. أحمد سعد
    أحمد سعد says:

    الوصول إلى النجاح

    صراع و تحدي و عزيمة و إصرار و فشل و تعلم ..

    و أخيراً تحقيق الهدف الذي يرافقه في الغالب الحصول على الجائزة و هي المال .

    معظم أصحاب الملايين لم يكن في مخيلتهم و لا أحلامهم أن يجمعوا المال ، و إنما أحبوا ما يقومون به و سعوا بكل طاقتهم إلى أن يصلوا إلى حد الكفاف بجهدهم ، و قد تحقق لهم كل ذلك و أكثر .

    كل التوفيق لأختنا / ياسمين مصطفى ، و لأخونا رؤوف كاتب القصة و لكل من قرأ هذه التدوينة و علق عليها .

    رد
  12. مليكة السلامي
    مليكة السلامي says:

    ما أجمل تجربتك ياسمين، وما أجمل مبادرتك بمشاركتنا خبراتك عبر مدونة شبايك المميزة،وفقك الله عزيزتي
    متفاااااااااائلة بأن أمتنا تزخر بطاقات رائدة كل في مجاله ويوما قريبا ستجتمع العديد من هذه الطاقات الفذة على ابتكار المزيد وتحقيق أهداف رائدة جماعية كانت يوم ما أحلاما،
    ولعل يقينيني بأن مدونتك شبايك ستكون في طليعة هذا الحدث الرائع،
    دمت شبايك ودمت ياسمين ودام جميع متابعي المدونة الرائعة متألقين رائدين
    صباح التفاؤل والعطاء المستمر

    رد
  13. ناصر
    ناصر says:

    شكرا أستاذ رؤوفـ التدوينة جاءت في وقتها.
    كنت على وشك الإستسلام وترك أحلامي جانبا والقبول بوظيفة بإجر شهري، لكن شيء في داخلي يحضني على الإستمرار رغم فشلي المتكرر. هذه التدوينة أعادت إلي بصيصا من الأمل، فشكرا مرة أخرى.

    رد
  14. wisam
    wisam says:

    شخصية تدعوا للإحترام, فهي ليس من أولئك الذين يركضون وراء المال دون أن يعطوا أنفشهم حقها وأخذ فترة راحة أو السفر من أجل الراحة, كما أنها رفضت أن تسير على درب والدها وأختارت أن تبني لها درب خاص.
    كل الشكر لكاتب المقال الرائع 🙂 .

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *