قصص نشأة شركات شهيرة

هذه التدوينة ستكون مخصصة لنشر فقرات قصيرة تروي قصص نشأة شركات شهيرة، وسأجتهد لإضافة المزيد لها في نهايتها، والغرض منها تعريف القارئ ببدايات كبار الشركات اليوم، لأخذ الحكمة والعبرة، ومن أجل بعض التشجيع لمن حبسه التردد عن بدء شركته الخاصة. لنبدأ:

1 – فيروتشيو لامبورجيني Ferruccio Lamborghini

في بدايته كان الايطالي فيروتشيو مجرد مزارع تقليدي يقوم بتصنيع الجرارات (Tractors) الزراعية، الأمر الذي جعله من أغنياء البلدة، وجعله ينفق ماله في شراء السيارات الرياضية غالية الثمن، ومن ضمنها كانت عدة طرازات من سيارات فيراري. رغم سمعة فيراري الآن، لكنها في بدايتها عانت من مشاكل ميكانيكية كثيرة في ذاك الوقت، الأمر الذي جعل فيروتشيو يحاول إصلاح أعضال سيارته الفيراري بنفسه، لأنه في الأصل والقلب ميكانيكي. لاحظ فيروتشيو أن العيب ينبع من اسطوانة الدبرياج / القابض / كلاتش Clutch ولذا كثيرا ما طلب فيروتشيو من عمال الصيانة في شركة فيراري تصميم اسطوانة جديدة أفضل لحل هذه المشكلة، إلا أن هؤلاء لم يسمحوا له برؤية كيف يحلون له المشكلة في سياراته، وكان عليه ترك كل سيارة لفترة طويلة من الوقت حتى ينتهوا من تصليحها، وفوق كل هذا، كانت المشكلة تعود للظهور من جديد رغم كل هذه الخطوات.

قصص نشأة شركات شهيرة - لامبورجيني

قصص نشأة شركات شهيرة – لامبورجيني

لحل هذه المشكلة، طلب فيروتشيو مقابلة انزو فيراري مؤسس شركة فيراري ليشرح له المشكلة وحلها، وبعد فترة من الانتظار، التقى الاثنان ودار بينهما حوار ساخن، تبادلا فيه الهجوم بأن هذا لا يعرف كيف يبني سيارات متينة، وأن لامبورجيني رجل لا يفهم سوى في صنع وقيادة الجرارات الزراعية ولن يتمكن يوما من قيادة سيارة رياضية مثل فيراري. طبعا البقية معروفة، إذ ساعد هذا الحوار على نشأة المنافس القوي في عالم السيارات الرياضية: لامبورجيني.

2 – فريد سميث، مؤسس شركة فيدرال اكسبريس

أثناء دراسته الجامعية في جامعة ييل Yale الأمريكية في عام 1965، قدم فريد سميث بحثا دراسيا موضوعه مدى جدوى إقامة شبكة نقل خاصة فقط للطرود الكبيرة، عن طريق الشاحنات والطائرات، داخل حدود الولايات المتحدة الأمريكية. في ثنايا استعراضه لأوضاع الشركات التي كانت تشحن فقط الطرود الكبيرة، تطرق فريد إلى جانب الطرود الصغيرة وكيف أن نقل هذه الشحنات الصغيرة عبر شبكة نقل جوي ستكون فكرة جيدة لأساس عمل شركة ناجحة. رغم طرحه للفكرة بشكل عام، إلا أنه لم يتطرق لكيفية عمل شركة مثل هذه من الداخل وكيف يمكن لها تحقيق الربح وخفض التكلفة، الأمر الذي انتهى به حاصلا على درجة متوسطة في هذا البحث الذي قدمه. لم يفت هذا التقدير المتدني في عضد فريد سميث الذي تخرج والتحق بالبحرية الأمريكية كطيار وبعدما ترك الجيش أسس في عام 1971 شركته الخاصة لنقل الشحنات الصغيرة: فيدرال اكسبريس (تحول اسمها اليوم إلى فيديكس).

قصص نشأة شركات شهيرة - فيدكس

قصص نشأة شركات شهيرة – فيدكس

لا تترك الدنيا أحدا دون اختبار عسير، إذ تصادف بعد مرور سنوات قليلة على بداية شركته أن ارتفعت أسعار الوقود عالميا (حرب أكتوبر ومنع العرب تصدير النفط)، الأمر الذي كبد الشركة خسائر شديدة في كل شهر، حتى لم يتبق في حساب الشركة المصرفي سوى 5 آلاف دولار. عندها فعل فريد سميث شيئا جنونيا لا أنصح به قرائي، ألا وهو لعب القمار بما تبقى للشركة من مال، وشاء الله أن تنجح هذه الخطوة المتهورة، وربح 27 ألف دولار من هذه الخمسة، والتي أودعها بالكامل في حساب الشركة التي كانت بحاجة ماسة لهذه الدفعات النقدية لتستمر في العمل لبضعة أيام إضافية. هذه الأيام كانت كافية لتفلح جهود الشركة في الحصول على استثمار مالي ساعدها لأن تستمر وتنجح وتعمل اليوم في أكثر من 220 دولة حول العالم وتحقق دخلا سنويا بأكثر من 45 مليار دولار في 2013.

8 ردود
  1. المعتصم بالله
    المعتصم بالله says:

    كالعادة و بعد زيارة المدونة مرارا و تكرارا لنهل المزيد من شحنات الامل . تتحفنا الليلة بهده التدوينة الجميلة . دمتم و مدمنوا وزوار المدونة ودامت لكم السعادة

    رد
  2. ميني ناجي
    ميني ناجي says:

    جميل جدا السيد رؤوف. أتمنى أن تكون استمتعت بالعطلة والعيد مع عائلتك.

    تدوينة رائعة. الذي لا حظت في هذه القصص أن المشاكل هي التي تجعلنا نفكر بإبداع. كل ما كانت هناك مشكلة كلما سعى الإنسان إلي الإبداع لتحقيق حل أفضل.

    ذاك أبدع ليحل مشكلة ميكانيكية. أفتر ض لو لم يتعرض لهذه المشكلة لظل صعلوكا في بوادي إطاليا يتمتع بالحياة على قدره. لكن هذه المشكلة أهدته الحماس والصبر والإبداع ليكون أفضل ويساهم في ترفية الإنسان وتسهيل حياته.

    كذا القصة مع بطلنا الثاني الذي حل مشكلة النقل للأشياء الصغيرة عبر الجو.

    كما ذكرت في آخر تدونيتك الحياة لن تترك أحدا لسبيله وتسهل كل شيء له بل لا بد من العسر والإختبار… وأصعب ما في هذا الإمتحان هو الرفض والتجاهل الذي يتعرض له صاحب لفكرة من طرف مجتمعه والسخرية أحيانا منه.

    المشاكل التي نواجه قد تكون طريقنا إلي تحقيق مستقبل أفضل كل ما نحتاجه هو البحث عن حل أفضل والصبر علي الإمتحانات التي سنتعرض لها أثناء سيرنا إلي أحلامنها.

    شكرا علي المشاركة

    ميني

    رد
  3. رضوان
    رضوان says:

    لا يجوز رفض اي فكرة مهما كانت مجنونه.
    او اتت من شخص غير متخصص.
    يوجد شخص سجل اكثر من 35 براءه اختراع
    في مجال الحوسبه والمنتجات المكتبيه وهو غير متخصص
    فقط يطبق الحاجه ام الاختراع. وكل اختراعاته انا شخصيا لا راها اختراعات
    هي من النوع التي تقول بعدها ياااااه كيف لم افكر في هذا معقول لم يفكروا في هذا من قبل
    يجب ان يكون في كل شركه صندوق اقتراحات وافكار يتم دراستها بعنايه
    والشركات التي لها عملاء تعمل مسابقه لجذب افكار الزبائن
    وايضا يعطيها الامر شعبيه و يراها المستهلك شركه حديثه
    ويشعر بالتعاطف معها

    رد
  4. عبدالمحسن العنيق
    عبدالمحسن العنيق says:

    ومازالت قصص النجاح تقول: السر في إيجاد حل لمشكلة مع المغامرة إن لزم الأمر 🙂

    لكن يبقى سؤال المترددين:
    لم المغامرة ونحن لم نطلع إلا على بضع قصص ناجحة بينما هنالك آلاف من فشلوا وماتت أحلامهم؟!

    رد
    • أحمد سعد
      أحمد سعد says:

      قرأت مقولة للأديبة هيلين كلير .. تقول في جزء منها ..

      “أن الأمان فكرة خرافية غير موجودة في الواقع” ..

      و قالت في مقولة أخرى “أن الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة أو لا شىء” ..

      و هذه العبارات تعبر عن وجهة نظر الكاتبة و التجارب التي عاشتها في الحياة ،

      و لكنني وجدت ما بين هذه المقولة و تلك الإجابة على سؤال المترددين ..

      و هي أن “المغامرة” تمثل الفرصة ، و أن البقاء في منطقة الـ “لا قرار” لن يحقق الأمان .

      رد
  5. محمد مكي
    محمد مكي says:

    السلام عليكم.
    هذه أول مشاركة لي.
    أنا معجب بمدونتك أخي رؤؤف.
    أعجبتني عبارة الأخ المشارك ميني ناجي.”أن المشاكل هي التي تجعلنا نفكر بإبداع. كل ما كانت هناك مشكلة كلما سعى الإنسان إلي الإبداع لتحقيق حل أفضل. ”
    كم كنت أقلق و أشعر بالضجر عند وقوع المشاكل لي،لكن بعد ما بدأت أقرأ في مجال التنمية البشرية، إكتشفت أن المشاكل هي التي تصنعنا، هي التي تعلمنا، هي التي تقوينا، هي بإختصار ضرورة النجاح، فلا يمكن تصوره بدونها.
    أنا أعتقد الآن، أنه ينبغي علي كلما واجهتني مشكلة، أن أحافظ على هدوئي،أن أفكر في حلول إبداعية لها،أن أبحث عن الفرص المتخفية فيها.أن لا أفشل، و أن لا أتوقف عن المحاولة في إيجاد الحلول لها.

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *