وارن بافيت

خمس نصائح إدارية من وارين بافيت

,

ثم كان أن قرأت عن بعض النصائح التي بذلها وارين بافيت، الأمريكي ضمن قائمة أغنى أغنياء البشر في الوقت الحالي، وأردت مشاركتها معك عزيزي القارئ. بداية، وارين بافت عصامي بحق، بدأ من أول السلم بشركة متواضعة، تحولت اليوم لتكون حوتا عملاقا مترامي الأطراف. نعم، وارين صادف في تجارته بعضا من الحظ السعيد، لكن هذا لا يقلل من عبقريته الإدارية وتواضعه.

الجدير بالذكر أن وارين بافيت يعزو الكثير من أسباب نجاحه في شبابه إلى نصائح وكتب ومحاضرات ديل كارنيجي، وتجده يطبقها بمفهوم مالي معاصر. هنا، سأنقل لكم هنا بعضا من النصائح التي جاءت ضمن سياق كتاب قديم نسبيا بعنوان أسرار وارين بافيت في الإدارة.

نصيحة وارين بافيت – اعمل في مجال تحبه

نصيحة قديمة ومستهلكة، لكن المفارقة أنها تبقى صحيحة وغير مطبقة. سيقولون لك اعمل في أي وظيفة متوفرة وسد جوعك واحمد ربك وأغلق فمك. لعل هذه الطريقة من التفكير تبرر لنا لماذا لا نجد شركة خاصة عملاقة ناجحة مثل ابل أو مايكروسوفت أو انتل أو ايرباص في العالم العربي.

تبرير بافيت لسبب هذه النصيحة بسيط، ذلك أن من يحب ما يعمل فيه سيبدع والإبداع سيجلب الأرباح. هذا الأمر يجعل وارين لا يشتري شركة إلا ولديها مدير تنفيذي ناجح واعد سيبقى معها بعد البيع.

نصيحة بافيت: قم بتفويض سلطاتك قدر الإمكان، للأشخاص المناسبين

هل تعرف سر ثروة وارين بافيت العظيمة؟ حسنا، وقت تأليف الكتاب كان لدى وارين 88 شركة مملوكة لشركته التي يديرها. أدار هذه الشركات الـ88 مدراء تنفيذيين انتقاهم وارين بنفسه، جلبوا له ولشركته القابضة الأرباح التي جعلته من أثرى الأثرياء.

كيف يجد وارين هؤلاء المدراء؟ يرى وارين أن صنع مدير تنفيذي من داخل الشركة أفضل، طبعا شريطة أن يكون هذا المدير يطبق النصيحة الأولى، يعمل في مجال يحبه. الأمر الثاني أن وارين يطلب من كل مدير يعمل لديه أن يختار شخصا بعينه ليحل محله في حال مات هذا المدير أو رحل عن الشركة، وأن يشرح سبب اختياره، وأن يقوم المدراء بتجديد هذه الاختيارات مع مطلع كل عام.

يرى بافيت أن تغيير المدير التنفيذي لشركة ما يعادل صعوبة استبدال الزوج أو الزوجة بآخر أو أخرى، فهذه العملية مكلفة، مؤلمة، ذات خسائر، غير مضمونة العواقب، ولذا يرى أن صنع مدير جديد من داخل الشركة ذاتها قد يكون أقل ضررا وأفضل حلا.
يروي الكتاب كيف أن إحدى شركات بافيت اتصل مديرها به يطلب منه الإذن في شراء طائرتين نفاثتين للشركة، فرد بافيت قائلا، هذا اختياركم وهذه شركتكم. افعلوا ما فيه الصالح وسكت. بالطبع، في نهاية كل عام، يجلس بافيت ليراجع التقارير المالية والإدارية والربحية.

ثم يروي الكتاب كيف اشترى بافيت شركة ما، لأن سعر أسهمها بلغ ربع قيمتها الفعلية، ثم جلس في مجلس الإدارة، ثم أقنعهم بضرورة فضل المدير التنفيذي لأنه السبب في تحقيق الشركة للخسارة، على أن المدير البديل كان أسوأ من سابقه، الأمر الذي اضطر بافيت للبحث خارج الشركة، وبدأ فسأل أحد أصدقائه المفضلين، والذي اقترح له هاري بوتل.

هاري بوتل المرموق

من يتابع سيرة وارين بافيت سيعرف أنه كثيرا ما يمدح في هاري بوتل المرموق أو The remarkable Harry Bottle والذي استعان به وارين كثيرا ولم يخيبه. حين طلب منه بافيت أن يأتي ليعرف سبب خسائر هذه الشركة التي اشتراها، وجد هاري أن الشركة تبيع منتجات عدة، منها ما له بديل، ومنها ما لا يوجد له منافس السوق. كانت الشركة تبيع كل منتجاتها بهامش ربح 40% ثابت للكل.

قرر هاري تغيير ذلك الوضع، زاد من هامش الربح على المنتجات التي تنتجها الشركة وحدها، وخفض الهامش على المنتجات التي لها منافسين ومنتجات بديلة. بنهاية العام الأول، كانت الشركة تحقق أرباحا وتوقفت عن الخسارة.

الآن، هذا القرار يبدو لك بسيطا، صحيح؟ السؤال هو، لماذا لم يره لا المدير التنفيذي الأول ولا الثاني؟ هل كانوا يعملون في مجال يحبوه؟ لن نعرف الإجابة على ما يبدو لي.

نصيحة بافيت: اجمع فريق مبيعات ناجح

مَن هو أفضل رجل مبيعات يمكن أن تضمه لفريقك؟ هو الرجل الذي يؤمن حقا لا نفاقا بالمنتجات التي تبيعها، الذي يستخدمها ومعجب بها وينصح بها غيره. (لا تنس نصيحة 1). مثل هذا الرجل الشغوف سيهتم بمعرفة كل صغيرة وكبيرة عن المنتجات التي يبيعها، وعن أفضل استخدامات ممكنة لها، وعن المشاكل التي تحلها، والفوائد التي تجلبها. هذه هي الصفات ذاتها التي يبحث عنها وارين في المدراء العاملين معه. بافيت لا يوظف مدراء جل همهم في الحياة هو كسب المال وحسب، ذلك لأنهم إن لم يربحوا المال بطريقة مشروعة، سيربحوه بأي طريقة.

نصيحة بافيت: لا تقترض. لا تتسبب في دين. عش وفق قدراتك المالية

الربح هو ترياق الحياة لأي تجارة. الخسارة هي السم الزؤام لأي تجارة. تحقيق الربح في أي تجارة يعني خفض التكاليف لأقل من العوائد. يجب أن يكون هامش الربح إيجابيا، وهذه هي معادلة الربح الوحيدة في أي تجارة. يوم أن تحقق تجارتك أرباحا بسبب الاقتراض فقط، فاعلم أنك في مأزق (أي أن أموال الاقتراض فقط هي ما تجعل الشركة تستمر). يجب أن تقاوم أي أسباب للإنفاق والاقتراض طالما لست في حالة مالية جيدة تسمح بسداد مثل هذه الديون.

نصيحة بافيت: عليك تحفيز فريق العمل لديك

هنا يكاد وارين يكرر ذات النصائح التي سردها ديل كارنيجي في كتبه، فهو ينصح المدير بأن يبني لموظفيه سمعة وشهرة مثالية تجعلهم يعملون من أجل الحفاظ عليها، وأما في حال أردت انتقاد موظف ما، يجب عليك أن تمدحه قبلها، وإذا أردت الفوز في نقاش ما، يجب عليك أن تخسر في نقاشات قبلها، وإذا أردت من أحدهم عمل شيء لك، يجب أن تتحدث من منظورهم هم وما يحتاجوه وما يريدوه.

شجع فريق العمل على المجيء بأفكار جديدة، لا أن تعطيهم أنت الأفكار الجديدة. حين تقع في خطأ ما، اعترف به فورا. حين تمدح، اذكر أسماء من تمدحهم. حين تنتقد، انتقد الفعل والسبب.

الكتاب مليء بالنصائح الأخرى القصيرة، لولا أني قد أكون ذكرت أفضل ما فيه. أهم نصيحة في رأيي الخاص هي الأولى، وأرى أننا في العالم العربي بحاجة ماسة لتطبيقها بقوة، هذا إذا أردنا رؤية شركة عالمية عملاقة ناجحة ذات أصل ومنشأ عربي، بدون أموال حكومية أو استثمارات غامضة.

12 ردود
  1. حذيفة ماضي
    حذيفة ماضي says:

    حقاً نصائح رائعة وجميلة ، والنصيحة الأولى هي التي أعمل بجد على تطبيقها ، نجحت فيها بشكل جزئي لكنني لم أنجح في تطبيقها في حياتي بشكل كلّي ، ادعو لي بأن أوفق في ذلك ، لأنها وحدها تشكل أكبر تحدي لي في حياتي .

    رد
  2. عمر حداد
    عمر حداد says:

    أنا الآن و منذ فترة قصيرة أحاول تطبيق النصيحة رقم 1 ، و فعلا إنها تؤتي ثمارها شيئا فشيئا لأن الرؤية العامة للحياة تصبح أوضح . و النقطة الرابعة طبعا مهمة مع العلم أن الجميع أصبح يقتض و البركة في البنوك التي تسهِل كثيرا موضوع الإقتراض . وشكرا لك .

    رد
  3. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    شجع فريق العمل على المجيء بأفكار جديدة، لا أن تعطيهم أنت الأفكار الجديدة. حين تقع في خطأ ما، اعترف به فورا. حين تمدح، اذكر أسماء من تمدحهم. حين تنتقد، انتقد الفعل والسبب.
    …………………………………….
    نصيحة رائعه جدا وفي محلها لتطوير اي عمل

    رد
  4. مصطفى محمود
    مصطفى محمود says:

    نصائح جميله ذات طابع لرجل فهم جيدا اسلوب الاداره واللامركزيه المحسوبه واللامطلقه واحب مفهوم الاداره التى ادت بيه الى ما هو عليه حاليا
    النصائح كلها ذات قيمه :
    منها النصيحه الاولى والثانيه ….. والاولى هى الاساس والتى لا تطبق فى الوطن العربى حيث كم من انسان دخل مجال هو يحبه من الاساس ويظهر جليا فى الثانويه العامه والمجموع الذى يحدد رغاباتك وليس انت ما تحدده
    انى دخلت كليه الهندسه من الثانوى الصناعى من مشوار طويل نسبيا عن الثانوية العامه حيث حبيت مجال الهندسه ومجال التصيمم الصناعى والميكانيكى بصوره غير طبيعيه
    واتمنى من الله الاعانه والتوفيق فى انى اقوم بعمل شركه للتصميم والتصنيع حيث لا يوجد عندنا هذا المجال فى مصر والوطن العربى … مازلت اتعلم لعمل ذلك ان شاء الله …الموضوع ليس بالسهوله اللى الواحد بيحلم بيها

    رد
  5. سعيد
    سعيد says:

    موضوع في غاية الروعة ساعدني في التخلص من لوقت وجيز من الاحباط . المشكلة اخي الكريم في العالم العربي ان الطاقة السلبية منتشرة في جميع الاماكن في المدارس المعلم محبط ولايستمتع بعمله والتاجر محبط وسمستر العقارات محبط وكل هذا بسبب ان المعلم كان يحلم بان يصبح تاجرا والتاجر كان يحلم بان يصبح مستكشفا والسمسار كان يحلم مهندس برمجيات وهكذا تجد لااحد في بلدنا العربي يعطي افضل مالديه اتمنى ان يتم تدارك الموقف باصلاح المنظومة التعليمية فمدارسنا تنتج شبابا لايعرف مايريد وحتى ولو عرف مايريده تواجهه مشاكل الوظيفة التي وان وجدها يجدها في غير تخصصه ويضطر في العمل في اي شيء لكي يقفل افواه الناس التي تنعته بالبطالي وبذلك يرضي الناس ويدمر مستقبله هذه الجملة الاخيرة تنطبق علي انا لذلك اتمنى ان تدعو معي الله ان يوفقني في العمل الذي اريد ان اعمله خصوصا انه امامي طريقين اما ان اعمل في وضيفة اكرهها او استمر في عملي الحالي الذي احبه لكن ليس فيه مردود مالي في الوقت الحالي وشكرا على سعة صدركم

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *