خمسة دروس من الوز

دروس من الوز أو Lessons from the geese هي من أشهر مقالات التحفيز المنتشرة، كتبها أستاذ العلوم روبرت ماكنيش، ليلقيها في موعظته الأسبوعية في الكنيسة في عام 1972، والتي جاءت بعد مراقبته لهذه الطيور لفترات طويلة. لنبدأ:

حقيقة: حين يضرب أي طائر بجناحه، فإنه يتسبب بذلك في عمل تيار هواء صاعد، يشعر به أي طائر يطير خلفه على مسافة قريبة جدا.

حين يطير سرب الطيور على هيئة الرقم 7 أو حرف يو U الانجليزي، فإن ما يحدث فعليا هو أن كل طائر في السرب يستفيد من ضربة جناح الطائر الذي يسبقه والتي تقلل مقاومة الهواء لجناح الطير التالي، الأمر الذي يجعل هذا السرب قادرا على الطيران لمسافة أطول بمقدار 71% مما لو طار كل طائر بمفرده.

دروس من الوز

حين يشترك جماعة من الناس في هدف أو غاية، فيقررون العمل معا بتناغم لتحقيق هذا الهدف، على هيئة مجتمع بشري صغير، ساعتها يمكنهم العمل بسرعة أكبر، وتحقيق نتائج أفضل، مما كانوا ليفعلوا لو عمل كل منهم بمفرده.

حين يكون هناك اتحاد في الغاية والهدف، وتناغم في العمل الجماعي، تصبح الأمور أسهل من ذي قبل، وتحقيق الغايات والأهداف أيسر وأسرع.

حقيقة: فور أن تخرج إوزة من تشكيل السرب، تشعر بمقاومة الهواء لضرباتها وبالمجهود الكبير اللازم لكي تطير، ولذا تعود بسرعة إلى تشكيل السرب، لتستفيد من التيار الهوائي الناتج عن ضربات أجنحة بقية الوز.

دروس من الوز

يجب أن نعرف من هو قائد السرب ونسير معه، ونلزم تشكيل السرب بشكل متناغم يكفل لنا الاستفادة من ضرباته، طالما أن السرب متجه للهدف الذي نريد أن نذهب إليه.

دروس من الوز
دروس من الوز – الطيران ضمن سرب. الصورة من فليكر

حقيقة: حين يتعب قائد السرب من الوز، فإنه يتأخر قليلا ويتراجع عن مركز القيادة، ويسمح لغيره بأن يأخذ موقع قيادة السرب، بينما يطير هو ضمن أفراد السرب.

دروس من الوز:

حين تتعب، اترك موقعك لمن هو أقدر منك. إذا واجهت مشكلة لا تعرف كيف تحلها، اعهد لغيرك القادر على حلها بموقع مسؤولية حلها. تبادل السلطات أمر إيجابي حيوي. الوز لا يفرق بين ذكر أو أنثى في قيادة السرب، فالاختيار للأقدر لا بالنوع.

حقيقة: تستمر طيور الوز في نهاية السرب في إصدار أصوات، يظن المراقبون أن الغرض منها تشجيع مقدمة السرب للاستمرار في الطيران وضرب الهواء وزيادة السرعة، ولضمان بقاء الجميع معا في تشكيل السرب.

دروس من الوز:

التشجيع الإيجابي شديد الأهمية، لا يجب أن تستقل به بأي صورة. نحن بحاجة لأن يشجعنا من هم خلفنا حتى نستمر في سيرنا للأمام. تشجيع من تقودهم لك أمر حيوي لك، فهو يعينك على تحمل المصاعب وعلى الاستمرار وعلى زيادة السرعة. شجعهم على تشجيعك.

حقيقة: حين تمرض إوزة أو تصيبها إصابة ما، تخرج إوزتان من التشكيل لترافق الإوزة المصابة وهي تهبط، وتطيران حولها فوق الأرض وتبقيان معها، إما حتى تستعيد الإوزة عافيتها وتعاود الطيران، أو تموت لسبب أو لآخر. خلال فترة التعافي، تكون الإوزتان مستعدتان للهجوم على أي مصدر خطر قد يهدد الإوزة المصابة. حين يعاود هذا الوز الطيران، يطيرون في سرب صغير حتى يلحقون بالسرب الأصلي، أو ينضمون لسرب آخر.

دروس من الوز:

يجب أن نقف معا، نساند بعضنا، نحمي بعضنا، ندافع عن بعضنا، وأن نحافظ على الوحدة، العمل الجماعي، الطيران مع السرب لا خارجه. الخروج من تشكيل سرب لا يعني الغضب على فكرة السرب، ولا عيب في الانضمام لسرب آخر، المهم العمل الجماعي والسير نحو الهدف المطلوب والغاية المنشودة.

على الجانب:
• لا تترك الأمر يختلط عليك. بالطيران مع السرب أو مع القطيع، أقصد به ألا تعمل بمفردك، وأن تعمل مع فريق. هذا الفريق قد تكون أنت رئيسه وقائده أو مجرد عضو فيه – لا يهم، لكن ما يهمنا هنا هو العمل الجماعي المتناغم. نصائحي السابقة بعدم السير مع القطيع أقصد بها عدم تكرار اكتشافات الآخرين، وعدم الرضا بما هو قائم، والسعي لاختراع الجديد الفريد.
• هذا الموضوع يوجب علينا ذكر الآية الكريمة وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ آل عمران، 103.

14 ردود
  1. عمرو النواوى
    عمرو النواوى says:

    ما لفت انتباهي هنا ليس الدروس فحسب، وإنما أيضًا عبادة غفل عنها الكثير من الناس على الرغم من أنها أساسية في ديننا .. وهي عبادة التأمل.

    يقول سبحانه وتعالى في أواخر سورة آل عمران:
    إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ‌ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٠﴾ الَّذِينَ يَذْكُرُ‌ونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُ‌ونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ رَ‌بَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ‌ ﴿١٩١﴾

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآيات:
    “اليوم نزلت عليّ آيات، ويل لمن لم يتفكر فيهن” وذكر الآيات السابقة.

    والله إن التفكر ليس هو عبادة يأمرنا بها الله، ويدعونا إليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقدر ما هي منحة وهبة لنا من الله يجب أن نحافظ عليها، لندرك عظيم حكم الله في خلقه، وسننه بين المخلوقات، وكيف يسير الله كونه.

    رد
    • د محسن النادي
      د محسن النادي says:

      رائع اخي عمرو
      فاول ما طالعت الموضوع خطرت في بالي نفس الفكره
      لماذا لا نتفكر ونتعلم مما يحيط بنا
      …………….
      على الهامش
      اخي رءوف حتى لا يختلط الامر
      اقترح تبديل العنوان للمقال
      خمسة دروس مستفادة من طائر الاوز
      لاني ظننت الوز اسم شخص اجنبي في بدايه الامر 🙂
      ودمتم سالمين

      رد
  2. أحمد سعد
    أحمد سعد says:

    أحببت هذا المقال ..

    ووصلتني فكرة الوز بتأكيده على ضرورة العمل الجماعي

    و أنه أسهل الطرق للوصول إلى الأهداف ..

    و لفتني فكرة معاونة الضعيف و محاولة الأخذ بيده و الإرتقاء بمستواه .

    شكرا لك شبايك .. مقال رائع

    رد
  3. محمد حنوش
    محمد حنوش says:

    مقال رائع، شكرا لك أخ رؤوف، أعتقد أن الغرب اليوم يأخذ من القرآن أكثر بكثير مما نفعل نحن، فبخصوص الايات في أواخر سورة آل عمران، لم يدع الغرب أي شيء في الطبيعة (حيوانات أو نباتات) الا و أخذ منها فكرة، و حولها الى قيمة مضافة ثم قام ببيعها لنا، فعلى سبيل المثال ما طورته شركة مرسيدس مؤخرا في نظام ممتص الصدمات في عجلات السيارات المستوحى من رأس الدجاجة، أما نحن العرب فلا نزال نقف على هامش التاريخ

    مرة أخرى شكرا لك

    رد
  4. عبدالغني
    عبدالغني says:

    تدوينة رائعة ورغم بساطة الفكرة الا انها تحمل الكثير من المعانى ، لكم احب العمل الجماعى فى اشياء كثيرة ولكن الثقة تقف عائق فى مثل هذه الامور فلتعمل عمل جماعى على افراد الفريق ان يثقوا بالقائد وبباقى اعضاء الفريق وايضا ان يثقوا بقدراتهم وانفسهم . ويفعل الجميع ما يتوجب عليه القيام به لا ان يعتمد على شخص آخر ليقوم هو بعمله ويقول نحن فريق ، فقم انت بذلك. او ان يعتمدوا على القائد فى كل صغيرة وكبيرة ويقولون انت القائد فكان يتوجب عليك فعل هذا وذاك.

    رد
  5. حازم سويلم
    حازم سويلم says:

    دروس أكثر من رائعه, وكلها تقوم على روح الفريق. قرأت مرة ان قائد سرب الوز يطير بـ 100% من قوته, بينما آخر طيور السرب لا يحتاج لاستخدام سوى 7% من قوته للطيران, بسبب التعاون بينهم.

    رد
  6. ابو البراء
    ابو البراء says:

    منذ بدايات هذه المدونة المباركة وانا اعتبرها جامعة في علوم التسويق والتنمية البشرية ومازلت اعتقد ذلك
    اشكرك اخي رؤوف شبايك وأسأل الله ان يجعل ذلك في موازين اعمالك وان يوفقك في الدنيا والآخرة

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      أدعو الله أن يتقبل دعائك لي، وأن يعطيك أكثر مما سيعطيني وأن يعطي القراء أكثر وأكثر بكرمه سبحانه وتعالى …

      رد
  7. مطور
    مطور says:

    أول شئ خطر ببالي عندما بدأت في قراءة المقال كانت الآية الكريمه (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم).

    و كأن الآية الكريمه تنبهنا إلي ترابط الطيور و كم هي قيمه روح الجماعه.

    علي الهامش: أظن أن الأصح أن نقول “الإوز” و ليس “الوز” ، هل لك أن تصحح لي لو كنت مخطئا.

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      بخصوص وز و إوز. حين طالعت صفحة ويكيبيديا، وجدتهم استخدموا كلمة وز + إوز. حين بحثت في جوجل وجدت مقالات كثيرة مشابهة استخدمت إوز وقليلة استخدمت وز ولذا استخدمت القليل 🙂

      كذلك لا تنس أن كلمة وز دارجة أكثر في مصر وهي سوق انترنت عظيم.

      رد
  8. المهندس خالد العطواني
    المهندس خالد العطواني says:

    اختيار موفق جدا
    هذا يجسد نظرية البديل الثالث للكاتب ستيفن آر كوفي وقد تطرق فعلا لذلك بتعبير 1+1 يمكن ان يكون اكبر من 2 وليس شرطا ان يساوي 2 وقد استدل على ذلك بقصة اختراع السبيكة التي صنع منها المحرك النفاث للطائرات . من الجميل جدا ان نتأمل بما حولنا ونتعلم منه. والتعليقات على الموضوع كانت اكثر من رائعه .تحياتي

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *