كانت مغامرة مرهقة، استمتعت بها رغم ما كان فيها من مصاعب، وبدأت القصة حين قرأت يوما لمدون غربي أثق فيه عن سعادته للسرعة التي حصل عليها بعد ترقية قرصه الصلب، من الميكانيكي التقليدي إلى SSD أو سواقة الحالة الصلبة. بشكل عام، تراجعت ثقتي في المواقع التقنية، فهي في النهاية شركات تبحث عن الربح المتمثل في الإعلانات، وبت أثق أكثر في المدونات التي لا يغلب عليها الطابع الإعلاني، ولذا قررت تجربة هذا الأمر، من باب متابعة جديد التقنية.
بداية وللتوضيح، أقراص اس اس دي هي التطور التقني لبطاقات الذاكرة المستخدمة في الهواتف النقالة والكاميرات، لكنها معدلة بحيث يمكن تركيبها كما لو كانت قرصا صلبا. المزايا كثيرة، منها السرعة الكبيرة في استرجاع البيانات، والهدوء التام إذ لا تجد أي قطعة ميكانيكية أو أقراص دائرة، كما أن أغلب هذه الطرازات ينتج عنها حرارة تشغيل أقل. الأمر الثاني الذي يجب توضيحه هو أن آلية تشبيك هذه الأقراص مع الحواسيب لها عدة صور، أهمها SATA وهي على 3 سرعات: ساتا، ساتا 2، ثم ساتا 3، وطبعا كلما زاد الرقم كلما زاد معدل نقل البيانات، ما يعني أن الأكبر هو الأسرع.
كان ذلك منذ عام أو يزيد، وعندها اخترت شراء قرص انتل سعة 80 جيجا، لكني وجدت هذه السعة لا تكفي، كما وفشلت في نقل ملفات نظام التشغيل كما هي من الميكانيكي إلى اس اس دي، ولذا قررت الانتظار حتى تنخفض أسعار السعات الأكبر. مع قارئ كيندل قررت أن الوقت حان لشراء قرص اس اس دي واخترته من سعة 240 جيجا، من صنع شركة كورسير ذات السمعة الطيبة في مجال شرائح الذاكرة والأقراص اس اس دي، والأهم يعمل بآلية ساتا 3.
قضيت وقتا طويلا في البحث عن أفضل نوع لشرائه، وهممت بشراء عدة أنواع سابقة لولا أن في كل مرة كنت أؤجل اختياري بسبب عرض سعري خاص أو تخفيض إضافي. المخاطرة في شراء أقراص اس اس دي عبر انترنت هي كون أكبر مشكلة تواجه تلك الأقراص – بجانب سعرها المرتفع، أن قرابة 10% منها تخرب، إما قبل التشغيل، أو بعد تشغيلها بأسابيع، وتعرف شركات التصنيع ذلك وتقبل تغيير القرص بدون أي نقاش. المخاطرة الثانية هي أنه في حين تظهر أحيانا بعض الأعراض التي تنبئ بقرب خراب القرص الصلب، أقراص اس اس دي تعمل وفق قاعدة الموت المفاجئ، تصحو ذات يوم وتشغل حاسوبك لتجده خاويا على عروشه.
مشكلتي مع حاسوبي العتيد أنه من مواليد 2008 ويعاني من أعراض الشيخوخة، ولأني أريد شراء لوحة أم ذات مزايا كثيرة ومعالج سريع وذاكرة واسعة، قررت البدء بالقرص أولا، مع بعض شرائح الذاكرة، لضخ بعض الشباب في الجهاز القديم. مع كيندل وصل كل شيء وجاء وقت التركيب والتجريب. ما تعلمته هو أن ويندوز اكس بي لا تعمل بكفاءة على أقراص اس اس دي، إلا بعد حيل تقنية مكيرة، فشلت في تنفيذها. انتشرت برامج استنساخ الأقراص، تلك التي تنقل بياناتك كما هي من قرص إلى آخر دون الحاجة لإعادة تثبيت أو نقل ملفات. هذه فشلت في نقل نظام ويندوز اكس بي وفشلت كل محاولاتي في تخطي شاشات الموت الزرقاء.
كانت كل المؤشرات تشير إلى وجوب الانتقال إلى ويندوز 7 الجديدة، حتى حين قرأت عن نسخة ويندوز 8 الجديدة، وجدت أهل الثقة والخبرة يحذرون بأنها ستكون ويندوز فيستا جديدة، وأن ويندوز 7 ربما كانت من أفضل النسخ التي خرجت من مايكروسوفت. عادتي شراء النسخ الأصلية، لذا بحثت حتى وجدت مستخدما يعرض النسخة الأوروبية ويندوز7 بروفيشنيل ان – الإصدارة الكاملة لا الترقية، بنصف سعرها تقريبا.
[كنت أود دفع ذلك المبلغ في إصدارة لينوكس أو نظام تشغيل عربي، لولا اعتيادي علي استخدام تطبيقات أوفيس وبرامج تحرير الصور وألعاب الكمبيوتر. استباقا لتعليقات قد تقول هؤلاء كفرة حلال سرقتهم، أو كان الأجدر بك التبرع بهذا المبلغ لإخوانك في كذا وكذا، لهم أقول: طالب العلم لا يسرق، يدفع مقابل ما يحصل عليه، حتى يبارك الله في علمه. موقفي من قرصنة البرمجيات معروف].
خلال 13 دقيقة كانت ويندوز 7 قد انتهت من تهيئة القرص الجديد وتثبيت ملفاتها وبدء التشغيل بدون مشاكل. لو كنت استخدم قرصا عاديا لاستغرق الأمر أضعاف هذا الوقت! كنت أتوقع زيادة 3 أضعاف في سرعة القراءة من القرص اس اس دي، لكن حاسوبي القديم يدعم آلية ساتا 2 فقط، ما يعني أن القرص الجديد يعمل بنصف سرعته، لكن حتى هذه السرعة الإضافية أمر يسعد له أي مستخدم كمبيوتر بلا شك.
ختاما أود التأكيد على ضرورة الاستعداد للانتقال إلى أقراص اس اس دي، فهي المستقبل لا شك، وتوفر سرعة تشغيل تدخل البهجة على النفس، فيكفيك أن تضغط أيقونة اكسيل فتجده على الفور مفتوحا ومستعدا للعمل، ومثله الكثير. برنامج فوتوشوب 4 (نسخة 64 بت) انخفض زمن تشغيله للنصف تقريبا، ذلك أنه يحتاج لمعالج سريع، وهكذا تكرر الأمر مع بقية التطبيقات. إذا كنت تريد المزيد من السرعة بدون ترقية عتاد جهازك، فأنت تعرف من أين تبدأ!
أريد قبل الختام تقديم بعض النصائح:
1 – إذا كنت لتشتري قرص اس اس دي فاختره يعمل وفق معيار ساتا 3.
2 – إذا كنت لترقي حاسوبك، فاختر لوحة أم تدعم ساتا 3 وكذلك يو اس بي 3.
3 – اجعل سعة ذاكرة حاسوبك أكبر من 4 جيجا، لتتمكن من استخدام إصدارة 64 بت من نظام ويندوز، فالمستقبل لها.
على الجانب:
كل برامجي أصلية. لا استعمل أي برنامج مقرصن، وعوضا عن القرصنة ابحث عن البدائل المجانية أو اشتري الأصلي.
أدعو كل قارئ لفعل المثل، إذا لم تملك ثمن شيء لا تقرصنه، ابحث عن بديل مجاني وستجد التوفيق من الله عز وجل.
لا تترك الملل يحول بينك وبين أخذ نسخة احتياطية من ملفاتك كل فترة، فأنت لا تعرف متى ستجد نفسك محتاجا لذلك.