حين يشهر المعجبون والهواة منتجك

, ,

لأن بعض الأمور تحدث دون سابق إنذار، وتجبرك على تعديل جدول أعمالك، والاعتذار لقرائك عن تأجيل مقالتك عن قارئ كيندل فاير، فذلك طبع الحياة التي نعيشها على ظهر هذه الأرض. عاصرت في الأيام الماضية بداية انتشار فيروسي لعملية تسويق اجتماعي – الأمر الذي أردت معه توثيقها وهي تتفاعل وتكبر، مع محاولة الوقوف على بعض الدروس منها والعبر.

في يوم 11 – 11 – 2011 أطلقت شركة Bethesda الأمريكية لعبتها Skyrim. هذه اللعبة تنتمي لفئة ألعاب تمثيل الأدوار ار بي جي، وتميزت برسوميات ذات جودة عالية جدا، واعتبرها الكثيرون تحفة فنية، خاصة وأن العالم الخيالي بداخلها كبير جدا ومترامي الأطراف، وتتميز المهام المطلوبة في اللعبة بكثرتها العددية وإمكانية تنفيذها بأكثر من شكل وطريقة. صاحبت الرسوميات المبهرة موسيقى تصويرية وغناء مبهم، باللغة الانجليزية، وبلغة تزعم اللعبة أنها لغة التنانين. من يومها الأول واللعبة تحقق مبيعات مليونية وتحصد ثناء المراجعين لها. (آخر تقدير في 15 ديسمبر 2011 لمبيعات اللعبة كان 10 مليون نسخة مباعة أو ما يعادل 600 مليون دولار أمريكي ولا زالت ماكينة المبيعات دائرة).

في بلدة مجاورة، وفي المكسيك تحديدا، عبرت مغنية شابة اسمها ملوكة، مولعة بألعاب الفيديو وبالغناء، عن إعجابها بهذه اللعبة، عن طريق إعادة غناء الأغنية الرئيسية في اللعبة، مع دندنة اللحن الموسيقي للأغنية على الجيتار. قبلها لم يكن لملوكة شهرة أو صيت، ولذا رفعت تسجيلها الصوتي على يوتيوب ووضعت رابطا لموقعها الصغير واستمرت في حياتها. ما حدث بعدها لم يخرج عن المألوف، لأن الأغنية توفرت بشكل سهل، بدأ محبو اللعبة يسجلون مقاطع فيديو وهم يلعبون، وعوضا عن استخدام أغنية اللعبة الذكورية الخشنة المزعجة، استعانوا بهذا الصوت الملائكي الذي وجدوه ضمن مقاطع فيديو يوتيوب.

هنا يجب الإشارة إلى ميزة وفرتها اللعبة، حيث سمحت لمن يريد بتصميم ملفات ملحقة باللعبة Mods، تمثل مراحل لعب إضافية يمكن لعبها، يوفرها مصمموها للتنزيل، وينال الجيد منها الشهرة التي تستحقها. قام أحد الهواة بتصميم ملف من هذا النوع، واستخدم فيه موسيقى أغنية ملوكة. شيئا فشيئا بدأ محبو اللعبة يبدون إعجابهم بهذا الصوت الملائكي وبدأ الكلام يكثر والحديث ينتشر.

عندها، كان يمكن للشركة الناشرة والمصممة للعبة أن تطلب من موقع يوتيوب حذف هذه الأغنية لأنها تمثل تعديا على ملكية الشركة لهذا العمل الفني، لكنها لم تفعل. بمرور الوقت، حصدت الأغنية – ولم تزل – على ملايين المرات من المشاهدات، وتحدثت مواقع كثيرة عن هذه الأغنية ونصحت بالاستماع إليها وعددت مزايا الأغنية. من كثرة الزيارات، توقف موقع ملوكة حتى حولت الراغبين في زيارة موقعها إلى صفحتها على فيسبوك. خلال وقت قليل، تحولت المغنية من مجهولة إلى مشهورة، وقام كثيرون بإعادة غناء الأغنية، ورفعوا مقاطع فيديو أخرى تصورهم وهم يقومون بذلك.

الآن، الشاهد من القصة، وهو بالتأكيد ليس الدعاية للغناء، هذا مثال آخر لقوة تأثير المعجبين بالمنتج، ومقدار الشهرة التي بإمكانهم جلبها لمنتج أي شركة. مثل هذه الفورات التسويقية يصعب صنعها، لكن يمكن تهيئة الظروف لحدوثها. الخطوة الأولى كانت من الشركة المطورة والتي صممت منتجا جيدا جدا بشهادة الكثيرين. الخطوة الثانية هي السماح للمعجبين بالمنتج بأن يصمموا إضافات لهذا المنتج من تصميمهم وصنعهم، وتوفيرها للجميع. الخطوة الثالثة والمهمة، طالما أن النية طيبة وحسنة، وطالما أن المنتج لم يتضرر، فلا تحرم المعجبين من الاشتهار بجانب شهرة منتجك، حتى على حساب حقوقك الملكية والفكرية، فشهرتهم ستؤدي لشهرة منتجك في النهاية.

هذه القصة واحدة ضمن قصص كثيرة لمنتجات حققت شهرة بسبب مقاطع فيديو على يوتيوب، ويمكن تصنيفها على أساس أن شهرة الأغنية ساعدت على إشهار اللعبة، أو أن شهرة اللعبة ساعدت على إشهار المغنية، وعلى كل حال هي حالة تسويقية يجب دراستها عن قرب، ومتابعتها وهي تحدث وتتطور أحداثها الآن، قبل أن يطويها النسيان.

الآن عزيزي القارئ، خاصة المهتم منكم بقصص التسويق، كيف تبرر ما حدث، وما الذي خرجت به من هذه القصة، وماذا تنوي أن تفعل لتستفيد من هذه القصة؟

21 ردود
  1. محمد حبش
    محمد حبش says:

    وضع التصرف العفوي للمغنية على يوتيوب و نمو ثقافة المشاركة والتغير كانت سر النجاح في هذه القصة ، وذكاء الشركة أن هذه الاغنية ستجعل اللعبة جزءاً من حياة الناس بطريقة هم يفضلوها بدلاً من فرضها عليهم ، اتاحة الشركة لاستمرار الحالة

    احيانا تقود الفرص في البيئة الخارجية الشركات الى نجاحات لم يكونوا يخططوا لها ، لذا قبل أن ترفض أي خروج عن الخطة عليها النظر جيداً هل هذا الخروج في مصلحة الشركة أم يضر بها ؟

    رد
  2. عمر خرسه
    عمر خرسه says:

    كلما قرأت كنت أنتظر أن تخبرنا ان الشركة اعتمدت صوتها في اللعبة أو وظفتها لديها وهذا ما اتوقعه.

    سآخذ الأمر من منظور آخر، ملوكة من عشاق الالعاب وهي تقدم مع أصدقائها بود كاست عن الالعاب، كذلك تقدم برنامجا إذاعيا عن آخر العاب الفيديو.
    ربما بدات بتقديم البرامج بعد شهرتها وهذا يعني أنها استفادت كثيرا من الفيديو، وربما تكون مقدمة منذ وقت وهذا يعني أنها لم تقتصر على عملها وإنما قامت بعمل تحبه ولو لم يكن هنالك نتيجة مرجوة منه.
    والذي حصلت عليه 2 مليون مشاهدة خلال أسبوعين(اعمل ما تحب حتى ولو لم تر في الأفق اي نجاح)

    ملوكة تعشق الالعاب، اعجبتها هذه اللعبة ولم تعجبها جزئية الصوت فعبرت عن ذلك بطريقة مبدعة، هذه الطريقة اوصلتها للشهرة وأعتقد انها ستعمل في شركة الالعاب قريبا، وهذا ما حدث معي ومع آخرين.
    عندما تحب منتجا ما قدم له كل ما يمكنك من مساعدة ونصح فقد تحصل على نتائج لم تكن تتوقعها تفيدك وتفيد المنتج.
    ———–
    لو قامت هذه الشركة بحملة تسويقية بآلاف الدولارات لما حققت ما حققته ملوكه لهم، عندما تركت الشركة مجالا لعشاقها ليعدلوا كما شاؤوا وليعبروا عن رايهم وصلت لذلك.
    ثقافة المشاركة والاعتماد على محتوى المستخدمين هو الشائع هذه الايام، من أين تحصل فيس بوك وتويتر على المحتوى والمال والشهرة؟

    يمكن لشركة أخرى أن تقوم بمسابقة والصوت الأفضل ستجعله صوت اللعبة الافتراضي، كما فعلت شركة السيارات التي حدثتنا عن منذ فترة، كان بإمكانها حذف الفيديوهات ولكنها لم تفعل.

    رد
  3. احمد حسن
    احمد حسن says:

    افتح الباب امام عملائك , و ستحصل علي ما تريد

    حاله تسويقية رائعه , احببتها بصراحه 🙂

    رد
  4. عبد الهادي اطويل
    عبد الهادي اطويل says:

    أمر رائع فعلا، والحق يقال أن صوت المغنية ساحر فعلا، فشخصيا لازلت أسمع الأغنية باستمرار وحتى بعد انقطاعها أجدها تتردد في مسامعي..
    هل تعلم أخي رؤوف أن الشركة كانت أذكى من مجرد تركها للأغنية على اليوتيوب؟ بل تجاوزت ذلك إلى نشرها على قناتها على موقع اليوتيوب بل وشكر المغنية والترويج لها، لاحظوا:
    http://youtu.be/wr-buV4tYOA
    ربما هي لمحة تستحق أن تضاف للتدوينة حتى تكون مثالا جيدا لأصحاب الشركات بشكل أو بآخر، وحتى للأفراد..
    شكرا لك أخي رؤوف، ومع تحياتي الخالصة.

    رد
  5. احمد فتحي المحلاوي
    احمد فتحي المحلاوي says:

    ما تعلمته هو :

    من أجل تسويق افضل لاي منتج يجب ان ينال العملاء فرصة اكبر للتعبير عن رأيهم عن طريق :

    – اعطاء المنتج ( الشركة ) الفرصة للعميل بامكانية الاضافة او التعديل في جزء من المنتج ( الجزء الثانوي )
    – مشاركة الشركة في تطوير الفكرة ( الاضافة ) التي اقترحها او نفذها العميل

    واعتقدت ان هناك الكثير من الملاحظات ولكن لكل منا اضافة وفي انتظار الاخر .

    وشكرااااااااااااااااااااا للأستاذ / رؤوف علي اتاحته الفرصة لنا بالتعبير .

    رد
  6. herzi eya
    herzi eya says:

    أعتقد أنه أي شركة تريد أن تنجح عليها تقديم منتج جيد مع السماح للمتلقي بالإضافة له لأنه لم يعد بقبل أن يكون مجرد مستهلك سلبي

    رد
  7. eslam
    eslam says:

    لازم نعترف فى البداية إن ملوكة صوتها بالفعل تحفة وآدائها غير مسبوق واحساسها عالى جدا واكاد أشك إنها محترفة وليست هاوية، ومن الصعب اهمال كل هذه العوامل فى نجاح الأغنية، أما بالنسبة لنجاح المنتج فاللعبة بالفعل ناجحة جدا قبل غناء ملوكة لأغنيتها، ولذلك أنا أرى الأمر من منظور مختلف، وهو أن ملوكه هى من استغلت نجاح اللعبة وزادت شهرتها على حسابها، بل أرى أن الشركة لم تستغل موهبة ملوكة كما يجب أو ربما حدث وملوكة هى التى رفضت، من يعلم.

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      على أي شكل ترى فيه ما حدث، للتسويق يد فيه.
      * الشركة كان لها ألعاب كثيرة سابقة، لم نجد من يغني لها.
      * ملوكة قبل هذه الأغنية كانت مجهولة، نكرة، صفرا كبيرا. عكس حالها اليوم.

      الفكرة هي أن تعرف ما الذي تملكه من مزايا، ثم تستغله فيما يفيدك…

      رد
  8. محمد صلاح
    محمد صلاح says:

    الحكمة في التعامل مع عشاق منتجاتك هو التقنية التي استخدمتها الشركة المصنعة للعبة .. اعتقد ان ما قامت ملوكة نوع من المديح لمنتج الشركة واعتقد ان الشركة وجدتها فرصة للتسويق بالمديح عن منتجها والذي جاء بشكل مجاني كالعادة من هذه البنت الصغيرة

    رد
  9. Hadeel.B
    Hadeel.B says:

    هي نشرت موهبتها للعالم في التوقيت المثالي!!
    هذا الصوت الرائع مصيره النجاح لكن بهذا الفيديو هي عجلت هذا النجاح وضاعفته!
    حركات تسويقية كهذه يجب أن تستغلها الشركات بشكل أذكى لأنها فعالة جدا!
    شكرا 🙂

    رد
  10. ياسر
    ياسر says:

    هه ، و الله يا أخ رؤوف لم يجذبني لقراءة المدونة إلا اسم اللعبة التي أكاد أشرف أن أحضرها لتثبيتها عندي ، و أنا متشوق جدا لتجريبها خاصة الصيت الذي أخذته و الفيديوهات التي شاهدتها لتجربة للعبة في موقع يوتوب ، و كذلك اللعبة انشهرت أنها طغت بكثير على الجانب الاجتماعي لشباب الغرب، و أخذت الألباب و النفوس ، إذا غرق البعض في لعبها أيام متواصلة ووقت غير منفصل ! ، حتى باتوا يطلقون على هذه اللعبة (سالبة الصديقات) ! لم يا تر ؟ كما نعلم ، الغرب يعيشون بنظام المعاشرة و الخلان ، و أصبحت هذه اللعبة تنسي الخلان في خليلاتهم حتى أصبحن يتذمرن مرار و تكرار على شبكة النت ، ناهيك عن انتشار نوع خاص و متفرد بهذه اللعبة من النكت و التهكمات – خاصة على موقع للتهكم الصوري و الكاريكاتوري يدعي 9gag.com – و التي تبلورت – هذه النكت – نتيجة لطغيان هذه اللعبة -كما قلت – على حياة حميع غفير جدا من الشباب المتابعين لألعاب الفيديو – خاصة لصنف الأر بي جي – ، و لا أظن أن هناك لحد الآن نجاح حققته لعبة في هذا الصنف أكبر من النجاح الذي حققته لعبة The Elder Scrolls V: Skyrim أو باختصار Skyrim ..
    —————

    أول و أهم و أقوى سبب في تحقيق اللعبة نجاحا رهيبا هو جودتها قبل كل شيئ ، ثم تأتي بعدها بعض المصادفات التي تأتي في المكان المناسب و في الوقت المناسب لتفعل فعلتها النيتروجينية مع حنكة وكفاءة تسويقية جديرة بتحقيق هذا الكم من النجاح .

    طيب ، فيه ملاحظة : أود أن أشكرك جد الشكر على شيئين أخي رؤوف :
    – الأول طبعا ، على تعبك و تدقيقك في جلب المعلومة ، إذ أني أرى أنها ليست فقط صحيحة ، و إنما دقيقة أيضا ، و هذا دليل على تعبك و تدقيقك و تصفحك المتكرر كالنحلة الدؤوبة على مختلف الورود ، تدأب على النهل و المقارنة من شتى المصادر ..

    النقطة الثانية ، هو أنك قد أطلقت العنان فعلا لدبك النائم ليتكلم من خلال أناملك ، لتبدع فعلا في فن التدوين ، و أؤكد على نقطة التنويع و تلبية أذواق مختلف الشرائح ، الأعمار و الخواطر .
    تحياتي لك ، نهارا طيبا .

    رد
  11. مهند الراغب
    مهند الراغب says:

    من وجهة نضري ان هذا الموضوع القيم متعلق براحة العميل واعاطاءه الحرية للتعبير عن رائيه وبالتكيد هذا سوف يصب في خدمة نجاح المنتج,, لو تخيلنا ان المنتج تابع الى شركة قليلة الخبرة أو ضيقة الافق على صعيد عالم التسويق فمن السهل لديهم رفع شكوى على العميل وحذف الفديو من اليوتيوب,, وبالتالي خسروا فرضة كبيرة والمنتج المستعد لخسارة عميل مستعد لخسارة عشرات,, وبالتالي غلق االابواب.

    بالنهاية شكرا جزيلا للأستاذ الفاضل رؤوف شبايك على هذا الطرح الجميل.

    رد
  12. لبنان
    لبنان says:

    بالنسبة لي فان ما حصل يشبه التسويق الشفهي + الاضافات الشخصية
    فملوكة احبت اللعبة و الاغنية وارادت ان تضيف شيئا لتجعل الاغنية مثالية بمعايرها و لكون الله قد حباها بصوت ملائكي ذي نبرة سماوية و اللعبة تتحدث عن عالما خيالي فكان التطابق رائعا و كأنه اعلان لفيلم ملحمي لا لعبة الكترونية كهذا الاعلان
    http://www.youtube.com/watch?v=QBgntyFtS9c&feature=related
    و لان هذا المزيج اجتمع معا و لان المستخدم هو خير عارف بمواصفات المنتج الناجح من وجهة نظره فكان هذا رد فعل لطبيعي لمزج كل هذه العناصر معا

    رد
  13. islam
    islam says:

    اشكرك على هذه المعلومة و التدوينة الرائعة ,, الان بفكر فى عمل مشروع على الانترنت و راح آخذ بالنصائح بالمشروع الله يوفقك و يوفقنا 🙂

    رد
  14. سوداني الهوى
    سوداني الهوى says:

    صوت شجي و لحن رائع و مقاله أروع 🙂 …………….. “مالذي خرجت به من هذه القصه؟” هو أن تمكين أي شخص من المشاركه في أي عمل يمكنه من أن يصبح جزء منه يوفر دافع و محفز قوي للعمل على إنجاحه بكل الوسائل إبتداء من التسويق بالكلمه إلى المشاركه الفعليه بالتصميم أو البرمجه الخ….. بالمناسبه أنا أستخدم جنو\ لينكس حاليا و لقد وصل عدد الأسطر البرمجيه للنواه أكثر من ثلاث ملايين سطر !!! و جل هذا العمل قام به أفراد بدافع الحب و الإحساس بأنهم جزء من شيء عظيم

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *