هل أقلعت طائرتك؟

في صبيحة 17 ديسمبر من عام 1903، خرج أورفيل و أخوه ويلبر ومعهما 5 من المساعدين، ليصعدوا تلة صغيرة، يدفعون ويجرون آلة ذات أجنحة، حاولوا أن يجعلوها تطير منذ أيام دون جدوى، وكان أن تحطمت عدة أجزاء منها أثناء تلك المحاولة الفاشلة، لكنهم أعادوا جمعها معا، وخرجوا ليحاولوا من جديد.

كانت المسافة التي مشوها ربع ميل تقريبا، دافعين آلتهم الثقيلة (نسبيا) حتى بلغت مرتفعا، ثم وضعوها على قضيب ممتد، ثم دفعوها أمامهم وأداروا محركها ومروحتها، وتركوها تنزلق وجروا بجانبها. رغم كل المحاولات السابقة التي لم تنجح، جرت الطائرة فوق القضيب المعدني، ثم اكتسبت قوة انطلاق، ثم تركت الأرض وارتفعت قرابة 37 متر وطارت لمدة 12 ثانية فقط، قبل أن تهبط مرة أخرى.

في هذا اليوم، نجح الأخوان رايت في جعل آلتهم ذات المحرك تطير وعلى متنها طيار و كاميرا التقطت صورة وآلتهم الطائرة مرتفعة عن الأرض. بعدها تعددت المحاولات وارتفعت الطائرة أعلى وطارت لفترة أطول، وكانت بداية عصر الطيران.

الكل يذكر هذا اليوم وهذه المحاولة الناجحة كبداية للطيران بمحركات، أما ما يصعب تذكره أن هذه لم تكن قط المحاولة الأولى، أو مقدار المصاعب والمشاكل والعوائق التي كادت تنهي محاولات الأخوين. ما يصعب إدراكه هو أن الإبداع والابتكار لا يأتي بدون محاولات غير ناجحة أو موفقة. الفشل يجبرك على أن تفكر أكثر وأعمق، خارج الصندوق وبعيدا عن المعتاد، فتأتي بالجديد.

الخوف كل الخوف هو من خشية الفشل وعدم تقبله وقبوله والتعايش معه. ماذا لو خضع الأخوان رايت لفشلهما ومشاكلهما؟ ماذا لو يأس إديسون مخترع المصباح الكهربي؟ الكل يرحب اليوم بالحاسوب اللوحي آيباد من ابل، لكن في التسعينيات أنتجت ابل الكمبيوتر الكفي نيوتن ميسج باد لفترة من الزمن ثم توقفت بسبب قلة المبيعات وتراجع الطلب. ماذا لو تركت ابل فشلها السابق هذا يمنعها من إعادة محاولة توفير حاسوب لوحي يعمل باللمس؟

أما أشهر مثال أكرره دائما فهو الطفل الرضيع، انظر إليه يحاول مرة تلو المرة حتى يبدأ الحبو، ثم وهو يحاول المشي، ثم وهو يحاول الجري والكلام وفهم العالم من حوله. كلنا هذا الطفل، الآن قل لي لو تعلم هذا الطفل اليأس والاستسلام، هل كان ليبرح مكانه أو ليعيش أو ليصبح ما أنت عليه اليوم؟

الأمثلة كثيرة، تدل على الحقيقة: لا نجاح بدون فشل يسبقه، أو بدون التغلب على مشاكل عويصة / مستحيلة. المشكلة ليست في الفشل، بل هي ماذا سيخسر العالم لو توقفنا عن المحاولة؟

لا تخش الفشل، فهذا فعليا هو الفشل!

الصورة من ويكيبيديا – الرابط.

32 ردود
  1. عبدالرحمن محمد
    عبدالرحمن محمد says:

    شكرا شبايك على التدوينة

    وأقول لكل منا طائرة فمتى سوف تقلع بذاتك لمراتب عليا

    رد
  2. mohamed
    mohamed says:

    شكرا لك استاذ رؤووف
    دائما مقالاتك تعطينى روح قويه جدا , للمزيد من العمل , والتفكير بطريقه مختلفه

    رد
  3. سملاوي الحسن
    سملاوي الحسن says:

    تحية طيبة وبعد؛
    شكرا لكم الأستاذ رؤوف.
    مقالاتكم رائعة.
    قرأت هذا المقال كما أنني أقرأ كتاب “أراك على القمة” لكاتبه zig zigler …
    جميل وجميل جدا.
    نعم طائرتي أقلعت والحمد لله…
    ورد في مقالكم العبارة التالية :”الفشل يجبرك على أن تفكر أكثر وأعمق، خارج الصندوق وبعيدا عن المعتاد، فتأتي بالجديد.” وهي جميلة لكن ليس فقط الفشل من يفعل ذلك بل النجاح أيضا ولدى اليابانيين تقنية يسمونها kaizen وهي التحسين المستمر……
    تحياتي

    رد
  4. مصطفى فرغلى
    مصطفى فرغلى says:

    مقالة جيدة ، فكرتنى بهذا الكتاب O’Reilluy The Myths of innovations إذا كنت لم تقرأه فعليك قرائته ، هناك كتاب أيضا إسمه The Influence كل ما اقرأه أتذكرك ، أتمنى ان تقرأه .

    رد
  5. رشيد الطالب
    رشيد الطالب says:

    السلام عليكم ورحمة الله

    اقلاع الطائرة يحتاح الى وقود العزيمة و الاصرار. و يدفعها حب العمل و اليقين في الله.

    شكرا على المقال الرائع

    السلام عليكم

    رد
  6. mujahed issa
    mujahed issa says:

    حقاً مقالة تبث روح الأمل من جديد في نفوس كُل من يتابعك أخي واستاذي رؤوف شبايك
    شكراً حقاً … وأهلاً بك يا فشل !

    رد
  7. mohab
    mohab says:

    طائرتي لا بد أن تقلع بإذن الله ، وما أفعله ليس إلا محاولات جاهدة لجعلها كذلك .

    رد
  8. هاجر
    هاجر says:

    ماذا عن ابن فرناس … عدم خوفه من الفشل .. أودى بحياته ،أحيانا تكون السلامه في الخوف ( من خاف سلم )

    رد
    • The Hope
      The Hope says:

      هذه المعلومة مغلوطة .. عباس بن فرناس عاش 12 سنة قبل أن يموت وقد درس ميكانيكا حركة الطيور وتشريح أجسامها وكان متبحرا ً في علوم الطبيعة وخطط كثيرا ً قبل محاولته للطيران. بعض المصادر تشير إلى انه بعد أن حلق لمسافة قصيرة وقع وانكسر له ضلع لكن قصة موته أثناء المحاولة غير صحيحة , كما أن لديه مجموعة من الأبحاث والاختراعات الناجحة والمشهورة -غير محاولته للطيران- ولذلك خلد اسمه في التاريخ.

      هناك فرق بين التهور والمخاطرة المحسوبة.. وطعم الموت في أمر عظيم كطعم الموت في أمر صغير

      الحياة.. إما مغامرة جريئة أو لاشيء!!

      رد
  9. عمر
    عمر says:

    ملهم كالعادة ، المشكلة اننا نعتقد ان النجاح يأتي من اول ثلاثة محاولات ، ان شاء الله نقلع جميعا للارتقاء

    رد
  10. Nora Jassem
    Nora Jassem says:

    طائرتي سوف تقلع قريبا
    اشكرك على الموضوع المحفز لبداية صباحات حياتي المقبلة بإذن الله

    رد
  11. The Hope
    The Hope says:

    مقالة جميلة ومحفزة .. سلمت يداك أخي رؤوف

    سؤالك يحتاج إلى تأمل .. لكنني أعتقد أنني بدأت الطيران ولو لمسافة قصيرة, بحاجة لمزيد من المحاولات والخبرة لكنني على الطريق ان شاء الله. يكفيني حتى الآن أن أحلامي أصبحت أهدافا ً وخططا ً على الورق وبعضها أصبح واقعا ً ولم تعد مجرد أحلام..

    كل التوفيق للجميع .. ونراكم على القمة ^_^

    رد
  12. عبدالرحمن إسماعيل
    عبدالرحمن إسماعيل says:

    بالتوفيق دوماً أخي شبايك في ماتقدمه ..

    وحقاً أتمنى لو تقلع طائرتي في وم من الأيام ..

    رد
  13. نون الباحث
    نون الباحث says:

    الف الف مبروك

    يا استاذ شبايك

    على إقلاع طائرات القراء

    وأنا منهم بإذن الله فلدي عدة محاولاة ناجحة

    والحمدلله ولكنها بسيطة لا ترقى لطموحي

    أما القادم بإذن الله وهو ما أطمح إليه فسوف

    أتواصل معك في حاله, أسأل الله التوفيق

    والنجاح والصعود إلى القمم المتتالية لي ولك

    وللقراء المتواصلين منذ زمن مع

    مدونتك الشهيرة وربانها المتميز

    ودمتم بخير

    رد
  14. حسام برهان
    حسام برهان says:

    بالله عليك أخ شبايك أتحفنا بمثل هذه التدوينات من حين إلى آخر فهي تبعث في النفس الأمل والتفاؤل في ظل المصاعب التي أواجهها شخصياً في عملي الحر.

    رد
  15. عبد الجليل
    عبد الجليل says:

    بالفعل لكل منا طائرته يحاول أن يراها في الافق ……. ولكن !!! لن يكون اقلاعها سهلا دون مجموعة من الازمات و المصاعب و لماذا لا الفشل ؟؟؟

    ولكن بالمحاولة ثم المحاولة … و التسلح بكل مظاهر التفائل والعزم و روح النجاح .. سنبلغ مقصدنا ونرى أنفسنا مع الكبار …. ولماذا لا نكون نحن أيضا طوماس أديسون القرن الواحد والعشرين !!!

    شكرا لك أخي رؤوف شبايك ….. وتحية خالصة من القلب

    رد
  16. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    هي …نعم هي الحياة التي تعلمنا كيف ننهض من جديد بعد كل كبوة لنا
    فالامل يغذي محرك العمل
    والفشل ان وجد على الطريق يجب ان يكون وقودا لهذا المحرك لا عائقا له
    كلما رايت قصوري في العمل ادركت ان الفشل يجب ان يتحول الى نجاح ولو بعد حين

    فهنا ومنكم نتعلم الامل
    ودمتم سالمين

    رد
  17. خالد
    خالد says:

    يجب ألا نتوقف عن المحاولة .. الفشل يعلمنا النجاح. وقد أعجبتني مقولة : “عندما نقع .. نتعلم النهوض من جديد”

    رد
  18. عبد الحق بن غرس الله
    عبد الحق بن غرس الله says:

    شكرا لك اخي رؤوف حكايتك ستجعل اناسا كثر يفكرون في تحقيق احلامهم و عدم اليأس و التوقف عن المحاولة

    رد
  19. عمرو النواوى
    عمرو النواوى says:

    قال لي يوماً د. نزار كمال: ارع حلمك كما ترعى ولدك .. كيف ترعى ولدك؟
    هل رأيت يوماً أب أو أم يلقي يعامل ابنه بتجاهل أو ينساه أو يتركه أو يتخلى عنه؟ فكذلك حلمك .. لو تعاملت معه من هذا المنطلق لن تتركه أبداً حتى يبلغ رشده.

    اللهم انزع الوهن من قلوبنا .. اللهم إنا نعوذ بك من العجز والكسل، والبخل والجبن، وغلبة الدين وقهر الرجال.

    رد
  20. محمد
    محمد says:

    دائما اضرب مثلا في حسن اختيار الحديث واقول ” لا تكون النصيحة مجدية حتي تؤثر في كلماتها” انت تقول لنا ان لا نيأس ولكن تقولها بطريقتك الرائعه التي تجدي وتقوي العزيمة

    شكرا استاذي الفاضل

    رد
  21. محمود
    محمود says:

    جزاك الله كل خير على المقالة الجميلة يا أخ رؤوف
    ونتمنى بالفعل أن تقلع طائرتنا , ولكن لن يتم ذلك إلا بالمحاولة
    والمثابرة .
    شكرة مرة أخرى على المقالة .

    رد
  22. أحمد من غزة
    أحمد من غزة says:

    السلام عليكم أخي شبايك أريد أن أستشيرك وضروري جدا الرد
    قدمت فكرة لمشروع استثماري ضخم ومربح جدا بشهادة استشاريين أعمال و الأصدقاء وحتى الممول (رجل الاعمال) الذي أنا بصدد طلب النصيحة منك بخصوصه.
    استطعت بحمد الله التشبيك مع اكبر شركة منافسة لموضوع مشروعي لتكون مساهمة في الشركة الجديدة واستطعت توفير ممول ولكن هنا المشكلة عندما بدأنا بالتفاوض اصر الممول على أن الفكرة ليست اختراع وانما هي خدمات مميزة ومبتكرة واني استحق فقط وظيفة ضمن طاقم الشركة الوليدة وليس أقل و لا أكثر ولكني طالبته بنسبة من الأرباح على أساس أن الفكرة تعبت واجتهدت لأكثر من 6 شهور من الترتيب والتهذيب وطرق الأبواب – على فكرة مقالاتك كانت تمدني بالطاقة لأستمر .. شكرا أ. رءوف- فأنا بحيرة من أمري هل أقبل بالوظيفة أم أطالب بنسبة من الأرباح بجانب الوظيفة لأني انفقت من المال والجهد والسهر ما يدفعني للاعتقاد بأني أستحق أكثر من وظيفة وفقط!؟.

    رجاءاً أجب عن سؤالي ولو بمقال لتعم الفائدة عن كيفية تقييم الفكرة مالياً وكيف أحمي فكرتي وشكراً بإنتظار ردك.

    رد
    • The Hope
      The Hope says:

      أعتذر على التطفل للإجابة عن سؤال غير موجه لي, لكن ربما يفيدك هذا الرابط بشيء:
      http://www.youtube.com/watch?v=ywuse55qU2A

      أظنك الوحيد القادر على إجابة نفسك على سؤالك, فأنت الأعلم بما قدمته من تضحيات وما تستحقه فكرتك ولكني أنصحك كذلك بصلاة أو دعاء الاستخارة, فما ندم من استخار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم..

      كل التوفيق,,
      اسماعيل

      رد
  23. ابو عبيدة الايادي
    ابو عبيدة الايادي says:

    كلنا نرغب بالنجاح ولولا الفشل لما سعينا للنجاح فعندما نجرب تجربة وتفشل فأننا نجحنا باكتشاف هذه التجربة بانها لاتنفع لمواصلة صعود سلم النجاح فنبحث لتجربة اخرى

    رد
  24. ابراهيم
    ابراهيم says:

    اخي العزيز شبايك….
    انا من الزوار الدائمين لمدونتك الموقرة…
    وداءما انتفض واثور واقرر ان اعيش احلامي….
    لكن المشكلة اني اعود مرة اخرى الى ما كنت عليه…..
    ربما لصعوبة البدء(رهاب الخطوة الاولى)
    لكن اذا كانت احلام اديسون ورايت وغيرهم اصعب من احلامي وتحقيقها اكثر استحالة……ومع ذلك نجحوا في تحقيقها….
    فاني قد قررت ان اعيش احلامي……ايا كان ما يعترضني فساصل اليها(باذن الله)
    اشكرك شكرا جزيلا…

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *