جورج إيستمان – مخترع كاميرا كوداك -ج2

,

لهذه التدوينة جزء سابق يمكن قرائته هنا.

بعد مرور خمس سنوات على عمله في شركة التأمين، حصل جورج على وظيفة كاتب حسابات في بنك روشستر، مع راتب قدره 15 دولار في الأسبوع، وهنا حين بدأ جورج يفكر في أنه يستحق أخذ فترة إجازة من العمل، وكان يريد زيارة العاصمة سانتو دومينجو (تقع في الدومينيكان ضمن جزر الكاريبي) ثم اقترح عليه زميله في العمل أن يوثق رحلته هذه بالصور الفوتوغرافية. هذه النصيحة قلبت خطة جورج رأسا على عقب، إذ اقتنع بها، وبدأ يشتري ما يلزم للتصوير الفوتوغرافي في زمنه: صندوق كبير، حامل معدني ضخم ثلاثي الأرجل، حامل ألواح كبير، خيمة سوداء صغيرة، وعاء لوضع الماء لعمل حمام نترات.

ليعرف كيف يستخدم هذه الأشياء الكثيرة،  اضطر جورج لنقد مصور محترف 5 دولارات ليعلمه كيف تعمل هذه الأشياء. بعدما تعلم جورج كيف يلتقط الصور وكيف يطبعها ويظهرها، أيقن في قرارة نفسه أنه هناك حتما طريقة أسهل لالتقاط الصور، ولذا أنطلق ليعثر عليها! الطريف أن جورج لم يذهب في رحلته بعد كل هذه المشتريات، لكنه تحول هاويا شغوفا، عاقد العزم على تبسيط عملية التصوير الفوتوغرافي. في النهار كان جورج رجلا مصرفيا، وفي الليل هاوي تصوير فوتوغرافي، يقرأ ويطالع كل ما يقع تحت يديه من كتب تتحدث عن الفوتوغرافيا.

من ضمن ما قرأه جورج كانت مقالة عن طريقة تصوير سهلة يستعملها المصورون في إنجلترا، اعتمدت على التصوير الجاف، في حين كان التصوير في أمريكا قائما على الألواح المبللة. كانت الطريقة الانجليزية أسهل وأسرع من تلك الأمريكية، ولذا أضاء مصباح الأفكار العبقرية لدى جورج وعكف على مر أيام طويلة وليال كثيرة، في تجربة تركيبات كيماوية كثيرة، تحقق له التصوير الفوتوغرافي باستخدام الألواح الجافة، في كنف مطبخ بيته، حتى أنه كثيرا ما كان ينام على أرضية المطبخ من شدة التعب والإرهاق.

بعد مجهود شاق استمر على مدى ثلاث سنوات، توصل جورج إلى تركيبة كيماوية حققت له ما أراد، وكذلك إلى ماكينة تصنع له هذه الألواح الجافة بكميات كبيرة. بدأ جورج يفكر كيف يمكنه استغلال اكتشافه هذا على نطاق تجاري، حتى جاء يوم رفض البنك الذي يعمل فيه جورج ترقيته كما كان يستحق، ولذا سارع بتقديم استقالته واستأجر طابقا بأكمله في مبنى ليكون مقر شركته الجديدة، وهناك حيث بدأ في تصنيع ألواحه الجافة. لم تكن البداية وردية، إذ اشتكي الكثيرون من فساد تلك الألواح الجافة وعدم عملها وفق المتوقع منها، الأمر الذي اضطر معه جورج إلى استبدالها أو إعادة ثمنها. كانت هذه الخطوة مكلفة للغاية، لكنها أثبتت أنها استثمار جيد، إذ أن هذه الخطوة ساهمت في بناء الاسم التجاري الشهير لشركته والسمعة الطيبة.

[الصورة من فليكر]

9 ردود
  1. مبتسم
    مبتسم says:

    إصرار إصرار. 3 سنوات مر خلالها بالعديد من المحبطات بدون شك .. ولكن تخطها لأن الهدف أعلى وأسمى.

    (اضطر معه جورج إلى استبدالها أو إعادة ثمنها. كانت هذه الخطوة مكلفة للغاية،)

    هل أعاد ثمنها او إستبدلها من مبدأ أخلاقي أم أن القوانين أجبرته على ذلك؟

    فلو كان لمبدأ أخلاقي لكان ذلك إيجابيآ . أما لو كان بسبب القوانين فذلك ما يجعل القوانين تحفز على تطوير العمل وإتقانه. على الرغم من أنها (قد) تكون مجحفة في بعض الأحيان.

    على العموم هي خطوة مؤلمة جدآ لكنها ضرورية لكسب ثقة العملاء بأنك لم تبعهم وتتخلى عنهم.

    رائع. سأعود للقراءة مرة أخرى.

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      الاضطرار هنا كان هدفه المحافظة على العملاء وعدم خسارتهم، وهو مفهوم قلما أجده لدى التجار في السوق العربي…

      بالمناسبة، أحييك على الاسم الذي اخترته لنفسك، وأدعو الله أن يكون اسما على مسمى 🙂

      رد
  2. محب روفائيل
    محب روفائيل says:

    هو كان ينظر للمدى البعيد على ما أظن ، وهذا يجعلنا نفكر انه كان متفائلا بشأن شركته ، اذ ضحى بأموال تعتبر ضخمة لكى تكتسب شركته الشهرة ، لم يسرع بحصد النتاج والنتائج ، لكنه صبر على حصد المحصول ، فهنيئا له :):):)
    شكرا يا شبايك .

    رد
  3. ربيع زكريا الحسين
    ربيع زكريا الحسين says:

    السلام عليكم

    مبدع للغاية يا اخي رؤوف … بس ما عرفنا اصل كلمة كوداك؟ 🙂

    رد
  4. فهد
    فهد says:

    ارجاعه لنقود العملاء دليل على ثقته بنجاحه والفضل كله يعود لله تعالى فهانحن نصوّر بسهوله بواسطة كاميره بحجم الكف ولكن لم نفكر يوما ماهو الثمن الذي تكبّده عباقرة هذا الاختراع

    رد
  5. أبو فارس
    أبو فارس says:

    قصص رائعة لأناس حققوا النجاح ..

    إصراره قصة بحد ذاتها .
    وطريقة تعامله مع العملاء ( سواء كانت تلقائية منه أو لموافقة السياسات لديهم ) رائعة جدا جدا جدا ..

    بوركت إستاذنا رؤوف على الوقود الجزل الذي تزودنا به كل يوم ..

    رد
  6. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    المحافظه على الزبون شيء رائع
    وهنا اسجل انك ان قمت بارجاع الفلوس حينها يشعر المستهلك بثقتك بنفسك
    وبمنتجك
    بل وتكسبه زبون دائم بولاء مطلق
    الاصرار على الهدف شيء رائع
    ونحن مصرون على الاستمرار لتحقيق رياده واتقان في العمل
    ودمتم سالمين

    رد
  7. اكرم العديني
    اكرم العديني says:

    اهم ما كان في التدوينه هو
    (( بعد مجهود شاق استمر على مدى ثلاث سنوات))
    التركيز + الوقت = الابداع
    قد لا تكون ذكيا و لا عبقريا ولكن توجد لديك الهمه

    رد
  8. هيثم شيبة
    هيثم شيبة says:

    السيد / شبايك
    اشكر مجهودك الرائع وباختصر شديد كلما احسست بالاحباط او الياس ادخل مدونتك الجميلة واقرا منها قصص النجاح وتجارب الاخرين ترتفع معنوياتى وينعش تفكيرى على النجاح فشكرا لك وجزاءك الله خيرا

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *