اكيو موريتا – صانع سوني – 2

[رابط الجزء السابق من هذه التدوينة.]

كان تركيز موريتا منصبا على التسويق والتمويل والتوظيف واقتحام الأسواق العالمية، بينما كان جل اهتمام إيبوكا منصبا على تحدي مهندسيه ليبتكروا ويخترعوا في مجال البحث العلمي. أدرك موريتا أن اليابان منهكة، وغير قادرة على شراء منتجاته بوفرة، ولذا تطلع للتصدير إلى الأسواق الخارجية، لكن هذا الوقت شهد تحول العديد من الشركات والمصانع اليابانية للتقليد، والمجيء بمنتجات مقلدة ذات جودة قليلة، مثلما تفعل مصانع الصين (ومن قبلها مصانع كوريا الجنوبية) في وقتنا المعاصر، وكانت جملة صنع في اليابان مرادفا لقلة الجودة وضعف المستوى.

في عام 1949 تمكن موريتا مع إيبوكا من تطوير شريط تسجيل مغناطيسي، والذي ساعدهما في العام التالي على تقديم منتجهما مسجل شريط الكاسيت ثقيل الوزن بسعر بيع 500 دولار، والذي لم يحقق أي نجاح في البداية، لكن المدارس اليابانية وجدت فيه فائدة كبيرة لها وبدأت تشتريه. لم يقف موريتا عندها، بل أخذ ينتج برامج صوتية تزيد من فائدة مشغله، وشيئا فشيئا بدأت أهمية المشغل تزيد، ومعها زاد الطلب على شرائه. في عام 1950 تزوج موريتا، ليصبح بعدها أبا لثلاثة أبناء، ورغم أن التقاليد اليابانية تصر على إرسال الأولاد إلى مدارس يابانية، إلا أن موريتا أرسلهم إلى مدارس دولية، ليتعلموا مختلف الثقافات والعلوم.

في عام 1953، بدأ موريتا رحلات سفر مكوكية خارج اليابان باحثا عن فرص تصدير لمنتجات شركته، في الأسواق الأمريكية والأوروبية، وفي العام ذاته اشترى موريتا حق استغلال الاختراع الجديد: الترانزستور من شركة معامل بل. هذه الرحلات عرفته على شركة هولندية تصنع المصابيح الكهربية، حملت اسم فيليبس، ثم تحولت لتصبح عملاق تصنيع منتجات إلكترونية، وهو ما أراده لشركته أن تكون عليه.

في عام 1957، أطلقت شركتهما راديو صغير الحجم، معتمدا على تقنية الترانزستور بالكامل، سهل الحمل باليد الواحدة خفيف الوزن، لكن اسم الشركة كان صعب النطق أو التذكر لغير اليابانيين، ولذا توجب حل هذه المعضلة من أجل تسهيل دخول الأسواق العالمية. فكر الثنائي في الأمر، واستقرا في عام 1958 على اختيار كلمة سوني، القريبة من كلمة سونس Sonus اللاتينية والتي تعني الصوت، كما أن سوني قريبة من كلمة Sonny اللقب الشهير لدي الأمريكيين. هذا الاسم الجديد لاقى معارضة شديدة من كثيرين، واتهم البعض موريتا بالجنون!

في عام 1960، بدأ تأسيس الفرع الأمريكي من شركة سوني، بعدها بعام كانت سوني أمريكا أول شركة يابانية تدرج في بورصة نيويورك للأوراق المالية، الأمر الذي مهد الطريق لشركات يابانية أخرى كي تحصل على تمويل أجنبي ليساعدها على التوسع والانتشار. في عام 1963، انتقل موريتا مع عائلته إلى مدينة نيويورك ليدير بنفسه قنوات البيع والتوزيع، وليتعلم المزيد عن السوق الأمريكية عن كثب.

– بمشيئة الله نختم القصة غدا.

من مقولات اكيو موريتا – مؤسس سوني:
إذا قرأت كلمتك من ورقة، فلن تقنع أحدا.
المناخ الذي يكون فيه من الأسلم ألا يقول أحدهم شيئا، لهو مناخ خطير مدمر.

18 ردود
  1. احمد
    احمد says:

    السؤال الذي يطرح نفسه : حسب ما هو معروف ان يابان و امريكا كان من الذ الاعداء كيف تحول الى كل هذه الود لاحقا ؟

    رد
  2. محمد كمال
    محمد كمال says:

    لم ينسب نجاح سوني لإدارة التسويق ؟.. هل دائما ما يكون النجاح الباهر للمشاريع معتمدا على كفاءة تسويق الشركة أكثر من مهارة موظفيها ( مهندسو سوني مثلا ) ؟

    في انتظار الجزء الأخير

    رد
  3. مصطفى من المغرب
    مصطفى من المغرب says:

    قصة رائعة …الشركات التي تعتمد على تحيقق الجودة للزبون دائما ما تصل الى أهدافها المنشودة..وهذا ما نلاحظه في عالمنا العربي..الشركات العربية غالبا ما تسير على في اتجاه تطبيق هذا المثل المغربي القائل ” غير كور وعطي للعور “الأعور”” ..أي صنع منتوجات غير ذات جودة وتقديمها لمستهلك هو بدوره لا يميز بين الصالح والطالح “أعور”..والى أن يسترد هذا الأعور العربي بصره نسأل الله أن يلطف بشركاتنا العربية ويحن قلبها علينا وعلى واقعنا العربي لتقدم لنا منتوجات في المستوى…للحديث بقية

    رد
  4. lebanon cat
    lebanon cat says:

    شبايك ممكن انك تفسرلي شو مضمون او معنى مقولة موريتا “إذا قرأت كلمتك من ورقة، فلن تقنع أحدا.
    المناخ الذي يكون فيه من الأسلم ألا يقول أحدهم شيئا، لهو مناخ خطير مدمر” لاني ما فهمت المعنى صح

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      خير الكلام ما صدر من القلب، ليس قراءة من ورقة، وهو يقصد بذلك القائد والمدير التنفيذي وصاحب الرؤيا والملهم عندما يلقي خطبته، على أهله أو أصدقائه أو الموظفين في فريقه

      المقولة الثانية تحذر من قطع الألسنة وإخراس الأفواه، وتؤكد على ضرورة النقاش والاختلاف

      رد
  5. ahmed hassan
    ahmed hassan says:

    جملته رائعه فعلا :: لازم الواحد يقنع الللي حواليه بحماسه و اهتمامه قبل فكره و يكون مقتنع اولا ثم يقنع الاخريين

    اظنه راجل ناجح و محترم

    رد
  6. طارق
    طارق says:

    لا أعلم إن كنت ستسعد بتعليق مدح , فهو سيكون نقطة في بحر !
    ما شاء الله عليك
    لكن عندي سؤال

    {إذا قرأت كلمتك من ورقة، فلن تقنع أحدا.}

    ما هي الفكرة من قوله هذا ؟

    رد
  7. محب روفائيل
    محب روفائيل says:

    الاسم فقط ، يا حلاوة ، عموما أنا أظن أو قل أعتقد أن موريتا ده هو ومن مثله رغم أنهم كانوا فرادى يعنى مش شركات ضخمة أو كده الا أنهم هما اللى تسببوا وكان ليهم الفضل فى نهضة اليابان ، واحد غيره كان يقول : موووووووووووووووووووووووووووووووووت يا حمار ( المثل المصرى الشهير )
    على فكرة لو كنت محامى كنت رفعت ضد هذا المثل قضية 🙂

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *