لا تجد عوائق، تصد العازم

عندما تخترع جديدا، عليك أن تستعد لأن يخبرك الجميع أنك مجنون. لاري إليسون.

جاء ميلاد سويشيرو هوندا في 17 من نوفمبر 1906، في بلدة صغيرة تحمل حاليا اسم تنريو-شي، في اليابان، وهو شب كبير إخوته، والمساعد لوالده الحداد الموهوب، في محله لتصليح الدراجات الهوائية، وتصليح كل آلة معدنية إن لزم الأمر. يمكن القول أن هوندا ورث عن أباه شغفه بكل ما هو ميكانيكي آلي، مما ساعده على أن يصنع لعبه بنفسه، لكن مساعدته لوالده، جعلته يحمل لقب “ذا الأنف المسود”، بسبب هباب فحم فرن الحدادة.

كان موعد هوندا مع الحدث الذي غير مجرى حياته، حين شاهد لأول مرة في حياته سيارة تعمل بمحرك بخاري، تمر بالقرب منه، فلم يملك حين رآها لأول مرة، إلا أن يقع في غرامها، ولم يملك نفسه حين انطلق يجري في أثر السيارة، محاولا فهم كيف تسير هذه السيارة بدون قوة خارجية تحركها أو تدفعها أو تجرها…

بالطبع، لم يستطع هوندا اللحاق بهذه الأعجوبة، وفي عتمة الغبار ألذي أثارته تلك السيارة المسرعة، وقف هوندا يلتقط أنفاسه، ليلاحظ بقعة عجيبة على تراب الأرض، إنها قطرة من وقود الحياة الذي تستعمله تلك السيارة، وسرعان ما انكب هوندا ليملأ أنفه من رائحة هذه البقعة الغامضة.

وعمره 15 سنة، بعدما أتم تعليمه الابتدائي، ارتحل سويشيرو إلى العاصمة طوكيو بحثا عن عمل أفضل، حيث عثر بعد قرابة عام على وظيفة متعلم مبتدئ في محل ارت شوكاي لتصليح سيارات، وهناك مكث قرابة ست سنوات عمل فيها في مهنة ميكانيكي سيارات، استطاع خلالها تحويل محرك طائرة وقطع غيار متناثرة إلى سيارة سباق، وشارك في سباقات كثيرة كسائق، وكان عمره حين سابق لأول مرة 17 سنة.

في شهر أبريل من عام 1928، وعمره 22 سنة، كان موعد هوندا مع افتتاح ورشته لتصليح السيارات في بلدته، بعدما اقترض المال اللازم لذلك، وهو استمر في حبه للسيارات والاختراعات، حيث تمكن من اختراع الإطار المعدني لعجلات السيارات، التي كانت خشبية في البداية.

كما استمر هوندا في حبه لقيادة السيارات في السباقات، حتى وقع له في عام 1936، حادث سيارة خطير، جاء بمثابة النهاية لمستقبل هوندا كسائق سيارات سباق، حيث لزم الأمر فترة نقاهة قاربت العام، حتى تعافى هوندا من إصاباته.

مستمعا لنصيحة زوجته، قرر هوندا التخلي عن فكرة العودة لقيادة سيارات السباق، لكنه وجد الاكتفاء بتصليح السيارات غير كافيا أو ملبيا لكل مهاراته، ولذا دخل غمار تصنيع الحلقات الدائرية للرأس المتحرك (المكبس) في غرف الاحتراق في المحرك البخاري، (أو ما نسميه البستم في مصر، تحريفا لكلمة البستون Piston في الانجليزية).على أن هوندا سرعان ما اكتشف أنه بحاجة لمزيد من المعرفة والعلم في مجال صب المعادن حتى يجيد صنعته، ولذا التحق بمدرسة للتقنية، وكان يطبق كل ما يدرسه في مصنعه، لكنه لم يهتم بدخول الاختبارات الدورية في المدرسة، ولذا هدده القائمون على المدرسة، أنه ما لم يدخل هذه الاختبارات، فلن يحصل على شهادة التخرج، فما كان منه إلا التعليق بأن تذكرة السينما ذات أهمية أكبر من هذه الشهادة، فالأولى تضمن له دخول السينما ومشاهدة الفيلم، بينما الثانية لن تضمن له حصوله على وظيفة. في عام 1937 اخترع هوندا حلقة البستون الخاصة به!

رابط الجزء الأول من القصة: لا تجد عوائق، تصد العازم
رابط الجزء الثاني من القصة: هوندا الذي لا يعرف مستحيلا
رابط الجزء الثالث من القصة: الدروس من مشوار هوندا

23 ردود
  1. aspirant3
    aspirant3 says:

    بصراحة معجب جدا بهذه الشخصية منذ أن قرأت قصته قبل خمس سنوات تقريبا في كتاب انتوني روبنز .. قصة نجاح رائعة .. وفي انتظار البقية ..

    رد
  2. شبايك
    شبايك says:

    زهير
    العنوان يقول، من لديه عزيمة قوية، لا تقف أمامه سدود أو مصاعب أو حدود أو عوائق… (عازم اسم فاعل من فعل عزم، ومنه العزيمة)…

    سيتضح عنوان المقالة أكثر بعد نشر بقية الأجزاء

    رد
  3. أبويوسف
    أبويوسف says:

    أشكرك شكرا جزيلا على هذه القصة وننتظرمنك إكمالها ولازلت انتظر ردك علي

    رد
  4. احبك رؤوف شبايك
    احبك رؤوف شبايك says:

    ما اجمل طريقتك مدونتك والله بارك الله فيك وعندي لك سؤال
    لماذا لا يكون عندك منتدى فهو اوسع للكتب الالكترونية؟؟؟؟؟

    رد
  5. MoeAbdull
    MoeAbdull says:

    You don’t know me shbayk just i want u to know that i am regualr reader to ur Blog from long time and it helped me alottt to start my own business and achieve very good success in it ..
    Keep it up brother gzak allah kol khyr

    رد
  6. محمد مفتاح
    محمد مفتاح says:

    السلام عليكم
    جميل جدا أخي شبايك
    الحقيقة الموضوع ده بالنسبة لي أكثر جذبا من كتب المبيعات
    وشدني تاني للمدونة

    رد
  7. حسن ربيع
    حسن ربيع says:

    استمر في الانطلاق.. لا حدود للسماء فيما نرى
    ابلغ الآفاق واصنع التاريخ شبايك.. إني لأرى فيك لبنة مهمة في تاريخ هذه الأمة..
    وانا أريد ان أسرك ولا أريد أن أضرك فلا يلتبس عليك الأمر وأقصد بذلك أني لا أريد قطع عنقك كما قال صلى الله عليه وسلم.

    رد
  8. هادي
    هادي says:

    اهلا بك اخي رؤوف مجدداً مع قصص النجاح
    وان لم أكن مخطأً فإن معمل هوندا تدمر مرتين في الحربين العلميتين الأولى والثانية
    ولكنه كان في كل مرة يبدأ من جديد ويبني معمله
    وهنا نرى الإصرار الياباني المذهل
    ————————————————————————-
    http://arabsoftarchive.wordpress.com

    رد
  9. عالية
    عالية says:

    اخي رءوف دائمًا رائع

    الله يوفقك و يرزقك حلالاً طيبًا من اوسع ابواب فضله آمين

    رد
  10. وجيه
    وجيه says:

    أخي رؤوف احييك على اختيار المواضيع

    اعجبني اصرار هوندا للوصول الى اهدافه وخصوصا مقولته ان لتذكرة السينما أهمية أكبر من شهادة التخرج
    مع اعجابي بمقولته والتي هي تناسب حالته ولكن في وقتنا الحالي كثير من الخريجين يجعل البطالة شماعه للأعذار ويرمي شماعته على الحكومه في البلد الموجود فيها و رأيي الشخصي في هذا الموضوع أن الإنسان يستطيع تسويق نفسه أو التحرك لفكرة ينطلق بها ولكن بعد فك القيود النفسية التي وضعها لنفسه

    أكرر شكرا اخي شبايك

    رد
  11. شبايك
    شبايك says:

    الأخ الحبيب، إدارة منتدى ما والرد على ما فيه من رسائل تحتاج تفرغا تاما، وهو ما لا أملكه … بعد

    عبدول
    يا حبذا لو تشاركنا قصة نجاحك وكيف استفدت من المدونة، حتى تعم الفائدة علينا جميعا…

    محمد مفتاح
    لكل وقت آذان، فهناك من يريد التحفيز بمثل هذه القصص، وهناك من يحتاج التوجيه ممن دفعته هذه القصص للاندفاع في سبيل نجاحه ومشروعه، وهكذا، نحاول تلبية جميع الرغبات 🙂

    حسن ربيع
    جزاك الله كل الخير، وأدعو الله أن أكون كما تظن في…

    هادي
    أسعد جدا حين أجد من يعرف قصص النجاح وأهم ما فيها…

    وجيه
    للأسف، مثل هذه المقولات أجد البعض منا يتخذها مبررا للتكاسل والقعود عن الدراسة، حين قال هوندا ذلك، فهو كان صاحب مصنع ويتعلم ليصنع لا ليحصد شهادات حائط… وقد وجدت أن قسما كبيرا ممن يرمون الأعذار على غيرهم، سيفعلون ذلك ولو كانوا في الجنة، هدى الله الجميع للعمل في تجارتهم الخاصة… والخروج من مأزق البطالة… ومشكور على التعليق يا طيب

    رد
  12. عفاف
    عفاف says:

    قرأت المدونة وأعجبني إصرار الهولنديين على تحقيق أهدافهم ولكن عندي سؤال هل نسطيع نحن العرب على الإصرار لتحقيق أهدافنا مثلهم؟؟؟؟؟؟؟
    آآآرجو الرد للأهمية….

    رد
  13. شبايك
    شبايك says:

    عفاف
    تقصدين إصرار اليابانيين بالطبع، ولا أدري لماذا ننظر للنجاح على أنه قاصر على غيرنا، وفي تاريخنا الاسلامي والعربي الكثير من النجاحات، أنصحك بإعادة قراءة عنوان هذه التدوينة، فمن صدق في العزم تخطى العوائق ووصل لما يريده…

    رد

Trackbacks & Pingbacks

  1. […] الجزء الأول من القصة: لا تجد عوائق، تصد العازم عندما تخترع جديدا، عليك أن تستعد لأن يخبرك الجميع أنك […]

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *