قبعة بوب يونج الحمراء – الجزء الثاني

,

أشهر الكتب المنشورة على موقع لولو كتاب يحكي عن ساعات اليد المقلدة وكيفية التفرقة بينها وبين الأصلية، لمؤلفه ريتشارد براون. حين ذهب ريتشارد بكتابه إلى المؤلفين لنشره، رفضوه معللين ذلك بأن أقصى مبيعات يمكن لهذا الكتاب تحقيقها هي ألف نسخة في السنة. ذهب ريتشارد بكتابه إلى موقع لولو لينشره هناك، وفعلاً باع كتابه ألف نسخة، لكن في كل عام، بربح صاف في كل نسخة مباعة قدره 28 دولار، وهو ربح لم يكن أكثر الناشرين كرماً ليشارك ريتشارد به!

لولو؟
كلمة لولو في الثقافة المحيطة ببطلنا بوب يونج – الذي يبلغ من العمر 53 سنة وينحدر من مدينة هاميلتون، ولاية  أونتاريو الكندية – تعني: الفكرة/الشخص/الشيء – اللامع /العبقري/ الفذ. والفكرة عبقرية من عقل فذ، عقل مؤمن بتوفير حرية الاختيار لجميع الناس، بدأها بتوفير نظام تشغيل مجاني، مع تطبيقات مجانية، كلها قابلة للتعديل بسهولة، إذ يرفق معها دائماً شفراتها. لقد أراد بوب توفير ذات الحرية لجميع الناس، أولئك الذين يحلمون بيوم ينشرون فيه مؤلفاتهم بأنفسهم.

طريقة الطباعة
ترقد في سكون، في مطبعة كبيرة في مدينة نيويورك، طابعات زيروكس كبيرة الحجم هادئة الصوت سريعة الطباعة، يخرج منها الورق ليتم جمعه وكبسه بواسطة ماكينة معدة لذلك، ومنها يشحن الكتاب للجهة التي اشترته. في حين يرفض الكثير من دور النشر العديد من الأعمال الفنية – إما لضعف المستوى أو لانعدام الطلب عليه – فإن بوب يونج لم يرفض أحدًا لهذه الأسباب. أضف إلى هذا أن اكتشاف الأخطاء وتصحيحها لا يستلزم الانتظار حتى توفر الطلب على طبعة ثانية، بل يمكن التعديل في أي وقت وكل وقت.

طريقة التشغيل
كون بوب قد تنحى عن موقعه في قيادة شركة ريد هات لا تعني أنه تخلى عن كل شيء، فموقع لولو لم يكن ليتحقق لولا البرمجيات الحرة ذات المصادر المفتوحة، فموقع بهذه الضخامة – من حيث الزوار والمشتركين والبيانات المخزنة – كان ليتطلب ملايين من الدولارات على البرمجيات وأنظمة التشغيل المتطورة – والتي بدورها تتطلب أجهزة مكلفة.

يؤكد بوب على أن توفر شيفرة المصدر للبرامج التي يعمل عليها الموقع ساهمت في تطوير تلك البرمجيات وتطويعها لتناسب متطلبات العمل اليومية، بالإضافة للقدرة على معرفة أسباب المشاكل بسرعة، والقدرة على حلها ذاتياً، دون انتظار شركة عملاقة حتى تطلق حلول لأخطائها في البرمجة.

هذه الخطوة – استعمال برمجيات حرة المصدر – وفرت عليه نصف التكاليف التي كان يمكن له إنفاقها لتنفيذ فكرة موقع لولو. ليس هذا فحسب، إذ أعاد مهندسو موقع لولو نشر كل الإضافات وحلول المشاكل التي توصلوا لها عند استخدام هذه البرمجيات الحرة.

لكن لماذا رحل؟
بداية شركة القبعة الحمراء كانت في غرفة صغيرة داخل منزل بوب، ومثله فعل شريكه، وخلال عشر سنوات، تحولت الشركة لتصبح ذات قيمة سوقية قدرها 3 مليار دولار. يظن المرء أنه عندما يترأس منشأة كبيرة وناجحة وتدر عليه المال الوفير، فحتماً لن يفكر في تركها، خاصة وأنه صاحبها ومديرها، لكن بوب كره انغماسه في تفاصيل الشئون الإدارية، ومتاهات الاجتماعات والتشريعات، إن بوب رجل يحب مساعدة الغير، وتوفير الحرية لهم، ولذا عندما بدأ مشروع لولو يحقق نجاحاً مستمراً مبشرًا، لم يتردد بوب كثيرًا ليتنحى عن مركزه.

عثرات الطرقات
نال بوب يونج حظه من الانتقاد، فرغم أنه من دعاة البرمجيات حرة المصدر، لكن موقعه لا يقبل ملفات بي دي اف سوى تلك المسجلة من برنامج أدوب أكروبات، ويرفض الملفات القادمة من برمجيات أخرى، وإن قبل بعضها، لم يمر الأمر بدون مشاكل وعثرات. كذلك فاجئ الموقع مشتركيه في يوم ببدء فرض ضرائب على مبيعاتهم، في أمريكا وفي انجلترا، ذلك أن موقع الطباعة الأساس يقع على الأرض الأمريكية، ويستحق تبعاً لذلك سداد الضرائب للحكومة الأمريكية، وبينما كان المفترض بالمطبعة البريطانية أن توفر نفقات شحن وطباعة الكتب، فإذا بمستخدميها يقعون تحت طائلة جباة الضرائب الإنجليز. لحسن حظنا نحن العرب – حكم كوننا غرباء – لا نندرج تحت هذا البند، حتى تستفيق حكوماتنا على الأقل!

رؤية بوب يونج للمستقبل تعتمد على نظام تشغيل لينوكس المجاني، وهو يقتبس مقولة لحكيم الهند جاندي: “في البداية سيسخرون منك، ثم سيحاربونك، ثم ستفوز“.

رابط الجزء الأول

روابط ذات صلة:

11 ردود
  1. OMLX
    OMLX says:

    رائع أخي رؤوف ،،

    استمر بارك الله فيك …

    ولكن من خلال كلامك أني لا أقدر نشر كتبي التي كتبتها باستخدام أوبن أوفيس على موقع لولو ..؟؟

    رد
  2. منى أبو العيون
    منى أبو العيون says:

    بارك الله فيك أخ رؤوف , أيه رأيك لو تنشر بعض مقالات المدونة فى كتاب ؟ انا بحب طبعا ازور مدونتك باستمرار و لكن أظن انك تعرف و تقدر جدا شعور قراءة كتاب ممتع قبل النوم فى سرير دافىء مريح و سأكون أول المشترين بإذن الله 🙂

    بالتوفيق

    رد
  3. شبايك
    شبايك says:

    فهد
    جربت مرة واحدة رفع ملف بي دي اف من غير استخدام أكروبات، وأظهر لي سكريبت الموقع أخطاء كثيرة، لذا لم أجرب مرة أخرى 🙂

    منى
    أتفق معك تماماً، وهذا ما يفسر تلة الكتب بجانبي سريري، وجاري العمل على كتابين الآن، وأرجو ألا يستغرق الأمر طويلاً…

    أحمد
    مش معقولة كل شوية نقعد نقول شكراً وتسلم – ولا إيه 🙂

    عبد الله
    مشكور على الزيارة وعلى التعليق 🙂

    رد
  4. الصادق
    الصادق says:

    بسم الله الرحمان الرحيم

    هل أنا مضطر لشراء برنامج من أدوبي إذا كتبت كتاب إن شاء الله و أردت نشره عندهم؟

    و هل يفي أوبن أوفيس بالغرض و كم يكلف برنامج أدوبي المطلوب و هل يوجد منه نسخة للينكس؟

    رد
  5. عبد الصمد
    عبد الصمد says:

    أخي رؤوف لقد سبق وعرضت كتابا سياسيبا ر ائعا على موقع عربي للكتاب الاكتروني فكانت المبيعات ضئيلة جدا كما سبق وقلتَ . ولهذا هل من وسيلة تمكنني لمعرفة عدد المبيعات بدقة وكيف أضمن أن الموقع لا يبيع من وراء ظهري بكميات كبيرة ويرسل لي الفتات؟ أرجو أخي أن تجيبني وجزاك الله عني وإخواني خير الجزاء

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      الموقع أمريكي ولو ثبت عليه عملية نصب مثل هذه ستكون نهايته فهو خاضع للقانون الأمريكي… كذلك الموقع يعمل منذ سنوات طويلة وحتما تعرض لتساؤلاى مثل سؤالك هذا ولم يثبت عليه شيء حتى الآن، وبشكل عام لا أجد ما يدعو للشك فيه.

      رد
  6. الطنجي محمد
    الطنجي محمد says:

    اعجبني محتوى هده المدونة خاصة انه يهتم بالجانب العملي من حياة المرء وتنمية مهاراته العملية والمعرفية بعيدا عن تتبع اخبار الناس وخصوصا ما يسمونها السياسة على العموم شكرا جزيلا واود ان انجح في الاشتراك معكم

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *