مسيرة آلان سكر، مؤسس امستراد -2

,

لهذه التدوينة جزء سابق تجده هنا.

في عام 1980 أيضا، قرر آلان تصنيع أجهزة صوتية هاي فاي hi-fi تحوي مشغلين كاسيت، بعدما رأى مشغل كاسيت مزدوج من صنع شركة شارب اليابانية. لم يقف آلان هنا، بل نقل الأمر ذاته إلى مشغلات الفيديو، وصنع مشغل فيديو يقبل تشغيل شريطين!! لكن آلان كان يحمل بعض الأفكار الخبيثة، إذ أنه كان يستعمل الهندسة النفسية العكسية، فمثلا حين أراد الترويج لأجهزة الهاي فاي ذات مشغلات الكاسيت الثنائية، كتب على الإعلان أن نسخ شرائط الكاسيت عمل غير قانوني، الأمر الذي جعل الناس تدرك أن هذه الأجهزة هي الأفضل لنسخ شرائط الكاسيت. حين أراد آلان التسويق لمشغل الفيديو المزدوج، تفادى الاتهام بالتشجيع على نسخ شرائط الفيديو، بأن جعل رسالة التسويق تقوم على إمكانية تسجيل برنامجين تليفزيونين مختلفين في الوقت ذاته. بجانب ذلك، اشتهر آلان بأنه كان يجمع الوحدات الأولى من أجهزة مصانعه بيديه، وأنه كان يجالس التقنين والعمال ليسمع منهم مشاكل شركته بنفسه.



في عام 1984 جاء إطلاق حاسوب امستراد CPC 464 المنزلي بقدرة معالجة 8 بت، وبسعر 199 جنيه استرليني وهو سعر اقتصادي جدا وقتها. هذا المجال الجديد قفز بأرباح امستراد إلى 75 مليون جنيه استرليني، لكن ليس بسبب جودة تلك المنتجات، بل بسبب سعرها المتدني، وبسبب الوعود التي قطعها آلان بأن يكرر ما يجيده: دمج المكونات معا لتقليل التكلفة فيستطيع تقديم منتجات رخيصة، وكان وعده بتقديم حاسوب شخصي بسعر في متناول الجميع. اجتهد آلان للوفاء بهذا الوعد، إذ دمج الحاسوب مع الشاشة مع الطابعة وباع الجهاز بسعر 399 جنيه استرليني، لينافس حاسوب آي بي ام الشخصي ذا السعر 2500 جنيه استرليني.

في عام 1986، اشترى آلان الحقوق التجارية للحواسيب المنزلية سنكلير Sinclair، فأنقذ تلك الشركة الانجليزية من الافلاس، وحقق مبيعات كثيرة حين طرح أجهزة جديدة تحمل اسم سنكلير الشهير، وبدأ يدخل مجال تصنيع حواسيب متوافقة مع أجهزة آي بي ام، لكنه خسر في النهاية ولم يتمكن من الاستمرار في المنافسة، خسر في مجال الحواسيب المنزلية، والشخصية، لأسباب عديدة، أغلبها تدور حول مشاكل في التوافقية ما بين القديم والجديد والحواسيب الأخرى والتطبيقات. بسبب هذه المشاكل خسرت امستراد أسواقها، فبدأت تتحول إلى دخول صناعة الاتصالات. رغم كل ذلك، كان الربح وفيرا وقتها، على أن آلان كان سليط اللسان، مثل مدفع هائج يقذف الشتائم واللعنات، ولم يفلح معه دعوته لتناول الطعام مع الملكة، وجلوسه بجانب الأمير فيليب.

كانت امبراطورية امستراد تقوم على شراء المكونات بحجم كبير، الأمر الذي يؤدي لتقليل سعر بيع المنتج الواحد، ما يمكنه من انتاج منتجات بتكلفة رخيصة، ومن ثم بيعها بسعر قليل. هذا النموذج له عيب بسيط، إذا لم يشتر المستهلكون منتجاتك، خسرت على نطاق كبير، وهذا ما بدأ يحدث مع مطلع عام 1988 إذ بدأت حواسيب امستراد تتوقف عن تحقيق مبيعات كبيرة، وبدأت الخسائر و الاخفاقات تحل الواحدة تلو الأخرى على امستراد. رغم كل هذا، لم ينقذ شركة امستراد سوى شيء واحد، تصنيع أجهزة استقبال بث الأقمار الصناعية بالطريقة ذاتها، فهذه الأجهزة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي كانت تباع بسعر 500 جنيه استرليني، لكن آلان تمكن من صنعها وبيعها بنصف هذا الثمن، الأمر الذي كفل له بعض الربح والمال لتستمر الشركة، رغم خسارتها الفادحة في مجال الحواسيب، حيث كانت أجهزتها مشهورة بالعيوب والتعطل والمشاكل!

رغم دخول آلان مجال تقديم البرامج التليفزيونية، في النسخة الانجليزية من برنامج The Apprentice الأمريكي الأصل والذي اشتهر بتقديم المليونير الأمريكي دونالد ترامب له، لكن هذا البرنامج لم يساعده على تيسير أعماله. لحسن طالعه، كان آلان من الذكاء بحث بدأ يستثمر ماله في مجال العقارات والاتصالات، وهو الأمر الذي أنقذه من نهاية فقيرة. في عام 2007 باع آلان نصيبه في شركته امستراد لشبكة بي سكاي بي التليفزيونية العميل الأكبر لمستقبلات بث الأقمار الصناعية التي أبقت شركته تحقق بعض الأرباح، وبعدها بعام استقال من إدارة هذه الشركة، ليعمل في وظيفة مستشار حكومي، انتهت في عام 2010 بعد مجئ الحكومة الانجليزية الجديدة. في أوج مجدها، كانت القيمة السوقية لشركة امستراد 1.2 مليار جنيه استرليني، لكن عند بيعها كانت القيمة تقدر فقط بقرابة 125 مليون جنيه استرليني، وأما ثروة آلان فيشاع أنها 770 مليون جنيه استرليني!

الشهير كذلك في قصة آلان دخوله في معركة حامية لشراء نادي توتنهام لكرة القدم في 1991 وفاز بها، ولعله الأمر الذي شغله عن شركته التي كانت تنزف ماليا وقتها. ليس هذا وحسب، فطريقة إدارته لهذا النادي جعلته يصنع أعداء أكثر له، بسبب ما خرج من فمه من هجوم. حين باع آلان كل حصته في هذا النادي، وصف هذه الفترة من حياته بأنها مضيعة لوقته!

في عام 2000 حصل آلان على لقب سير من ملكة انجلترا بسبب أرباحه لا أخلاقه، خاصة بعدما اشتهر عن آلان أنه كان يسأل النساء المتقدمات للعمل في شركاته عما إذا كن يفكرن في إنجاب الأطفال ومن تجيب بالإيجاب تذهب بلا عودة، الأمر الذي أثار ضجة، فما كان منه إلا أن توقف عن توظيف النساء تماما. هاجم النقاد آلان لأنه كان يدير شركاته بسياسة الخوف والترهيب، واعتبروه من أسوأ المديرين في انجلترا، وأما أشهر أخطاء آلان فكانت حين تنبأ بفشل مشغلات الموسيقى ايبود من ابل، واصفا إياها بأنها ستموت، وتنتهي وتختفي.

10 ردود
  1. يوسف محمود
    يوسف محمود says:

    جميل جدا.. بالنسبة لخطئه.. فيما أرى أن آيبود لو بقي مشغل صوتيات فقط فسيفشل! بدون بقية إمكانتياته فهو لا شيء.. ولم يكن لينجح!

    رد
  2. عبدالسلام المودن
    عبدالسلام المودن says:

    في الواقع لما قرات الجزء الاول كنت اضن ان القصة بدات تحلو ههه
    لكن الان ما يتبادر الى ذهني هو انه نجح بمحض الصدفة او نجاح عشوائي
    هذا مايمكنني ان اقول في هذه الحالة
    لكن قصة جميلة و تشجعني على قول الذي انتهجه دائما هو انه
    ” يجب اتباع فن جمع الاموال وليس فن حساب الاموال التي ستجمع ”
    بالتوفيق للجميع

    رد
  3. محب روفائيل
    محب روفائيل says:

    أول مرة تحكى يا شبايك عن راجل يكون غير عفيف اللسان وشتام وكل حاجة وحشة فيه 🙂
    شبايك نصيحة من شخص فاشل فى اسداء النصائح لو بتعرف حاجة غير اﻻنجليزى انطللق وأحكى لنا عن أناس ليسوا من البلاد اﻷنجلوأمريكية ، أحكى عن ناس من البرازيل ، اﻷرجنتين ، تركيا ، روسيا ، عادى ممكن تحكى عن اسرائيليون كمان ، المهم العبرة مش اﻷشخاص
    أما عن طللبى هذا فهو للتغيير أوﻻ وثانيا لمعرفة كيف يفكر باقى العالم ، كما لمتابعة أفراد الدول الصاعدة حديثا كالتى ذكرتها لك
    عموما هناك دولة أنجلوأمريكية لم تذكر منها أحد على ما أظن : جنوب أفريقيا ، هذه المنطقة من أفريقيا التى سبقت مصر بكثير جدا
    شكرا لسعة صدرك 🙂

    رد
    • حُسَــامٌ
      حُسَــامٌ says:

      لا أعتقد أن حكمك على شعب من خلال ناجحيه حكم منصف…
      لأن الناجحين عادة هم الاستثناء… فإذا أردت أن تعرف كيف يفكر شعب ما، اذهب إلى هناك… 🙂

      رد
    • شادي
      شادي says:

      اسمحلي أن أبدي استغرابي من ردك ^_^

      يا أستاذ “محب” العبرة في القصة التي طرحها لنا الأخ رؤوف أكثر عمقاً من أن يلفت انتباهك فقط أن بطل القصة سليط اللسان

      فالرجل أخذ قرارات حاسمة في حياته ومحورية.. قرارات صنعت له شركة واسم يذكر.. ولهذا نقرأ قصته اليوم “يعني الراجل فيه حاجات مش وحشة ^_^”
      مع أنه لم تبدُ عليه مظاهر الذكاء والنبوغ في صغره!

      خذ العبرة ولا تشغل نفسك بالقشور

      رد
      • محب روفائيل
        محب روفائيل says:

        مظبوط ، لكن ربما يكون هناك نظريتين فى هذه الجزئية وهما كاﻵتى:
        ١- أن يأتى شبايك بقصص أناس ناجحين ولهم من اﻷخطاء أقلها أو أكثرها كى يعلم قراءه أن هؤﻻء مجرد بشر وليسوا سوبرمن ، حتى نتعلم من أخطائهم أيضا
        ٢- أن يأتى شبايك بقصص أناس ناجحين لهم من اﻷخطاء قليلها فقط ، لجعلهم مثل أعلى وكى ﻻ ينظر الناس على اﻷخطاء فقط ، ربما كما فعلت أنا ، مثلما كنا نقول : اذا أردت أن تحصل على مئة فى المئة بالثانوية العامة فأنظر الى المئتين لا المئة
        لكن ربما لى بعض الحق فى ردى أستاذ شادى ، فربما يتساهل رجال الأعمال العرب الناشئين فى حياتهم ويبقوا سلطاء اللسان كما كان صاحبنا ، ويتعللون ربما به فيقولون ، نجح وكان سليط اللسان ونحن سنفعل أيضا 🙂
        ﻻ تقرأ كلامى هذا ثانية ﻷنه ضحل التفكير 🙂 كتبته فقط لمجرد المزاح الذى ربما يكون سيئا
        لكن فعلا أستاذ شبايك ، أنا أتشوق فعلا لقصص من أمريكا اللاتينية ، دمتم فى سلام

        رد
  4. حسام برهان
    حسام برهان says:

    شكراً لهذه “العبرة” كما أحببت أن أسميها.

    تنبيه بسيط يوجد تكرار للجملة :
    “بجانب ذلك، اشتهر عن آلان أنه كان يجمع الوحدات الأولى من أجهزة مصانعه بيديه، وأنه كان يجالس التقنين والعمال ليسمع منهم مشاكل شركته بنفسه.”

    في النص السابق، تحياتي وتمنياتي بالتوفيق.

    رد
  5. وسيم الأصبحي
    وسيم الأصبحي says:

    (لسانك حصانك أن صنته صانك وأن هنته هانك ) و عفة اللسان والأخلاق مهمه جدا في كل شى وبالذات التجاره . مهما كان ناجح في الأخير مصيره الفشل , مثلا أذا أنت تتعامل مع منتج معين ومن ثم أكتشفت أنا مالك هذا المنتج غشاش وغير أمين , فمن الممكن أنت تلغي التعامل مع هذا المنتج بسبب شكك بغشه وان كان عكس ذلك …………. هذا وتحياتي

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *