جيف بيزوس امازون

كيف أدى فشل هاتف أمازون فاير إلى نجاح السماعة الذكية أليكسا

,

بنهاية عام 2019، كان قوام فريق العمل في مشروع السماعة الذكية أليكسا أكثر من 10 آلاف موظف، أغلبهم علماء ومهندسي تحليل البيانات.

في عام 2019 وحده، أجابت السماعة الذكية آليكسا على أكثر من 500 مليون سؤال في اليوم من مستخدمين موزعين في أكثر من 80 بلدا حول العالم، منها الدول العربية بالطبع.

جاء ميلاد السماعة الذكية أليكسا بشكل عرضي غير مقصود، وبدأت قصتها في…

في عام 2010 وبكل حماس وشغف أعلن جيف بيزوس، مؤسس والرئيس التنفيذي لعملاق التجارة الإلكترونية أمازون عن نية الشركة إطلاق الهاتف المحمول الجديد، أمازون فاير، والذي وصل إلى الأسواق فعليا في صيف عام 2014، ليفشل فشلا ذريعا بعدها بعام واحد، ويكلف الشركة خسائر قدرها 170 مليون دولار أغلبها مخزون غير مباع، ولتحقق أمازون خسائر ربع فصلية لم تحققها منذ 14 عاما سابقة.

لتدرك مقدار الهزة القوية التي نالتها سمعة أمازون بسبب خسائر الهاتف، بعدما كانت نظرة العامة إلى جيف بيزوس إنه هو المؤسس المعجزة الذي يحول كل ما يلمسه إلى أرباح وكان مثار إعجاب المستثمرين والمحللين الماليين، تحولت إلى شك وتساؤل عم إذا كانت هذه بداية نهاية السجل الحافل لهذا الرجل.

إحقاقا للحق، لم تكن هذه المرة الأولى التي يشك فيها الناس في جيف بيزوس وقدرته على النجاح في كل مشروع يدخل فيه.

كان الهدف الأول للهاتف (ولعله كان الوحيد) مساعدة المستخدمين على الشراء من مواقع أمازون ولتحقيق هذا الغرض كان هناك حدود للتطبيقات الممكن تنزيلها على الهاتف لضمان عدم إزعاج أي تطبيقات منافسة محتملة. مع سعر بيع عند الإطلاق قدره 200 دولار – لم يلق ذلك الحظر على التطبيقات إعجاب مستخدمي الهواتف والنتيجة كانت حتمية، مبيعات متدنية وخسائر كبيرة (بالإضافة لأسباب أخرى ليس هذا مجال ذكرها).

كل هذا لا يهمنا، الأمر الذي أريد الإشارة إليه ويستحق شديد الاهتمام هو تعامل جيف بيزوس مع هذه الخسارة.

فقط أحب التنويه إلى أن جيف بيزوس ليس ملاكا بل أراه – أنا العبد الضعيف – في مرتبة مصاصي الدماء، يمص دماء (يستفيد بأقصى درجة ممكنة من) كل من يعملون معه، ومن لا يحقق له الربح الوفير فهو مفصول مرفود مطرود، بلا هوادة.

على الجهة الأخرى، هذا الرجل عنده بصيرة ورؤيا بعيدة هي التي أوصلته لهذه الدرجة من النجاح، وهذا ما يجب أن ندرسه ونقلده كلما استطعنا.

ماذا فعل جيف بيزوس؟

أول شيء، طلب من مدير مشروع الهاتف غير الموفق ألا يشعر بأي ندم على فشل هذا المشروع، نهائيا.

لفهم الموقف أكثر، يجب سرد مقولة شهيرة لجيف بيزوس وردت في رسالته للمستثمرين في شركته تقول:

“حين تكبر الشركات في الحجم، ساعتها يكبر معها كل شيء، بما في ذلك حجم فشلها. إذا لاحظت أن شركتك تكبر بينما معدل فشلك مثلما هو دون زيادة، فأنت لا تخترع الجديد الذي سيمكن شركتك من الاستمرار في السوق في المستقبل.”

منذ بداية التفكير في تصنيع الهاتف، أراد بيزوس أن يكون للهاتف مزايا واضحة تميزه عن غيره، في صورة وسائل تمكن المستخدم من استخدام الهاتف بدون لمسه، مثل عن طريق النظر وإشارات اليد وهو ما تحقق.

من ضمن هذه الخواص الفريدة، خاصية التحكم فيه عن طريق الصوت والأوامر الصوتية، مثلما الحال في أفلام الخيال العلمي.

بدأ العمل على توفير هذه الخاصية في عام 2011 حين اشترت أمازون شركة Yap المتخصصة في فهم الأصوات البشرية، واستثمرت بعدها قرابة 200 مليون دولار حتى تم طرح الهاتف في الأسواق ومعه هذا التطبيق الصوتي.

خسارة تؤدي لنجاح – موت يؤدي لميلاد

فعليا، كان هذا الهاتف الميلاد الفعلي لتطبيق أليكسا التي نعرفها اليوم، والتي تسيطر على قرابة 70% من سوق هذه الأجهزة على مستوى العالم.

حين شاهد جيف بيزوس هذه الخاصية الصوتية الجديدة لأول مرة، بدأ يفكر على نطاق كبير جدا. أراد صنع أجهزة مخصصة لهذه الخدمة الصوتية فقط. أجهزة تفعل بالصوت ما يفعله المستخدم بيديه على هاتفه النقال.

ميلاد السماعة الذكية

ولذا خصص بيزوس ميزانية إضافية وأعطى صلاحيات كبيرة لمدير مشروع هاتف أمازون فاير (بعد فشله) لتوظيف من يلزم توظيفهم لتحويل أليكسا من مجرد تطبيق إلى جهاز قائم بذاته له قدرات لا محدودة، أو ما نسميه اليوم السماعة الذكية – Smart Speaker.

جاء طرح أول سماعة ذكية توفر خدمات أليكسا للبيع بعد مرور 4 شهور على بدء بيع هاتف أمازون فاير والتي حملت اسم ايكو Echo.

إعلان السماعة الذكية أليكسا ايكو المطبوع في الصحافة الهندية

وقت كتابة هذه السطور في عام 2020 تسيطر أجهزة أليكسا على قرابة 70% من سوق السماعات الذكية في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، متقدمة بذلك على سماعات جوجل هوم وابل هومبود وغيرها.

وفق إعلان أمازون في يناير 2020، بلغت مبيعات الأجهزة المعتمدة على تطبيق أليكسا المئات من الملايين من الأجهزة. قبلها بعام واحد، كانت أمازون قد أعلنت أن هذا الرقم قد تخطى للتو 100 مليون جهاز مباع.

الجهاز بسعر رخيص، لوازم الجهاز بربح كبير

أرباح أمازون لا تأتي من السعر المتدني لبيع هذه السماعات الذكية ذات الجودة العالية، بل من المبيعات المتحققة بالأوامر الصوتية ومن الاشتراك في خدمات الموسيقى والإعلانات الصوتية وغيرها من الخدمات الجديدة التي تضيفها أمازون.

جيف بيزوس نفسه يعلق على ذلك قائلا إن نجاح أليكسا لم يكن ليتحقق لولا شجاعة تجربة هاتف أمازون فاير.

لعل أفضل ختام لهذه القصة هو تأكيد جيف بيزوس نفسه على أنه مستكشف يحب اكتشاف وتجربة الجديد من الأفكار، فهذا ما جعله يدخل قطاع الحوسبة السحابية وتطبيقات انترنت والاستضافة AWS، ما عاد عليه بأرباح بالمليارات من هذه الفكرة، وهو كذلك منفذ فكرة التوصيل المجاني لمشتريات المشتركين في خدمته برايم، ودخول عالم صناعة الترفيه الرقمي وغيرها الكثير.

كما قال هو عن نفسه، جيف بيزوس لا يخشى ولا يخاف ولا يتردد في تجربة أفكار جديدة حتى لو عادت عليه بالخسائر، ذلك لأنه يحسب حساب كل شيء، ويترك بعض المساحة للمفاجآت غير المتوقعة، وينظر في تفاصيل كل خسارة بحثا عن طريقة للربح منها.

“سنعمل جاهدين لكي نغامر مغامرات محسوبة وجيدة، لكنه من المستحيل ضمان نجاح هذه المغامرات. هذه المغامرات الكبيرة جزء حيوي من الخدمة التي تقدمها الشركة الكبيرة لعملائها. الخبر الجيد الذي سيهم المستثمرين هو أن نجاح مغامرة واحدة سيدر أرباحا تكفي لتغطية خسائر المغامرات الفاشلة.”

– جيف بيزوس، أبريل 2019

على الجانب

  • هذه أول تدوينة منشورة باستخدام القالب الجديد للمدونة – أوهايو Ohio من موقع Themeforest.net – وأرجو أن ينال إعجابك. لا زال العمل جاريا لإدخال المزيد من المزايا والتعديلات.
9 ردود
  1. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    يبدو القالب واعد ولكن كما قلت بحاجه للمزيد من التعديلات
    اتمنى لك التوفيق فيه
    وبالفعل يجب صناعه النجاح من الفشل دوما
    ودمتم سالمين

    رد
  2. أمجد الصبياني
    أمجد الصبياني says:

    دروس جيدة مستفادة من تجربة أمازون، و كما قالوا سابقاً : الضربة التي لا تقتل تجعلك أقوى. كثرة الفشل تزود المناعة أحيانا.

    بخصوص القالب فهو رائع جدا حتى وددت أن أسألك عن اسمه لكنني وجدت المعلومة في نهاية المقالة.

    رد
  3. Alaa mousy
    Alaa mousy says:

    مبروووك ا. رؤوف على القالب الجديد للمدونه..وبالتوفيق دائما…. وكالعادة…المقال أكثر من رائع…..
    لى ملاحظه بسيطه
    عند الدخول من اللاب توب لارسال تعليق. أو حتى المتابعه فى الانستجرام أو اليوتيوب من خلال الضغط على الايقونه الخاصه بهم فإنه تظهر رساله.دعوه للاشتراك فى النشره البريدية والتى تعوق الضغط على الايقونه..أو حتى ارسال التعليق…
    تعليق هذا تم إرساله من خلال التليفون…
    شكراً

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      شكرا يا طيب على هذه الملاحظة وأعتذر عن هذا الخطأ. لأني استخدم شاشة عريضة فغاب عني ذلك. أدخلت عدة تعديلات لتقليل احتمالات ظهور هذا الخطأ.

      رد
  4. Hamada Habib
    Hamada Habib says:

    مرحبا رؤوف
    اول مرة اعلق لك علي مقال لكني من المتابعين منذ فترة بعيدة. ما لفت انتباهي تغيير القالب وكأحد المتخصصين في تطوير الووردبريس احدد بعض النقاط سريعا
    – تابعت معاك تغيير قالب المدومة اكثر من مرة لعل افضلها تلك التي قبل ان تتعرض مدونتك لمشاكل في الاستضافة تقريبا ف العام 2018
    – قالب اوهايو الذي اشرت له من القوالب المتعددة الاستخدام وكذلك يعتمد بشكل اساسي علي مبني الصفحات مثل WPBakery Page Builder او Elementor ومثل تلك الاضافات تستخدم بشكل كبير في بناء الصفحة / الصفحات الرئيسية ونظرا لاحتوائها علي ملفات CSS و JS كثيرة ستسبب لك بطئ في سرعة تحميل موقعك وبالتالي تؤثر سلبا علي ترتيبك في محركات البحث.
    * الامر الاخر انها تدعم اضافة مثل WooCommerce واعتقد ان مثل هذه الاضافة بادواتها والية عملها كافضل نظام ادارة متاجر للوردبريس ليس لها مكان ايضا في مدونتك حاليا الا ان كنت تخطط لامور اخري.
    * لاحظت ايضا انك تستخدم اضافة لعرض المقالات ذات الصلة وهذه مشكلة اخري نظام الووردبريس نظام ادارة متكامل لست بحاجة لاستخدام اضافات كثيرة طالما تقدر تدمج او تطور ما تريد في قالبك.
    – اخيرا لا اريد ان اطيل في امور تقنية لكن افضل اداء لمدونتك هي بتخصيص قالبك او ان تستخدم قالب بدون اضافات لبناء الصفحات او غيرها اقترح لك قالب مثل gridlove موجود علي ثيم فورست ايضا.

    اتمني لك ولقرائك التوفيق في الامور كلها وجزاكم الله خيرا علي ما تبذلوه من جهد لكتابة هذا الكم من الالهام والتحفيز.

    حماده حبيب

    رد
    • شبايك
      شبايك says:

      شكرا لك يا طيب على هذا التحليل الرائع، كلامك صحيح 100% لكني تعبت من كثرة البحث في القوالب وعقد المقارنات. قوالب اليوم كلها ذات عيوب، تكتشفها بعدما تشتريها وتثبتها… حتى وإن لم يكن لها عيب اليوم، غدا يصدر إصدار جديد من ووردبريس وتظهر عيوب مثل طريقة عرض متعثرة على الهاتف أو على اللوحيات أو الشاشات الصغيرة أو غيرها. ليس هناك مهرب.

      كذلك ليس لدي وقت أو طول بال لتخصيص قالب.. أريد توجيه أي وقت فراغ عندي للقراءة والكتابة…

      القالب السابق الذي تقصده كان مُصممه متعاونا معي للغاية حتى هاجر من مصر وانقطعت أخباره. أدعو الله أن تكون أموره بخير.

      كذلك 2، ليس للمدونة موارد مالية كافية للتعاقد مع مصمم قوالب يصمم لنا قالبا مخصصا قليل العيوب، ومن أراد التعاون إما كان لديه قالبا جاهزا يجب علي الرضا به أو اختفى بعدما قرأ الطلبات التي أريدها في القالب ولا ألوم على أحد… القوالب اليوم أصبحت معقدة للغاية…

      هذا وأرى أن حالي حال كثيرين مثلي، سبحان الله، المزايا الكثيرة لووردبريس قد تكون سبب نهايته، فالحال يصعب أن يستمر هكذا مع كم التعقيد الذي وصلنا إليه…

      كما لا استخدم إضافة وو كومرس.. تشبيكها مع باي بال يتطلب قرارات يصعب الرجوع فيها…

      أكرر شكري وامتناني على مرورك الكريم يا طيب

      رد
      • Hamada Habib
        Hamada Habib says:

        مرحبا رؤوف الامر بسيط بامر الله تعالي لديك البريد الخاص بي يمكننا التواصل ولعلها تكون خدمة للتعبير عن الشكر والامتنان لك “لا يشكر الله من لم يشكر الناس” دمت بخير

        رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *