كن بطل الأفكار

,

الفصل التاسع : كن قيصر الأفكار

أثناء سير جون في شوارع العاصمة اليابانية طوكيو، شاهد ساعة كبيرة تعرض الوقت، وبجانب أرقام الوقت كان هناك رقما آخر. في اليوم التالي مر جون من أمام ذات الساعة، لكنها هذه المرة كان تعرض ذات الرقم ناقصا واحد. أوقف جون أحد المارة وسأله عن هذا الرقم المتناقص، فأخبره أنه عداد يحسب كم يوم تبقى على مطلع القرن الجديد (عام ألفين).

توقف جون ليفكر، إن اليابانيين يحسبون الأمر بطريقة مختلفة، طريقة يمكن له تطبيقها في عالم التسويق بشكل أفضل. كان فريق جون لكرة السلة يلعب لمدة ستة شهور، ثم يرتاح مثلها، وكان التسويق للموسم الجديد يبدأ قبل انتهاء الموسم الحالي بشهرين، لكن فريق التسويق كان يبدأ العمل بشكل متراخ، عالمين أن أهم فترة هي تلك قبل بدء الموسم الجديد فعلا، لكنهم حين يأتي هذا الوقت كانوا يشكون أن ساعات النهار لا تكفيهم وأنهم يتمنون لو كان لديهم وقتا أطول.

لذلك، قرر جون إتباع منهج العداد العكسي، لا، ليس هناك ستة شهور متبقية، بل حذف الإجازات الأسبوعية والعطلات الرسمية، وكتب على اللوحة البيضاء على حائط قسم التسويق: الزمن المتبقي هو: 96 يوما (هذا الرقم افتراضي – على سبيل المثال). كل يوم عمل يمر، ينقص هذا الرقم، هل يريد أحد من الفريق أخذ إجازة؟ نقص العدد المتاح له بمقدار إجازته من أيام العمل.

هذا الأمر جعل الفريق يشعر بشكل أفضل بقيمة وأهمية كل يوم عمل. أراد جون جمع أسماء وعناوين مشجعي الفريق، فقدر الفريق أن هذه المهمة تستغرق شهرين، أي 42 يوم عمل تسويقي، ولذا بدأ العداد العكسي من 42 متناقصا مع كل يوم عمل يمر. حين بلغ هذا العداد صفرا، كان الفريق انتهى من المهمة ومستعدا لاستغلال حصيلة الأسماء والعناوين.

أين أجد بئر الأفكار؟
كل سنة، كان جون يجمع فريق التسويق ويذهبون في نزل يقيمون فيه يومين متتاليين، بدون خروج، والهدف، لا شيء سوى التفكير في أفكار تسويقية جديدة. كان على كل عضو في الفريق أن يأتي بخمس أفكار جديدة كل يوم، ثم يقف ليناقش البقية فيها وفي سبل تحقيقها وطرق النفع التي ستعود من ورائها. في العام التالي زاد عدد قسم التسويق من 5 إلى 20 ولذا قسم جون القسم إلى فرق أربع، وعلى كل فريق المجيء بالفكرة الأفضل.

لم يقبل جون الحجج الواهية بأن عضو في الفريق ليس لديه فكرة ما، إذ كان يرد جون بالقول أن على عضو التفكير في إجازته الأسبوعية وأن يكتب أفكاره هذه على الورق، وبذلك حين يأتي موعد معترك الأفكار، كان لديه رصيدا كافيا حتما، وكانت خطة جون تطلب من كل عضو فكرة واحدة في كل أسبوع، وبهذا يكون لديه أكثر من 50 فكرة كرصيد قبل دخول معترك الأفكار. (هذه الفقرة إهداء لقراء كثرة!).

قيصر الأفكار
نعم، كثيرة هي الأفكار، قليل هم الرجال الذين ينفذون. جعل جون لكل فكرة يتفق عليها الفريق رجلا يعمل على تنفيذها، من الألف إلى الياء، في حدود ميزانية يتفق عليها الجميع. ليس شرطا أن يكون القيصر المسئول عن التنفيذ هو من جاء بالفكرة، بل يجب أن يكون من الرجال الذين إذا وعدوا نفذوا. كانت صلاحيات قيصر الفكرة تتضمن الاستعانة بمن يراهم لازمين لتحقيق الفكرة من داخل الشركة. وظيفة قيصر الفكرة لم تكن تعني الإعفاء من بقية مهامه المعتادة، بل كانت عملا إضافيا بدون أجر.

كان لكل فريق من الأربعة قيصر، وكان جون يتابع معه سير خطوات تنفيذ الفكرة، ويقرر هل يمول الفكرة أكثر أم يوقف العمل على تنفيذها، وهذا الإيقاف لم يكن معناه فشل الفكرة، بل تأجيلها إلى وقت لاحق.

تحويل الميئوس منها إلى مُبشرة
هل هناك فكرة فاشلة؟ بالطبع نعم، لكن مثل هذه الأفكار يجب مناقشتها بشكل جماعي، وتحليل مكوناتها وتوضيح أسباب الحكم عليها بالفشل، ومن ثنايا هذا النقاش الجماعي ستخرج أفكارا أخرى تبشر بالخير والأرباح. إياك أن تترك صاحب فكرة يشعر بأن فكرته غبية، لا تدع هذه الطاقة السلبية تخرج من مكمنها فتصيب الجميع، بل ناقش هذه الفكرة “الغبية” واحرص على أن تخرج منها بأفكار أخرى أفضل منها، ابحث في أسباب فشلها وكيف تعالجها، فكر في شيء معاكس لها تماما، اعمد إلى تعديلها وتغييرها وتحويرها وتطويرها، وهكذا.

احرص على تشجيع كل من يأتي بفكرة جديدة واقعية، لكن قبلها شجع نفسك على طريقة التفكير المتفتحة هذه.

بهذا انتهى الفصل التاسع من كتاب Marketing Outrageously  للمسوق الرائع جون سبولسترا Jon Spoelstra 

رابط الفصل السادس من الكتاب
رابط الفصل السابع من الكتاب
رابط الفصل الثامن من الكتاب

24 ردود
  1. رائد
    رائد says:

    اخي رؤوف السلام عليكم

    فعلا العد التنازلي يحفز على الانجاز وهذا ما ينبغي لكل من اراد تنفيذ مشروع او فكره معينه ان يحدد وقت معين من غير ان يخل بجودة انتاجه اوفكرته.

    اي انه لايجعل نفسه في زاوية ضيقه ولنحذر من التسويف في القيام بالاعمال ومركمتها لكي لاتؤثر على الناحيه النفسيه لدينا.

    دمت ودام تألقك

    رد
  2. Huda
    Huda says:

    إبداع .. ناس تطور نفسها و بسرعة 🙂

    سعيدة جدا جدا بالافكار اللي انطرحت و شجعتني بقوة أقرأ الكتاب ..

    و راح أبدأ بتنفيذ العد التنازلي عشان أخلص أشغالي بحماااسة …

    رد
  3. فادي من الاردن
    فادي من الاردن says:

    مشكور اخي شبايك على هذه الافكار التي تنعش التفكير وتمدنا بالامل . بالتوفيق

    رد
  4. هادي
    هادي says:

    مرحباً شباب
    اعجبتني فكرة العد التنازلي
    وحبذا لو تطبقها مع عدد الفصول الباقية لنهاية الكتاب ؟ فقط امزح
    ولكن متشوق لما بعد تلخيص الكتاب!!
    والى اللقاء مع فصل اخر

    رد
  5. د محسن النادي
    د محسن النادي says:

    اذا باقي عندي 23 يوم
    لجرد عمل 6 شهور
    هل تراني اصل للهدف الذي حددته منذ بدايه العام
    في شهر 5 وصلت اكثر بكثير مما كنت اتوقع
    الان سوف اجرب العد العكسي
    فقد ياتي بنتائج افضل
    كنت قد قسمت السنه لقسمين كل 6 شهور
    الان سوف اقسمها الى اربع
    كل 3 شهور
    لاعادة التقييم
    ……………..وما يدريك قد تصل الى شكل اسبوعي او يومي ……….يوما ما
    فعلا التسويق عالم رائع لمن يهواه ويحب الابداع فيه
    ودمتم سالمين

    رد
  6. عبدالرحمن
    عبدالرحمن says:

    العد التنازلي..فكرة ممتازة .. تحفز على الإنجاز وتعين الانسان على عدم التهاون او التكاسل .. وتعطي الوقت أهميته الحقيقية .. جزاك الله خيرا اخي شبايك

    رد
  7. أحمد سعيد
    أحمد سعيد says:

    الأخ العزيز شبايك
    الموضوع كبقية مواضيعك أكثر من رائع
    عجبتني فكرة العد التنازلي فيها تحفيز.
    أيضاً مسألة أن كل عضو عليه أن يأتي ولو بفكرة واحدة… دون عذر
    أنا بدأت بهذا الإسلوب هو البحث عن أفكار ممن حولي مهما كانت
    بعدها أقوم بمناقشتها مع آخرين والنتائج الحمد لله مبشره بخير
    لكن لا أعلم هل ستنجح!!!

    أحب أخبرك أننا بدأت في عملية التسويق لمنتجي
    هناك أفكار تسويقية كثيرة منها البسيط والمعقد والغبي يتم فرزها
    وإن شاء الله إن إستطعت سأخبرك بما فعلته وكيف فعلته والنتائج

    كلمة أخيره:
    فيه نقطة مهمة أو قد تكون مهمة في عالم التسويق وهي:
    اللوجيستيك
    لم تتحدث عنها! ما رأيك فيها؟ هل تستحق أن تعطيها من وقتك؟

    وجزاك الله خير

    رد
  8. profesor x
    profesor x says:

    السلام عليكم
    اعتقد ان هوه دا تعاصف العقول
    ودي طريقة مفيده جداا ويتم العمل بها في معظم الاعمال في معظم الدول المتقدمة
    للاسف الشيء ده غير موجود عربيا
    انا بس كان عندي فكرة خاصة بالمدونة
    ايه رايك تعمل سكشن او workspaceka
    نشتغل فيها على مشاريع معينه ونتدرب فيها احنا الكل
    وناقش الافكار وكده
    اهو تكون دراسة من المدونة وتريب منت السكشن

    رد
  9. فاضل
    فاضل says:

    فكرة جهنمية , العد التنازلي

    ما لفت إنتباهي أن على الموظفين أن ياتو بفكرة تسويقية نهاية كل أسبوع

    50 موظف = 50 فكرة أسبوعية

    = 200 فكرة شهرية

    = 2400 فكرة سنوية

    تشكر أخ شبايك على الموضوع الرائع

    رد
  10. وجيه
    وجيه says:

    أخي شبايك

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أسأل الله أن تكونو في اتم الصحه والعافيه
    موضوع جميل جدا وهذه الطريقة في التسويق تسمى ( العصف الذهني ) وتستخدم لعدة أمور أولها للبحث عن حل لمشكله معينه والمشاكل فرص وثانيها ما تفضلتم به بالبحث عن أفكار جديده يتم تحليل كل فكره ومن ثم غربلة جميع الافكار لنخرج بالصفوه فعلا طريقة جون ممتازه وقد استفدت من قصته تكتيكات جديده ..
    أسأل الله أن يكتب أجرك

    شكرا لك أخي العزيز

    رد
  11. باســـم
    باســـم says:

    السلام عليكم،
    و أخيرا استعدت فرصة الاطلاع على مدونتي المفضلة: شبايك.
    ثبت الله أجرك يا أخي رؤوف على كل المواضيع السابقة و هذا الموضوع.
    جعلتني أحب هذا الرجل و أفكاره و كتبه وعلم التسويق الجنوني، وكم تمر أمام أعين الناس كل يوم دروس و مناجم ذهب مثل ساعة العد التنازلي، لكن المفكر وحده يحولها إلى درس و فرصة.

    رد
  12. ahmed said kamel
    ahmed said kamel says:

    السلام عليكم يا راااااااااااااااااااااااااااااائع شبايك
    اولا اشكر ربى سبحانه
    ثانيا اخى فى الله شبايك كم من مجهود تبذله ةكم من وقت تقضيه
    لتصل لحقائق ونظريات والله لو طبقت فى عالمنا العربى لما اصبح الحال الى ……..
    المهم الامل موجود
    طبعا الخطوات التى اتخدها والتى وصلت لها بحمد الله بعد المجهود الرائع فى المدونة الرائعة
    ارجو من الله وادعو لك بالتوفيق والنجاح
    شكرا اخى جزاك الله على ما تفعله كل الخير
    ملحوظة قريبا جدا سوف احكى لك عن ما حدث لى حتى الان من نجاااااااح

    رد
  13. شبايك
    شبايك says:

    أحمد سعيد
    اللوجستيكز خارج نطاق المدونة، فكما قلت من قبل، أنا أركز على المشاريع الصغيرة، الناشئة، أما علوم اللوجيستيكز فهذه للمشاريع الكبيرة بالأكثر، على حسب ما أفهمه… لكن من يدري، ربما زدت خبرة بها في المستقبل…

    أستاذ س
    ما أكثر الكلمات، وما أقل الأفعال… دعنا نركز بداية على تحويل كلمات المدونة إلى أفعال، بعدها نفتح الباب للمزيد من الكلمات، مثلا قل لي أنت ماذا طبقت مما قرأته هنا حتى الآن؟

    د. محسن
    طمئني يا طبيب، هل جربت زيادة عدد المطويات التي تطبعها، وأن توزعها في كل مكان في فلسطين؟ هل فكرت في نقل نشاطك إلى بلاد أخرى، مثل الأردن ولبنان وسوريا؟ هل تفكر في الانتشار والتوسع وتكبير مشروعك؟

    رد
  14. محمد
    محمد says:

    فكرة العد التنازلي رائعة
    بامكان اي شركة تطبيقها وبالمجان عبر تطبيقات جوجل
    google.com/a
    الفكرة طبقناها في شركتنا بس على وقت نزول الراتب 🙂 “طموح عالي”
    تحياتي للجميع

    رد
  15. محمد الثاني
    محمد الثاني says:

    شكرا أخي شبايك على مدونتك الرائعة..اضطررت لتغيير الاسم و أرجو أن لا ينتحله أحد آخر و إلا سأضطر قريبا أن أتقدم باسم ملك المغرب

    رد
  16. profesor x
    profesor x says:

    السلام عليكم
    للاسف فان الوقت لايسمح للتنفيذ هذه الافكار الموجوده في المدونة
    مع اني جدا مقتنع ان هذه الافكار بنائة
    وانا ايضا متاكد انها اثرت على طريقت تفكيري
    انا لاازال في المرحلة الجامعية
    وانا انتظر الفرصة للبدا في مشروعي الخاص
    شكرا جزيلا على هذه المعلومات المهمة
    وانا اتمنى ان تكمل هذه المدونة الى ماشاء الله

    رد
  17. sultan
    sultan says:

    السلام عليكم
    صراحة اناا جعلت مدونتك في قائمة المفضلة عندي
    وان دل هذا فأنه يدل على ابداعك
    شكرآ لك اخي شبايك والى الامام ونحن معك

    رد
  18. مناف الناصري
    مناف الناصري says:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    عاشت على هذا الموضوع فعلا لو نظر غالبيتنا و انا منهم على حصر انجازاتنا في اخر ايام كيف سوف يكون انجازه للعمل (غير دقيق و غير مكتمل )بالعادة ونعض اصابع الندم شكرا على تنويرنا بهل موضوع و ان شاء الله شوف يكون هذا الاسلوب هو اسلوبي بأنجاز اعمالي المستقبلية.

    رد
  19. مسوق ناشئ
    مسوق ناشئ says:

    اشكرك اخي الفاضل على الموضوع الهام في المجال التسويقي
    حيث اني من خلال دراستي وجدت ان الأفكار التسويقية اساسا لنجاح التسويق بجانب عوامله الأخرى

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *