أيقونة فليكر

قصة تأسيس موقع فليكر – كاترينا فيك

في عام 2002، وقبل أن يسألها الزواج، طلب منها أن تكون شريكته في مغامرته التجارية الجديدة، وما أن انقضى أسبوعان على زواجهما، حتى عادا من شهر العسل ليبدآ العمل في شركتهما الجديدة، إنهما ستيوارت باترفلاي و كاترينا فيك Caterina Fake، مصمما مواقع انترنت الذين انتهى بهما المآل لتصميم وإطلاق موقع مشاركة الصور الشهير فليكر Flickr.com.

كان ستيوارت من قاطني كندا، بينما كاترينا من ساكني سان فرانسيسكو، لكن بعد اشتعال نار الحب بينهما، انتقلت كاترينا إلى فانكوفر الكندية لتكون بجانب زوجها.

لعبة لا تنتهي

كان غرضهما من إنشاء شركتهما Ludicorp هو تصميم لعبة انترنت جماعية، حملت اسم ’لعبة لا تنتهي‘ أو Game Neverending والتي اعتمدت على قيام اللاعبين بتصنيع أشياء والمتاجرة فيها، والبيع والشراء والتفاعل مع بقية اللاعبين، داخل عالم اللعبة الافتراضي.

رغم أن اللعبة استهدفت الصغار، لكن الكبار أحبوها وأقبلوا عليها.

على أن اللعبة لم تدر الدخل المتوقع منها، خاصة وأن عام 2002 كان يشهد توابع انفجار فقاعة مواقع انترنت، التي جعلت شركات انترنت كثيرة تعلن إفلاسها، وبدأت خطوات مؤلمة تتخذ، مثل بيع قطع من الأثاث لسداد أجور فريق العمل.

لم تكن هذه الشركة الأولى لستيوارت، فقد سبق له في عام 1999 تأسيس شركة مع صديق له، جيسون كلاسون، باعاها لشركة أخرى بعد قرابة 9 شهور من تأسيسهما لها.

بعدها عاد الصديق القديم جيسون ليشارك الزوجين في شركتهما الجديدة.

في حل المشاكل فرص ذهبية للنجاح

كان مقر الشركة في البداية مكتب صديق آخر للزوجين يسافر ويغيب كثيرا عن مكتبه، ويقع في مدينة فانكوفر، وأما بقية أعضاء الفريق فكانوا يعملون عن بعد، إذ لم يرد أحد منهم ترك بلده والبعد عن عائلته، الأمر الذي أدى إلى تأخر مراحل تطوير أجزاء اللعبة.

هذا التأخير دفع الزوجين للاستفادة من وقتهما في تصميم برنامج دردشة فورية ضمن اللعبة ذاتها، وجعلا هذا البرنامج يسمح لمستخدميه بتبادل الصور الفوتوغرافية معا، ولأول مرة في وقتها.

في نوفمبر من عام 2003، سافر الزوجان إلى نيويورك لحضور مؤتمر عن ألعاب الكمبيوتر، ورغم أن ستيوارت أصابه مرض في معدته خلال رحلة السفر بالطائرة، دفعه للسهر طوال الليل من شدة الألم، لكنه في الصباح بادر زوجته باقتراح: ما رأيك في أن نصمم موقعا مخصصا فقط لمشاركة الصور؟

ميلاد فليكر Flickr

وافقته زوجته، لكن توجب إقناع فريق العمل الذي قضى وقتا طويلا في تطوير اللعبة، وفي يوم 8 ديسمبر 2003، بعد شد وجذب، مالت كفة التصويت – بمقدار صوت واحد – جهة موقع فليكر الجديد.

فليكر هو الاسم الذي اقترحه صديق للزوجين ليكون اسما لتطبيق الدردشة الفورية مع تبادل الصور، وكان المستخدم يرسل التطبيق لأصدقائه، ليقوم الجميع بتشغيله، ثم يستطيع أي واحد منهم إرسال أي صورة لكل أصدقائه الذين تركوا هذا التطبيق عاملا على أجهزتهم.

كان هذا الشرط عيبا وقف في طريق انتشار تطبيق فليكر ولذا فكر الفريق في نقله ليعمل على انترنت، في صورة موقع مخصص لتبادل الصور.

كان المقصود من تسمية فليكر كلمة الاهتزاز أو الارتعاش، وأما طريقة كتابته فكانت Flicker لكن هذا الاسم / النطاق كان محجوزا على انترنت من قبل شخص آخر، والذي أصر على الاحتفاظ به وعدم التنازل عنه، فما كان من الفريق إلا حذف حرف e من الكلمة، وبادروا بحجز نطاق flickr.com وانطلق الموقع رسميا في فبراير من عام 2004.

لأن Flicker.com كان محجوزا، قرر الفريق حذف حرف E واختاروا فليكر Flickr

لأن Flicker.com كان محجوزا، قرر الفريق حذف حرف E واختاروا فليكر Flickr

فليكر : الاختلاف الإيجابي عن الغير

هنا يجب أن نوضح أن مواقع أخرى مماثلة توفرت وقتها، لكن هذه المواقع كلها اشتركت في تركيزها على توفير خدمات طباعة الصور التي رفعها أصحابها على هذه المواقع، لا مشاركتها مع الغير.

كذلك، تميزت هذه الفترة الزمنية تحديدا ببدء انتشار شهرة مواقع التدوين، ومواقع التشبيك الاجتماعي مثل فريندستر و ماي سبيس، كذلك شهدت هذه الفترة تراجع أسعار الهواتف النقالة ذات الكاميرات الرقمية المدمجة، وكذلك انخفاض أسعار الكاميرات الرقمية وتحسن مستوى جودتها.

لابد لنا من ذكر حقيقة أن ظروفا كثيرة لعبت دورها في زيادة فرص نجاح موقع مثل فليكر.

بعدها ساءت الحالة المالية كثيرا للفريق، إذ إن الشخص الوحيد الذي ظل يقبض راتبه الشهري في الفريق، كان والدًا لثلاثة أولاد، وكان إجمالي عدد فريق العمل ستة موظفين، واضطر الفريق لوقف العمل على تطوير اللعبة، والتركيز على موقع فليكر …

ما الخسارة من تكرار المحاولة؟

على أنه وقبل نهاية العام ذاته، وصلتهم رسالة الإنقاذ من Telefilm، وكالة حكومية كندية لإقراض الشركات الناشئة العاملة في مجال الإعلام دون أخذ فائدة ربوية، ورغم أن طلب الحصول على القرض والذي قدمه الزوجان لهذه الوكالة كان قد مر عليه عام ورفضته الوكالة في وقته، لكنهما قررا إعادة تقديم طلب القرض، عملا بالمبدأ الذي يقول: ما الخسارة التي ستعود عليهما من تكرار المحاولة على أي حال؟

هذا القرض ساعد فريق العمل على الاستمرار لمدة ستة شهور أخرى.

في البداية، كانت كاترينا وموظف آخر يحرصان على شكر كل زائر لموقع فليكر يسجل فيه ويرفع صوره، وكانا يحرصان على الدردشة والتواصل مع جميع الزوار والأعضاء، فهذا الموقع كان اجتماعيا في المقام الأول، وكان المطلوب طمأنة كل عضو يرفع صورا غالية عليه إلى موقع فليكر .

[اقرأ أيضا: رسائل الشكر]

كما أن كل عضو مشترك قد يصبح يوما ممولا يقبل مساعدتهما في مشروعهما المتعثر ماليا.

لا بأس من الخطأ، لذا تحرك بسرعة

كانت العقيدة الإدارة السائدة لدى الفريق هي تحرك بسرعة، لا بأس من الوقوع في الأخطاء، لكن انتبه لها سريعا، عالجها سريعا، ثم عاود التحرك السريع بسرعة!

كذلك ابتكر الفريق فكرة وضع تصنيفات / وسوم Tags لكل صورة يرفعها كل عضو، وبذلك يستطيع الكل رؤية الصور التي تقع ضمن هذه التصنيفات بسهولة، ورغم بساطة الفكرة، لكن تأثيرها كان ممتد المفعول.

مرة أخرى لعبت الأحداث العالمية دورا صب في مصلحة الموقع، إذ وقع انفجار في سفارة أستراليا في جاكرتا، وتصادف أن ثلاثة من أعضاء فليكر كانوا بالقرب من موقع التفجير وصوروه ورفعوا الصور على فليكر ضمن تصنيف جاكرتا، الأمر الذي جعل زوار الموقع يرون بأعينهم آثار التفجير، قبل وسائل الإعلام الأخرى، وهو الأمر الذي جعل شهرة الموقع تنتشر مثل النار في الهشيم.

ثم دخلت ياهو على الخط…

في يونيو 2004، بدأ موقع فليكر يدخل في طور النضوج، وبدأت تظهر عليه أمارات المواقع القوية الجديرة بالانتباه لها، الأمر الذي شجع الفريق على طلب اجتماع مع شركة ياهوو أملا في تمويلها للموقع.

كان الاجتماع مريعا، فقد وقع الفريق في أخطاء كثيرة، وظهر عيب برمجي خطير في الموقع أثناء استعراضه أمام موظفي ياهو.

بالطبع، عاد الفريق بخفي حنين، على أنه بعد مرور ستة أشهر، اتصلت ياهو بالفريق وطلبت منهم المجيء لمناقشة الأمر مرة أخرى.

هذه المرة، تفهمت ياهو هدف موقع فليكر، وأدركت إلى أين سينتهي به المسير، وناقشت الفريق في خطتهم التجارية لإدارة الموقع، وكيف يمكن لهم العمل ضمن عالم ياهو بانسجام وتواؤم سريع.

بالطبع، شركة ياهو تعمل وفق بيروقراطية كبيرة، حتى أن عملية شراء أجهزة خوادم جديدة لتستضيف الموقع كانت تتطلب أسابيع طويلة، ولذا كان الزوجان يتصلان بصديق لهما في شركة دل ويشتريان الخوادم من حسابهما الخاص.

لكن لماذا باع الفريق موقع فليكر رغم مستقبله المبشر؟

لأن أحد المستثمرين، وهو صديق ستيوارت، وقع فريسة لمرض عضال، وكان بحاجة ماسة للمال، كما أن بقية الفريق كان يخشى من حدوث كوارث غير متوقعة مثل انهيار أسواق الأسهم في آسيا، أو حادثة 11 سبتمبر، ولذا أرادوا اللعب في المضمون، وقرر الفريق بيع كل أسهم الموقع إلى ياهو.

نعم، يعلم الفريق – الآن – أن هذا القرار كان متسرعا وخاطئا، لكن وقتها كان الفريق مستدينا من جهات عديدة، وكان الفريق يريد مكافئة هؤلاء المستثمرين والمساهمين.

ثم دارت الأيام، وأفلست ياهو، وباعت ملكية فليكر لشركة صغيرة

أما كاترينا فنجحت في تمويل مواقع ناجحة أخرى، أشهرها موقع اتسي Etsy ولها نشاطات فنية كثيرة.

15 ردود
  1. ماجد الفقيه
    ماجد الفقيه says:

    قصة جميلة جداً اخي شبايك

    والحقيقة مثل هذه القصص تشعل بداخلنا طاقة التحرك , فكما نجحوا نستطيع النجاح بإذن الله , رغم ان بيئة امريكا وكندا ومثلها اوروبا تساعدك روحانياً ومعونياً على البدء بمثل هذه الاعمال اقصد عالم النت , فمن الطبيعي ان تجد مجموعة شباب يعملون في شركة انترنت وليس او نقول قليلاً في عالمنا العربي مثل هذه المجازفة او ما تعتبر كذلك بين شرائح العمل .

    يعطيك العافية

    رد
  2. فهد
    فهد says:

    رائعه القصه استاذ رؤوف
    سبحان الله التوفيق من الله تعالى ولاتعلم أين يكون
    ألاحظ أن أغلب الناجحين وصلوا للنجاح بالصدفه بعد اجتهادهم لتحقيق هدف آخر غير المقصود
    احترم كل من يفكر في تقديم الفائده للناس وتسهيل حياتهم قبل أن يفكر بالعوائد والارباح

    متابعين وبانتظار الجزء 2 ان شاء الله تعالى

    تحياتي . .

    رد
  3. حسام برهان
    حسام برهان says:

    لا بد من النجاح بتكرار المحاولة إن شاء الله. هذه هي سنة الحياة. في الحقيقة لا زلت أذكر تجربة أحد الأخوة من المغرب -والتي عرضتها في مدونتك- وكيف نجح بشكل باهر بعد سلسلة طويلة من الإخفاقات المؤلمة.

    رد
  4. Mohamed Atef
    Mohamed Atef says:

    مشكوررر الاستاذ شبايك وانا بحب كتير قصص النجاح وبالذات لما تكون مفصله

    رد
  5. ali
    ali says:

    شكراً لك ..
    لكن شيء لا أحبه في أغلب تدويناتك .. وهي ان تنهي التدوينة بكلمة للحديث بقيه !

    رد
    • محمد اليوسفي
      محمد اليوسفي says:

      تماماً كما ذكرت أخي
      هذه هي اول مرة أسمع بهذه القصة رغم أني قمت بالبحث عن قصة نجاحه سابقاً … فعلاً رائعة
      أعتقد ان الجزء الثاني سيكون عن شرائه من قبل شركة ياهو

      شكراً على الطرح الرائع كالعادة …

      رد
  6. maged
    maged says:

    قصص رائعة لكن من يجد مثلها فى مجتمعنا العربى الملء بالاحباطات وعوامل الفشل هناك من هم افضل من الذين ذكرتهم فى مجتمعنا لكن لا توجد مجتمعات وبلدان مثل التى يعيشون فيها واتمنى لة تسلط الضؤ فى مدونتك عن قصص النجاح فى مصر والبلاد العربية

    رد
  7. محمد
    محمد says:

    شكرا لك سيد شبايك على الموضوع و المعلومات, النجاح ليس له سن معين و لا وضعية مادية معينة, ينطلب شيء بسيط : الارادة

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *