جيمس موريسون مؤسس آيميت

جيمس موريسون، الرجل وراء شركة آيميت

إفلاس شركة آيميت وإغلاقها

تحديث: 17 سبتمبر 2009، في تطور درامي حزين، أغلقت شركة آيميت أبوابها في مدينة دبي للانترنت، وغدا صاحبها جيمس موريسون (James Morrison) خارج نطاق الاتصال به أو الوصول إليه، مع تكهنات بسفره خارج البلاد، تاركا موظفي شركته في براثن المجهول. الطريف أن جيم موريسون أكد في نوفمبر 2008 أن شركته بصحة وعافية وأنه يبحث عن مستثمرين كبار لضخ بعض الأموال في أوصال شركته المحتضرة، لكن يبدو أن مسعاه هذا لم يكلل بالنجاح.

بالطبع، معرفة الأسباب الحقيقية لهذه النهاية الحزينة ليس بالأمر السهل أو البسيط، لكن حتما لو سألنا جيم موريسون عن السبب لقال حروفا ثلاثة: HTC أو اسم الشركة التي كانت تصنع له الهواتف ليضع عليها اسم شركته i-mate ثم توقفت عن ذلك وقررت نزول السوق بمنتجاتها وباسمها هي، وبهذه النهاية الدرامية، نجد أنه كان واجبا على جيم موريسون بعد هذا القرار من شركة HTC أن يفض شركته ويقلل خسارته، طالما أنه فشل في العثور على شركة بديلة تعوضه عن شركة HTC ومنتجاتها.

بعد نشر هذه التدوينة تمكن صحفي ماهر في الوصول إلى جيمس وسأله عما حدث، فأكد الأخير أن شركته كانت بصحة وعافية، وأن النهاية الدرامية لقصتها إنما وقعت بسبب جريمة اختلاس من أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة والذي استغل سفر جيمس إلى الولايات المتحدة الأمريكية وغيابه لتزييف الدفاتر المحاسبية واختلاس 9 مليون دولار من حسابات الشركة. هذا الزعم والاتهام لم يتطور لاتهامات أو أوامر بالقبض على أي من العاملين في الشركة كلها.

الخلاصة، يبدو أن جيمس موريسون ممن يرون أشياء لا يؤيدها الواقع والحقائق. رغم ذلك، يبقى قرار قراءة قصة جيم موريسون حكيما، للتعلم مما وقع فيه من أخطاء.

Jim Morrisonبداية شركة آيميت i-mate

ترك الاسكتلندي جيمس موريسون (مواليد عام 1958) بلاده في عام 2000 وجاء إلى إمارة دبي في دولة الإمارات العربية ليستثمر 10 ملايين دولار، في إنشاء شركة هواتف نقالة بلغت قيمتها ذات يوم في بورصة لندن  300 مليون دولار (حصته 80% من الأسهم).

حققت تلك الشركة في عام 2005 أرباحاً قاربت 35 مليون دولار من مبيعات قدرها 136 مليون دولار (بنسبة أرباح 27%). إنها شركة آيميت للهواتف النقالة، المتخذة من مدينة دبي للإنترنت مقراً لها، مع فروع في أكثر من 20 دولة حول العالم.

لم يتسنى لي معرفة كيف حصل موريسون على العشرة ملايين الأولى وعمره 32 سنة والتي وضعها كرأس مال لشركته الجديدة، لكن جيم – والذي يقول عن نفسه أنه عاشق العمل الشاق – لم يرض بترف العيش في ظل هذه الثروة الصغيرة، وهو يقول أن العمل في مجال أنت تحبه لا يصبح اسمه عملاً بعدها ، ولكي تصل إلى ما وصلت أنا إليه في الحياة والعمل، عليك أن تضع كل ما تملكه على المحك: حياتك وممتلكاتك وتفكيرك وتركيزك، بدون ذلك لن تستطيع اجتياز العثرات ومشاكل العمل.

بعد نجاح طرح أسهم شركته في بورصة لندن في 27 سبتمبر 2005، أعلن موريسون وقتها أن الشركة ستفكر في طرح بعض أسهمها في بورصة سوق دبي المالي العالمي (DIFX)  لكنه ليس في عجلة من الأمر، فهو يرى شركته قوية تمضي من نجاح لآخر، وهي ليست بحاجة إلى المال.

الطريف في الأمر أن موريسون لا يريد لشركته أن تكبر فتصبح مثل شركة نوكيا، التي يراها شركة مملة تبعث على الضجر، وهو يؤكد أن اليوم الذي تصبح فيه آيميت مثل نوكيا، سيحزم حقائبه ويرحل.

إنه الفتى جيم مؤسس شركة الهاتف الذي استخدمه

إذا حدث وكنت تسير في شوارع دبي، ومررت بجانب سيارة هامر عليها دعاية لشركة آيميت، فهذه سيارة الفتى موريسون، الذي ما أن يرى أحداً يستعمل هاتفاً من صنع شركته حتى يبادره بالسؤال عنه وكيف وجده. يذكر موريسون كيف أنه دخل محل جامبو لبيع الالكترونيات في دبي، ليتحدث مع العملاء الذين يشترون هواتف آيميت، وما أن ذكر لأحدهم أنه رئيس شركة آيميت التي تتخذ من دبي مقراً لها، حتى أصابته الدهشة التي سرعان ما تحولت للشعور بالفخر، وما كان منه إلا أن اشترى جهازي آيميت.

البداية الفعلية لشركة آيميت i-mate

يتحدث الناس فيقولون أن عُمر شركة آيميت في 2006 هو فقط ست سنوات، لكن في الحقيقة آيميت عمرها يبدأ منذ السنوات الخمسة التي قضاها موريسون في شركة الاتصالات البريطانية (اختصار ساعتها: او تو O2)، حيث عمل مع فريق عمل كبير، على تصميم هاتف الكمبيوتر الكفي (او تو اكس دي ايه)، لكن العامل الأهم من وجهة نظر موريسون كان الدعم المالي والفني المقدم من شركة الاتصالات البريطانية بريتش تيليكوم.

كان لدى موريسون شكوكه وقتها حول مستقبل هذه الشركة والطريق الذي اختارت أن تسير فيه، ولذا قرر أن يترك العمل بها ويؤسس شركته كاريير ديفيسيس في مدينة جلاسكو الاسكتلندية (والتي تحولت فيما بعد إلى آيميت) بالاستعانة بأربعة من العاملين معه.

كان موريسون قد بحث في إمكانية الدخول إلى سوق الشرق الأوسط، كجزء من نشاط بريتش تيليكوم، لكنه رأي أن الوقت حان ليأخذ الأمور في يديه لينتقل بنفسه وبشركته إلى الشرق الأوسط.

حال السوق قبل دخول شركة آيميت

عندما قدمت أولاً إلى دبي، وجدت السوق بمثابة مجمع قمامة كبير، إذ كان الكل يستورد جميع أنواع البضاعة لبيعها على علاتها، دون التفكير في تخصيص المنتجات التي يبيعونها أو تقديم خدمات ما بعد البيع والضمان والصيانة، وهنا حيث تتميز هواتف آيميت، فنحن لا نرمي بأي جهاز في السوق، بل نجتهد كثيراً في تخصيص هواتفنا من أجل المستخدمين، ومن أجل تقديم خدمات متميزة. سياستنا هي تخصيص هواتفنا لتناسب المنطقة التي سنطلقها فيها، خاصة للشركات الكبيرة”.

ثم توقف جيم لحظة ليعود فيقول: “أعني فكر فيما لو حاول أحدهم الاتصال بشركة نوكيا وقال لهم أريد تخصيص هذا الهاتف، أظن نوكيا ستمنع قبول أي اتصالات من هذا العميل في المستقبل!”

غني عن البيان أن منافسي شركة آيميت كثرة، لكن لعل أهمهم شركة بلاك بيري، وعند سؤال جيم عن رأيه في دخول شركة بلاك بيري سوق الشرق الأوسط، وعن رأيه هو شخصياً في هذا الهاتف المنافس كان رده أنه يعرف هذا الجهاز جيداً، وأنه ساعد على دخول هذا الجهاز السوق الأوروبية، وأنه يعرفه عن ظهر قلب.

يرى جيم أن بلاك بيري يناسب من هو بحاجة للخدمات النصية، مثل كتابة الرسائل البريد الإلكتروني وتبادلها، لكنه لا يناسب من يريد أكثر من ذلك، وعليه فهذا الهاتف أمامه رحلة طويلة يقطعها قبل أن يلبي احتياجات المستخدمين العرب.

شركة تخصيص لا تصنيع

على أن آيميت لم تكن في بدايتها من شركات تصنيع الهواتف، بل اقتصرت على تصميمها وتخصيصها، وكانت شركة اتش تي سي التايوانية راضية بأن تقبع في خلفية الأحداث، تصمم وتصنع الهواتف الجوالة لأطراف أخرى تضع عليها اسمها، مثل شركة آيميت وشركة او تو.

حين تعتمد على غيرك لتحيا، انتظر الموت

على أن شركة اتش تي سي قررت في شهر سبتمبر من عام 2006 التوقف عن أداء الدور الثانوي، وقررت التقدم للخطوط الأمامية للأسواق، وأن تسوق هواتفها تحت اسمها هي لا أسماء غيرها من الشركات.

هذا القرار ترك آيميت في موقف لا تحسد عليه، ولم يشارك جيم موريسون الكثيرين خطته للتغلب على هذا القرار الذي قلب الأمور رأسا على عقب، وحتى حين تحولت آيميت للتعامل مع شركات أخرى رضت بأن تلعب ذات الدور الذي سبق لشركة HTC أن لعبته، جاءت الهواتف التي صنعتها محدودة المزايا – بطيئة عند التشغيل – متواضعة المستوى – بكميات صغيرة، ولعل هذا يبرر لنا سبب قلة الطرازات الجديدة التي أعلنت عنها شركة آيميت منذ مطلع عام 2007.

جيمس موريسون في مؤتمر صحفي عقده في دبي - تصوير رءوف شبايك

جيمس موريسون في مؤتمر صحفي عقده في دبي – تصوير رءوف شبايك

بداية النهاية – نتائج مالية غير طيبة

كانت آيميت من الشجاعة بحيث أعلنت نتائجها المالية عن عام 2006 والتي جاءت تحمل أخبارا غير طيبة، تمثلت في صورة خسائر تشغيلية قاربت المليوني دولار قبل خصم الضرائب، وتراجعت فيها المؤشرات المالية مقارنة بتلك للعام السابق، لكن آيميت أعلنت كذلك عن تغيرات درامية في هيكل الشركة، بشكل يجعلها بمأمن من أية صدمات مستقبلية مماثلة محتملة، تتحول فيه إلى تنويع سلسلة الموردين، وتتحول لتصميم وتصنيع هواتفها بنفسها، والتحول لتصنيع منتجات إلكترونية أخرى – بخلاف الهواتف النقالة.

ساعتها، لم تتوقع آيميت أن تظهر نتائج هذه التحولات الهيكلية الجديدة قبل الربع الثالث من العام 2007.

أعلنت آيميت في مطلع عام 2007 عن سلسلة هواتف حديثة أسمتها ألتيميت، من تصميمها هي ذاتها، ما يعني أنك لن تجدها في الأسواق تحت أسماء أخرى، لكن هذه الهواتف ستقدم تقنيات الأمس، في حين يعج السوق بهواتف أخرى تقدم تقنيات متقدمة، مثل جي بي اس وتقنية الدخول السريع على انترنت، كما أنه رغم الإعلان المبكر، لم تصل الأسواق أيا من هذه الهواتف بعد حتى وقت كتابة هذه السطور!

ما السر وراء تسمية آيميت

الآن إلى السؤال الأهم، من أين جاءت تسمية آيميت، فنحن نعلم أن كلمة Mate تعني صديق في اللهجة الانجليزية والاسكتلندية والاسترالية، وضمير آي يعني أنا، وكانت الفكرة هي الجمع ما بين كلمتي “أنا” و”صديقي”، ليصبح المعنى المرجو “الهاتف صديقي”.

أين جيمس موريسون اليوم ؟

حين يقع الثور، تكثر سكاكين الجزارين، مثل شهير.

بعد النهاية الحزينة لشركة أيميت، هرب / سافر جيمس موريسون خارج الإمارات، وغاب عن العيون وتوارى عن أجهزة الرادار، حتى بدأ يظهر من جديد، تارة حين طلبت زوجته الطلاق بعدما اكتشفت أنه تزوج من إمرأتين دون علمها خلال فترة زواجهما التي بلغت 21 سنة، وبعد حصوله على الطلاق، تزوج جيمس من رئيسة القسم القانوني في شركته السابقة آيميت !

بعدها بفترة وجيزة، تمكن صحفي من الوصول إلى جيمس موريسون في الولايات المتحدة حيث أسس شركة لتنظيف وتعقيم علب القمامة، والتقط ذلك الصحفي صورة لجيمس وهو ينظف إحدى هذه العلب بنفسه.

في نهاية 2019، ووفقا لحساب جيمس موريسون على لينكدإن، (والذي لا يذكر أنه عمل وأدار شركة تنظيف حاويات القمامة تلك)، لكن الحساب يوضح أن جيمس موريسون مدير شركة في اسكتلندا لحماية أمن المعلومات.

12 ردود
  1. ABB
    ABB says:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الصراحة جدا إستمتعت بقراءة السيرة الذاتية لصاحب ال iMate
    فكرة جيدة أن تنقل السيرة الذاتية لأصحاب مشاريع ناجحة
    نتمنى المزيد

    رد
  2. محمد
    محمد says:

    شكرًا على السيرة الرائعة.

    رائعة هواتف هذه الشركة، والأروع أن يكون مقرها الأول والرئيسي في دبي
    لم أكن أتوقع أبدًأ أن يكون المقر الأول الذي بدأت منه شركة آيميت هو دبي!

    رد
  3. Inspired
    Inspired says:

    هو فخر لنا جميعا بنجاح السيد موريسون في الامارات..

    و هذا دافع لكل من لديه فكره بان يبادر و يخلص ليحصل على النجاح ..

    شكرا لك..

    رد
  4. shadi nagi
    shadi nagi says:

    الاخ العزيز جزاك الله كل الخير علي موقعك الكريم استفدت منة كثيرا واتمني منك متابعة العمل المتميز جعلة الله في ميزان حسناتك انشاء الله

    رد
  5. Ln X
    Ln X says:

    واو..

    جزاك الله خيرا شبابيك على هذا الموقع المميز! مضى وقت طويل لم أتصفح موقعا كما تصفحت موقعك!

    رد
  6. who walks alone
    who walks alone says:

    السلام عليكم
    جزاك الله خيراً على العلم النافع.
    أقتني i-mate jam منذ وقت طويل لكنني للمرة الأولى اعلم أنها من شركة يجوز اعتبارها اماراتية.
    يعرف مستخدمو هذا النوع من الهواتف ما تتحدث عنه من ناحية التخصيص فهو يحتوي على نظام تشغيل وندوز موبايل يمنحك كل ما يخطر ببالك في جهاز تحتويه راحة يدك.

    مدونتك رائعة اسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك.
    و لكن خطر لي سؤال و أنا أقرأ سيرتك الذاتية..
    هل يوجد سوق في العالم العربي للألعاب كاف لاصدار مجلات متخصصة في هذا المجال؟

    تحياتي

    رد
  7. osama elmahdy
    osama elmahdy says:

    عظيم جدااا أن أجد الكثير من التدوينات القديمه وقد تم تحديثها
    هو امر يعطى الكثير من المصداقيه

    🙂

    رد
  8. مرزوق الغنامي
    مرزوق الغنامي says:

    درس بارز تؤكد عليه هذه التدوينة ، رغم أنه بديهي إلا أنه يغيب كثيرا عن العقول

    “لا تبن نجاحك على عنصر لا تملك أي تحكم أو سيطرة عليه” وإلا كان نجاحك على كف عفريت ، كيف لم يسأل موريسون نفسه هذا السؤال ويضع حلولا بديله له “ما العمل إن قررت htc أن تتوقف عن لعب دور المورد لآي ميت؟”، ما فعلته شركة htc كان شيئا متوقعا بعد نجاح هواتفها في الأسواق ، كيف لم يسأل نفسه هذا السؤال الاستراتيجي؟!

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *