تحسين حياة الناس

وكان أن حدث ذات يوم وبينما أشاهد برنامج وثائقيا على قناة فضائية اقتصادية أمريكية، يحكي عن شركة جوجل وخدماتها، أن تحدث المتحدث عن برنامج أرض جوجل أو جوجل ايرث، كيف يعمل وما فائدته، ثم استفاض المتحدث في شرح الهدف الأول من وراء مثل هذا التطبيق تحديدا، ألا وهو تسهيل حياة الناس والمستخدمين، وتحسينها والإضافة إليها، وسرد العديد من الأمثلة الفعلية لمستفيدين من خدمات هذا التطبيق.

ثم كان أن مر على محدثكم رابط مقالة تتحدث عن فتاة أسترالية صغيرة السن، وكيف أنها استفادت من استخدامها جهاز الآيباد اللوحي من شركة ابل الأمريكية، والذي يسّر و سهـّل للصغيرة مذاكرة دروسها رغم نظرها الضعيف منذ الولادة، بفضل قدرتها على تكبير الخط المعروض على شاشة الآيباد، الأمر الذي ساعد مدرسيها على التعاطي مع مرضها بسهولة، وساعدها على التجاوب مع زملائها في الفصل الدراسي. بعدما لمست والدتها هذا الأثر الطيب للآيباد على حياة ابنتها، أرسلت رسالة شكر بالبريد الإلكتروني إلى ستيف جوبز كبير ابل.

أشكرك لمشاركتك تجربتك معي. هل تمانعين في أن أقرأها على 100 من كبار القادة في شركة ابل؟” سأل ستيف جوبز في معرض رده الوجيز على رسالتها.

إنه حديث الأشجان، فتطبيق جوجل يهدف لتسهيل تحديد المواقع على كوكب الأرض لكل البشر، وما بيع الإعلانات في طياته إلا وسيلة لتمويل التكاليف الضخمة لمشروع إنساني عالمي مثل هذا. يصف الكثيرون ستيف جوبز بالمجنون والمتسلط والمتمسك بأشياء غير ذات قيمة، لكن حين تقرأ تلك القصص المروية عنه وعن طلباته الصعبة، تجدها كلها تصب في شيء واحد: تسهيل تجربة استخدام منتجات شركته من قبل المستخدم العادي التقليدي. لا تفهم كلامي على أن الرجل بلا أخطاء، لكني مؤمن أنه لولاه لكنا أسرى في قبضة منتجات تؤمن بتكرار كل ما سبق ونجح، والبعد عن تجربة جديد قد يفشل ويجلب الخسائر، وقد ينجح ويجعل حياة الناس أسهل وأحسن وأفضل.
في عالم اليوم، أظن – والله أعلم – أن السبيل الوحيد للنجاة في حلبة التنافس الدموي الحالي، هو الاهتمام في المقام الأول بالمستخدم وتسهيل وتحسين حياته وتجربته مع المنتج. غالبية المسوقين والبائعين سيقسمون أن منتجاتهم كذلك، لكن المشكلة أن رأيهم هذا مصدره رغبتهم في الحفاظ على وظيفتهم، وليذهب المشتري إلى أسفل سافلين. قلة قليلة من تجدها تضع المستخدم والعميل والمشتري في المقام الأول، قبل الربح. كن منهم ومعهم.

المشتري والمستخدم والعميل، في عالم اليوم، كل هؤلاء لديهم شبكة انترنت (بجانب وسائل الاتصال الأخرى) تنقل لهم نتاج خبرات أقرانهم الذين جربوا الشراء والاستخدام، وتكفي صفحة واحدة على انترنت تحكي عن تجربة شراء سلبية لتكون سببا في هروب عملاء محتملين.

على الجانب الآخر، تكفي صفحة واحدة على انترنت، يحكي صاحبها كيف استفاد من منتج في تحسين مستوى حياته وتسهيلها، لتكون سببا في الفوز بالعديد من العملاء الدائمين. كن من هؤلاء، لو أردت أن تخرج من هذه المدونة بنصيحة وحيدة، هذه هي. اجعل منتجك يضيف إلى حياة المستخدم، يجعلها أسهل وأفضل وأكثر إنتاجية وتوفيرا، واقل تعبا وإرهاقا وتكلفة.

عني، أجدني حققت هذه الخطوة في كتبي التي وفرتها للتنزيل المجاني، ولا شيء يدخل السرور على قلبي مثل رسائل القراء الذين التهموا كتبي بسرعة وارتفعت معنوياتهم وساعدتهم على تخطي صعاب الحياة، وابتسموا بعد طول العبوس، وخرجوا لتنفيذ أفضل ما قرؤوه في حياتهم.

فماذا عنك قارئي العزيز؟

14 ردود
  1. احمد من غزة
    احمد من غزة says:

    مشكور أخي شبايك و يا ريت كل مسلم ومسلمة يعملوا على تحسين حياة الغير طلبا للأجر بهيك راح تتغير حياتنا للأفضل

    رد
  2. profesor x
    profesor x says:

    من المواضيع المهمة الذي من المفروض ان تدخل في خط التفكير بالمنتج قبل الانتاج
    انا مثلا
    بفصل اسدالات الصلاة للنساء و جد ان بعض الناس بتاخد الاسدال معاها في العربية او الشنطه علشان تصلي في اي مكان
    فعملت الاسدال بشنطه مخصوصة ليه تسهيلا ليهم
    هوا اكيد زود التكلفة وبالتالي زاد السعر بس الفكرة اني هنا حاولت اسهل عليهم .

    رد
  3. احمد عبد اللطيف
    احمد عبد اللطيف says:

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أخى العزيز الى قلبى رؤوف هذه اول مرة اكتب لك فيها بعد أن ظللت لأربع سنوات اتابع مدونتك الفتية و قد استفدت كثيراً منها فى تغيير بعض قناعاتى و الحصول على امعلومات غزيرة و كذا كتبك الشيقة و التى نهلت منها شهداً و عسلاً .
    كلماتك القليلات الفائتة هى اعظم الدروس المستفادة من التجارة بوجه عام و التسويق بوجه خاص فينبغى ان يضيف المنتج الى حياتنا شئ جميل بالطبع كى يحقق أسمى اهدافه و التى منها بالطبع الحصول على المال .
    شكراً جزيلاً اخى رؤوف على ما قدمته وما تقدمه وانى لأقدر مجهودك العظيم و صبرك الجميل و السلام عليكم و رحمة الله

    رد
  4. عبد الرحمن الشريف
    عبد الرحمن الشريف says:

    يقول “نيك هول” احذر أن يكون هدفك هو تلك السيارة الحديثة أو ذلك اليخت الأنيق… ولكن ينبغى أن يكون هدفك فقط هو تلك الخدمة التى ستحصل عن طريقها على رضا عملائك … عندها فقط سيقومو باعطائك المال اللازم للحصول على تلك السيارة.

    رد
  5. عمرو النواوى
    عمرو النواوى says:

    للأسف يسقط الكثير من الناس في فخ (منطقة الراحة) Comfort Zone وهذا يحدث كثيراً لكل الراغبين في المضمون والمؤكد والآمن بعيداً عن المغامرة.
    في مصر هناك عادة – أجدها سيئة – في عالم المشاريع التجارية ينتهجها كثير من الناس .. وهي أن يقوم أحدهم – وهو أكثرهم جرأة وأكثرهم إقداماً – بعمل مشروع ما .. أقصد بالطبع فكرة جديدة، ويتحمل المخاطرة كاملة وحده .. وكذلك ينال الربح كاملاً وحده .. هنيئاً له.
    ولكن من حوله يراقبونه وهم يبتسمون في سخرية، ويقومون بعمل كل جهودهم الصادقة المخلصة في تثبيط عزيمته وتوصيل رسالة إليه مفادها أنه أحمق كبير، وأكثرهم طيبة ربما يكتفي بالنصح ويراقب من بعيد في حذر .. ولكن ما إن ينجح المشروع حتى يصيب أولئك الذين كانوا يسخرون منه سعرة مخيفة، فيتهافتوا على تقليده في مشروعه بعد أن تأكدوا من ضمان ربحه، ويتفنون في ابتكار طرق لكسب السوق، و و و و و …

    ولكنهم جاءوا في النهاية واسمهم مقلدين غير مبتكرين .. لذلك فنصيبهم دائماً هو ذيل القائمة، وغالبية من قام بمثل هذه المشاريع (المقلدة) يفشل لأنه ليس لديه الحافز الذي كان لدى صاحب المشروع، وليس لديه الرؤية التي كانت لديه .. هي مسألة مبادرة وتميز.

    المبادرون دائماً متميزون وأكثر الناس ربحية .. ربما ينالوا الكثير من السخرية والاستهزاء، ولكنهم يجنون الاحترام والتقدير في النهاية.

    رد
  6. ماجد الفقيه
    ماجد الفقيه says:

    اخي العزيز ,,

    كلامك يصب في نهر كبير من المطالب التي أرى انها مهمة جداً لتحسين جودة الحياة الانسانية , واتفق معك في أن تطبيق ما ذكرت هو نتاج تلك الامثلة الضخمة الحجم مثل تطبيقات جوجل و أبل وغيرهم مثل مايكروسوفت التي تسعى للحاق بالركب ولكن بنية تأسيسها الحقيقية تختلف في الواقع ولكن هم يفردون جناحاً واحداً لكي يبقوا في الطليعة , ولكن العميل اختلف الآن واصبح العميل التقليدي ذلك الانسان البسيط يمتلك جهاز حاسوب مع انترنت واصبح له ثقله , مثال هذه الفتاة التي استفادة من آيباد هو عين الحكمة , وأنا المس توجه منظرين الانترنت دوماً في الذهاب خلف هذه الامثلة ولذلك تطبيقاتهم ومواقعهم واجهرتهم هي في نفس التوجه ايضاً .
    اما بالحديث عن النت العربي فهو في حالة يرثى لها .. ولا انكر ان هناك نجاحات حقيقية , لكن التنظير غير واضح مع توقع وجوده اصلاً فاصبحنا مسيرين لا مخيرين مثل اقراننا الغرب الذين يساهمون في نشأة اجيال الانترنت بواقعية , ولا الوم واقعنا لوحده ولكني الوم كل من وهبه الله الفكر النير ليدفنه في حيز ضيق جداً.
    من خلال متابعتي لعالم الانترنت وجدت حتى العرب انفسهم لديهم ثقة في المنتج الغربي اقوى بالآف المرات من المنتج العربي .. كل ما نحتاجه هو هولاء الرواد الذي يشقون الصفوف ويبدعون لكي يثبتوا لمن بعدهم ان الامر ممكن .
    اخي شبايك .. اشكرك من كل قلبي على مقالاتك الجميلة .. ولقد جلست في عطلة نهاية الاسبوع الماضي خصيصاً لمتابعة جميع المواضيع السابقة التي فاتتني قراءتها .. فجزاك الله خيراً عنا جميعاً وجعل ذلك في ميزان حسناتك.

    رد
  7. سوداني الهوى!
    سوداني الهوى! says:

    ماشاء الله مبدع دائما في إختيارك للمواضيع. لدي أمنيه و هي رؤية الأستاذ شبايك من ناشري و مشجعي التطبيقات و البرامج المفتوحه المصدر لما لها من عظيم الأثر في تقليل أو حتى وقف تبعيتنا للغرب على الأقل في قطاع التقنيه المحوسبه , يمكنك متابعة كل من التجربه الماليزيه و البرازيليه و حتى الألمانيه!! و الروسيه(لاتزال في المراحل الأولى)!! في التحول إلى المصادر المفتوحه و كيف إستفادوا من ظهور خبرات تقنيه نشطت من الإقتصاد و حدت من الإنفاق الحكومي (أكثر من نصف مليار دولار في البرازيل و حدها) بالإضافه إلى تحويل تلك البلدان إلى دول مصدره للتقنيه المحوسبه بدلا من مستورد لها في أقل من 6 سنوات!!!.نقطه أخرى , نحن كمسلمين (أو مسيحين) نحرم أو نرفض الإعتداء على الغير و البرامج المقرصنه نوع من التعدي على الغير ولكن لكي نتمكن من عمل شيء “بسيط” ككتابت بضع أسطر يجب علينا دفع مبلغ “غير بسيط” لإستخدام برنامج للتحرير كـword أو كما حدث مع بطل “قصة نجاح من المغرب” مع excel and V.B . من أمثلة المصادر المفتوحه php,mysql,apache,linux ومن ثمارهاgoogle , youtube , facebook و 9 من أصل أكبر 10 مواقع على الشبكه العنكبوتيه . يمكنك أن تبدأ أستاذي الكريم بنشر كتبك الرائعه تحت رخصة الإبداع العامه كوسيله تتيح للجميع إستخدام موادها مع الإبقاء على حق المؤلف (ذكر إسم المؤلف و بعض طرق الإتصال به …الخ) مع ملاحظة إن أي ناشر يقتبس من كتاباتك سوف يتوجب عليه توفير الماده للإستخدام العام بنفس الشروط حيث يمكن للكل مشاركتها أو الإقتباس منها (مجانا) وفقا للإتفاقيه مما قد يكون له الأثر الإيجابي الكبير على وعي القراء و الكتاب بالحقوق و الإلتزام بها و زيادة المواد الفكريه المنشوره .

    إتفاقية الإستخدام العموميه :
    http://www.gnu.org/licenses/gpl.html
    رخصة الإبداع العامه :
    http://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/3.0/
    هنالك مقالات للتجربه الماليزيه , البرازيليه , الروسيه و الألمانيه و لكن أمتنع عن نشرها لتجنب الدعايه لمواقع أخرى “دون موافقتك”!
    ملاحظه أخيره : هنالك أيضا قصص نجاح عربيه رائعه لم يسلط عليها الضوء , فالربما بذكرها (بأسلوبك الرائع) تنهض هممنا لتغير واقعنا التقني!
    أعتذر عن الإطاله

    رد
  8. swyra
    swyra says:

    افضل المشاريع واكثرها نجاحا هي تضع امام عينها خدمة المجتمع اولا وبعد ذلك تاتي الامور الاخرى..

    ياليت يكون تفكيرنا كله منصب على خدمة الاسلام والبشريه اولا قبل اي شي ..

    جزاك الله الف خير..

    رد
  9. ابو طيبة
    ابو طيبة says:

    اخي العزيز

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    كنت اعتبر منتجات ابل من الترفيه لكن بعد استخدامي للأيفون و الايباد في عملي الخاص زادة مبيعاتي بنسبة الضعف

    رد
  10. فارس
    فارس says:

    رائعة جدا…
    للأسف لو أن الشركة من الشركات العربية … لكان هناك تجاهل للرسالة …
    فما تعاني منه المنظمات العربية الكبيرة (إلا ما ندر) … هو الأيمان برسالتها .. والسعي للوصول لغاياتها وتحقيق رؤياها ( من الجانب الأجتماعي والأخلاقي ) فالأهتمام كللله منصب بشكل ربحي لدرجه العمى…
    تحية طيبة لك عزيزي شبايك …

    محبك فارس

    رد
  11. اعمل الجديد
    اعمل الجديد says:

    اعجبتني المقولة “الاهتمام في المقام الأول بالمستخدم وتسهيل وتحسين حياته وتجربته مع المنتج” فهي فعلا صحيحة وقد جربت هذا الشي وفعلا عن تجربة حقيقية الاهتمام بالمستهلك يجلب المستهلك !! وهكذا دواليك..
    شكرا استاذ رؤوف على كتاباتك المحفزة

    رد
  12. مهدي إبراهيم
    مهدي إبراهيم says:

    تحسين حياة الناس ، فعلاً .. إنه أمر لو وضعناه أمام أعيننا لكانت الحياة أكثر جمالاً ..

    لاشك أن أبل شركة تجارية ، و هي تسعى إلى الربح و النمو و الازدهار
    لكن ، ما المانع أن يكون العمل التجاري متوافق مع ميول صاحب المنشأه التجارية

    أعتقد أن هذا هو ما حصل مع أبل ، فستيف جوبز مولع كثيراً بالحاسب منذ شبابه و ربما قبل ذلك
    و الآن العالم يحصد إصرار فرد على الإبداع بشركة رائعة منتجاتها فريدة من نوعها ..

    لا أخفيك عزيزي رؤوف ، إن لك تجربة لا تختلف كثيراً عما ذكرناه
    فأنت تبدع في مجال التدوين و الكتابة و التأليف و هذا متوافق مع ميولك
    لذلك هذه المدونة أحد المدونات التي لا أستيطع إلا أن أزورها بين حين و آخر

    دمت بخير
    دمت في حفظ الله تعالى و رعايته

    رد

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *